ناسا تقرر إنهاء خدمة محطة الفضاء الدولية في 2031 وإسقاطها في المحيط الهادي

محطة الفضاء الدولية هي أكبر محطة من صنع الإنسان في الفضاء (غيتي)

محطة الفضاء الدولية هي أكبر محطة من صنع الإنسان في الفضاء وأكبر قمر صناعي في مدار أرضي منخفض، حتى أنه يمكن رؤيتها من سطح الأرض بالعين المجردة بشكل منتظم.

وهي المحطة الفضائية التاسعة التي تسكنها أطقم فضائية. وقد ظلت مأهولة بالبشر بشكل مستمر لأكثر من 21 عاما، وهي أطول فترة متواصلة للوجود البشري في مدار أرضي منخفض، متجاوزة بذلك الرقم القياسي السابق البالغ 9 سنوات و357 يوما الذي سجلته محطة مير الفضائية الروسية.

وفقا لتقرير منشور في "واشنطن بوست" (The Washington Post) الأميركية، فإنه وبالرغم من أهمية محطة الفضاء الدولية في مجال الأبحاث وإفادة البشرية فإنه لا يمكن للمحطة البقاء فوقنا إلى الأبد، وهذا هو السبب في إعلان وكالة الفضاء الأميركية ناسا خطتها الخاصة بمكان وزمان التخلص من الهيكل الضخم على كوكب الأرض.

قد يغلبك الحزن أو القلق وربما تتساءل عن البديل حينما تعرف أنه تم تحديد يناير/كانون الثاني 2031، لإغراق المحطة -التي يبلغ طولها 109 أمتار والتي تم إطلاقها لأول مرة في عام 2000- في مياه "نقطة نيمو" (Point Nemo) في المحيط الهادي، إلا أنه لا يوجد شيء يعيش إلى الأبد.

ما نقطة نيمو؟

نقطة نيمو، هو مكان غير مأهول في جنوب المحيط الهادي، في المنطقة بين نيوزيلندا وساحل تشيلي، ويتم التخلص فيه من المركبات الفضائية والأقمار الصناعية التي تتم إزالتها من المدار.

يطلق بعض المحللين على الموقع البعيد اسم "مقبرة المركبات الفضائية"، ويشير آخرون إليه على أنه "أكثر الأماكن وحدة على وجه الأرض" كما يطلق عليه كذلك اسم "قطب المحيط المتعذر الوصول إليه"، لأن أقرب بقعة من اليابسة تقع على بعد ما يقرب من 2700 كيلومتر.

جاء اسم نيمو من اسم الكابتن نيمو، وهو ذلك البطل الشهير الذي ابتكره الكاتب جول فيرن لربان يجوب البحار، ويتصف بسمات تختلف عن تلك التي يتسم بها الأبطال الروائيون عادة. ويبدو الاسم مناسبا لتلك البقعة التي لا يزورها أحد إلا نادرا، فـ "نيمو" تعني باللغة اللاتينية "لا أحد".

ووفقا لخدمة المحيط الوطنية (National Ocean Service) الأميركية "لا يمكنك الابتعاد عن الأرض أكثر من نقطة نيمو. كما قال ستيجن ليمنس، خبير الحطام الفضائي، في عام 2018، إنه يعتقد أن 250 إلى 300 مركبة فضائية مدفونة في مياه نيمو.

Exact location of Point Nemo on a 2D globe, Source: Public Domain/Wikimedia
نقطة نيمو، هو مكان غير مأهول في جنوب المحيط الهادي، في المنطقة بين نيوزيلندا وساحل تشيلي (ويكيميديا)

لماذا سيتم التخلص من المركبة؟

كانت وكالة الفضاء الدولية لأكثر من عقدين في طليعة الأبحاث والاكتشافات، ويصفها روبين جاتينز، مدير محطة الفضاء الدولية في مقر ناسا، بأنها "منصة علمية رائدة في الجاذبية الصغرى" تسعى إلى إفادة البشرية وتشكيل مستقبل الفضاء والاستكشاف والسفر، إلا أن المحطة الدولية تتقدم في السن ويجب أن تتقاعد في نهاية المطاف.

تدور محطة الفضاء الدولية حول الأرض في حوالي 93 دقيقة، لتكمل بذلك 16 دورة في اليوم. وهي تنتقل بذلك عبر 16 شروقا وغروبا، وفقا لوكالة ناسا. وتضم محطة الفضاء الدولية عدة أماكن للنوم وصالة رياضية ونافذة بزاوية عرض 360 درجة.

ولكن في حين أن الهيكل العائم كبير جدا فقد أبلغ العلماء الموجودين على متن المركبة عن تسربات كما أنهم يبقون في حالة تأهب لمرور أي خردة في الفضاء.

وفي عام 2016، أصيبت إحدى نوافذ المختبر بالمحطة الدولية، وقالت وكالة الفضاء الأوروبية إن الشريحة الناتجة في الزجاج ربما تكون ناجمة عن شيء متواضع جدا مثل تقشر الطلاء. كما أنه في العام الماضي، اخترقت قطعة غير مرغوب فيها من الفضاء الذراع الروبوتية للمحطة، تاركة حفرة صغيرة لكنها تذكير قوي بأن المحطة معرضة للخطر.

وتفاقم الوضع العام الماضي أيضا بعد أن دمرت روسيا قمرا صناعيا بصاروخ، وأدى ذلك إلى خلق سحابة من مئات القطع من الحطام وأجبر رواد الفضاء في المحطة على البحث عن ملجأ داخل مركبتهم الفضائية، في انتظار معرفة ما إذا كان عليهم مغادرة المحطة إلى الأرض. وبالرغم من أنهم ظلوا هناك فإن وكالة ناسا صرحت بأن هذا الحطام الإضافي سيؤدي إلى مرور المزيد من حطام الفضاء بالقرب من المحطة.

وفي الصيف الماضي أيضا، تنفست وكالة ناسا الصعداء لأن المصفوفات الشمسية لمحطة الفضاء الدولية لم تنقطع عندما أدت عمليات إطلاق خاطئة من وحدة روسية مثبتة حديثا إلى قلب المحطة رأسا على عقب قبل أن يتمكن الطاقم من إعادتها إلى اتجاهها الطبيعي.

وكالة الفضاء الدولية كانت لأكثر من عقدين في طليعة الأبحاث والاكتشافات (غيتي)

انتهاء الصلاحية والتخلص من المركبة

كان من المقرر إنهاء عمل محطة الفضاء الدولية في عام 2020، غير أنه تم الاتفاق بين الدول الممولة على تمديد العمل بها مبدئيا حتى عام 2024، وذلك لأن تكلفة تشغيلها السنوية تبلغ نحو 10 مليارات دولار، وهو مبلغ هائل تتكفل بتمويله جميع الدول المشاركة وبحسب حصصها في محطة الفضاء الدولية. مع العلم أن وكالة الفضاء الدولية تديرها 5 وكالات فضاء تمثل 15 دولة.

وبموجب التزام من إدارة الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن، ستظل المركبة تعمل حتى عام 2030، بعدما تعهدت بتمديد العمر التشغيلي للمحطة من عام 2024 إلى عام 2030.

وجاء في تقرير ناسا الذي نُشر 31 يناير/كانون الثاني الماضي، "في حين أن محطة الفضاء الدولية لن تدوم إلى الأبد، تتوقع وكالة ناسا أن تكون قادرة على تشغيلها بأمان حتى عام 2030".

ونظرا لحجم محطة الفضاء الدولية الضخم، فإنه يجب التحكم بعودتها إلى الأرض بشكل عال من الخبرة، كما سيحتاج القائمون على المهمة إلى مساعدة من بعض المركبات الفضائية الزائرة لخفض ارتفاعها بأمان.

ووفقا لـ"خطة الخروج من المدار"، المفصلة في تقرير وكالة ناسا، سيجري المشغلون مجموعة من المناورات "لضمان الدخول الآمن إلى الغلاف الجوي".

المصدر : الواشنطن بوست + ناسا