تصوير الطيور البرية بالعالم العربي.. الحفاظ على البيئة عبر عدسات الكاميرا

الجزيرة نت تحدثت مع بعض مصوري الطيور البرية لرصد تنامي هذه الظاهرة بالعالم العربي للحديث عن هذه المهنة، ومغامراتها، وعن ظروف عملهم ومساهماتهم في الحفاظ على التنوع البيولوجي.

بلشون البحيرات من تصوير أحمد الشيشتاوي مؤسس المعرض المصري لصور الطيور البرية (الجزيرة)

عرف الوطن العربي، خلال السنوات الفارطة، تنامي أعداد الشباب الذين يحترفون تصوير الطيور البرية، هم ليسوا من خبراء البيئة أو مختصين في التنوع البيولوجي، لكنهم يساهمون كثيرا في الحفاظ على التنوع البيولوجي وتوعية الجمهور بأهمية الموضوع.

البعض منهم كان له الفضل في اكتشاف أنواع جديدة، وبعضهم الآخر أصبح مصدرا للمختصين في إحصاء عدد الطيور وتوثيق صورها ورصد حركاتها.

ففي مصر، أصبح عدد المصورين يتجاوز 100، وقد تمكنوا من تنظيم الدورة الثانية لمعرض صور الطيور الفترة ما بين 12 و16 يناير/كانون الثاني الجاري.

وإلى الجزائر، حيث هناك أيضا مصورون بالعشرات يصطادون صور الطيور في الأدغال والمناطق النائية.

الجزيرة نت، تحدثت مع بعض مصوري الطيور البرية عبر وسائل التواصل (فيسبوك) لرصد تنامي هذه الظاهرة بالعالم العربي للحديث عن هذه المهنة، ومغامراتها، وعن ظروف عملهم ومساهماتهم في الحفاظ على التنوع البيولوجي.

الشيشتاوي ومعرض الصور المصري

يعتبر أحمد الشيشتاوي من بين المصورين الشباب الذين احترفوا مهنة تصوير الطيور بصفة خاصة والحيوانات البرية بصفة عامة، وبالرغم من أنه حديث العهد بالتصوير حيث بدأه عام 2018 فإنه أحرز نجاحا كبيرا وكان صاحب فكرة إقامة معرض مصر لتصوير الطيور.

يقول الشيشتاوي في تصريح للجزيرة نت "شاركت عام 2020 في مسابقة لتصوير الطيور من تنظيم المنظمة العالمية بيردلايف إنترناشونال BirdLife) (international وكانت الجائزة تتمثل في منحي تمويلا ماليا لتنظيم معرض خاص بصوري في القاهرة".

وأضاف: لكنني اقترحت على المنظمة تنظيم معرض لجميع المصورين، وقد وافقوا على ذلك، ومن ثم تم تنظيم المعرض في نسخته الأولى في ديسمبر/كانون الأول 2020 وقد شارك فيه حوالي 55 مصورا.

نظمت نسختان من معرض صور الطيور البرية في مصر (الجزيرة)

ولأن النسخة الأولى كانت ناجحة، فقد تم تنظيم النسخة الثانية مؤخرا الفترة من 12 إلى 16 من الشهر الجاري بمشاركة حوالي 100 مصور. وعن هذا النجاح يقول الشيشتاوي "الطبعة الثانية من المعرض كانت ناجحة وعرفت مشاركة أوسع من الأولى وإقبالا جماهيريا كبيرا أيضا، ولذلك فنحن نفكر في جعل هذا المعرض دوليا وأن يكون مفتوحا لتصوير ليس الطيور فقط وإنما كل الحيوانات البرية.

ويؤكد الشيشتاوي أن تصوير الطيور يساهم كثيرا في تعريف الناس بالطيور المصرية، وتوعيتهم بأهمية التنوع البيولوجي وكيفية الحفاظ عليه.

ويقول أيضا: وظيفتنا إظهار هذه الكائنات للناس وتوعيتهم بأهميتها في الطبيعة وضرورة الحفاظ عليها، في مصر هناك حوالي 480 نوعا من الطيور، وقد قمنا حتى اليوم بتصوير حوالي 350 نوعا، ولذلك ينتظرنا عمل كبير في المستقبل لأننا مطالبون بتصوير كل الطيور وتوثيقها مع الباحثين المختصين بالتنوع البيولوجي للطيور.

وعن المشاكل التي تعرقل المصورين في أداء عملهم، قال الشيشتاوي إن كل المصورين يتكفلون شخصيا بتغطية مصاريف تنقلهم وشراء معدات التصوير التي تعتبر باهظة الثمن "ولذلك فنحن نعمل على إنشاء جمعية قُطْرية لتنظيم نشاطنا والحصول على التمويل اللازم".

مصورو الجزائر اكتشفوا الوروار أبيض الزور ولم يكن اسمه مدرجا ضمن قائمة الطيور (الجزيرة)

تصوير طيور الجزائر.. آفاق وتحديات

أما في الجزائر، فيستقطب مجال تصوير الطيور البرية الكثير من الشباب الذين حملوا على عاتقهم هذه المهمة ووثقوا وجودهم في مختلف المناطق، والمساهمة بذلك مع الباحثين المختصين في التنوع البيولوجي بإحصاء الطيور وربما اكتشاف بعض الأنواع الجديدة أو التقاط صور حصرية لأول مرة.

ومن بين هؤلاء الشباب وليد صوكو من منطقة جيجل التي تقع شرق العاصمة الجزائر، وهي من المناطق الخضراء والثرية بالتنوع البيولوجي والتي كان لها تأثير كبير في توجهه نحو التصوير.

يقول "بدأت في تصوير الطيور عام 2016، وأصبح عددنا اليوم يقدر بالعشرات، كل واحد منا يعمل على مستوى منطقته، وننظم من حين لآخر جولات ميدانية بإمكاناتنا الخاصة، آخرها كانت بولاية عين قزام بالصحراء الجزائرية حيث قمنا بتصوير طيور أقصى الجنوب مثل طائر الدوري الذهبي. ليست لدينا جمعية ولذلك قمنا بتشكيل بتشكيل مجموعة "عالم الحياة البرية في الجزائر" التي تضم أكثر من 40 ألف عضو على موقع الفيسبوك، حيث نتبادل الصور والمعلومات، وهذا مفيدا جدا".

وعن أهمية ما يقومون به في الحفاظ على التنوع البيولوجي وأيضا مساعدة الباحثين العلميين المختصين في تزويدهم بالصور، قال صوكو إن المجموعة كان لها الفضل مؤخرا في اكتشاف نوع جديد من الطيور لم يكن اسمه مدرجا ضمن قائمة الطيور وهو طائر الوروار أبيض الزور.

قرقف البندول اكتشفه مصورو الجزائر بولاية جيجل عام 2019 (الجزيرة)

وأوضح "قائمة الطيور في الجزائر كانت تضم نوعين من الوروار الأوروبي والفارسي، ومؤخرا اكتشفنا وجود أبيض الزور الذي يعيش فقط في الصحراء حيث لا يتعدى حدود ولاية بسكرة".

وأضاف "قد تمكنا أيضا من اكتشاف طائر من الجوارح بولاية باتنة يسمى صقر الغروب، وقرقف البندول الذي اكتشفناه بولاية جيجل عام 2019. وفي المجمل أثرينا قائمة الطيور الجزائرية بحوالي 30 نوعا جديدا حيث كانت تضم حوالي 402 وهي اليوم تحصي 430 نوعا".

وحسب المتحدث ذاته تتميز قائمة الطيور الجزائرية بنوع مستوطن لا نجده إلا في هذا البلد وهو طائر كاسر الجوز القبائلي الذي يعيش بمنطقة القبائل، وعنه يقول "تم اكتشاف طائر كاسر الجوز القبائلي بالجزائر عام 1975 في جبال البابور بولاية سطيف، ومؤخرا تمت مشاهدته في غابات ولايات جيجل وبجاية وميلة، وهو نوع مستوطن من الأنواع التي لا نجدها إلا بالجزائر، وهذا يعتبر ثراء لأن هناك بلدانا ليست لها طيور مستوطنة".

التمير الفلسطيني من تصوير المصور الأردني راسم الكيلاني (الجزيرة)

الأردن.. عمل ميداني متواصل

ولا يختلف الوضع في مملكة الأردن كثيرا عن باقي الدول، فالمصورون وفي غياب جمعية تضمهم، مازال مصورو الطيور البرية يلتقون في الفضاء الأزرق لتبادل المعلومات ومشاركة آخر صورهم.

ومازال المصورون يعتمدون في تمويل جولاتهم الميدانية وشراء معدات التصوير على إمكانياتهم الخاصة، وهو ما أكده للجزيرة نت المصور راسم كيلاني حيث قال "نقوم بن الحين والآخر برحلات لمختلف المناطق، نلتقط خلالها الصور ونشارك السكان المحليين ما نعرفه عن التنوع البيولوجي والطيور بصفة خاصة، ولكن كل ذلك على حساب إمكاناتنا الخاصة".

ويؤكد كيلاني أن مجال تصوير الطيور، الذي أخذ يعرف انتشارا واسعا بالوطن العربي ويستقطب إليه الكثير من الشباب، ساهم كثيرا في نشر الوعي بين الناس حيث قال "ساهم مجال تصوير الطيور البرية كثيرا في تعريف المواطن ببيئته المحيطة وجمالها وزيادة الوعي لديه للمحافظة عليها، وأيضا لتحسيسه من أجل الحد من الصيد الجائر الذي يعتبر من العوامل الرئيسية في اختفاء بعض الأنواع".

وتمكن هذا المصور من إنشاء تطبيق على الإنترنت يمكن تحميله أيضا على الهواتف النقالة للتعريف بطيور الأردن وأشكالها وأنواعها، وهو يضم اليوم حوالي 100 طائر، وفي انتظار إضافة أنواع جديدة وعنه حيث يقول "الفكرة هي تسهيل الوصول إلى المعلومة لكل من يرغب معرفة أنواع طيور الأردن، فهو باب من أبواب المعرفة ونشر الثقافة العلمية".

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي