من "سماء الإسكندرية" إلى "من الملك؟".. تجربة القبة السماوية لمكتبة الإسكندرية في صناعة الأفلام العلمية

القبة السماوية بمكتبة الإسكندرية لها دور بارز في تنمية الثقافة الفلكية العربية (مواقع التواصل)

الجزائر – تلعب القباب السماوية دورا كبيرا في ترقية الثقافة العلمية والفلكية لدى الصغار والكبار على السواء. وفي الوطن العربي هناك الكثير من القباب السماوية التي بدأت تنشط منذ حوالي عقدين من الزمن في هذا المجال.

لكن تجربة مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية بمصر فريدة من نوعها في الوطن العربي، فإضافة إلى أنها تعتبر من أوائل القباب السماوية في الوطن العربي، فقد اقتحمت تجربة إنتاج الأفلام العلمية الخاصة بالقباب السماوية لتصبح بذلك أول قبة سماوية في العالم تقوم بإنتاج الأفلام.

عن هذه التجربة، نظمت جمعية القباب الفلكية العربية Arab Planetarium Society يوم الأحد 2 أغسطس/آب الجاري ندوة بعنوان "القباب الفلكية تتكلم العربية" أعد لها الدكتور عمر فكري رئيس قسم مسرح القبة السماوية بمكتبة الاسكندرية وزميله في قسم الإنتاج أحمد عصام.

استمرت العروض المترجمة بالقبة السماوية لمكتبة الإسكندرية من عام 2003 إلى 2005 (مواقع التواصل)

البداية بـ "سماء الإسكندرية"

بداية تسعينيات القرن الماضي، عام 1995، تمت إعادة إحياء مكتبة الإسكندرية وبنائها من جديد، وبعد 7 سنوات من الأشغال الإنشائية، فتحت سنة 2002 أبوابها للجمهور العام بأكبر قاعة مطالعة في العالم، ولكن أيضا بأول قبة سماوية في العالم العربي سنة 2003.

يقول الدكتور فكري رئيس قسم مسرح القبة السماوية إن الخطوات الاولى في تدشين هذه القبة كانت صعبة جدا حيث اضطر المشرفون عليها إلى عرض أفلام أجنبية ليست من إنتاج المكتبة، وقد كانت مكلفة جدا حيث يصل ثمن الفيلم الواحد إلى حوالي 40 ألف دولار.

ولذلك فقد كانت الجهود مركزة في البداية على ترجمة هذه الأفلام إلى العربية، بما تحمله هذه المهمة من صعوبات، لأن ترجمة الافلام تختلف تماما عن ترجمة النصوص والكتب.

وأوضح الدكتور فكري بقوله "استمرت العروض المترجمة من 2003 إلى 2005، وكان من الصعب جدا تنظيم فيلم مترجم، لأن مثل هذه المهام تتطلب احترافا وخبرات تقنية عالية في ترجمة الأفلام الأجنبية".

ولأن هذه الأفلام لم تكن تعبر عن الثقافة العلمية العربية، فقد قرر المشرفون على هذه القبة التحول إلى إنتاج الأفلام، وقد كانت البداية عام 2005 بعرض فيلم "سماء الإسكندرية" الذي تم إنتاجه بالتعاون مع الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا.

يقول الدكتور فكري الذي كتب النص "الفيلم كان بالنسبة لنا أول تجربة، وبالرغم من أنه لم يكن ذا جودة عالية فإن التجربة كانت ناجحة لأننا تعلمنا منها الكثير، ودفعتنا بعدها إلى التنافس على احتضان المؤتمر الدولي للقباب السماوية".

بداية 2005 شرعت القبة السماوية بمكتبة الإسكندرية في إنتاج الأفلام بالعربية (مواقع التواصل)

بداية الاحتراف

التنافس على احتضان هذا المؤتمر كان شرسا بين مصر والصين وفرنسا، وفي الأخير فازت مصر حيث تم الإعلان عن الفائز عام 2005 وتم احتضان المؤتمر عام 2010.

بهذا الصدد يقول الدكتور فكري "كنا نتوقع مشاركة حوالي 50 بلدا، لقد كان التحدي كبيرا للفوز بتنظيم هذا المؤتمر العالمي الذي فتح لنا آفاقا جديدة من أجل إنتاج أفلام علمية ذات جودة عالية في المستقبل".

وأضاف "لقد رفعنا التحدي ودخلنا في عصر الرقمنة حيث قمنا باقتناء أجهزة عالية الجودة كلفتنا حوالي 3.5 ملايين دولار، سمحت لنا في الأول بإنتاج فيلم تحت عنوان "الإسكندرية مهد علم الفلك" مدته 20 دقيقة وقد أخد منا سنوات لإنتاجه وتم عرضه لأول مرة عام 2014″.

كما تم بعدها إنتاج فيلمين رائعين، الأول حول حياة العالم العربي الحسن بن الهيثم تحت عنوان "عقل مضيء" وفيلم ثان عن كوكب بلوتو يسمى "المهمة" وكلا الفيلمين موجهان للأطفال الصغار ما دون 12 عاما.

"من الملك؟.. آخر إنتاج

يعكف حاليا فريق القبة السماوية بمكتبة الإسكندرية على إنتاج فيلم جديد تحت عنوان "من الملك؟ ومن المنتظر أن يتم عرضه لأول مرة في شهر يناير/كانون الثاني من العام القادم 2022.

وتدور قصة الفيلم -بحسب الدكتور فكري- حول قصص الحيوانات الافتراضية التي تتشكل من نجوم السماء وهي قصة موجهة أساسا للأطفال، هدفها تثقيفهم بنجوم السماء ومختلف أشكالها وبطلها الدب الأكبر.

وقال عصام الذي يعتبر من التقنيين في وحدة الإنتاج بقبة مكتبة الإسكندرية "الأسد هو ملك الغابة والنسر هو ملك الطيور، وفي نجوم السماء هناك الدب الأكبر الذي يعتبر ملك الحيوانات في السماء لأن وضعيته مهمة جدا بالنسبة للملاحة البحرية".

الفيلم كلف حوالي 60 ألف دولار، وهو يشرح أيضا قصة مجموعات النجوم في السماء من خلال حوار شائق وممتع ومفيد أيضا يدور ما بين الحيوانات.

وخلص عصام إلى توجيه دعوة لكل المشرفين على القباب السماوية العربية من أجل دعم إنتاج أفلام عربية مشتركة والاستفادة من تجربة قبة الإسكندرية.

المصدر : الجزيرة