اليوم العالمي للكويكبات.. يوم يستنفر العلماء خوفا على الأرض

ربما تكون كل هذه الاحتياطات في حماية الأرض مبالغ فيها، خاصة إذا علمنا أن عدد تهديدات النيازك والمذنبات عبر التاريخ لم يكن كبيرا.

AJA-MM-SABAH-290621 Asteroid Day
ارتطام الكويكبات والنيازك بالأرض له تاريخ طويل (شترستوك)

في 30 يونيو/حزيران من كل عام؛ يحتفل المجتمع الفلكي -بعلمائه وهواة الفلك فيه- بـ"اليوم العالمي للكويكبات" (International Asteroid Day)، حيث يخصصون له محاضرات توعوية على مختلف الصعد الثقافية والمجتمعية، وتطرح الأفكار لحماية الكوكب الأزرق من الكويكبات والمذنبات الهائمة في الفضاء والمحتمل أن تشكل عليه خطرا في يوم من الأيام. وتبث عن هذا اليوم العالمي -ولمدة شهر كامل خلال شهر يونيو/حزيران من كل سنة- قناة تلفزيونية على الإنترنت.

فهل ما يخشونه يمكن أن يحدث يوما، وما هي البرامج والتكنولوجيات والذكاء الاصطناعي الذي تم ويتم تحضيره اتقاء لذلك اليوم "يوم الكويكبات المدمر"؟

اليوم العالمي للكويكبات Asteroid Day
يحتفل المجتمع الفلكي في 30 يونيو/حزيران من كل عام باليوم العالمي للكويكبات (شترستوك)

الدمار الذي أحدث الفكرة

في 30 يونيو/حزيران سنة 1908، انفجر مذنب فوق سطح الأرض في منطقة تونغوسكا بغابات سيبيريا مخلفا دمارا هائلا في الأشجار والنباتات جاعلا منها هشيما لا ينبت بعد ذلك.

تلك الحادثة العظيمة والتاريخية -التي لم يشهد البشر لها مثيلا في التاريخ- جعلت الأمم المتحدة تنظر بعين الاهتمام إلى احتمال تكرار هذه الحادثة في أماكن مأهولة، مما سيشكل دمارا كبيرا ومقتلة عظيمة بين الناس.

وعليه، فقد اعتمدت الأمم المتحدة هذا التاريخ كيوم توعية بضرورة حماية كوكب الأرض بإيجاد الوسائل المختلفة التي يمكن أن تمنع تكرار هذه الحادثة، خاصة بعد حادثة نيزك روسيا (نيزك تشيليابنسك) الذي سقط على الأرض يوم 15 فبراير/شباط 2013 وخلف دمارا ماديا في المباني وإصابات بلغت قرابة ألف إصابة بسبب الموجة الصدمية التي أحدثها إثر دخوله الغلاف الجوي الأرضي.

وقد سجلت كاميرات الناس لحظة دخول النيزك وتفتته في السماء ومن ثم سقوطه على الأرض الجليدية مخلفا حفرة بقطر يقل قليلا عن 15 مترا. وبالغوص داخل الماء، تم استخراج القطعة المتبقية منه والتي زاد قطرها على متر ونصف المتر.

جمعيات ومؤسسات وتلسكوبات لرصد النيازك

هذه الحادثة -ومن قبلها العديد من الحوادث التي حدثت مع أفراد من الناس- جعلت العلماء يطلقون البرامج العلمية لمتابعة حركة الأجرام المقتربة من الأرض كخط إنذار أولي، ولعل المؤسسات العسكرية -خصوصا الأميركية والروسية والصينية- تتخذ إجراء مضادا لهذا الخطر المحتمل.

ومن أجل ذلك، فقد نشأ عدد من المؤسسات والجمعيات والتلسكوبات المتخصصة بمتابعة حركة هذه الأجرام والتوعية بها ودعم النشاط الرصدي لها في سبيل التحرز والحماية من خطرها.

ومن أوائل هذه الجمعيات "الجمعية الكوكبية" التي أنشأها الفلكي الأميركي الشهير "كارل ساغان" في منتصف عقد الثمانينيات من القرن الـ20. وهناك عدد من البرامج التلسكوبية على رأسها تلسكوب "بان ستارز" (Pan-Starrs) المتخصص بمتابعة هذه الجرام، وله يعود الفضل في اكتشاف العديد من المذنبات التي تقترب من الأرض.

إلى جانب ذلك يوجد برامج تلسكوبية عالمية أخرى تراقب السماء أولا بأول، مثل "برنامج نيات" (متابعة الأجرام المقتربة من الأرض) وبرنامج "نيو" (الأجرام المقتربة من الأرض) وبرنامج "لينيار" (لمتابعة الأجرام المقتربة من الأرض) وغيرها، وكلها تكلف الملايين من الدولارات من أجل إبقاء العيون مفتوحة على السماء.

Space background with asteroid field, science fiction image. Elements of this image furnished by NASA
شهدت الكرة الأرضية في عصورها المختلفة كثيرا من هذه الضربات النيزكية (شترستوك)

تاريخ من الاصطدامات والاستهدافات

كوكب الأرض -شأنه شأن بقية كواكب وأقمار المجموعة الشمسية- معرض لخطر اصطدام نيازك أو أجرام هائمة به في أية لحظة، وقد شهدت الكرة الأرضية في عصورها المختلفة كثيرا من هذه الضربات النيزكية، وتعد أشهر آثارها فوهة "أريزونا" النيزكية بقطر 1200 متر وبعمق 170 مترا، ويعود تاريخها إلى 50 ألف سنة مضت.

وقد سجل التاريخ الحديث (خلال الـ100 سنة الماضية) عددا محدودا جدا من حالات سقوط نيازك على مناطق مأهولة أدت إلى تأذي الناس وربما قتلهم.

وأشهر تلك الحوادث حادثة سقوط نيزك فوق سيارة الفتاة "ميشل ناب" سنة 1992 والذي أخطأها بمتر واحد فقط. وكذلك نيزك السيدة الأميركية إليزابيث الذي اخترق سقف بيتها وضرب خاصرتها اليسرى بجرح عميق سنة 1954، لكنه لم يقتلها.

وفي المقابل، فحين سقط النيزك الذي يعود قدمه إلى ما بعيد نشوء المجموعة الشمسية على سطح منزل رجل إندونيسي في نوفمبر/تشرين الثاني 2020؛ تغيرت حياته من الفقر إلى الغنى حين اكتشف أن سعر نيزكه هو 1.8 مليون دولار.

السماء.. سقف محفوظ حول كوكب الاستقرار

ربما تكون كل هذه الاحتياطات في حماية الأرض مبالغ فيها، خاصة إذا علمنا أن عدد تهديدات النيازك والمذنبات عبر التاريخ لم يكن كبيرا، فما الذي سيغير هذا العدد؟ أهو اكتشاف هذه الأجرام بواسطة التلسكوبات وقد كانت تفعل ذلك طوال الوقت ثم تخبو قبل أن تقترب منا؟

علما أن أعداد النيازك التي ترتطم بالأرض ربما يفوق المئات لكنها جميعا لا تسقط على رؤوس الناس، وربما ليس بالقرب منهم أيضا؛ فهل سيكف أصحاب يوم الكويكبات عن تخوفاتهم يوما ما من هذا الزائر المجهول؟

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية