السيطرة على الفضاء.. لماذا تبحث ناسا عن ماء القمر بهذا الدأب؟

ليست هذه المرة الأولى التي يشار فيها إلى وجود الماء على سطح القمر (يوريك ألرت-ناسا)

أكد باحثون من وكالة الفضاء والطيران الأميركية "ناسا" (NASA) أن الماء على سطح القمر يوجد بصورته التي نعرفها على الأرض في أماكن تتعرض لضوء الشمس، وليس فقط في الأماكن المظلمة، الأمر الذي يؤثر على تصوراتنا عن كمية الماء الموجودة على سطح القمر.

وللتوصل إلى تلك النتائج -التي نشرت في دورية "نيتشر فيزيكس" (Nature Physics) وأعلنت الوكالة عنها في بيان رسمي- استخدم الباحثون المرصد الطائر صوفيا (SOFIA)، وهو عبارة عن طائرة من نوع "بوينغ 747 إس بي" (Boeing 747SP) تحمل على متنها تلسكوبا يبلغ قطر مرآته 2.7 متر.

ويمتلك هذا التلسكوب ميزة مهمة، وهي التخلص من التأثير السيئ لوجود بخار الماء في الغلاف الجوي على البيانات الفلكية، حيث ترتفع تلك الطائرة إلى طبقة الستراتوسفير، وفي نقطة ما بين ارتفاع 12 و50 كيلومترا تنفتح نافذة للتلسكوب وتلتقط الصور في نطاق الأشعة تحت الحمراء، وهناك يتفادى التلسكوب 99% من بخار الغلاف الجوي.

سؤال الماء

ليست هذه المرة الأولى التي يشار فيها إلى وجود الماء على سطح القمر، فمنذ رحلات أبولو سنة 1969 كان ذلك الاقتراح موجودا وأكدت عليه الصور الملتقطة من المهمة "لكروس" (LCROSS) التي تفحص الفوهات القمرية، ومرورا بالمهمة الهندية "تشاندرايان-1".

لكن المشكلة كانت دائما في التأكد من وجود صورة الماء التي نعرفها في الطبيعة "إتش2أو" (H2O)، حيث كان من الممكن أيضا أن تشير نفس البيانات التي رصدها العلماء سابقا إلى جزيئات الهيدروكسيل "إتش أو" (HO)، وبحسب الدراسة الجديدة، فإن هذا هو أول تأكيد مباشر على أنه الماء الذي نعرفه.

ولا يزال السؤال عن كيفية تكون الماء على سطح القمر محل نقاش بين الباحثين في هذا النطاق، حيث تتصور إحدى الفرضيات أنه قدم مع المذنبات التي ترتطم بسطح القمر، أما الفرضية الأخرى فترى أن الهيدروجين جاء مع الرياح الشمسية، ثم عبر تفاعل كيميائي على سطح القمر تحول إلى الهيدروكسيل ثم الماء، ويعتقد أن أبحاثا أكثر دقة مستقبلا ستكشف هذا السر.

هاجس معاصر

ويعد البحث عن الماء على سطح القمر أشبه ما يكون بهاجس معاصر لدى عدد من الدول، فإلى جانب الولايات المتحدة الأميركية تحاول كل من الهند والصين واليابان دراسة تركيب وكميات الماء على سطح القمر بأدق صورة ممكنة.

ويؤثر ذلك في خطط كل تلك الدول المستقبلية لإقامة قواعد ثابتة على القمر، الأمر الذي لا يمتلك فقط أبعادا علمية، بل أيضا اقتصادية، حيث يرى العلماء أن القمر قد يكون يوما ما مصدرا للموارد الثمينة.

فإلى جانب احتواء سطح القمر على العناصر المهمة مثل الأكسجين والسيليكون والماء المثلج هناك كذلك تطلعات لاستخراج "الهيليوم 3" من القمر، وهو صورة من الهيليوم يمكن أن تساعد في تطوير صور أكثر أمنا وأرخص بفارق واسع من التفاعلات النووية، وبالتالي توفير قدر هائل من الطاقة سنويا.

المصدر : الجزيرة