وجود التجمعات البكتيرية يمتد لما يقارب 3.5 مليارات عام

Said سعيد - معدن البيريت الأصفر – ناسا – متاح الاستخدام - وجود التجمعات البكترية يمتد لما يقارب 3.5 مليار عام
معدن البيريت هو معدن اشتهر باسم ذهب الحمقى وذلك لمقاربته في الشكل واللون معدن الذهب الحقيقي (ناسا)

لمياء أبو الخير

كيف اشتعلت شرارة الحياة الأولى على كوكبنا الأزرق، وما هي آلية بناء تلك الحيوات داخله؟ بإمكاننا القول إنه سؤال محير يساهم في وضع إجابته علماء الجيولوجيا والأحياء الدقيقة خلال السنوات القليلة المقبلة.

فحص الصخور الرسوبية
بدأ باحثو علوم الحياة والجيولوجيا بعمل الدراسات اللازمة لتكوين الصورة الأشمل عما كان مستوطنا في كوكب الأرض منذ ملايين السنين، وتقديم الدلائل التجريبية الداعمة لما استنبطه هؤلاء العلماء.

ويسلك الباحث في العلوم الحيوية الفلكية بجامعة نيو ساوذ والاس في أستراليا رافيل بومجرانتر وزملاؤه نهجا غير مألوف لبحث تلك المسألة، إذ أعاد فحص وتحليل الصخور الرسوبية القابعة بعيدا عن الطبقة السطحية للتربة الملامسة للهواء وهي طبقة يتراوح سمكها بين 30 و100 متر ويختلف محتواها التكويني فيزيائيا وكيميائياوصولا إلى الطبقات الدفينة للسطح الخارجي للأرض، والتي لا تزال تحتفظ بتكوناتها بعيدا عما تتعرض له الطبقات السطحية الأولى من عوامل تعرية وانجرافات طبقية.

الإستروماتوليت والبيريت
وقد اكتشف الباحثون أثرا ضئيلا من التجمعات الميكروبية الأحفورية داخل "الإستروماتوليت" –وهي صخور رسوبية تخزن داخلها أقدم الميكروبات المعروفة على الأرض- في منطقة بليبرا الجافة الواقعة في ولاية شمال غرب أستراليا والتي تعد من أقدم المناطق الغنية بالمعادن النفيسة، خاصة معدن الحديد.

ومن هنا قد يتمكن العلماء من معرفة وتحديد قاطني كوكبنا، وكيف ساهموا في رسم الإطار الحياتي لبقية الحيوانات، و"يؤكد تحليل بيانات البكتيريا الأحفورية للمرة الأولىاستيطان الكائنات الحية في كوكب الأرض منذ 3.5 مليارات عام" كما يقول الباحث الرئيس بومجرانتر لموقع الجامعة الرسمي.

وباستخدام التقنيات الراصدة كالمجهر الإلكتروني النافذ والماسح بالإضافة إلى أدوات التحليل الكمية كالمطياف الكتلي الأيوني النانوي الثانوي وجهاز التحليل الطيفي المبعثر للطاقة بواسطة الأشعة السينية، تمكن الفريق البحثي من تحليل الثنايا الرفيعة داخل الطبقات السطحية الأرضية، واستدلوا على وجود بعض من الكائنات الميكروبية الباعثة لمخلفات النيتروجين داخل معدن البيريت.

ولكن ما هو معدن البيريت؟ هو معدن كثيرا ما اشتهر باسم ذهب الحمقى، وذلك لمقاربته في الشكل واللون معدن الذهب الحقيقي، فغالبا ما يصاحب مركبات السلفيد ويكثر وجوده مع الحفريات، وذلك لأنه يحتوي على ثغرات نانوية تستوطن داخلها تلك التجمعات الميكروبية 

‪منطقة بليبرا في شمال غرب ولاية أستراليا‬ (ناسا)
‪منطقة بليبرا في شمال غرب ولاية أستراليا‬ (ناسا)

دراسات أخرى
كان بعض الباحثين السابقين قد زعموا اكتشافهم حفريات تحوي داخلها بعض التجمعات الميكروبية في جزيرة غرينلاند الواقعة شمال شرق كندا، إلا أنه سرعان ما تم التخلي عن ذلك الزعم، فقد ثبت عكس ما اعتقده هؤلاء الباحثون، إذ لم يتم العثور على أي بقايا عضوية حية في تلك الرسوبيات، بل وجد أنها تتكون من صخور قديمة اعتيادية تحملت الكثير من الضغوط التي ساهمت تبعا في إعادة تشكلها.

قد تعرض تلك الدراسة نموذجا بديلا للتنبؤ للبحث في احتمالية وجود حفريات مماثلة على الكوكب الأحمر (كوكب المريخ)، حيث اكتشف فريق آخر يعمل في الجامعة ذاتها دلالات عن بقايا رسوبيات عضوية قابعة في ينابيع المياه الساخنة لمنطقة البيلبرا والتي تبلغ من العمر حوالي 3.48 مليارات عام، وللتشابه مع كوكب المريخ في وجود الينابيع الساخنة على سطحه الخارجي، كما أن القشرة في كوكبي الأرض والمريخ تبلغ نفس العمر تقريبا فقد تكون هناك أحفوريات تحوي تجمعات بكتيرية على كوكب المريخ.

المصدر : مواقع إلكترونية