سيناريوهات

الرصاصة الأخيرة.. هل يقتل القانون الانتخابي الجديد روح الديمقراطية في تونس؟

في غمرة التحقيقات المستمرة في تونس بتهمة التورط في تسفير شبان تونسيين إلى بؤر التوتر، يواصل الرئيس قيس سعيد المضي في مساره، إذ أصدر قانونا انتخابيا جديدا يعتمد نظام الاقتراع على الأفراد.

وتابعت حلقة "سيناريوهات" (2022/9/22) الجدل الذي أثاره القانون الانتخابي، والمخاوف من تقليص دور الأحزاب السياسية أو حتى تهميشها، إذ تفصل التونسيين 3 أشهر عن الانتخابات التشريعية المقررة يوم 17 ديسمبر/كانون الأول المقبل.

وتستمر حالة الترقب لما ستسفر عنه هذه الانتخابات، والمناطق الرمادية في القانون الانتخابي الجديد الذي سيحدد تركيبة المجلس النيابي القادم، وأيضا مرسوم مكافحة الشائعات.

وفي هذا الصدد، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي صلاح الدين الجورشي أن الرئيس التونسي قيس سعيد يقدم من خلال القانون الانتخابي الجديد على الخطوة الأخيرة في أجندته الخاصة، وهي إطلاق الرصاصة الأخيرة على الأحزاب السياسية.

وأشار إلى أن هذا القانون يمثل طعنة في الظهر، إذ يعمل من خلال فصوله على وضع برلمان "غير حقيقي" للبلاد، حسب تعبيره، لأن المرشح سيمثل الجهة الصغيرة التي ينتمي إليها فقط ولا يمثل الشعب.

في المقابل، قال رياض الشعيبي مستشار رئيس حركة النهضة إن القانون الاتنخابي يمكّن من مشاركة شعبية واسعة في الانتخابات، كما يحد من نظام هدر الأصوات، وهو رد فعل لبرلمان المهربين والمهازل، كما وصفه.

واعتبر أن القانون الجديد يتيح تشكيل كتل برلمانية قوية، ويعيد صياغة المشهد السياسي في تجاه غياب التذبذب وتمكين الأحزاب من قاعدة شعبية متحررة من الأيديولوجيات.

من جهته، اعتبر القيادي في التيار الشعبي جمال مارس أن النقاش السياسي كان ليبدو مثمرا لو كانت البلاد تعيش في مناخ ديمقراطي حقيقي ومسار سياسي تشاركي كما كان الأمر قبل 25 يوليو/تموز.

وأوضح أنه في تلك الفترة كانت القوانين تصدر من البرلمان وكانت تعكس الكثير من التنوع والحرية، مشددا على أن تونس تعيش في مرحلة مشروع تسلطي للسلطة التنفيذية، ويعتبر السلطة القضائية والتشريعية مجرد توابع لها.

ما هو القانون الجديد؟

يذكر أن القانون الجديد حدّد عدد المقاعد المخصّصة للدوائر الانتخابية في الداخل بـ151 مقعدا، أما الدوائر الانتخابية في الخارج فلها 10 مقاعد، كما تضمن عددا من شروط الترشح من أهمها شرط تزكية 400 ناخب لكل مرشح، واشترط أيضا إلزامية استخراج بطاقة السوابق العدلية للترشح لعضوية مجلس النواب.

وقد أعلنت جبهة الخلاص الوطني المعارضة رفضها قانون الانتخابات جملة وتفصيلا، ووصف رئيس الجبهة أحمد نجيب الشابي القانون بأنه جاء بشكل تسلطي، مؤكدا أن قانون الانتخابات لا يصح إلا إذا أقرته أغلبية مطلقة من مجلس النواب.

كما أصدر الرئيس التونسي قيس سعيد مرسوما بشأن الجرائم المرتبطة بالاتصال وأنظمة المعلومات، وينص المرسوم على عقوبة بالسجن 5 سنوات وغرامة قدرها 50 ألف دينار لكل من ينشر "أخبارا كاذبة" أو "إشاعات" عبر "شبكات الاتصال وأنظمة المعلومات" بهدف "الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام"، وتصل العقوبة إلى 10 سنوات وغرامة 100 ألف دينار إذا كان المستهدف موظفا عاما.

ووصف رئيس نقابة الصحفيين مهدي الجلاصي المرسوم بأنه انتكاسة جديدة للحقوق والحريات، وضربة قوية لقيم الثورة التي منحت الحرية للصحفيين ولعموم التونسيين.