الشريعة والحياة

حدود الله بين المنتهكين لها وأدعياء تطبيقها

يستضيف البرنامج العلامة الدكتور يوسف القرضاوي ليتحدث عن موضوع “حدود الله بين المنتهكين لها وأدعياء تطبيقها” ويجيب على التساؤلات التالية: ما هي حدود الله؟ وكيف يكون التعدي عليها؟ ومن له سلطة تنفيذها وصيانتها؟
‪عثمان عثمان‬ عثمان عثمان
‪عثمان عثمان‬ عثمان عثمان
‪يوسف القرضاوي‬ يوسف القرضاوي
‪يوسف القرضاوي‬ يوسف القرضاوي

عثمان عثمان: السلام عليكم مشاهدينا الكرام وأهلا ومرحبا بكم معنا على الهواء مباشرة في هذه الحلقة الجديدة من برنامج الشريعة والحياة، يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: 229]، فما هي حدود الله؟ وكيف يكون التعدي عليها؟ ومن له سلطة تنفيذها وصيانتها؟ حدود الله بين المنتهكين لها وأدعياء تطبيقها موضوع حلقة اليوم من برنامج الشريعة والحياة مع فضيلة الشيخ العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، مرحبا بكم سيدي.

يوسف القرضاوي: مرحبا بك أخ عثمان.

المراد والمقصود في حدود الله

عثمان عثمان: ورد تعبير حدود الله عز وجل في القرآن الكريم أكثر من عشر مرات في سياقات مختلفة، بداية ما المراد بحدود الله؟

يوسف القرضاوي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا وإمامنا وأسوتنا ومعلمنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، {رَبَّنَا ءاتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} [الكهف: 10] {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران: 8] اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما، سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، قبل أن أجيب عن سؤالك هذا أخ عثمان لا بد لي من كلمتين، الكلمة الأولى هي أن ننعى إلى إخوتنا المسلمين الأخ الداعية الإسلامي الشيخ زهير الشاويش رحمه الله صاحب المكتب الإسلامي للطباعة والنشر والتوزيع، والذي أخرج الروائع الإسلامية لكبار الكتاب المسلمين في الدعوة والثقافة والتربية والعلوم الشرعية، وأخرج أيضا من كبار الكتب الإسلامية في التراث في الفقه والتفسير والحديث والأصول واللغة العربية، والأدب العربي والتاريخ، أخرج أمهات من الكتب، وحقق الشيخ زهير عددا منها فكان من رجال التحقيق ومن رجال القلم ومن رجال الدعوة، هو يقيم في بيروت الآن لكنه بدأ في سوريا، كلها نسميها نحن بلاد الشام، نشأ في سوريا، ولد فيها ونشأ فيها وتعلم فيها وعمل فيها وانضم إلى دعوة الإخوان المسلمين وعاشر كبار رجالها وعاشر علماء سوريا المعروفين، عاشر الدكتور السباعي والأستاذ الكبير الزرقا والأستاذ الدواليبي والأستاذ المبارك والأستاذ عمر الأميري والشيخ أبو غُزة وكل هؤلاء عايشهم في سوريا، ثم حدث بينه وبين السوريين ما حدث فترك سوريا وذهب إلى قطر، عاش في قطر عددا من السنين وتعرف برجال قطر، بالدكتور عز الدين إبراهيم والدكتور كمال ناجي وعبد الحليم أبو شقة وتعرف على الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني حاكم قطر، ونشر له عددا من الكتب القيمة، فقه الحنبلي وفي الحديث والتفسير وغير ذلك من الكتب، وعاش في لبنان وزرناه في لبنان عندما منعنا من السفر إلى القاهرة، فكان دائما كتبه ومكتبته هي دائما لمصلحة العلماء، التقينا هناك بالشيخ الألباني وبغيرهم، والشيخ محمد ناصيف، وكثير من الإخوة الذين جاؤوا من مصر ومن البلاد العربية، كان مكتبه ملتقى لعلماء المسلمين في بلاد العالم وكان موضع القبول من مشايخ سوريا المفتين الكبار، الشيخ حسن خالد رحمه الله الدكتور صبحي الصالح، الشيخ رشيد قباني والإخوة رفقاؤه في الدرب الدكتور فتحي يكن والشيخ فيصل مولوي والأستاذ إبراهيم المصري وكل هؤلاء، عاش الشيخ زهير الشاويش للدعوة الإسلامية وللثقافة الإسلامية وللأمة الإسلامية وبذل ما يبذله الرجال المخلصون لدينهم ولدعوتهم ولأمتهم، فلا نملك إلا أن ندعو الله تبارك وتعالى له أن يتقبله في الصالحين وأن يسكنه الفردوس الأعلى وأن ينزل الأجر لأهله وذويه ولأبنائه وإخوانه ولأحبائه جميعا وأن يلهمهم الصبر، وان يجزيه عما قدم لأمته خير الجزاء، اللهم آمين.

عثمان عثمان: كان الحديث اليوم عن جنازة مهيبة في بيروت.

يوسف القرضاوي: نعم قطعا، اليوم كانت جنازة الشيخ زهير وأعتقد أنها لا بد أن تكون جنازة مهيبة تليق بالرجل وتاريخه الحافل في خدمة الدعوة الإسلامية فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يجزيه خيرا عما قدم للدعوة وما قدم للثقافة الإسلامية وما قدم للكتاب الإسلامي ولأمة العرب والمسلمين في كل مكان، هذه كلمتي الأولى، وكلمتي الثانية، ما سمعته ورأيته في التلفاز قبل أن آتي أن مجلس التعاون التقى وقرر اعتبار ما يقوم به ما يسمى حزب الله هؤلاء عمل ضد الأمة العربية وضد سوريا وضد قضية سوريا وضد الحق والعدل واعتبر وجوب التضييق عليه والتبرؤ منه وهذا ما ننادي به، وما أقوله إنه كان ينبغي أن يكون هذا لكل من يؤيد حزب الله، لأن حزب الله لا يقوم وحده، الذين يقودون حزب الله هم الإيرانيون فكان يجب أن يكون لإيران نصيب من هذا وأنا أقول الحق ولا أخاف في الله لومة لائم، فإيران كان ينبغي أن تتولى نصيبها، أقصد الجماعة الذين يقودون إيران الآن، هناك من الإيرانيين من يقفون ضد إيران الحالية إيران الأصولية، إيران المتوحشة التي تريد أن تجهز على أهل السنة في العالم، ولهم في كل بلد رجال وأموال بالملايين، فلا بد أن نقول الحق ولكن للأسف مسلمون لا تزال مواقفهم مع إيران مائعة ومواقفهم مع الروس مائعة، الروس يقتلوننا، الإيرانيون يقتلوننا في سوريا بأسلحتهم وبرجالهم وبأموالهم، وكذلك الروس يقتلوننا بأسلحتهم ويقفون في مجلس الأمن ضد أي عمل لسوريا، هؤلاء أعداء المسلمين، هذه أمور ينبغي أن تكون واضحة تماما، إذا كنا نريد أن نعرف من صديقنا ومن عدونا، من معنا ومن ضدنا، من لنا ومن علينا، هذه أمور يجب أن تتضح في أذهان المسلمين، ونسأل الله أن يوفق إخواننا في سوريا خصوصا مدينة القصير وما حولها، ربنا ينصرهم إن شاء الله على أعدائهم، ويخزيهم إن شاء الله، الله تعالى يقول { قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ} [التوبة: 14، 15] اللهم آمين، نعود إلى..

عثمان عثمان: حلقتنا اليوم عن حدود الله، بداية ما المراد، وما المقصود بحدود الله تعالى؟

يوسف القرضاوي: حدود الله حينما تذكر الآن يقصد بها العقوبات الشرعية التي تنفذ على المجرمين الذين اعتدوا على حرمات الله وارتكبوا المنكرات وتعدوا الحدود فهذا المراد منها، أقيموا حدود الله ولا تأخذكم في الله لومة لائم، وكان يقال أتشفع في حد من حدود الله ثم يأتي واحد، اللي سماها الحدود النبي عليه الصلاة والسلام، سماها حدود الله حينما سرقت امرأة من بني مخزوم، وبني مخزوم  كانوا من أهم بطنين في قريش بنو عبد مناف وبنو مخزوم، بنو عبد مناف هم الذين منهم الرسول صلى الله عليه وسلم،ومنهم بنو هاشم بن عبد مناف، بنو عبد مناف وبنو مخزوم، فامرأة من بني مخزوم سرقت فكان لا بد أن تقطع يدها، فقالوا نريد أن نكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا من يجترئ عليه غير أسامة بن زيد، أسامة بن زيد كان اسمه قبل ذلك أسامة بن محمد، معنى ذلك كان تبناه في الجاهلية قبل أن يأتي الإسلام، كان اسمه أسامة بن محمد ولما جاء الإسلام وحرّم التبني قال أسامة بن زيد، ردّه إلى نسبه، ادعوهم إلى آبائهم هو أقسط عند الله، فرده النبي إلى نسبه وكان يسمى أسامة الحب يعني الحبيب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، زيد الحب وابن أسامة الحب، فقريش قالت نخلي أسامة هو اللي يشفع عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلموه فجاء يكلم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم، أتشفع في حد من حدود الله يا أسامة؟ إنما هلك من كان قبلكم لأنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، والذي نفسي بيده لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها، ما فيش فصال في هذه المسألة. فاطمة برأها الله من السرقة إنما لو سرقت أقطع يدها، فالشفاعة في حدود الله خصوصا عندما تصل إلى الحاكم، بتعبيرنا الآن إذا وصلت إلى القضاء، إنما إذا كانت قبل القضاء وهي في الشرطة قبل أن تصل إلى القاضي الذي يقضي لا مانع من الشفاعة في هذه الحال، إنما إذا وصلت إلى القضاء لا يجوز شفاعة ولا يجوز أي شيء ما لم يأخذ الأمر مجراه إلى النهاية.

عثمان عثمان: كيف تجوز الشفاعة هنا؟ بأي معنى؟

يوسف القرضاوي: الشفاعة بأن يقول للرجل سامحه وسيرجع لك الشيء اللي سرقه وربنا غفور رحيم، فيعفو عنه إنه خلاص سامحتك، ومن حقه أن يقدمه لتقطع يده وعندما يسامحه خلاص لا يقدمه للقضاء.

عثمان عثمان: في حد السرقة فقط أم في سائر الحدود؟

يوسف القرضاوي: في سائر الحدود، في حدود فيها حق الله وفي حدود فيها حق الناس، فالحد اللي فيه حق الناس زي حد السرقة وحد القذف، القذف إنه واحد يقله إنت زاني فهذا حقه، إذا كان صاحب الحق يقوله خلاص عفوت عنك بس ما يكونش وصل إلى القاضي الشرعي.

عثمان عثمان: إذا وصل إلى القاضي الشرعي لا بد من الحكم الشرعي.

يوسف القرضاوي: لا بد أن يقضي فيه ويأخذ حقه كما ينبغي.

عثمان عثمان: كما ذكرت فضيلة الدكتور هناك سياقات مختلفة جاءت في القرآن الكريم جاءت تتحدث عن معني  الحدود أيضا بأنها جاءت في سياق الحديث عن مباشرة النساء أثناء الصيام والاعتكاف في المساجد، في سياق الحديث عن الطلاق والظهار والمواريث، في سياق أوامر الله ونواهيه وغيرها، كيف نربط بين هذه المعاني التي تفسر حدود الله عز وجل وبين مصطلح الفقهاء في إقامة الحدود؟

يوسف القرضاوي: قلت لك مش مصطلح الفقهاء، الرسول اللي سماه.

عثمان عثمان: نعم.

يوسف القرضاوي: حدود الله، يعني الفقهاء ما جابوهاش من عند نفسهم، الرسول صلى الله عليه وسلم اللي أسماها ويقول مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل القائم على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها إلى آخر الحديث المعروف، فالذي سماها حدود الله هو الرسول صلى الله عليه وسلم والمقصود بها العقوبات القائمة حقا لله تبارك وتعالى.

مشتبهات بين الحلال والحرام

عثمان عثمان: نعم.

يوسف القرضاوي: حق الله مقدم على حقوق البشر، البشر يكون لهم حقوقا إنما حق الله مقدم على حق البشر حتى لو البشر قال أنا مش عايز، ووصلت للقاضي وقال أنا بقولك يا قاضي مش عايز، يقول له لا لأن هذا حد الله هنا، فالرسول هو الذي سمى هذه الحدود، ولكن القرآن ذكر كلمة حدود الله في سياقات مختلفة، لا بد أن نراعي نحن السياقات التي جاءت فيها الحدود، وهذه طبيعة اللغة العربية أن اللفظ الواحد يمكن أن يطلق على اعتبارات عديدة، كلمة ضرب مثلا، ضرب، إنسان ضرب غيره بالعصا، أو بالصفعة أو بالسيف، فاضربوا فوق الأعناق، واضربوا منهم كل بنان، وفي ضرب المثل، اضرب لهم مثلا رجلين، هذا نوع من الضرب، فلا بد أن نعرف كيف ورد، الآن في قطر صديقنا الدكتور عزمي بشارة في مركزه يريد أن يعمل في قطر موسوعة لتاريخ الألفاظ العربية، عايزين اللفظ وكيف سار اللفظ، اللفظ يرتحل من بيئة إلى بيئة ومن مكان إلى مكان ومن معنى إلى آخر، ساعات يأخذ معاني عدة وساعات معاني اصطلاحية، مصطلح علمي من العلوم وهكذا، فتريد قطر أن تعمل معجما تاريخيا للغة العربية، فكلمة حدود الله ما المراد بها؟ مثلا في القرآن أحيانا يراد بها حدود الله الأوامر والنواهي، إن ربنا سبحانه وتعالى حد حدودا كما جاء في الحديث، إن الله حد حدودا فلا تعتدوها وحرّم أشياء فلا تنتهكوها، وفرض فرائض فلا تضيعوها، معنى حدّ حدودا يعني إن هناك مثلا الله قال في الصيام {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ ۚ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ ۖ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ۚ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ۚ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} [البقرة: 187] لا تقربوها يعني إيه؟ ربنا حد بكم متى تصوم ومتى تفطر فإياك أن تقرب المحرمات، ابتعد عنها، المحرمات يجب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما مشتبهات، ابعد عن الشبهات دي يبعد عنك الحرام ما أمكنك، وأحيانا يراد بها الحواجز بين الحلال والحرام، فهنا نقلّك إيه تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: 229] لا تتجاوزوا الحلال إلى الحرام، يعني كما قال الله تعالى {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا}[البقرة: 229] حدود الله هي الحواجز بين ما أحل الله وما حرم الله فلا تتعدى هذه الحواجز، وكما قال في سورة الطلاق: {وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ}[الطلاق: 1] لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا، ربنا أمر إن المرأة تبقى في بيت زوجها في العدة، لا تخرج من هذا البيت، ولا يجوز لزوجها أن يخرجها ولا يجوز لها أن تخرج{وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ}[الطلاق: 1]  فلا بد أن نراعي حدود الله بكل معانيها، لا نقرب منها إن كان المراد منها المحرمات ولا نتعداها إذا كان المقصود منها الفواصل بين ما أحل الله وما حرم الله، كما جاء في المواريث، قال: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[النساء: 13] هذا له عذاب مهين.

عثمان عثمان: إذن هناك سياقات معينة و ألفاظ معينة قد استخدمت، فلا تعتدوها، فلا تقربوها، وجاء في الخمر أيضا والميسر إلى آخره فاجتنبوها، {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ}[المائدة: 90].

يوسف القرضاوي: فاجتنبوه دي كلمة بعض الناس يعتبرها كأنها سهلة هينة ربنا ما قالش حرام، لا، أشد من كلمة حرام، لأنها لا تأتي إلا في الشرك والكبائر ربنا يقول {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ}[الحج:30] يعني الذين اجتنبوا الطاغوت أن  يعبدوها {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ}[النحل: 36] كلمة اجتنبوا يعني ابعد اجعل بينك وبينه جانب، ابتعد عنه {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى}[الإسراء: 32] مش تحريم الزنا بس، تحريم الزنا وتحريم الخلوة بالمرأة وتحريم النظر بشهوة إليها وتحريم لمسها بشهوة، إلى كل دا، فكلمة اجتنبوه معناها أشد من كلمة التحريم.

عثمان عثمان: إذن التعدي لحدود الله هو التجاوز من الحلال إلى الحرام، الأخ مشاري العتيبي يقول: هل الكتاب والمفكرون الذين يدعون إلى العلمنة ويخيفون الشعوب من الدولة الإسلامية ويبثون الأفكار التغريبية الهدامة هم متعدون لحدود الله عز وجل؟

يوسف القرضاوي: طبعا هم متعدون حدود الله فكريا لأنه في تعدٍ بالعمل ويرتكب الأشياء وفي تعدي بالفكر، إنه يعتبر الإسلام دا شيء رجعي لا يصلح لعصرنا ويعتبر أن ما جاء به الغرب هو الحداثة، وهذا هو الذي يليق بعصرنا ويليق بالأمم المتقدمة، هذا كأنما يستدرك على الله، يعتبر نفسه فوق الإله، يقول أنت غلطان يا الله كلامك دا ما يصحش في عصرنا يا الله.. هؤلاء مرتكبون..

عثمان عثمان: عبد الإله الشامي يسأل سؤالا ربما أجبتم عنه في بداية الحلقة عن تدخل حزب الله في سوريا والمشاركة في قتل الشعب السوري، هل يعتبر هذا تعدٍ على حدود الله؟

يوسف القرضاوي: من أعظم التعدي على حدود الله التعدي على حرمات الله عز وجل، ناس يقتلون الناس بكل وحشية وبكل جرأة يأتي من بلد إلى بلد آخر ليقتل المسلمين يستحل دماء المسلمين، حرمات المسلمين، يقتلهم ولم يقتلوه عليه، لم يتعدوا على نفسه ولم يتعدوا على عرضه، لم يتعدوا على ماله لم يتعدوا على أي حرمة عنده ولكن جاء يقتلهم يعني يتقرب إلى الشيطان، هؤلاء من أعظم المنتهكين لحرمات الله عز وجل ويجب على كل المسلمين أن يتبرؤوا منهم وأن يقاتلوهم، أنا دعوت في خطبة الجمعة وفي المؤتمر الذي عقد في قطر، المسلمين عامة، كل من يكون لديه قدرة ويحتاج إليه المسلمون في سوريا، واحد عنده القدرة على الوقوف ضد الدبابات أو إسقاط الطائرات أو عنده مقدرة ويحتاج إليه يروح يقدم نفسه لا بد أن نقاتل هؤلاء، لا يجوز أن نتركهم يقتلون إخواننا ونحن نتفرج عليهم، هذا حرام.

عثمان عثمان: نعود إلى موضوع حدود الله إذا قلنا أن الحدود هي الأوامر والنواهي بأنواعها بما يشمل العقوبات الحدية، مَنْ له سلطة تطبيق هذه الأوامر والنواهي؟ أسمع الإجابة ولكن بعد أن نذهب إلى فاصل قصير ابقوا معنا مشاهدينا الكرام نعود إليكم بعد الفاصل.

[فاصل إعلاني]

عثمان عثمان: أهلا وسهلا بكم مشاهدينا الكرام من جديد إلى حلقة هذا الأسبوع من برنامج الشريعة والحياة والتي هي بعنوان: "حدود الله بين المنتهكين لها وأدعياء تطبيقها" ودائما مع فضيلة الشيخ العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، مولانا عندما نتحدث عن حدود الله بأن هي الأوامر والنواهي وتشمل العقوبات الحدية من له سلطة تنفيذها وتطبيقها؟

ضوابط إقامة الحدود

يوسف القرضاوي: الأصل في هذه الحدود والعقوبات التي شرعها القرآن جميعا منها القصاص، الأصل في هذه الحدود أن الأمة الإسلامية جميعا مطالبة بها الله حينما يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}[البقرة:179] يخاطب الأمة الإسلامية حين يقول: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللَّهِ} [المائدة: 38] الخطاب ده لمين؟ للأمة الإسلامية يعني الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد لمن هذا الخطاب؟ هذا للأمة الأمة الإسلامية مطالبة بإقامة هذه الحدود، أمال مين اللي عليه التنفيذ؟ اللي عليه التنفيذ أولي الأمر أصحاب السلطة الذين يقومون بتنفيذ هذه الأمور، فالأمة الإسلامية لو فرضنا أهل السلطة لم ينفذوا هذه الأشياء فالأمة الإسلامية مسؤولة أنها تلزمهم لإقامة هذه الحدود، فيعني لا بد أن نعرف هذه المسؤولية مسؤولية الأمة كلها ولكن التنفيذ ليس متروكا للأفراد لكل ما يكون جماعة مع بعض ألفين واحد يقولون بدنا نعمل لا، لازم يكون في يعني أمام أو حاكم تختاره الأمة وعليه أن يقوم بهذا الأمر، افرض الأمة كما في سوريا الآن خرج الشعب على الحاكم ولم يعد هناك حاكم، في هذه الحالة هل يمكنهم أن يقيموا هذه الحدود أم أن الأمن لم يستتب ولا بد من استتباب الأمن  وإقامة الأمور تماما وننتظر حتى تستقيم الأمور وبعدين نطبق الحدود، وهذا لعله هو الأولى ممكن بعض الناس يقولون إذا لم تكن هناك حكومة إسلامية على أهل الحل والعقد من المسلمين أهل العلم وأهل الدعوة وأهل الرأي في المجتمع عليهم أن يقيمهم مش لحكومة وتقيم الحدود يعني هذا يعني وارد الأمر أيضا.

عثمان عثمان: يعني ينطبق هذا على المناطق السورية التي تقع تحت أيدي الثوار الآن؟

يوسف القرضاوي: آه هذا يعني فيه رأي أنه يمكن إذا استتب اليوم الأمن أن يقيموا الحدود، والرأي هنا أن ننتظر حتى تقوم الدولة الآن إحنا بفترة جهاد، وفترة الجهاد المفروض الغزو يعني من ضمن الأشياء اللي تمنع إقامة الحدود لا تيجي في الغزو وتقيم حد على واحد يمكن يسيبك ويروح للأعداء، لا بعد الانتهاء من هذا، فالأولى انه لا تقام الحدود في هذه الفترة وننتظر حتى تنتصر الثورة ويصبح الناس أمرهم بأيديهم ويوكل الأمر لأهله.

عثمان عثمان: هل كل الأوامر والنواهي بحاجة إلى سلطة لتنفيذها أم أن الأمر مقتصر فقط على الجانب القضائي؟

يوسف القرضاوي: كل الأوامر والنواهي محتاجة إلى سلطة، أولا افرض الصلاة، الصلاة مطلوبة من جميع المسلمين ولكن يعني كيف أنا أصلي؟ أنا محتاج إلى مسجد أصلي فيه، والمسجد محتاج إلى أمام يؤم المسلمين محتاج إلى خطيب يخطب إلى مدرس يدرس الناس إلى مؤذن يؤذن للناس إلى خادم يعني يعمل لتنظيف المسجد يعني إلى أشياء كثيرة من الذي يقوم بهذا؟ المفروض الدولة الإسلامية هي التي عليها أن تقيم المساجد وما تحتاج إليه وكل الوظائف الإسلامية الصيام أيضا لازم يعني هناك من يعرف الناس أنه في وقت السحور يصحا الناس ويمتنع الناس من الأكل في النهار يعني نشوف في شهر رمضان انضغاط في الحياة الإسلامية إنما بتعرف الحياة الإسلامية من غير الإسلامية مجرد ما تبص للناس في رمضان لأنه لا بد من سلطة تشرف على هذه الأشياء، الحج ومحتاج إلى دولة، لأنه مش كل الناس ستروح تحج لا تستطيع المملكة العربية تقبل كل الناس فلازم كل بلد يعني نأخذ منه قدر على قدر عدد أهل البلد، فلازم نوازي بين المسلمين نسوي بينهم هذا البلد عليه يجيب 100 ألف وهذا البلد 20 ألف وهذا 50 ألف الخ، فلا بد أن الدولة تدخل في هذه الأمور، الزكاة كل الأمور محتاجة إلى سلطة، الذين يزعمون أن الدين ما لوش علاقة بالسلطة لا، لابد له من علاقة بالسلطة، إقامة الحدود كيف تقيم حدود على الناس؟ تأخذ الشخص وتضربه 100 جلدة أو 80 جلدة أو تقطع يده أو تقتله أن كان قاتلا عمدا، هذا يحتاج إلى سلطة تنفيذية في يدها يعني عساكر وجنود وشرطة وقضاء يقضي بهذه الأمور، ما نسميه الآن السلطات الثلاث: السلطة التشريعية والسلطة القضائية والسلطة التنفيذية، لابد من وجود هذه السلطات وكل سلطة لها اختصاصها ولا يجوز أن تتعدى على سلطات أخرى وهكذا.

عثمان عثمان: التمايز بين السلطات، لكن مولانا اليوم أساء بعضهم استخدام تعبير إقامة الحدود فأقام هذه الحدود وهو لا يملك المؤهلات الأمنية ولا يملك السلطة ربما التي تخوله إقامة هذه الحدود هل يعتبر فعله هذا أيضا تعدي على حدود الله؟

يوسف القرضاوي: هذا خارج عن التعاليم الشرعية لا يجوز لمجموعة من الناس أو فئة من الناس تدعي أنها قادرة على وتقيم الحدود على الناس لا، هذا يعني مدخل للفوضى، الإسلام دين نظام لا يقبل أبدا الفوضى في حياة الناس، لا بد أن تكون الأمور منتظمة كل واحد يأخذ حقه لا زيادة ولا نقص ولا يجوز أن يتعدى الشخص ما له على غيره أبدا فهذه الأمور يجب أن تكون واضحة في أذهان الناس وعلى العلماء أن يبينوها للناس، لأن بعض الناس تشتبه عليهم هذه الأمور ويجاوزون حقوقهم وحدودهم ويزعمون أن لهم أشياء ما أنزل الله بها من سلطان ولا أقام عليها من الدين برهان.

عثمان عثمان: مولانا النبي عليه الصلاة والسلام يعني كما تعلمون أقام المجتمع مع الإسلامي تحدث عن الأوامر والنواهي ثم أقام الحدود لماذا يستعجل البعض الآن إقامة الحدود قبل تلك المقدمات؟

يوسف القرضاوي: مين البعض ده؟ مين البعض اللي يستعجل هذا؟

عثمان عثمان: أقله الآن..

يوسف القرضاوي: الناس لا تقيم الحدود في البلاد الإسلامية كلها، في ناس عاملة مشكلة وإحنا مش لاقين اللي ينادون بالحدود الإسلامية، هناك ناس يريدون إلغاء الحدود والعقوبات البدنية حتى عقوبة الإعدام، فمن يقول أنه هناك يعني هناك قلنا في بعض الناس عندهم تصور معين إنما ليس فيه هذه..

عثمان عثمان: ليست حالة عامة.

يوسف القرضاوي: ليست مشكلة عامة، المشكلة كثير من الناس يعني واخذين فكرة عن الحدود يعني غير حقيقية فاهمين أنه الإسلام هو الحدود فقط يعني لما ييجي يقولوا عايزين نقيم الإسلام إذا أقمت الصلاة وأقمت الزكاة وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر وعلمت الناس الأشياء تعتبر ده مش إسلام متى الإسلام؟ إذا قطعت اليد! لا، ليس هذا هو الدين الحقيقي، الحدود شرعت في أواخر الإسلام لأنه بعد ما قام المجتمع وأطعم الجائع وأغني الفقير وسدت حاجات المحتاجين وقامت العدالة الاجتماعية وفرضت الفرائض الإسلامية، في هذه الحالة نقيم الحد على من يرتكب، الأصل في الحديث يقول: (أقيموا حدود الله) ومن صنع لكم (من له شبهة ادرؤوا الحدود بالشبهات ومن وجدتم له مخرجا فخلوا سبيله ولئن يخطئ الإمام في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة) أن يعفو عن واحد وهو لا يستحق العفو أسهل من أنه يعاقب واحد وهو لا يستحق العقوبة، الخطأ في العفو أسهل من الخطأ في العقوبة، فهذا الأصل في الأمور الإسلامية، ولذلك نحن دائما نقول للناس ما تستعجلوش الآن لا نقول مثلا للدعوة المصرية والتونسية أقيموا الحدود، لا لسّا الناس في حاجة إلى أن تتعلم الإسلام يتعلموا إيه الحلال إيه الحرام إيه الواجب إيه المفروض إيه المشتبه فيه لازم نعلمهم ولازم نقيم الحياة الإسلامية، في ناس كثيرون لا يجيدون عملا كيف تقطع أيدي هؤلاء؟ الأول هيأ لهم عملا وهيأ لهم عملا يأكلون منه هم وأولادهم حتى يشبعوا وبعد ذلك حينما تقام أوامر الله وتؤدى الزكاة وتقام الصلوات في هذه الحالة نبدأ أن نقيم الحدود على من يستحقه.

عثمان عثمان: الخلاف الفقهي ربما اشتد في تفاصيل الحدود في بعض الحدود حتى أن حدا كالسرقة وقع الاختلاف فيه حول مفهوم القطع حد القطع قيمة النصاب الذي يقطع فيه إلى غير ذلك هل يشكل هذا مدخلا للاجتهاد المعاصر في الحدود؟

يوسف القرضاوي: يعني إيه اجتهاد معاصر؟ نلغي الحدود يعني! إيه المقصود بالاجتهاد المعاصر يعني نعمل على إلغاء الحدود، هذه أشياء لابد من.. لما ربنا يقول: {فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا}[المائدة:38] ما المراد بأيديهما؟ يعني اقطعها من هنا من عند الكتف ولا من عند المرفق ولا من عند الرسغ؟

عثمان عثمان: حد المقطوع.

يوسف القرضاوي: الرسول عليه السلام لما قطع من الرسغ دي كلها اسمها يد إنما لا بد أن نُحدد، وبعدين من سرق درهما إحنا سنقطعه؟ هناك خلاف في النصاب الذي يقطع من أجله، تختلف، ممكن في عصرنا نختلف في انه النصاب قد إيه، فهذا ويمكن أن نختلف من بلد لبلد بلد تقول انه النصاب 100 درهم وبلد تقول لا النصاب 500 درهم هنا حسب..

عثمان عثمان: حسب الحياة الاقتصادية.

يوسف القرضاوي: ليس معنى هذا إلغاء الحدود أو انه نحنا نجترئ على انه نقول الحدود فيها خلاف كثير ممكن نلغيها لا، لا إلغاء لها هذه الحدود، ولكن حدود الإسلام يشترط فيها شروطا يعني عظيمة بحيث أنه لا تستطيع بسهولة يعني أقولك مثلا حد الزنا لم يقم حد الزنا بالشهادة، في تاريخ الإسلام في زمن الرسول قل الذين أقيم عليهم حد الزنا بالاعتراف بالإقرار اقر أربع مرات أمام القاضي فأقيم، إنما في عهد سيدنا عمر جيه ثلاثة شهدوا والرابع قال أقول لكم الحق أنا ما شفتش حاجة الناس كانوا تحت اللحاف يعني أجسام تتحرك وتضطرب وكذا ولكن لم أر شيئا أوقفوا حتى الثلاثة التانيين أصبحوا معرضين يعني الشهادة صعبة جدا، ولذلك يعني لا بد أن نتحرى في الإثبات هذا أمر مش سهل انك تأخذه وتقول اقطع لا، الناس فاكرين أنه لما نقيم الإسلام هات اقطع لا، قلما يقطع يد، ورأينا في المملكة العربية السعودية 3 ملايين يأتون في موسم الحج  يعني لولا الحدود التي تقام في السعودية لرأينا الناس نهبت أموالهم وسرقت حاجاتهم في كل مكان، ولكن الحد الإسلامي قطع اليد هو الذي أرعب الناس وأخاف الناس وعاش الناس في امن ذهبوا وعادوا بأموالهم.

عثمان عثمان: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة:179] لكن من وقع في ذنب من الذنوب هل يجب عليه أن يذهب ليعترف أمام القاضي أو أمام الحاكم بأنه فعل ذلك أم انه يتوب إلى الله عز وجل ويصرف نفسه عن هذا الموضوع؟

يوسف القرضاوي: لا ليس غريبا عليه أن يعترف، النبي عليه الصلاة والسلام قال للرجل الذي يعني دفع ماعزا ماعز بن مالك الذي اعترف عند النبي صلى الله عليه وسلم وأقام عليه الحد، وقال للنبي أنا الذي دفعته ليأت إليك فقال له: (لو سترته بثوبك لكان خيرا لك) لو أنت قلت له يعني توب إلى الله وما عدت ترجع لهذا ويعني لكان أفضل لك، الإسلام ليس حريصا على انه يعني يظهر هذه الأمور لا يحب إشاعة الفاحشة والله تعالى يقول: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ}]النور:19] الذين ارتكبوا يعني الإثم الفظيع وشنعوا على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قال الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ* لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ* وْلا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُولَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ}[النور:11-13] شدد أربعة شهداء كل الجرائم مطلوب فيها شاهدين اثنين إلا الزنا طلب أربعة شهداء، وأربعة شهداء رجال يعني بشدد حتى لا يتساهل الناس في هذا الأمر.

عثمان عثمان: نتحدث الآن عن الأولى أن لا يذهب ليعترف أمام القاضي أو الحاكم ويتوب لكن ماذا عن تطهيره من هذا الذنب، هل التوبة كافية لتطهيره منه؟

يوسف القرضاوي: نعم، إذا تائب، كل تائب من ذنب يتوب الله عليه، ليس هناك ذنب يستعص على التوبة حتى الكفر لو واحد كفر بالله وتاب من الكفر خلاص كل الذين كفروا أن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف، { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا}[الزمر: 53] الكبائر والصغائر وذنوب العباد وحقوق الله كله إذا تاب توبة نصوحا يعني التوبة لها شروطها يعني نسميها التوبة النصوح المقبولة عند الله عز وجل إذا تاب توبة حقيقية فإن الله سبحانه وتعالى يقبلها، السيدة رابعة العدوية سئلت إذا تبت تاب الله علي، فقال لها قالت للسائل بل إذا تبت يعني تاب الله عليك، يعني ربنا يتوب عليك  يعني ما دام وفقك للتوبة يبقى تاب عليك، ثم تاب عليهم ليتوبوا، فتوبة ربنا للعبد معناها توفيقه لأن يتوب دليل على قبوله التوبة، { ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}[التوبة:117].

سقف العقوبات للحد من الأخطاء

عثمان عثمان: أنا أمامي دقيقتين لكن أريد أن أورد ما أشار إليه الفقيهان القانونيين عبد القادر عوض وتوفيق الشامي إلى إمكان القول بحد أقصى وحد أدنى في العقوبات وأن الحدود المنصوصة هي حدود قصوى وأن الحد الأدنى متروك للاجتهاد، ما إمكانيات مثل هذا القول في يعني اقل من دقيقتين فقط فضيلة الدكتور.

يوسف القرضاوي: هذا كلام صحيح الحدود التي طلب الله أن تقام على الناس قطع اليد أو الجلد أو هذه الأشياء لا بد أن تكون في الجريمة القصوى، القصوى التي يعني قامت استوفت كل حقوقها وكل الأشياء المطلوبة فيها كل الشرائط يعني متحققة تماما نعتبرها، يعني في هذه الحالة نطبق الحد الأصل، إنما ما دون ذلك ليس معناه أنه ما عليه شيء لا في شيء، هي الأشياء التي دون ذلك ممكن يعاقب بغرامة ممكن يعاقب بسجن لعدة أيام، ممكن يعاقب بما دون ذلك ما دون الحد الذي فرضه الله تبارك وتعالى ممكن يعني يضرب ضربات عشرة جلدات أو نحو ذلك ما دون الحد للجريمة التي هي في الحد الأدنى، إنما الجريمة التي بلغت كل يعني مراتب الإجرام واستوفت كل الشروط وبلغت النهاية لا بد أن تأخذ حقها ويستوفي صاحبها ما دامت وصلت إلى القضاء الشرعي الإسلامي.

عثمان عثمان: لدي بعض الأسئلة لم نستطع الإجابة عليها نعتذر من السادة المشاهدين لضيق الوقت، أشكركم في ختام هذه الحلقة سماحة شيخنا العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على  حسن المتابعة لكم تحيات معد البرنامج معتز الخطيب والمخرج منصور الطلافيح وفي المتابعة عبير العنيزي وسائر فريق العمل، وهذا عثمان عثمان يترككم في أمان الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.