العراق ما بعد الحرب

المشهد الإعلامي في العراق

أسباب وتداعيات انتشار الصحف في العراق، قدرة الصحف العراقية الحالية على الاستمرار لفترة طويلة، العراق الجديد بين التوجه نحو صحف المنوعات وصحف الرأي والسياسة، المخاوف العراقية من التدخل الخارجي عبر الصحف، تأثير الوضع الاقتصادي في العراق على الصحف العراقية.

مقدم الحلقة:

محمد كريشان

ضيوف الحلقة:

د. علي النشمي: رئيس تحرير صحيفة فجر بغداد
فلك الدين كاكائي: رئيس تحرير جريدة التآخي
مظهر عارف: رئيس تحرير صحيفة الأوقات العربية

تاريخ الحلقة:

04/05/2003

– أسباب وتداعيات انتشار الصحف في العراق
– قدرة الصحف العراقية الحالية على الاستمرار لفترة طويلة

– العراق الجديد بين التوجه نحو صحف المنوعات وصحف الرأي والسياسة

– المخاوف العراقية من التدخل الخارجي عبر الصحف

– تأثير الوضع الاقتصادي في العراق على الصحف العراقية


undefinedمحمد كريشان: مشاهدينا الكرام، السلام عليكم ورحمة الله، أهلاً بكم مرة أخرى في حلقة جديدة من برنامجنا اليومي الذي يأتيكم مباشرة من العاصمة العراقية بغداد (العراق ما بعد الحرب).

كما هو معروف طوال سنوات عديدة لم يعرف العراق سوى إعلام أحادي سواء كان ذلك منه الرسمي متمثلاً في الصحف الصادرة عن الدولة، أو حزبياً متمثلاً في الصحف التي كانت تصدر عن حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم سابقاً في العراق.

الآن أصبح المشهد الإعلامي مختلفاً ويزداد اختلافاً ربما بشكل تدريجي مع بروز عدد كبير من الصحف بعضها قديم عاد إلى الظهور، بعضها.. بعضها جديد، بعضها حزبي، بعضها مستقل، بعضها من التيارات الإسلامية، البعض الآخر من التيار الشيوعي وهكذا، هناك مشهد إعلامي يتشكل جديد هنا في العراق.

حول هذا المشهد يسرنا أن نستضيف في حلقة اليوم الدكتور على النشمي (وهو أستاذ بجامعة بغداد، رئيس صحيفة "فجر بغداد" المستقلة) ومعنا السيد فلك الدين كاكائي (وهو عضو البرلمان الكردي، رئيس تحرير صحيفة "التآخي") وهي صحيفة صدرت هنا في بغداد من سنة 67 إلى 74، ثم اختفت، وهي ليبرالية يومية، والآن تستعد لمعاودة الصدور، والسيد كاكائي أيضاً كان وزير للثقافة في أربيل، ومعنا أيضاً في حلقة اليوم السيد مظهر عارف (وهو رئيس تحرير صحيفة "الأوقات") وهي يومية تصدر أو ينتظر أن تصدر الأسبوع المقبل، صدرت أعداد منها في باريس وقريباً تصدر طبعة بغداد.

إذن مثلما ذكرنا ذكرنا بعض الصحف أصبحت تعج بها أكشاك بغداد، مجرد فكرة فقط "خه بات" وهي أسبوعية سياسية لسان حال الحزب الديمقراطي الكردستاني وهي تعني النضال، تصدر في أربيل والآن مع الظروف الجديدة أصبحت أيضاً توزع وتباع في بغداد، "العراق الجديد" جريدة يومية مستقلة تصدر وهنا بتفويض من الضمير الوطني العراقي وهنا ربما صيغة طريفة في تقديم هذه الجريدة. "فجر بغداد" كما عرَّفها أصحابها أول صحيفة عراقية ديمقراطية مستقلة تصدر في العراق، صحيفة "الدعوة" وهي واضح أنها من التيار الإسلامي ومثلما واضح نداء الشهيد السيد محمد باقر الصدر وبيان صادر عن سماحة آية الله العظمى السيد كاظم الحسيني الحائري. صحيفة "الديمقراطي" وهي جريدة أسبوعية تصدر عن التجمع من أجل الديمقراطية العراقي. وصحيفة "الساعة" وهي جريدة سياسية عامة، لسان حال الحركة الوطنية العراقية الموحدة تصدر كل سبت وأربعاء.

إذن هذه مجرد نماذج يعني بالطبع لا نستطيع أن نقدم كل هذه الصحف، ولكن هذه فقط مجرد نماذج عن نوعية جديدة أصبحت تعرف [تعرض] الآن في أكشاك العراق. السيد علي النشمي، هل تعتبر أن هذه النهضة هي نهضة واعدة؟

أسباب وتداعيات انتشار الصحف في العراق

د.علي النشمي: بالتأكيد هي قبل أن تكون هي نهضة واعدة كما هو معروف بأن الحاضر هو زرع الماضي، ما يحصل في الوقت الحاضر نتيجة طبيعية لما كان موجود 35 سنة، وحتى قبل 35 سنة، كان هنالك دستور معطل، وكانت هنالك حالة من الديكتاتوريات، وحالة من سيطرة العسكر على الحكم، وبالتالي هنالك كبت كبير جداً في نفس.. في النفس العراقية، هذه النفس التواقة للتغيير في طبيعتها وحتى في كروموسومتها وفي جيناتها منذ أيام سومر للوقت الحاضر، دائماً العراقي تواق إلى التغيير، فما بالك عندما تأتي سلطة لمدة 50 سنة تسيطر على هذا الإنسان وتكبت فيه وخصوصاً في المرحلة الأخيرة في مرحلة البعث التي منعت وصادرت كل شيء، وبالتالي فإن الصحف التي ظهرت هذه.. هذا التنويع أنا لا أسميه شرذمة، البعض يسميه تسميات خاطئة، أنا أعتقد أن هذه التنويع يؤكد هنالك دفق من.. من الطموحات والآمال التي تسبق هذه الجرائد، هذه الجرائد لم تصدر من فراغ، أولاً صدرت تعبيرا عن أُناس معينين وعن اتجاهات معينة رغم أنه الآن كثير من هذه الجرائد هي متشابهة في أيديولوجيتها وفيما تريد، ولكن في المستقبل بالتأكيد الطالح هنا سوف يسقط والباقي سوف يستمر، من الذي سيستمر؟ سيستمر الأكثر اتصالاً في الواقع، أجيب على سؤالك الآن في كلمة مختصرة..

محمد كريشان: يعني ربما يعني سنعود إلى تفصيل أكثر للموضوع، سيد كاكائي بالنسبة إليكم هي.. هي استئناف لصدور أكثر منها ظهور مفاجئ على الساحة.

فلك الدين كاكائي: أنا يهمني عودة بسيطة موجزة إلى التاريخ، هو أول جريدة عربية لنا صدرت في بغداد عام 1959 هنا في بغداد والجريدة التي نستأنف صدورها جريدة "التآخي" صدرت عام 67 بالضبط.

محمد كريشان: عفواً، أعتقد التآخي المقصود منه التآخي العربي الكردي.

فلك الدين كاكائي: التآخي العربي بالضبط هو كانت.. وكان رسالتها هكذا دائماً على التآخي والآن أيضاً نؤكد على هذه النقطة الأساسية، اللي نعتبرها نقطة أساسية في تاريخ العراق التآخي، فأنا أريد أن أقول أنه العودة إلى الماضي، أعود إلى 45 عام قبل، قبل.. قبل 45 عام كنت شاب وأُطالع بكثرة، بعد ثورة تموز 58 صدرت صحافة كثيرة في بغداد مثل الآن، أتذكر أكثر من 25 صحيفة بالنسبة لتلك الفترة كانت كمية هائلة يعني من كل الاتجاهات وكانت الحرية لعام إلى عام ونصف، وبعدين انحسرت الأوضاع ومع الأسف الحكم تشكل حكم عسكري وإلى آخره ألغى حريات الأحزاب وحريات الصحافة.

وهاي النقطة مهمة جداً أنا بعض الشباب من الجيل الجديد فقط يشيرون إلى جرائد الأحزاب وأن الصحف اللي تفضلت بعرضها هي كلها صحف باسم أحزاب، في حين العراق شهد جرائد أهلية مو.. مو حزبية، أنا أتذكر أنا..

محمد كريشان [مقاطعاً]: وكانت.. كانت هي.. هي.. هي الغالبة؟

فلك الدين كاكائي: مثلاً أتذكر جريدة "البلاد" تجد جريدة "الزمان"، "العرب"، جريدة "المنار"، جريدة "الأخبار"، وغيرها، كانت جرائد أهلية صرفة بدون أن لا.. مو تمثل أي حزب واقعاً ولا تكتب عليه لسان الحال، نحن الجريدة اللي نصدرها هنا بدون لسان حال، نصدرها كجريدة أهلية في بغداد بدون أي..

محمد كريشان: يعني "التآخي" عندما ستصدر لن تكون حزبية؟

فلك الدين كاكائي: وقبل أيضاً هي لم تكن حزبية…

محمد كريشان: و قبل لم..

فلك الدين كاكائي: كان يعمل فيها من كل الاتجاهات، خاصة معظم الزملاء اللي اشتغلوا معانا هم زملاء عراقيين عرب من بغداد يعني كان الصحفيين الأكراد فيهم اثنين أو ثلاثة، فهي الصحيفة نجعل الصحيفة عراقية ديمقراطية عامة، لتنوير الشعب للمساعدة في استنهاض الشعب العراقي، فهايدي.. قصدي.. قصدي تاريخ الجريدة مرتبط بحرية مثلاً هو صدر الـ67 لماذا؟ لهذه الفترة إلى 68 صدرت بعض الصحف الأخرى كان نوع من الازدهار ليس كثيراً، لكن كان ازدهار فاد مرحلة.. مرحلة أولى 58 إلى 59 إلى أواخر 60 كان ازدهار الصحافة العراقية، وبعدين فترة 66 إلى 69 كان فيه هناك أيضاً صحافة حرية أخرى، والآن مرحلة جديدة، طبعاً ها المرحلة هذا تبقى يعني، أنا سمعت بعض الزملاء دا يحكوا عن (…) وزارة إعلام في رأيي أنه المرحلة الجديدة لازم تُلغي وزارة الإعلام هذا أولاً، يُلغى وزارة الإعلام نهائياً.

محمد كريشان: وقبل أن نتطرق لموضوع يعني هذه.. هذه الفورة سيد مظهر عارف هل.. هل كنت تعتقد بأنه كان من الأفضل انتظار اتضاح الصورة السياسية في البلد سواءً بقيت وزارة الإعلام أم ألغيت مثلما يقترح السيد كاكائي، أم هذا الاندفاع في إصدار الصحف يعتبر ظاهرة صحية في العراق الجديد؟

مظهر عارف: أستاذي العزيز، بالنسبة للصحافة العراقية في هذه الصور مثل ما تفضل الأستاذ فلك، في زمن نوري السعيد كانت صحف أيضاً خاصة وصحف حزبية، وبعض الصحف كانت لأنهم أكو صعوبة بالنسبة للأحزاب يعني خصوصاً صحف الأحزاب اليسارية كان من الصعب عليها العمل، بس الأحزاب الديمقراطية العامة كان لها صحفها مثل "الأهالي" للحزب الديمقراطي، للمرحوم (الشادرشي) أو جريدة الاستقلال، وهكذا، في زمن عبد الكريم قاسم في ذاك الوقت في الزمن الملكي أكو صحف طبعاً عندها علاقات سرية مع الأحزاب السرية، أعتقد الأستاذ فلك يعرفهم مع الحزب الديمقراطي الكردستاني مع الحزب الشيوعي كانت تعبر .. أو حزب الشعب اللي هو أيضاً للمرحوم عزيز شريف، فكان إلها علاقات سرية مع الأحزاب الأخرى، في زمن عبد الكريم قاسم كترت أصبحت صحف أحزاب كثيرة يعني أحزاب وصحف أخرى ما لها علاقة بالأحزاب. سنة الـ66 هذه الأحزاب تعرضت إلى تجربة عبد الناصر، المرحوم عبد الناصر في مصر على يد عبد السلام عارف، إجا عبد السلام أمَّم الصحف، تأميم الصحف يقتل الصحافة، يقتل الرأي، يقتل التعددية بالفكر، ويقتل المبادرة الصحفية، ويقتل السبق الصحفي، فبعد.. في فترة عبد الرحمن عارف اللي هو شقيقه صار نوع من الليبرالية، من إجوا البعثيين سنة الـ68 طلعت صحف، يعني كانت تصدر مثلاً "النور" مستمرة اللي هي تتبع الأستاذ جلال الطلباني..

محمد كريشان [مقاطعاً]: يعني حتى.. حتى في عهد البعث كانت هناك فترة وجيزة.

مظهر عارف: بالبداية.

محمد كريشان: في البداية..

مظهر عارف: كانت "طريق الشعب" للحزب الشيوعي كانت تصدر، وكانت "النور" تصدر للأستاذ جلال الطلباني وكانت "خه بات" اللي هي للديمقراطي الكردستاني، والتآخي بعدين (…) كانت تصدر.

د.علي النشمي: كان التآخي في بغداد.

مظهر عارف: وبعض الصحف اليوم، وبعدين بالـ74 من بدء الهجوم يعني على الحركة الوطنية العراقية بقت الصحف محصورة بصحف الدولة اللي هي "الجمهورية" وصحيفة حزب البعث المركزية اللي هي "الثورة"، وبعدين الصحافة الأخرى صدرت صحافة منظمات هي صحف تابعة إلى عدي، فالصحف كانت هي إما للدولة وإما لمنظمات الدولة الحزبية.

محمد كريشان: إذن.. إذن من 74 إلى الآن، يعني كان هناك..

مظهر عارف: ماكو صحف، يعني أنا أتذكر كتبت طلب..

محمد كريشان: يعني لا توجد.. لا توجد صحافة بالمعنى المهني، سيد النشمي هذا.. هذه العودة للصحافة وبهذه السرعة، الغريب أن المواطن العراقي الآن لا يحظى بالأمن، لا يحظى بالغذاء، وهناك خوف من.. من.. حتى من مجاعة –لا سمح الله- من هنا إلى شهر إذا لم تتغير المعطيات، كثير من المسائل التي يُفترض أن تتوفر للمواطن ولم تتوفر، وهناك اندفاع في هذه.. في هذا العدد من الصحف، هل تعبر عن حاجة للمواطن مثلما حاجته للغذاء وحاجته للأمن وحاجته للاستقرار؟

د.علي النشمي: الحقيقة أنا نوهت إلى هذا الموضوع، هنالك عطش كبير.. جوع كبير جداً للحريات، لأنه الذي كان موجود في زمن صدام حسين لم يكن ديكتاتورية مجردة، يعني البعض يربطه بـ(موسيليني)، البعض يربطه بـ(ستالين)، البعض يربطه بـ(فرانكو)، الحقيقة أنا أُدرِّس التاريخ الأوروبي الحديث لا ستالين ولا فرانكو ولا موسيليني يشابه فترة صدام حسين، حالة استثنائية جداً، وبالتالي فإن الإنسان العراقي كان يعاني من ضيق شديد، إذن جانب مهم وهو رد فعل لحالة غير موجودة في العالم، ولذلك ترى حالة أيضاً غير موجودة بالعالم من جانب.

من جانب آخر إن العراقي اللي الآن المتعلق بالصحف وإصدارات الصحف الآن قد تستغرب من هذا الرأي، هناك الـ(wheel) متوقف كما يقولون يعني حركة العمل والآن كل الشعب قاعد في البيوت، لا.. لا يعمل سوى 2 من أبناء الشعب، هما سواق الحافلات، والذي يشتغلون في وسائل الإعلام الميديا العربية والخارجية، كل الشعب الآن معطَّل، الشعب كله يريد أن يتكلم، يعيش حالة فراغ، والإنسان عندما يعيش حالة فراغ، بالتأكيد فإنه يتكلم أكثر من الشخص الذي لديه العمل، هذه المسألة أيضاً ساعدت على أنه..، لكن أنا أرى في المستقبل القريب عندما يعود الـ(wheel) للحركة، وتعود العمل، وتعود المدارس، والجامعات، والوظائف، والمعامل، الحقيقة إنه سيل هذه الصحف بالتأكيد سيتوقف لأنه هذه ثورة، يعني هي ليست.. هي ثورة مؤقتَّة رافقت..

محمد كريشان: طفرة.

د.علي النشمي: ثورة، يعني هي الثورة هي القفزة المباشرة، كانت لها ظروف معينة هي كما قلنا انعكاس الضغط الماضي، وأيضاً حالة الفراغ التام الذي يعيشها المواطن العراقي.

محمد كريشان: نعم، على كل الموضوع لا يتمثل فقط في هذا العدد من الصحف التي أصبحت الآن موجودة في الأكشاك، وإنما أيضاً في مضمونها.

[فاصل إعلاني]

قدرة الصحف العراقية الحالية على الاستمرار لفترة طويلة

محمد كريشان: سيد فلك الدين كاكائي، يعني كيف يمكن للصحف التي تصدر الآن أن توفق بين أمرين، بين شيء مشروع وهو ضرورة تعريف المواطن بأدبياتها وبفكرها، وبأطروحاتها وبين ضرورة ألا تُنفِّر المواطن الذي شبع من الخطب الإيديولوجية والخطب السياسية وأصبح يتوق إلى إعلام متنوع وإعلام يسعى إلى تلبية تعدد الاهتمامات لدى كل مواطن.

فلك الدين كاكائي: هذه ستكون إحدى مشاكل الصحافة العراقية، هو.. أنا أحاول أن أرسم كيف ستكون.. سيكون ازدهار الصحافة مثلاً، أنا أتصور بعد أشهر.. خلال الأشهر القادمة سيزداد وتيرة.. ستزداد وتيرة صدور الصحف بنسخ أكثر، وستبرز منافسة شديدة بين الصحف، سواء من الناحية التقنية أو من ناحية المضمون ومن ناحية التوزيع ومحاولة كسب القرَّاء إلى آخره، وبعد سنة أو أكثر هذه الوتيرة تنزل تهبط.. تهبط لأسباب، أول إشي يصير إشباع، الشيء الثاني مثل ما تفضل الأستاذ علي أنه يمكن الصحف اللي ما تقدر تواصل تتوقف أو لأسباب أخرى.

والشيء الثالث: هناك حرية التقاط الفضائيات ستلعب دور آخر أيضاً في.. في..

الشيء الرابع: الصحف العربية اللي تصدر في الخارج، والمجلات بتوصل للأسواق العراقية، لأن هناك تكون حرية تبادل معلومات، أتصور هذه تصدر بتقنيات أفضل أتصور هذا يمكن (أفضل)..

محمد كريشان: يعني الآن يعني توضيح.. توضيح لفكرتك فقط، الآن تصل إلى بغداد أعداد قليلة من جريدة "الحياة"..

فلك الدين كاكائي: الآن..

محمد كريشان: ولو متأخرة، وجريدة "الزمان" توجد بشكل يومي، أيضاً هذا هنا..

فلك الدين كاكائي: تطبع هنا.. تطبع هنا مرة ثانية، لكن في.. في بعد سنة تهبط.. لكن عدد النسخ المباعة أو (التيراج) تهبط لهاي الأسباب هذا، المسألة الأساسية أنه الأحزاب.. الصحف اللي بتصدر هي صحف أحزاب إلى الآن، إلى الآن صحف أحزاب، وتبقى يعني الأحزاب حتماً تواصل التعبير عن رأيها، وستزداد حمى المنافسة لسبب آخر، أنه ربما بعد أشهر أو بعد سنة تجرى انتخابات لمجلس تأسيسي مثلاً يعني، هذا أيضاً يحتاج إلى جهد إعلامي واسع من كل حزب، هذا سيظل، ربما بعض الأحزاب أنا مثل ما قلت، بعض الأحزاب ربما تقوم بحملة إعلامية مغالى فيه أحياناً، مغالى فيه على حساب أعصاب الناس، أنا هذا..

محمد كريشان: يعني حملة للتعريف بأفكار تقصد..

فلك الدين كاكائي: بأفكار طبعاً بأفكار، هذا ستكون يعني ستكون ولذلك هذا فعلاً يؤدي إلى نوع من النفور، فيما إذا خرجت أو أساليب التعبير أو أساليب العرض للأفكار من.. من الأساليب المعتادة إلى.. قصدي الصحف ستعاني بعد فترة ستعاني من هذه المشكلة كيف تتوفق مثلما تفضلتوا؟ هي تتوفق أنه مدى الاهتمام بمشاكل الناس لأن هناك مشاكل كبيرة مشاكل للناس، سواء موروثة أو مشاغل جديدة، يعني جدية أنها بتكون سوق حرة، منافسة، تجارة حرة، وضع جديد تماماً للمجتمع، مجتمع منغلق، في وضع منغلق، وصل إلى وضع مفتوح.

[فاصل إعلاني]

محمد كريشان: سيد مظهر عارف، هل تتفق مع السيد كاكائي الذي اعتبر الوضع الحالي سيهدأ بعد فترة، وهل تصل إلى حد القول بأن ستكون الغلبة في النهاية للصحف المستقلة وليس للصحف الحزبية؟

مظهر عارف: طبعاً أنا أتفق مع الأستاذ فلك الدين، لأنه الأحزاب .. في البداية نقول أنه الأحزاب تمثل مجموعة من البشر يعني، بس الشعب 26 مليون، يعني الأحزاب ولو تقاس سياسة أي حزب، مو يعني بالشعار وإنما بقدر الناس اللي يمشون وراء الشعار، يعني ما يحسب على دا حزب أعضاؤه (ألف) ما أنه يقاس بس أيش قدم شنو… شعارات، مع ذلك أنه 26 مليون ما يمثلون كل الأحزاب، والناس مشارب والناس آراء والناس وجهات نظر، هذه الصحافة طبعاً هي ظاهرة جيدة، سواء كانت الأحزاب أو الصحافة نفسها سواء كانت حزبية أو مستقلة تستمر بقدر تعبيرها عن طموح الناس وعن حاجاتهم.

محمد كريشان [مقاطعاً]: ربما بقدر، ما تكون أيضاً مهنية ومتنوعة وبضاعة مقبولة يعني

مظهر عارف: يعني هو حتى الصحيفة نفس الصحيفة أيضاً، يعني أكو ناس تيجي رأساً على الصفحة الأولى، في حين ناس تروح على الرياضة، قسم آخر عينهم على الفنون، إذن ما.. الشغلة، مشارب الناس مختلفة ما موحدة، هذا الحكم على الصحف، إحنا نتمنى أن تستمر، بس هذه هتعود بعدين دعم مالي، ونتمنى مثل ما حكى الأستاذ فلك الدين أنه أكو توجه ماكو وزارة إعلام، هاي مسألة زين إنه وزارة الإعلام تلغى، وأكو… أنا مرة كتبت على إلغاء وزارة الإعلام قبل خمس سنوات يعني قبل قطر والأردن، وكان الوزير أحد وزراء الإعلام ما نذكر اسمه يعني ماكو داعي نذكر اسمه.. زعل وأقام الدنيا إنه كيف نبطل وزارة الإعلام، أي واحد يطلَّع جريدة خليه يطلع صحيفة، خليه يطلع، ويبقى هو وحاله يعني يقدر يصدرها، يقدر يستمر، ما يستمر، فأنا ويَّا الأستاذ فلك في ها المسألة.

العراق الجديد بين التوجه نحو صحف المنوعات وصحف الرأي والسياسة

محمد كريشان: نعم، دكتور نشمي، بعض الدول العربية التي ربما كانت الحياة الحزبية فيها يعني فقيرة إلى حدٍ ما انتشر إعلام.. إعلام المنوعات، وصحف المنوعات، وصحف الفضائح، وصحف الرياضة، هل ترى العراق مرشَّح لهذا النوع من الصحف أم ترى أن التوق إلى الديمقراطية والتعددية سيجعل صحافة الرأي والصحافة السياسية هي المهيمنة على الأقل لفترة؟

د.علي النشمي: الحقيقة مسألة الإفساد السياسي أو التدويخ السياسي هذه لا تأتي من فراغ، يعني لا يمكن أنه في أي بلد عربي مجموعة من الناشرين يقيمون بعض الصحف التي تكلمت عنها ويمكن أن تنجح، هذه بالتأكيد ناتجة عن دفع خارجي أو عن توجه خارجي هو استعداد داخلي، العراق، وهذه مسألة مهمة، العراق.. القضية مختلفة جداً، الدين والسياسة والسلطة، وبالتالي دائماً السياسة في العراق هي ليست برلمان تحصل عليه، منصب تحصل عليه، هنالك موقف فكري، يعني الحقيقة حتى الأحزاب السياسية في العراق كانت بها نوع من الشراسة، كانت بها نوع من الثورية، وحتى بها نوع من التطرف قياساً ويَّا أحزاب أخرى، ولذلك هذه التيارات السياسية والتيارات الدينية التي ستكون ممزوجة في الوقت في.. في المستقبل القريب، هذه سوف لن تسمح بظهور أو ببقاء هكذا توجهات.

أولاً: ستحاربها في كل ما تملك، هذه القوة الفاعلة الآن الدينية أو اليسارية أو الأخرى، هذه مرتبطة ارتباطات قوية في المجتمع، وحتى في الأرضية الاقتصادية للمجتمع، ولذلك فإن هذه المراكز الدينية والسياسيِّة المؤدلجة سوف تستغل هذه القوى وتمنع ظهور هكذا أحزاب وهكذا توجهات، وبالتالي تحاربها، إذن أقول باختصار: واقع العراق يختلف عن واقع الدول التي تكلمت عنها.

محمد كريشان: نعم، سيد كاكائي، أنتم ربما محظوظون في الحزب الديمقراطي الكردستاني على أساس أنكم معروفون تاريخياً، يعني قد لا تكونون بحاجة إلى التعريف بأطروحاتكم، بمواقفكم السياسية، بتاريخكم، بعلاقتكم بالسلطة المركزية السابقة، هل هذا سيجعلكم أكثر تحرُّراً من تيارات سياسيِّة طارئة –إن صح التعبير- على الحياة السياسية العراقية، وتحتاج إلى جهد حتى تروِّج لآرائها، وتروِّج لشخصياتها؟

فلك الدين كاكائي: هو إحنا تقريباً، قررنا بهذا الاتجاه ذلك أنه نحول صحيفتنا إلى منبر عراقي ديمقراطي عام، يعني هنا أعود إلى حديث الأستاذ علي، أنا طبعاً أختلف معه في..(..) المنوعة لأنه إله علاقة يعني أنا بها الجواب هذا، في.. في كردستان بعد عشر سنوات من الحرية الآن الناس يميلون إلى المنوعات، إلى صحف منوعات.

ثانياً: الابتعاد عن الصحف الجدية، هذا ولو إن المجتمع الكردي جزء من المجتمع العراقي بكل عاداته وأخلاقياته، يعني إذا تريد تسوي مقطع شجرة هي الشعب الكردي مقطع من المجتمع العراقي، نقدر أنا.. هاي عشر سنوات درسناها الوضع ومن أكو أنه يبتعد الناس عن الصحف الجدية الأيديولوجية، لكن تبقى طبعاً هناك، تبقى هناك مجموعة من الناس ملتزمة بالحزب، أو بالأيديولوجية أو بالحزب، لكن ناس عموماً بعد ما يكون نوع من الرخاء والاستقرار يبتعدون عن هذا معظم الناس – أنا أحكي ليس كل الناس طبعاً – معظم الناس يبحثون عن مسائل منوعة حتى في التليفزيون، حتى في الإذاعة وحتى في الصحافة..

محمد كريشان: وهذا من حقهم.. نعم

فلك الدين كاكائي: وفي المجلات.. وفي المجلات، الآن مثلاً قدم مجلات كاريكاتير، مجلات عن المرأة، مجلات عن النكات، مجلات.. مختلفة يعني كذلك، عن التسلية وعن الشطرنج إلى آخره، هذا جانب، الجانب الثاني مثلما تفضلت –فإحنا تجربتنا في كردستان، نحاول أنه نستفيد منها بحيث نتصور أنه المجتمع العراقي ككل يحتاج إلى أشياء محددة، ليس فقط إعادة الاستقرار، وإنما إعادة الاستقرار إلى الأعصاب، يعني نهدأ.. يعني قصدي نكون عامل لتهدئة أفكار الناس، ووضعهم على التفكير في تغيير الواقع، وليس إثارة الانفعالات، وليس إثارة المسائل الأخرى، نبتعد.. قاصدين نبتعد عن الإثارة، لكن بشفافية، نطرح مسائل جيدة، لكن بشفافية ليس بالمسائل..، الآن إحنا متحررين من الناحية الإيديولوجية، سابقاً كانت مسألة الأيديولوجية مسألة الشرق والغرب، هاي مسألة تقريباً. منتهين منها، ولذلك أكو مسائل جدية للناس نتناولها بشكل شفاف، وأن نتصور أنه ماذا (سترون) في كردستان؟ في كردستان الآن قبل سنتين أو ثلاثة كنت وزير الثقافة أصدرنا 124 صحيفة ومجلة في مجتمع 3 ملايين ونصف، طبعاً قسم منها توقفت، وقسم منها صودرت، هذا معناه أنه الناس يريدون يعبرون، الناس يريدون يعبرون عن آرائهم وعن أفكارهم وبلغات مختلفة، كردية، عربية، إنجليزية، تركمانية، سريانية، إلى آخره، الأساس الآن نحن وصلنا إلى نقطة خاصة إن إحنا كجزء من المجتمع العراقي، والحزب أيضاً كجزء من الحركة السياسية العراقية، نبغى نوفِّر كل جهودنا من أجل أن نكون طرف إيجابي في حل.. في بحث عن حلول مشاكل الناس، وفي توضيح الطريق قدر ما ممكن، ولا.. وفي نفس الوقت لا نريد أن نفرض نفسنا وصاية فكرية على أي شيء، هذا هو الشيء الأساسي، نرفض أن نكون وصاية فكرية، وإنما نقول ما عندنا.. ما نعتقده هكذا، رأي من الآراء بدون أن يكون وصاية فكرية لا على آخرين، ولا على الحزب نفسه يعني.

محمد كريشان: تأكيداً لكلامك سيد كاكائي بضرورة الابتعاد على الانفعال، وأن يكون المرء إيجابياً. سيد عارف، المتصفح لأغلب هذه الصحف يكتشف أن جزء كبير منها مخصَّص لملفات النظام السابق في التعدي على حقوق الإنسان في كثير من الممارسات المعروفة، هل تعتقد بأن هذه البضاعة، وإن كانت مشروعة في فترة أولى قادرة على أن تصمد أكثر؟ يعني كيف يمكن لهذه الصحف أن تكون إيجابية مثلما قال السيد كاكائي بالطبع دون أن تهمل فتح ملفات سابقة، يعني بعد 30 سنة لا يمكن أن نضع سطر ونقطة إلى السطر ونعود، يعني هناك جزء من حق المواطن أن يعرفه، ولكن كيف ترى هذه المعادلة بين جردة الماضي، وبين أن تكون إيجابي في التطلع إلى عراق جديد وعراق واضح المعالم؟

مظهر عارف: أتذكر كلمة للمرحوم سلامة موسى بيحكي مرة عن العراق، قاريها حتماً الأستاذ فلك الدين، بيقول العراق ما يحتاج إلى صحافة، لأنه يعيش على الإشاعة، الإشاعة أقوى من الرأي العام، يعني أقوى العفو من الإعلام.

محمد كريشان: في العراق..

مظهر عارف: في العراق..

محمد كريشان: في أغلب المجتمعات العربية.

مظهر عارف: الإشاعة قوية ما تطلع الصحف وتتداول على مستوى العراق…

محمد كريشان: ربما أن.. العراق ربما ليس.. ليس حالة في هذا ربما…

مظهر عارف: هذا رأي سلامة موسى، واضح كالشمس، سلامة موسى يقول إنه العراقيين يعيشون على الإشاعات، أقوى من الإعلام الرسمي في وقت طبعاً من الحرب العالمية.. من 1900 وهذا حكى المرحوم سلامة موسى، هاي نقول شغلات صحيحة، إنه هذه (…) يعني هسه المطلوب أن ننظر للمستقبل، ما ننظر للخلف، يعني نظل نعيش على هاي الناس ملَّتها، الناس هسه تبحث عن الخبز، تبحث عن الوظيفة تبحث عن الراتب، تبحث عن الكهرباء، تبحث عن الميه، عندها مشاكل بالمستشفى شغلات حقوق الإنسان، أشياء أخرى يعني، أما هاي اللي تعيش عليها الصحف –مثل ما تفضلت- إنه هذه وقتية وتزول بس هذه ما تبني إعلام ولا تبني صحافة ولا تخلق تسامح، ولا تخلق وحدة وطنية بالعكس يعني تشغلنا عن المهمة الأساسية لإعادة بناء العراق الجديد، إحنا دا نعيش بالماضي راح هنتقيد ما نقدر نبني، فإذن هذه ما راح هتكون هي صورة المستقبل بالنسبة للصحافة.

المخاوف العراقية من التدخل الخارجي عبر الصحف

محمد كريشان: نعم، دكتور على النشمي في كل مرحلة انتقالية صعبة، كالتي تعيشها العراق الآن، إمكانية الاختراقات وشراء الولاءات السياسية الداخلية والخارجية عملية سهلة، هل هناك خوف من أن تكون هذه المرحلة مرحلة تداخل قوى أجنبية عربية وغير عربية، حتى يكون لها موطئ قدم في العراق الجديد عبر صحف معينة تكون مدعومة من هذه الجهة أو تلك، هل هذا الخوف في محله؟

د.علي النشمي: الخوف طبعاً وارد، وهذا الخوف داخلي وخارجي، الحقيقة العراق ليس كأي بلد في إفريقيا، العراق معروف موقعه وإمكانياته، وبالتأكيد فإن الثقل العربي والثقل الإسلامي والثقل العالمي يجعل من كل القوى الفاعلة في المنطقة أو في العالم تحاول أن تجد لها موطئ قدم سياسية أو عسكرية في العراق هذه الحقيقة موجودة، ولذلك يعني نحن الحقيقة بعد ما دخلت القوات الأميركية بيوم واحد إلى بغداد، اجتمع المثقفون كلهم يعني في.. في باحة.. كل.. وزارة.. في جامعة بغداد، وقالوا: أين دورنا نحن المثقفين اللي عايشين في العراق أو داخل العراق؟ لأنه لاحظوا إن كل القوى الفاعلة أخذت تتحدث عن المعارضة الخارجية والأحزاب الخارجية، والقوى الخارجية التي لها عمق في بعض الأحزاب الداخلية أو القوى الداخلية اللي في داخل العراق، هذا الاجتماع هو كان رد فعل لهذا الخوف، إنه راح نرجع، راح يجون أناس آخرين مرتبطين –طبعاً أنا لا أقصد المعارضة العراقية معارضة نبيلة، وكان لها دور في فضح النظام وهذا، ولكن طبعاً تعرف لا شيء يخلو من هذه التداعيات، ولذلك عندما ثارت هذا، فلذلك إحنا قررنا ماذا؟ أنا لا أتكلم عن صحيفة، أنا أساساً لست صحفياً، أنا رجل.. أستاذ جامعة وأقدم برامج ثقافية في التليفزيون أو في الإذاعة، اجتمع كل المثقفين في جامعة بغداد، وقالوا: يجب أن يكون لنا منبر، الكل يتحدثون عن المعارضة، والمعارضة خارجية، هنالك فقط قوتان فاعلتان هي أميركا والمعارضة الخارجية باستثناء القوى الكردية هي قوة داخلية ولها وجودها في داخل العراق، هذا ليس إنقاصاً طبعاً من المعارضة، ولذلك إحنا قررنا أن نشعل شمعة، فأنا فكرت -وأنا مع بعض الزملاء- فأوجدنا الصحيفة بمبالغنا.. بفلوسنا يعني البسيطة التي لا نملك شيء يعني، حتى الآن لا.. ليس لدينا خلو رجل ندفع لشراء مقر، إحنا عندنا رجل لكن خلو لا نملك يعني، وبالتالي قلنا نفعل ماذا؟ اعذرني في هذه الإطالة، إننا لسنا مؤدلجين، ديمقراطيين عراقيين، ولسنا ضد أي حركة من أقصى اليمين أو أقصى اليسار فيها، ولكن نحاول أن نخلق جو ديمقراطي مقرب، يعني مثلاً أنا في العدد الثاني سأطرح على كل أحزاب سؤالاً: ما هو الوطن بالنسبة للحزب الفلاني؟ فكلهم يجيبون.. سوف يجيبون بنفس الكلمات، وبالتالي أطلع بملخص: أن كل الأحزاب لديها نفس الإجابة، في الأسبوع اللي بعده هو: ما هو حقوق الإنسان في نظر الأحزاب الشيوعية والإسلامية؟ سيكون نفس الجواب، وبالتالي نخلق (atmosphere).. جو نفسي يقرب الآخرين، الناس يتصورون الآن هنالك شغب، نحن دورنا كمثقفين وكمثقفين فاعلين داخل الوطن، نحاول أن نلملم ولا نؤدلج، وغير مؤدلجين، هذا هو هدفنا، ولذلك هو كرد فعل للخوف اللي تكلمت عنه.

محمد كريشان: نعم، سيد كاكائي، هل لديكم مثل هذا الخوف، ولا سيما وأن الآن كشأن العراق كله، لا وجود لقانون يحكم العملية الإعلامية الآن، هل ترى في انتظار وضوح هذا القانون لابد من –على الأقل- ميثاق شرف وإن كان غير مكتوب بين هذه التيارات، حتى لا تصبح مثلاً إثارة نعرات قومية أو إثارة نعرات طائفية أو غيرها من المسائل التي قد يلعب الدور.. الإعلام دوراً في تأجيجها؟

فلك الدين كاكائي: أنا لا أخشى، أنا أؤمن أن الحياة تتوازن، تتوازن بطبيعتها، في تجربتنا عام 92 صدرت صحف كثيرة، بعض الزملاء، وحتى بعض السياسيين عتبوا قالوا: هذا العدد الكبير من الصحف من يقرأه، من يكتبه ستكون هناك نوع من الحرية السائبة، فأنا وبعض الزملاء تمسكنا بشيء أساسي وخاصة من.. وزارة الثقافة، قلنا أنا مع الحرية مع أخطائها، مع الحرية مع كل شيء..

محمد كريشان [مقاطعاً]: والحق.. والحق في الخطأ أيضاً.. الحق في الخطأ.

فلك الدين كاكائي: والأفضل من غياب الحرية، وهذا نجحنا به إلى حد كبير، بحيث أنه ما بقى واحد ما قدر ينفس عن رأيه، كل.. كل واحد يكتب، شيء يريد وكذا. هذا الجانب.

الجانب الثاني: أنا ما أخشى من شيء آخر، هو الأوضاع تنضبط أنا تصوري، الأوضاع تنضبط بشكل آخر تنضبط، وهناك شيء أقل من انفلاتات طائفية إلى أخرى، أنا ما أتصور تصير بشكل الواحد يخشى منه. وشيء ثالث: أنا أحكي عن الصحافة، القارئ العراقي قارئ ذكي، قارئ نهم وقارئ ذكي، أنا هاي من تجربة الـ45 سنة ومن معهم، طبعاً أنا كنت كان شو اسمه.. مثل مأثور دائماً يقال: "الكتب تطبع في القاهرة، وتُوزع في بيروت، وتُقرأ في العراق" طبعاً ما أدري الآن هل القارئ العراقي بقى متمسك به، لأنه خلال سنوات العجاف، سنوات الحصار وكده هل غيرت من اهتماماته؟ بس بتجربتنا في كردستان، الآن اهتمام القارئ أقل.. أقل، لأنه هو.. يعني رد فعل لصحف كثيرة وحتى رد فعل صحفنا الحزبية أيضاً، صحفنا الحزبية..

محمد كريشان [مقاطعاً]: الصحف التي أشرت إليها قبل قليل..

فلك الدين كاكائي: حتى بصحفنا أنا أحكي.. أنا أحكي حتى عن صحفنا، إحنا صحفنا.. في.. في فترة كانت يعني في صراع حزبي جاف بشكل جاف، يعني بشكل خشن بدون مبرر يعني، وبعدين وصلنا إلى قناعة لها ما (…) لازم نغير الأسلوب، فهنا نفس الشيء يصير، فأنا أصورها للقارئ وعي الناس، هاي يغير الوضع، أما المسائل الأخرى السياسية الاهتمامات بالمجتمع، حتماً هناك.. سواء لكن.. أكو هناك اجتماع الأحزاب حالياً، اجتماع في الهيئة القيادية، والآن تتوسع.. تتصل بكل أحزاب ما مشترك القيادي في لجان التنسيق والمتابعة فيه شخصيات مثلاً حتى داخل العراق، مثل السيد نصير الشادرشي مثل غير وغيره، وكذلك مثل حزب الدعوة والحزب الشيوعي، كل تريد هاي.. تنضم للهيئة القيادية، فبالتالي أكو هناك محاولة.. نوع من المصارحة، نحن.. نحن أساساً مع التسامح، وندعو إلى.. ونحن مع مصارحة، إحنا.. إلى نوع من المصارحة.. مصارحة بدل عن الانتقام، نحن مصارحة تتحول إلى مصالحة، نحن مع ها الاتجاه هذا، نبغي نتبني..

محمد كريشان [مقاطعاً]: يعني عفواً، حتى في المجال الصحفي يعني مثلاً عشرات الصحفيين كانوا يكتبون ويعملون ويقتاتون من صحف الحزب الحاكم وصحف الدولة، هل هؤلاء أصبحوا مستثنين بالكامل؟

فلك الدين كاكائي: أنا أحترم.. أنا أحترم.. أحترم حقوقهم وكرامتهم كـ..مهنياً وإنسانياً واجتماعياً، بدون أي تردد، أنا كصحفي و.. في مؤسسة نحترم كل الكرامات، دا يبقى أنه حرية الصحيفة مثلاً.. هل.. هل الحرية تسمح للزميل الفلاني يكتب… أو لا؟ هذه مسألة أخرى. أما أنا أتصور كل الزملاء الصحفيين، أساتذة جامعة، المثقفين، وهذا العصر عصر ثقافة، هاي العصر عصر المثقفين، الأستاذ أشار إلى نقطة مهمة جداً: ماذا يعمل المثقفون؟ فعلاً هذا هو سؤال مطروح، أنا في تصوري هذه الشرائح الأساسية اللي المجتمع العراقي يحتاج إلى.. إلى ها الكوادر.. الكوادر، أنا لازم أحترم كرامتهم مهنياً، اجتماعياً، إنسانياً وكحق الإنسان لازم أحترمه، تبقى أنا توفير العمل، أنا سمعت بعض الزملاء دا يحكوا أنه الصحفيين العراقيين عمالة رخيصة، أنا أقول لا.. أتكلم بالعكس يعني، ستكون.. يعني الصحفيين العراقيين كوادر ثمينة، وهناك مجالات واسعة جداً للعمل الصحفي بالمستقبل، ليس فقط في هذه الصحف اللي بتصدر الآن، هاي الصحف، أنا أتصورها حتى الصحف البدائية، الآن تيجي تقنية، تأتي تجارب، وينفتح العراقيين على الصحف العربية في العالم، الآن معظم.. كثير من صحف العالم يكتبها عراقيين اللي كانوا في المهجر.

محمد كريشان: صحيح.

فلك الدين كاكائي: والصحفيين اللي كانوا هناك في الداخل ليسوا أقل مكانة منهم أو أقل.. بالعكس أنا أشوفهم يعني لهم قابليات وإمكانيات، وقسم نعرفهم وقسم نعرف كتاباتهم، فهذه يوفر لهم المثقف العراقي.. المثقفين العراقيين جيش كبير جداً نعتز بهم يعني، نحن كنا في.. في جبل، لا أتصور.. حتى من المهجر، في جبل كنا كان عندنا رابطة لأدباء عراقيين، عرب وأكراد، كان به حوالي 650 أديب وكاتب فقط في.. في دمشق، وفي الجبل في كردستان طبعاً معناها.. معنى أكو إمكانية هائلة للمثقفين العراقيين، والمثقف العراقي وبإمكانياته العلمية والتقنية والاطلاع الواسع وبشكل عام يعني معرفة واسعة، معرفة شبه موسوعية، أنا أتصور يكون هناك بالمستقبل يعني بسبب قريب جداً، يحتلُّون مكانتهم وخاصة إنه الوضع الجديد يحتاج إلى إمكانيات كل مثقف.. كل مثقف سواء كان كاتب صحفي، كاتب الروائي لكن أستاذ جامع أو في اختصاصات العلمية، ليس فقط صحفي يعني..

محمد كريشان: سيد عارف، هل تشاطره هذا التفاؤل هل ترى الجسم الصحفي في العراق مهيأ لإبداع إعلامي متميز؟

مظهر عارف: أستاذ محمد أكو مسائل تاني أحب أوضحها، بالبداية يعني بالتأكيد ما نتحدث عنه الأستاذ فلك الدين، بالعراق ماكو تيار طائفي يعني عمر التاريخ السياسي العراقي لا ننسى الإعلام الغربي يركز على المسائل الطائفية من شيعة كذا وكذا والسنة إلى آخره، وفلان يحاول يشق الصف، وحتى ضمن الطائفة الواحدة سواء كانت سنية أو شيعة، للعلم فقط أن عمر تاريخ العراق ما كان به طائفية لا شيعي ولا سني ولا مسلم ولا مسيحي، هاي مسألة أولى، بالنسبة للصحافة أكو شغلة معروفة يعني، بالنسبة للصحافة العراقية كل ما تحدث انقلابات عسكرية أو ما تسمى بالثورة في العراق، أول قرار هو البيان الأول، ثاني قرار إلغاء الصحف، أول قرار الثورة أو الانقلاب والثاني هو..، والصحفيين يعني هم مرتبطين بالدولة تفرض عليهم، يعني في زمن العهد السابق (…) لازم تكتب فلاشي لازم تكون فيه..

محمد كريشان: أو على الأقل القطاع العام يعني، إذاعة وتليفزيون ووكالة الأنباء هذا عدد.. العدد الأكبر يعني..

د.علي النمشي: حتى.. إذاعة وتليفزيون يعني كلها مُسيسة، تبعية الناس وتبعية السياسة وتبعية.. ما تقدر يعني.. فالصحفيين بذلك بنشوف هسة صار المجال، كلهم انطلقت، تسوي صحف وتصدر وتكتب بحريتها لأنه هاي الناس تبغي الحرية قبل الخبز تبغي الحرية قبل الخبز، فالناس انحرمت من عندها فأنا مع الأستاذ فلك الدين، أنه الصحفيين يعني هم الصحفيين طبقة مثقفين يعيشون ويكتبون بما يرتاحوا له، فإذا النظام الحديث استمر باحترام… تبين فعلاً باحترام الحرية العفو.. وبين الديمقراطية حقيقياً الصحفيين يقدر يكونون مساهمين في بناء وطنهم، في تطوير العمل الفكري العراقي وإلى آخره.

تأثير الوضع الاقتصادي في العراق على الصحف العراقية

محمد كريشان: دكتور علي النشمي، قبل قليل أشار السيد كاكائي إلى أن بعض الصحف ربما تبدو بدائية في طبعتها وفي إخراجها الفني هل ترى هذا جزءاً من.. من الوضع الاقتصادي الصعب في.. في العراق وأن بمجرد عودة الحياة تدريجياً ورفع الحصار ستصبح نوعية الصحف ونوعية المادة أفضل؟

د.علي النشمي: هذا اليوم أنا كنت أروح أطبع الصحيفة اللي هي "فجر بغداد"، كانت معي صحفية سويدية ترافقني لتصوير هذا الحدث لأنه صحيح أول صحيفة مستقلة، تفاجأت بأن الأجهزة التي نطبع بها الجريدة وهو مكتب حديث، أنها من الستينات أدوات الطباعة، ولذلك قررت بعد أن أنهت التقرير عن هذا، قررت أن تسوي تقرير تاني إلى محطتها حول أجهزة الطباعة العراقية القديمة، يعني هذا اليوم صباحاً حدث، نعم أولاً النظام السابق حقيقة كان ذكياً جداً في استيراد كل أدوات المواصلات والتعذيب والعسكرية… العسكريتارية والرفاهية اللي تخصه، لكن المواد الأخرى كان حقيقةً شحيحاً فيها.

محمد كريشان: مع أنه.. في.. في يعني عُرِفَ العراق في الثمانينات على مستوى الطباعة حتى الصحف والمجلات "آفاق عربية" وغيرها كانت تنفق عليها الدولة، تُغْدِق عليها بسخاء.

مظهر عارف: هذه كانت بعض المطابع الحكومية التي كانت تطبع جريدة الثورة، أو تطبع بها الكراريس الحزبية أو بعض الشغلات المرتبطة بما يخص بالتوجه التعبوي أو التبعية أو شيء آخر، هذا من جانب، من جانب آخر يعني، إحنا اللاَّ.. في العراق هذه مسألة مهمة جداً، إن عملية.. إن الإنسان العراقي يعني أنا لا دا أقول للإنسان العراقي وأتهم بالشوفينية، العراق آخر بلد دخل له الإنترنت، ولكن أنا درست في تونس ودرست في بلاد عربية وطلعت أيضاً لأوروبا حاضرت في دول أخرى، وجدت إن مدرسي الإنترنت في العالم هم عراقيون، هذا ماذا يعني؟ إن العراقي لديه استعداد لتقبل ذلك الآن يعني حتى أختم حديثي في هذا الموضوع، الآن بعدما انتهت هذا الحصار وانتهى ها الظروف، سوف تدخل لنا آخر صيحات الطباعة، وذلك سوف يتفنن العراقي وبالتالي سيكون يتفنون أكثر من مناطق أخرى في العالم باستخدامهم لهذه الوسائل الحديثة.

محمد كريشان: نعم، سيد كاكائي، كلمة أخيرة في.. في هذا البرنامج

فلك الدين كاكائي: والله أنا متفائل أولاً، هي هاي بدايات مازالت هناك ستتشكل حكومة مؤقتة، وستزال آثار هذه الحرب، وسيتنفس المجتمع العراقي هواء نقي، وأتصور أنه.. أنه أولاً تزدهر الكلمة وتعود وهي الحياة تتوازن هي هذه المسائل كلها تتوازن، وتبقى الصحف اللي تقدر تحتل موقع في النهاية، والمسألة ليست فقط الصحف هي عما تعبر عنه الصحف وهي الحياة، وأنا أتصور.. أنا أتوقع إنه يكون هناك ازدهار اقتصادي، وأهم هو شيء هو الازدهار الاقتصادي في البلاد، وهذا هو أهم ما أتوقع، وإعمار كبير وإثارة وغسل أو إثارة.. إزالة عفواً الغبار المتراكم في الأذهان والقلوب، والآن إحنا أنا أتصور نفسي مثلاً (….) عراقي أتصور نفسي في فترة نقاهة.. فترة نقاهة يعني نحن المجتمع العراقي تعذبنا كثير سواء نحن في كردستان في حروب متواصلة أو كذا، أو في بغداد أو في البصرة كل واحد بشكل يعني بشكل معين يعني، الآن المجتمع العراقي يحتاج إلى هدوء إلى.. إلى بعض الاستقرار بشرط ضمان كرامة العيش، ضمان كرامة العمل، وإيجاد فرص العمل وخاصة للعاطلين، وتخفيف لنسبة الفقر لأن نسبة الفقر الآن في المجتمع العراقي أكثر من 180% تحت خط الفقر، نحن في كردستان عندنا 100% إلى 160 فقر تحت رغم الاهتمام، لذلك إحنا في.. هدفنا أنه نتخلص من هذه التراكمات أو رواسب الماضي وإن شاء الله..

محمد كريشان[مقاطعاً]: على كل.. على كل نتمنى أن تكون هذه بداية لعملية انفتاح إعلامي كبيرة في العراق، شكراً لك سيد فلك الدين كاكائي، نشكر أيضاً الدكتور علي النشمي، ونشكر أيضاً ضيفنا الثالث السيد مظهر عارف، شكراً لكم جميعاً، في نهاية هذه الحلقة نشكر أيضاً طاقم التصوير نضال المغربي، خالد شهاب، وثائر الياسري بقيادة المخرج فريد الجابري، تحية طيبة وفي أمان الله.