في العمق

أبعاد وآثار التقارب التركي الأخير مع روسيا وإيران

تناول برنامج “في العمق” التقارب التركي الأخير مع روسيا وإيران، وآثاره على موقف تركيا من الأزمة السورية وعلاقات أنقرة مع أوروبا والولايات المتحدة.

قال الباحث بمركز الجزيرة للدراسات بشير نافع إنه "بعد وصول بن علي يلدرم لمنصب رئيس الوزراء في تركيا، وفي أول كلمة له أمام البرلمان لتقديم برنامجه، ذكر فيها جملته الشهيرة عن زيادة عدد الأصدقاء وتقليل عدد الأعداء، في إشارة واضحة لعملية تغيير السياسة الخارجية لفترة أحمد داود أوغلو، التي شهدت تأزيما للوضع الاستراتيجي والخارجي لتركيا".

وأثناء مشاركته في حلقة (15/8/2016) من برنامج "في العمق" -التي تناولت أبعاد التقارب التركي الأخير مع روسيا وإيران، وآثاره على القضية السورية وعلاقات تركيا مع الغرب-، أكد نافع أن العلاقة بين تركيا والغرب بدأت تتأزم بعد الجولة التي قام بها رجب طيب أردوغان عام 2012، في دول الثورات العربية وشملت مصر وتونس وليبيا، حيث شعر الغرب بأن تركيا تلعب دورا أكبر من حجمها.

وأضاف "بدأت العلاقات التركية الأميركية تتأزم بشدة، حتى إن الولايات المتحدة علمت بالانقلاب في مصر قبل وقوعه، ولم تبلغ الحليف التركي الذي كان في تحالف استراتيجي مع نظام محمد مرسي، وعندما دعت تركيا لمنطقة آمنة في شمال سوريا رفضت الولايات المتحدة دون سبب مقنع وقالت إنه يستدعي تدخلا عسكريا مباشرا، وفيما بعد تدخلت الولايات المتحدة بشكل مباشر لتوفير غطاء عسكري للفرع السوري لحزب العمال الكردستاني الذي تعده تركيا منظمة إرهابية.

وحسب نافع فإن مشكلة تركيا مع حلفائها الغربيين هي التي عقدت الأوضاع في سوريا، وأدت لبروز مشاكل للدور التركي في العراق وشرعنة الانقلاب في مصر، ثم جاءت حادثة إسقاط الطائرة الروسية وأدت لحدوث قطيعة مع روسيا، بالإضافة للخلاف مع إيران بسبب دعم نظام بشار الأسد، مما أزعج القيادة التركية ودفعها لاتخاذ خطوات لمحاولة ترميم هذا الوضع، وهو الذي أدى للمصالحة مع روسيا وإسرائيل.

وأردف قائلا "حتى قبل محاولة الانقلاب الفاشلة، أبلغت تركيا الأميركيين بحدوث تغيير محدود في سياستها الخارجية، فهي على سبيل المثال كانت تطالب بأن يغادر الأسد مع بداية المرحلة الانتقالية، وعندما بدأت المباحثات الروسية الأميركية للتوصل لحل سياسي في سوريا، أبدى الأتراك استعدادهم للقبول ببقاء الأسد لبعض الوقت".

وشدد على أن الاتفاق حول سوريا لن يكون اتفاقا روسيا تركيا ولكن سيكون اتفاقا روسيا أميركيا، ولكن بما أن وضع تركيا وإيران يعطيهما حق النقد وإعاقة الاتفاق، فالدور التركي والإيراني والسعودي سيكون بالغ الأهمية لإنجاح الاتفاق الروسي الأميركي.

أخطاء تركية
من جانبه رأى الخبير في الشأن التركي بمعهد تشاثام البحثي فادي حاكورة، أن أردوغان اعتقد أن لديه سلطة وقوة أكثر مما يملكها، فقد حاول كثيرا حل الأزمة السورية لكنه فشل في ذلك وقاد تركيا لفترة من العزلة، حيث كان الاقتصاد التركي يعاني بسبب العقوبات الروسية ونظرا لتراجع حجم المبادلات التجارية مع إيران خلال الخمس سنوات الماضية، لذلك انخرط في محاولة للتصالح مع القوى الإقليمية.

وأضاف أن الغرب كان يدعم تركيا بشكل كبير في السنوات الأولى عندما كان يتعاون مع الاتحاد الأوروبي، لكن الأمور بدأت تتغير في 2009 عندما تحالفت تركيا مع إيران في مجلس الأمن ضد الولايات المتحدة، وكذلك عندما اتخذت مواقف منفصلة عن السياسات الدولية في المنطقة.

وعن التقارب الروسي التركي أوضح حاكورة أن روسيا وتركيا تدركان بشكل كبير أنهما بحاجة لبعضهما البعض، وبوتين كان يود إعادة العلاقات إلى ما كانت عليه قد إسقاط الطائرة الروسية، وكذلك الشأن بالنسبة للرئيس التركي، ورغم ذلك فالعلاقة لن تعود كما كانت عليه في الماضي لأن مستوى الثقة اهتز بشكل كبير، كما أن تركيا ستكون حذرة من الاقتراب بشكل كبير مع روسيا حتى لا تؤثر على علاقاتها مع الدول الغربية.

وأشار إلى أن تركيا وروسيا اتفقتا على عدم الاتفاق حول سوريا وعلى إعادة العلاقات التجارية على ما كانت عليه سابقة، وتركيا تنتظر حلول سيد البيت الأبيض الجديد، الذي قد يتخذ خطوات واضحة وجديدة في المنطقة بخلاف باراك أوباما.