شاهد على العصر

مهاتير محمد: لم أشعر بالغيرة من أنور إبراهيم.. وهكذا انهارت نمور آسيا

نفى رئيس وزراء ماليزيا السابق مهاتير محمد ما يردده البعض من أن غيرته من نجاح نائبه السابق أنور إبراهيم هي السبب الحقيقي للخلاف بينهما، وأكد أنه لو كان فاسدا لما تعافت ماليزيا من هجمات تجار العملات.

وقال مؤسس ماليزيا الحديثة إنه كان معجبا بالكثير من صفات وأداء أنور إبراهيم السياسي، وأنه قربه منه وجعله نائبا له في رئاسة الحكومة، أي أنه كان سيكون خليفته والمرشح الأول لتولي هذا المنصب فور استقالة مهاتير محمد، "لكن إبراهيم كان مستعجلا جدا للوصول للمنصب، ولم يكن يقوى على الانتظار".

وأضاف السياسي المخضرم في الجزء العاشر من شهادته على العصر، أنه أراد أن يتعرف على قدرة أنور إبراهيم ومدى كفاءته لقيادة حكومة البلاد بمفرده، فقرر أخذ إجازة لمدة شهرين ومراقبته عن بعد، لكن الذي حدث هو أن اقتصاد ماليزيا انهار وواجه كارثة الهجمات التي نفذها تجار العملات على دول "نمور آسيا"، ولم يستطع أنور إبراهيم مواجهة هذه الأزمة، بل إنه كاد أن يذهب لحلول اقترحها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، لم يكن من شأنها إنقاذ ماليزيا، بل مجرد تغيير الدائنين لا أكثر.

ونفى بشدة ما ردده البعض في المعارضة الماليزية من أن شعوره بالغيرة من النجاحات الاقتصادية التي حققها نائبه والشهادات العالمية التي حصل عليها الأخير كأفضل وزير مالية في العالم، هي السبب وراء تفجر الخلاف بينهما، وأكد أن أنور إبراهيم كان سيكون رئيسا للحكومة لولا القضية التي وجهت إليه وسجن بسببها.

كما رفض مهاتير محمد ما كان إبراهيم قد صرح به قبل سنوات لبرنامج "بلا حدود"، حيث اتهم مهاتير محمد بمعاداته لأنه خلال الشهرين الذي تولى فيهما رئاسة الحكومة اكتشف حجم الفساد الذي كان متفشيا في الدولة،  واعتبر أن تلك هي رؤية أنور إبراهيم، وشدد أن حجم الفساد الذي كان خلال فترة حكمه كان بالحدود الدنيا، والدليل على ذلك الإنجازات التي حققها خلال سنوات حكمه، مشيرا إلى أن من خلفوه في رئاسة الحكومة تعبوا وهم يبحثون عن قضايا فساد ضده، لكنهم لم يجدوا ما يتهمونه به.

وفيما يتعلق بالأسباب التي دفعته لإعادة العلاقة مع أنور ابراهيم بعد 18 عاما من الخلاف، أكد أن ذلك يعود للصداقة الوثيقة بينهما، ولرغبة كلا الرجلين في مواصلة العمل سويا لإنقاذ البلاد من حسين رزاق.

انهيار نمور آسيا

أما فيما يتعلق بقصة انهيار نمور آسيا، فأشار رئيس الوزراء الماليزي السابق إلى أن تجار العملات هم من يقفون وراء ذلك، فقد اشتروا العملة الماليزية بكثرة ثم عرضوها للبيع سعيا لتحقيق الأرباح، وهو ما أدى إلى انهيار سعر العملة أمام الدولار.

ولم يؤكد مهاتير وقوف دول عظمى وراء هذه الهجمات، مشيرا إلى أن هذه الدول تعتبر تجارة العملات أمرا قانونيا، كما أن بعضها تضرر منها مثل بريطانيا وإيطاليا، لكنه تحدث عن تواطؤ البنوك التي سعت لتحقيق أرباح مع تجار العملات على حساب اقتصاد دول آسيان.

وأكد مهاتير أنه لجأ إلى صندوق النقد الدولي لمنع تجارة العملات، لكن الصندوق شدد على قانونية هذه التجارة، فما كان من مهاتير محمد إلا أن اتخذ العديد من الإجراءات لحماية اقتصاد بلاده ووضع حد لتدهور علمتها التي فقدت أكثر من نصف قيمتها، وتحولت ماليزيا لدولة فقيرة.

حيث منع بنوك ماليزيا من تجارة العملات وسعى لشراء عملة "الرينغت" من الأسواق وحافظ على موجودات الدولة من العملة الصعبة، كما أعاد رسملة البنوك لمنح القروض للمستثمرين المحليين، وهو ما جعل ماليزيا أول دولة في نمور آسيا تنجو من مؤامرة تجار العملة، ودفع هؤلاء لوقف هجماتهم على عملات رابطة دول آسيان خشية أن تتخذ بقية دول الرابطة نفس الإجراءات.