نهايات غامضة

غازي كنعان.. انتحر بيده أم بيد الأسد؟

ضمن سلسلة “نهايات غامضة” بثت الجزيرة فيلما حول وزير الداخلية السوري غازي كنعان الذي أعلن انتحاره عام 2005 بتوقيت حرج جدا، مما أثار التساؤل: هل انتحر كنعان أم نحر؟

في ظروف غامضة وجد وزير الداخلية السوري غازي كنعان (1942-2005) ميتا في مكتبه وسط دمشق، في وقت كان يمر فيه نظام بشار الأسد بمرحلة حرجة وعزلة دولية بسبب اتهامه باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.

ورغم أن الرواية الرسمية تحدثت عن انتحار كنعان، فإن كثيرين ذهبوا إلى فرضية الاغتيال.

برنامج "نهايات غامضة" الذي بثته الجزيرة الأحد (2017/10/8) طرح تساؤلاته حول شخصية غازي كنعان: من هو؟ وما الأدوار التي اضطلع بها حتى يكون موته مؤثرا إلى هذه الدرجة؟

الحاكم بأمره
بعد دخول الجيش السوري لبنان عام 1976 ربط حافظ الأسد وحدات جيشه المنتشرة هناك بفرع الأمن والاستطلاع ومقره عنجر، وعيَّن غازي كنعان ابن مدينته القرداحة رئيسا للفرع عام 1982. ومن هنا بدأ كنعان يتحكم بتفاصيل المشهد اللبناني كله.

وزير الداخلية اللبناني الأسبق أحمد فتفت يصف كنعان بأنه "الحاكم بأمره" الذي عامل اللبنانيين بكثير من الاستعلاء. أما ضابط الارتباط السابق عدنان الهواش فيصفه بأنه كان رئيس الجمهورية في لبنان، ورئيس مجلس النواب، وصلة الوصل المباشرة مع حافظ الأسد.

ارتبطت سنوات كنعان في لبنان بازدهار تجارة المخدرات والتغطية على زراعتها في وادي البقاع. وبحسب تقرير لصحيفة فيلادلفيا الأميركية، كان الضباط السوريون يشرفون على زراعة الأفيون التي ارتفعت من ستة أطنان عام 1987 إلى ثلاثين طنا عام 1988.

العودة لدمشق
عقب تسلم بشار الأسد الحكم عام 2000، عاد كنعان إلى دمشق ليتولى إدارة الأمن السياسي في سوريا عام 2001، ووزارة الداخلية عام 2003.

تحدث عدة ضيوف في الفيلم عن حضور كنعان في المشهد السوري بشكل أقرب إلى الزعامة، فهو قادم من خبرة عريضة في حكم لبنان، كما أنه ينتمي إلى الصف الأول من عائلات القرداحة.

شهد عام 2004 ازدياد التدخل السوري في لبنان على نحو كان يعارضه رفيق الحريري الذي رفض التمديد للرئيس إميل لحود لفترة ثالثة، فاستدعي الحريري إلى دمشق على نحو عاجل لمقابلة بشار الأسد.

وبحسب رواية عبد الحليم خدام نائب الرئيس السوري آنذاك، فإن اجتماع الأسد والحريري حضره غازي كنعان الذي قرع الحريري بعنف.

اغتيال الحريري
بعد شهور من لقاء دمشق اغتيل الحريري في تفجير ضخم، ووجهت أصابع الاتهام لسوريا وأجبرت على الخروج من لبنان. وكان كنعان أحد المطلوبين للتحقيق. أما أميركا التي انقطعت صداقتها القديمة به فقد جمدت ثروته.

يتحدث المعارض السوري كمال اللبواني عن محاولة كنعان الوصول إلى الأميركيين لكشف ما لديه وإصلاح علاقته معهم، لافتا إلى أن قاتل كنعان هو بشار وشقيقه ماهر.

عبد الحليم خدام يرى أن شخصية كنعان القوية ليس من السهل أن تنتحر، مشيرا إلى أن الأمن السوري منع عائلة القتيل من رؤية الجثمان، حتى لا ترى أن عدة رصاصات أطلقت على الرجل لا رصاصة انتحار.

وفي مكالمة مسربة تحدث رفعت شقيق الرئيس الراحل حافظ الأسد عن تصفية جميع من يشكلون تهديدا أو ضغطا على بشار الأسد، الأمر الذي طال عدة أسماء أمنية رفيعة، لكنها لا تفوق غازي كنعان أهمية وهو الموصوف بأنه "صندوق أسود".