الوساطة العربية في أزمة سد النهضة.. لماذا تريدها مصر وترفضها إثيوبيا؟

أبدى عضو البرلمان الإثيوبي كامل شامسوا تعجبه من إثارة وزير الخارجية المصري سامح شكري أزمة سد النهضة في كلمته أمام مجلس الجامعة العربية في اجتماعها على مستوى وزراء الخارجية، معتبرا أن مكان وتوقيت حديث شكري "مثار استغراب" لبلاده.

وتساءل -في حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر" (2023/3/8)- عن علاقة جامعة الدول العربية بأزمة سد النهضة، لافتا إلى أن القضية أفريقية، وأن الاجتماع لو كان ضمن مؤسسات القارة السمراء لأصبحت إثارة القضية منطقية، مشددا على أن علاقة بلاده بالدول العربية عميقة وقوية ولا يمكن التأثير عليها.

وجاءت هذه التصريحات على خلفية كلمة شكري خلال تسلم بلاده رئاسة مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية بمقر الأمانة العامة للجامعة بالقاهرة، إذ حذر في كلمته من مواصلة إثيوبيا بناء وتعبئة سد النهضة من دون اتفاق قانوني ملزم مع دولتي المصب السودان ومصر.

وخلال كلمته، أكد شكري أن سد النهضة يمثل قضية محورية ذات أولوية متقدمة لبلاده، وأن استمرار إثيوبيا في إجراءاتها بشأنه من دون اتفاق له تبعات خطيرة على أمن مصر القومي، ويمثل انتهاكا لقواعد القانون الدولي واجبة التطبيق، ومخالفة لبيان مجلس الأمن الدولي الرئاسي الصادر سبتمبر/أيلول 2021.

وكانت تقارير وصور التقطت بالأقمار الصناعية يناير/كانون الثاني الماضي أظهرت استمرار إثيوبيا في تجهيزاتها لبدء التعبئة الرابعة للسد.

وقال شامسوا إن هذه التعبئة لم يحن وقتها بعد، ومن ثم فهو يرى معاودة الحديث عن الأزمة "مستغربا"، خاصة أنه جاء في اجتماع دول عربية لا علاقة لها بالأزمة، حسب تقديره، كما أن مصر لم تستطع حتى الآن إثبات تضررها من مراحل الملء الثلاث السابقة.

وأوضح البرلماني الإثيوبي أن بلاده لا تعارض العودة للمفاوضات مرة أخرى، لكنها في الوقت ذاته لا ترى مبررا لإثارة الأزمة في غير مكانها، وأنه قبل إقحام الدول العربية في الموضوع، لا بد من استثمار العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، عبر اجتماعات مشتركة.

وتابع "أمامنا فرصة للعودة للحوار، لكن في مكانه ووضعه المناسب، وليس لنا أي مطالب، لكن في الوقت ذاته نرفض فرض المواقف والتدخل الخارجي".

مصر تعوّل على الموقف العربي

في المقابل، يؤكد السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، أن مصر -التي تعاني شحا مائيا وتغيرات مناخية- من حقها أن تطرح رؤاها بشأن أزمة سد النهضة، وغيرها من القضايا أمام المنابر المتاحة، ومنها جامعة الدول العربية ومطالبة مساندة الدول ودعمها للتوصل إلى اتفاق دائم ملزم لجميع الأطراف.

وأشار -في حديثه لبرنامج ما وراء الخبر- إلى أنها ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها مسؤولون مصريون في محافل دولية عن الأزمة، مشددا على أن اجتماع وزراء الخارجية العرب منبر مهم تسعى مصر من خلاله لحشد التأييد العربي لحقوقها في القضية.

وأكد أنه ينبغي ألا تعتبر إثيوبيا ذلك محاولة مصرية لاستعداء الدول العربية ضدها، فعندما تطرح مصر هذا "الحق الوجودي" لها، فهي تحاول أن توظف علاقاتها العربية والدولية في دفع إثيوبيا لمراجعة خطواتها، وتمهيد الطريق أمام استمرار المفاوضات، وتعول عليها كثيرا.

وشدد هريدي على أن مساعي مصر لا تأتي في إطار الضغط والتهديد، مضيفا "لا نشكك في نيات إثيوبيا، ولكن لماذا لا نترجم هذه النيات لمذكرة تفاهم حتى تُطمئن إثيوبيا مصر بأن حكومتها الحالية والحكومات المستقبلية، ستضمن عدم تضررها من تشغيل السد".

المصدر : الجزيرة