كيف يمكن للإنسان تزكية نفسه وتطهيرها؟

يعرّف الدكتور عصام البشير نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي حل ضيفا على برنامج "الشريعة والحياة"، تزكية النفس بأنها مفهوم مركزي وردت في نحو 59 موضعا في القرآن الكريم.

وخصصت حلقة (2023/3/24) من برنامج "الشريعة والحياة" موضوعها لمفهوم تزكية النفس في القرآن الكريم والسنة النبوية وعلاقتها بالاعتقاد والإيمان.

وجاءت التزكية في القرآن الكريم بمعان متعددة، خلاصتها أنها  تخلية وتحلية، تخلية من الرذائل وتحلية بالفضائل، وفيها تطهير ونماء كما يقول الله عز وجل: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} [سورة التوبة: 103] والتطهير هو تخلية النفس من الذنوب والمعصية والتزكية فيها نماء.

ووردت التزكية في 4 آيات قرآنية مرتبطة بالقضايا الكبرى، تلاوة الآيات وتعليم الكتاب والحكمة والتزكية. وفي 3 آيات وردت التزكية في الختام، ثمرة لتلاوة الآيات وتعليم الكتاب والحكمة، وفي سورة الجمعة جاءت التزكية في المطلع في إشارة إلى أنها الهدف وإلى المعينات لتحصيل هذه التزكية.

ولأن التزكية غاية، وهي ثمرة جهود الإنسان، فإن لها مقومات عديدة لكي تتحقق -حسب ما يشرح الدكتور- منها إصلاح الخواطر والنيات، والمجاهدة والمراقبة، أي مدافعة الأقدار بالأقدار، وصحبة الأخيار الصالحين، وأداء الفرائض قبل النوافل، والتلاوة لفظا وتدبرا وتذكرا وعملا، والنظر في سير السلف الصالح، والهمة والنظر في آيات الكون الذي هو مصدر من مصادر المعرفة ومصدر التسخير الإلهي.

علاقة التزكية بالإيمان

وعن علاقة التزكية بالإيمان، يوضح نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين معاني الإسلام والإيمان والإحسان، فكلمة الإسلام إذا ذُكرت وحدها اشتمل معناها على الإيمان والإحسان، وكذلك الإيمان إذا ذكر وحده اشتمل على الإسلام والإحسان، وإذا انفردا جنبا إلى جنب، ينصرف معنى كلمة الإسلام إلى الشعائر الظاهرة، والإيمان إلى حقائق الإيمان، فيكون الإسلام للشريعة، والإيمان للعقيدة، والإحسان للتزكية.

والإيمان، الذي هو اعتقاد القلب وإقرار اللسان وعمل الجوارح، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وهو بحاجة دوما إلى الترقي، لينتقل من علم اليقين إلى عين اليقين ثم إلى حق اليقين. وذكر النبي (صلى الله عليه وسلم) أن الإيمان له شُعَب، منها ما يتصل بأمر العقيدة والإيمان، ومنها ما يتصل بالعمل، وبالتالي فإن التزكية -حسب ما يضيف الدكتور- تعمل على الترقي في مدارج الإيمان، وإذا غابت فإن الإيمان ينحدر كذلك.

والتزكية ليست انقطاعا عن الحياة، إذ جاء في قوله عز وجّل: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين} [سورة الأنعام: 162]، فلا ينبغي أن يتخلف الإنسان عن ركب الحياة، وقد جاءت لتحقيق العمارة التي ينتفع منها الإنسان.

وحول النفس الإنسانية، يوضح ضيف حلقة برنامج "الشريعة والحياة" أن الله جلّ جلاله أراد أن يكون الإنسان مركبا من عنصرين، الطين والروح. وحينما تتصل الروح بالجسد يتكون ما تُسمى النفس الإنسانية، وأن الروح جعل الله سبحانه وتعالى علمها في الغيب المكنون المستور، والبشر لا يعلمون حقيقتها وكنهها.

المصدر : الجزيرة