حوالات المغتربين طوق نجاة السوريين في رمضان والعيد

1 - عشرات السوريين ينتظرون الحصول على الحوالات المالية من المغتربين لتأمين مصاريف شهر رمضان
عشرات السوريين ينتظرون الحصول على حوالات أبنائهم المغتربين لتوفير حاجيات رمضان (الجزيرة)

شمال سوريا- وسط مدينة حلب شمال سوريا، ينتظر الموظف الحكومي محمود الحلبي (اسم مستعار) قدوم دوره داخل أحد مكاتب الحوالات المالية، من أجل استلام مبلغ 200 دولار أرسلها له شقيقه المغترب في السويد، كمساعدة لتأمين مصاريف شهر رمضان وعيد الفطر.

ويؤكد الحلبي أن المبالغ المالية التي يرسلها شقيقه بين الحين والآخر تمثل له شريان حياة رئيسي، يمكّنه من تأمين نفقات الحياة اليومية المكلفة، لا سيما أن راتبه الشهري البالغ 275 ألف ليرة سورية (قرابة 20 دولارا) لا يكفيه مصروف أسبوع في أحسن الأحوال.

ويقول للجزيرة نت إنه يعتزم شراء مستلزمات مائدة إفطار رمضان الضرورية، التي بات شراؤها يكلف المواطن السوري كامل راتبه الشهري، على وقع ارتفاع الأسعار المستمر وفقدان الليرة السورية المزيد من قيمتها.

وضع عام سائد

ويشير الحلبي إلى أن حالته هي وضع عام سائد، إذ إن العديد من أقاربه وأصدقائه أصبحوا يعتمدون بشكل أساسي على الحوالات المالية القادمة من المغتربين السوريين في أنحاء العالم، بعد أن أجبرت الحرب الملايين منهم على الهجرة خارج البلاد.

ومنذ بداية شهر رمضان تتضاعف الحوالات المالية القادمة للسوريين المقيمين في مناطق سيطرة النظام، مع ازدياد إنفاق الأُسر على الطعام والشراب، فضلا عن شراء بعض الأهالي ملابس العيد للأطفال على وجه الخصوص.

وقال مالك محل صرافة غير مرخص (رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية) إن الحوالات المالية التي تصل عبر مكتبه من خارج البلاد إلى الداخل السوري تضاعفت إلى أكثر من النصف منذ بداية رمضان، مرجحا استمرار تدفق الحوالات بالزخم ذاته مع اقتراب عيد الفطر.

وأوضح في حديث للجزيرة نت أن غالبية الحوالات القادمة إلى سوريا تأتي من دول تركيا وألمانيا والنرويج والإمارات وقطر، مشيرا إلى أن غالبية مستلميها هم من المسنين وأصحاب الدخل المحدود من الموظفين في القطاعين العام والخاص.

تضييق أمني

ولفت صاحب محل الصرافة إلى أن الحوالات التي تصل إلى مناطق سيطرة النظام يتم تسليمها بالليرة السورية، وفق سعر الصرف اليومي، بسبب القرارات التي تجرّم التعامل بغير الليرة السورية، وتحيل المتعاملين بغيرها إلى القضاء وتفرض عليهم دفع غرامات مالية.

ولا توجد أرقام دقيقة لحجم الحوالات المالية التي تصل إلى سوريا عبر الأفراد والجمعيات الإنسانية. وكانت وزيرة الاقتصاد السابقة لمياء عاصي قد قدرت في وقت سابق أن إجمالي الحوالات اليومية الواردة إلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام تصل لنحو 6 ملايين دولار.

وبحسب حديث عاصي لإذاعة محلية، فإن قيمة ما يصل سنويا يعادل ملياري دولار سنويا، واصفة عملية رفع مصرف سوريا المركزي لسعر صرف الحوالات بأنه "خطوة سليمة على الطريق الصحيح".

انخفاض

لكن المحلل الاقتصادي يونس الكريم رأى أن هناك انخفاضا في الحوالات الشخصية التي تصل إلى سوريا قياسا بالسنوات السابقة لجملة أسباب، من أهمها حصر تسليمها عبر مصرف سوريا المركزي، وحالة التضخم العالمي وانهيار القدرة الشرائية وتقلب أوضاع اللاجئين عموما، ورجح أنها لم تعد تتجاوز 300 ألف دولار يوميا.

وقال الكريم -في حديث للجزيرة نت- إن حكومة النظام كانت تغطي عبر الحوالات المالية الواردة إلى سوريا، سابقا نحو 50% من قيمة فاتورة الاستيراد، حيث ينعكس هذا النقص على المواطنين بفقدان السلع وارتفاع أسعار السلع البديلة في الأسواق.

وأشار إلى تراجع في قيمة حوالات الأشخاص القادمة إلى العائلات في سوريا، موضحا أنها انخفضت من 200 أو 300 دولار، إلى 150 دولارا، فيما توقف البعض عن إرسال تلك الحوالات.

وأكد المحلل الاقتصادي أن مواقع إعلامية بالغت في تقدير حجم الحوالات المالية التي تصل إلى سوريا خلال شهر رمضان الحالي، لافتا إلى أن النظام مستمر بالتضييق الأمني على شركات الصرافة في السوق السوداء، وملاحقة أصحاب الحوالات وتحديد سقف الأموال التي تزيد على 5 ملايين ليرة رغم أنه مبلغ ضئيل.

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أكدت أن ما يقدر بنحو 90% من السكان في سوريا يعيشون حالة من الفقر، وأن 12.9 مليون شخص يعانون مشكلة انعدام الأمن الغذائي.

وبحسب بيان للمنظمة الأممية في الذكرى الأولى على الزلزال الذي ضرب شمال سوريا في السادس من فبراير/شباط 2023، فإن 7.2 ملايين شخص من النازحين داخليا، و16.7 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة.

المصدر : الجزيرة