ماذا تعني مشاركة المعارضة السورية في لجنة الدستور؟

إدلب- عاد إلى الواجهة إعلان "هيئة التفاوض" التابعة للمعارضة السورية عن المشاركة في الجولة التاسعة من اجتماعات اللجنة الدستورية المقررة في جنيف من 22 إلى 26 أبريل/نيسان المقبل، تلبية لدعوة المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون.

وفي حديث خاص للجزيرة نت قال رئيس الهيئة السياسية في محافظة إدلب أحمد حسينات إن الهيئة ليست معارضة ولا موافقة أو داعمة لعمل اللجنة الدستورية.

وأوضح أن موقف الهيئة متحفظ على بعض الشخصيات الموجودة باللجنة من حصة المعارضة السورية التي لم تخول هذه اللجنة لتفاوض عنها وأن قرارها ليس سياديا لأنها جزء من المعارضة.

وفي عام 2015 أصدرت الأمم المتحدة القرار رقم 2254 بهدف تشكيل حكومة انتقالية في سوريا وإعداد دستور جديد وإجراء انتخابات، متضمنا إجراءات لبناء الثقة وتهيئة الأجواء لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، لكن المصطلحات الواسعة المستخدمة في القرار ولّدت خلافات وتفسيرات عديدة بين الأطراف، خاصة بشأن تشكيل الحكومة الانتقالية أو "هيئة الحكم الانتقالي".

أ. أحمد حسينات رئيس الهيئة السياسية في محافظة إدلب
أحمد حسينات يرى أن المواطن السوري لا يرجو من عمل اللجنة الدستورية شيئا (الجزيرة)

صياغة خطأ

في المقابل، يرى مدير المركز السوري للتنمية المجتمعية رضوان الأطرش أن اللجنة الدستورية هدفها صياغة مسودة دستور، ولكن خطأها أنها لم تراع مقترحات ستفان دي ميستورا، المبعوث الأممي إلى الصحراء الغربية، التي تتضمن حكما انتقاليا ودستورا وانتخابات رئاسية ومكافحة الإرهاب.

واعتبر أن اللجنة تجاوزت هيئة الحكم الانتقالي وتحولت مباشرة إلى الدستور، مشيرا إلى أنه حتى الآن لم تحقق اللجنة أي فائدة على أرض الواقع، وكانت كل جولاتها "عبثية" فيما يتعلق بالشعب السوري، لأن الثورة السورية "تبحث عن انتقال سياسي حقيقي، وليس عن شراكة مع النظام"، وفق قوله.

من جانبه، قال الرائد يوسف الحمود المنشق عن قوات النظام، للجزيرة نت، إن اللجنة الدستورية مُشكلة بدستور القوى الدولية المعنية بالصراع في سوريا، وليس لحل مشكلات وأزمات السورين المهجرين الذين ترحلوا من مناطقهم، وإن تكوينها جاء لإدارة خريطة الصراع ما بين هذه القوى.

واعتبر أنه -من بداية تشكيل اللجنة- يتضح من اسمها أنها "مفرغة من مضمونها، لأن الشعب السوري لم يُخرج ثورة من أجل دستور، كما أن المجال الدولي لن يسمح بصياغة أو أن يَنتج عنها كتابة دستور، لأن هذا يعني نهاية الصراع في سوريا".

وأوضح الحمود أن الدول التي ترعى اللجنة الدستورية تصبح -بذلك- ملزمة بالتوقيع على الدستور "وهذا الأمر مستحيل، لأن الصراع بالمنطقة لم يتبلور حتى الآن، وكل هذا العمل عبارة عن أخذ مزيد من الوقت لإطالة عمر النظام وهو الوحيد المستفيد منها".

أ. رضوان الأطرش مدير المركز السوري للتنمية المجتمعية
رضوان الأطرش يقول إن اللجنة لم تحقق أي فائدة على أرض الواقع (الجزيرة)

النظام يعرقل

ونوه رئيس الهيئة السياسية في محافظة إدلب أحمد حسينات إلى أن اللجنة الدستورية هي باب من أبواب الحل السياسي في سوريا "ولكن للأسف الشديد هناك عرقلة دائمة من قبل النظام". وقال إن "الأهم أن هذه اللجنة تضع الملف السوري على طاولة المجتمع الدولي للحصول على مزيد من الاهتمام الذي بدأ يتراجع".

وتمنى حسينات أن تحقق اللجنة -في يوم من الأيام- دستورا جيدا ينعكس إيجابا على الشعب السوري، "ونتحول من خلاله إلى سوريا الحرة والديمقراطية تعيد الكرامة للإنسان السوري"، وفق تعبيره.

ويرى الأطرش أن العملية السياسية السورية معطلة بإطلاق المسار الوحيد الذي يجري حاليا وهو اللجنة الدستورية، معتبرا أنه على هذا الفريق أن يضع أهدافه بدقة، ويجب أن يكون عمله مرتبطا بجدول زمني حقيقي، لأن غياب هذا الجدول سيجعل النظام يتمادى في تعطيل أي قرار أو حل سياسي، ويسيطر على المناطق المحررة شيئا فشيئا وربما تكون هذه اللجنة "سببا في هذا الموضوع".

وأكد الأطرش أنه تم توجيه بيانات ونصائح للجنة الدستورية لتضع أهدافها بدقة ولتنطلق بمسألة الحكم الانتقالي، ثم تتحول للدستور لأن "ثورة الشعب السوري ضد النظام لم تكن من أجل تعديل الدستور المعطل منذ 50 عاما".

تناقض

وبرأي حسينات، فإن المواطن السوري لا يرجو من عمل اللجنة الدستورية شيئا، التي يقتصر دورها على وضع الملف السوري على الطاولة ليصبح محل الاهتمام الخارجي.

ويضيف أن مهمة هذه اللجنة هي وضع دستور جديد للبلاد حسب مؤتمر سوتشي 2018، يصوت عليه الشعب السوري، "وهذا يضعنا في إطار من التناقض، لأن المهتمين بالملف السوري لم تتبلور لديهم فكرة حله".

وقال حسينات إن التفاوض بهذه اللجنة على مبادئ دستورية هو من قبل 3 لجان هي المعارضة والنظام والمجتمع المدني، وإنه بعد التفاوض والاتفاق والتصويت، تعرض الأمم المتحدة هذا الدستور على استفتاء شعبي، ويرى أن هذه اللجنة لن تحقق شيئا للشعب السوري بالداخل والخارج.

ومع اقتراب الذكرى الـ13 للثورة السورية، دعا الأطرش الشعب السوري إلى الاستمرار في النضال السياسي حتى تحقيق الهدف ومطالبة المجتمع الدولي بانتقال سياسي حقيقي وفق القرارات الدولية ذات الصلة.

المصدر : الجزيرة