دول عدم الانحياز تفشل بإدانة إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية

Uganda's permanent representative to the United Nations Adonia Ayebare speaks during the opening of the 19th Non-Aligned Movement (NAM) Summit in the Munyonyo suburb, in Kampala, Uganda January 15, 2024. REUTERS/Abubaker Lubowc
مندوب أوغندا الدائم لدى الأمم المتحدة أدونيا أيباري في افتتاح القمة الـ19 لحركة عدم الانحياز بكمبالا (رويترز)

كمبالا- فشلت حركة "دول عدم الانحياز" في الخروج بقرار يمثل إدانة حقيقية لإسرائيل، ويخرج عن التنديد والشجب والتضامن، وقال ممثل أوغندا الدائم في الأمم المتحدة السفير أدونيا أيباري إن "الإعلان السياسي حول فلسطين يتضمن تأكيدا على دعم الشعب الفلسطيني، والدعوة لوقف إطلاق النار".

وأضاف أيباري بعد اجتماعات للجنة فلسطين أن "الحركة تفادت استخدام مصطلحات غير متفق عليها، وقررت تشجيع توجه جنوب أفريقيا لمحكمة العدل الدولية"، وأكّد "أن الحركة ستلتزم بما تقرره المحكمة".

واعتبر السفير، الذي تحدث باسم اللجنة، أن الحركة تمثل تجمعا سياسيا وليس قانونيا، ولهذا لم يتم تبني وصف "إبادة جماعية".

ويأتي كلام أيباري في ختام نقاشات حادة خلف الأبواب المغلقة وسمت أيام الاجتماعات الأربعة الأولى لدول عدم الانحياز.

Delegates from member countries of the Non-Aligned Movement (NAM) attend the opening of the 19th NAM Summit in the Munyonyo suburb, in Kampala, Uganda January 15, 2024. REUTERS/Abubaker Lubowc
التباين بين الأعضاء حول الموقف من العدوان على غزة ظهر منذ اليوم الأول لانطلاق اجتماعات كبار المسؤولين (رويترز)

خلاف حول المصطلحات

فرض ما تتعرض له غزة من عدوان إسرائيلي وجود ملف فلسطين في صدارة أعمال المجتمعين، وتضمّن نقاشات حادة وجدلا قانونيا حول الصيغة والمضمون الذي ستعتمده الحركة في الإعلان السياسي الخاص بفلسطين.

وتمسّكت كل من جنوب أفريقيا وناميبيا بموقفهما، بأن ما يشهده قطاع غزة هو إبادة جماعية، وطالبتا باستخدام المصطلح في الإعلان السياسي بوصفه الأدق، الذي يُستند إليه قانونيا لتطبيق مبدأ المساءلة والمحاسبة بحق إسرائيل.

ولكن الهند (وهي الدولة العضو المؤسس للحركة) اعترضت على استخدام المصطلح، وتلتها سنغافورة في موقف مطابق. وتبلورت مواقف الدول التي تتشكل منها اللجنة تباعا، لتنحاز إلى الموقفين الهندي والسنغافوري بحسب ما ذكرت تسريبات صحفية من الجلسات المغلقة، نُسبت لأحد كبار الدبلوماسيين في الخارجية الأوغندية.

وجرت محاولات لتقديم صيغ بديلة لما يمكن أن يعتمد من مصطلحات بحسب أمين عام وزارة الخارجية الأوغندية، ليأتي بعد ذلك تصريح ممثل أوغندا في الأمم المتحدة عقب اجتماع لجنة فلسطين اليوم الخميس، ويقول "إن الحركة هي تجمع سياسي وليس قانونيا" ولهذا لم يتم تبني وصف إبادة جماعية.

Palestinian U.N. envoy Riyad H. Mansour attends the 19th Non-Aligned Movement (NAM) Summit in the Munyonyo suburb, in Kampala, Uganda January 15, 2024. REUTERS/Abubaker Lubowa
مندوب فلسطين في الأمم المتحدة رياض منصور طالب الأعضاء بدعم نضال شعبه لنيل حقوقهم في إقامة دولتهم (رويترز)

تباين في السقوف

من ناحيته، دعا الوفد الفلسطيني، وعلى مدى أيام، على لسان مندوبه في الأمم المتحدة السفير رياض منصور، إلى أهمية تبني موقف حازم بضرورة تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني، وإدانة المجازر المرتكبة بحق المدنيين في قطاع غزة.

وطالب منصور الدول الأعضاء بدعم نضال الشعب الفلسطيني في مسيرته لإنهاء الاحتلال، ونيل حقه في إقامة دولته وعودة اللاجئين الفلسطينيين.

وتصدّرت جنوب أفريقيا المواقف الأعلى سقفا. وفي جلسة مفتوحة، قدّمت وزيرة الخارجية ناليدي باندور، شرحا للسند القانوني الذي اعتمدته بلادها للتوجه إلى محكمة العدل الدولية، في الادعاء على إسرائيل بتهمة ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية.

كما قدمت ناميبيا مرافعة ذكرت فيها أن فلسطين هي دولة عضو في الحركة، يتعرض شعبها لتطهير عرقي، وتدمر إسرائيل البيئة الاجتماعية للفلسطينيين، وتمارس بحقهم سياسة التهجير القسري، وبالتالي تندرج الحرب الإسرائيلية من وجهة نظر القانون تحت بند الإبادة الجماعية.

وحاولت أوغندا -الدولة المنظمة التي تسلمت رئاسة القمة- تفادي الإعلان عن تفاصيل الخلاف، واكتفى وزير الدولة للشؤون الخارجية الأوغندي هنري أوريم أوكيلو، بالحديث عن "تباين" يتعلق بصياغة الإعلان السياسي من ناحية المصطلحات التي سيتضمنها الإعلان السياسي حول فلسطين، وألمح إلى أن إحدى العقد "قد تكون متعلقة بتعبير الإبادة الجماعية".

الحركة وفلسطين

وتتفاوت مواقف الدول الـ120 من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة على المستويات الفردية المتعلقة بالعلاقات الخارجية لكل دولة، ولكن الحرب على القطاع أظهرت حجم التباين في ما وصفها أعضاء في الحركة بـ"القضية الأهم"، التي تستدعي اتخاذ موقف حاسم في الإعلان السياسي حول فلسطين.

وانعكست هذه التباينات منذ اليوم الأول لانطلاق اجتماعات كبار المسؤولين لدول المجموعة بأوغندا، كما لعب أعضاء منهم دورا قياديا في الدفع باتجاه موقف يتسق مع المبادئ المؤسسة للحركة نفسها، ولنضال دولها وكفاحهم خلال القرن الماضي ضد الاستعمار والاحتلال.

فدول الحركة لم تذهب جميعها إلى كمبالا بمواقف متشابهة ولا حتى متقاربة، فبينما لعبت دول دورا قياديا وشاقا في إدارة وساطة قد تكون واحدة من الأكثر تعقيدا في حالات صراع مشابهة، كما فعلت دولة قطر، ودول أخرى اتخذت خطوة غير مسبوقة على المستوى القانوني كما فعلت جنوب أفريقيا، كان هناك دول أخرى لم تتجاوز ردود فعلها حد استنكار "العنف المتبادل" وأخرى اصطفت مع إسرائيل.

ومنذ انضمام منظمة التحرير الفلسطينية إلى الحركة كعضو مراقب، ثم نيلها العضوية الكاملة، تبنت الحركة موقفا يتسق مع الأمم المتحدة المتعلق بـ"حل الدولتين، وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية"، لكن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أظهرت وجها طالما سعت الحركة لإبقائه بعيدا عن الخلاف الحاد.

المصدر : الجزيرة