الأمير نواف الأحمد.. "أمير العفو" الذي أنجز المصالحة الوطنية بالكويت

الشيخ نواف الأحمد نُصّب وليا للعهد في 7 فبراير 2006
يطلق الشعب الكويتي على الشيخ نواف الأحمد أمير العفو (الجزيرة)

الكويت ـ  خلال 38 شهرا من توليه حكم البلاد في 29 سبتمبر/أيلول 2020 خلفا للأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، ركز الأمير السادس عشر للكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، على ملف المصالحة الوطنية، والعفو عن عشرات المعارضين السياسيين ليلقبه أبناء الكويت بـ"أمير العفو".

وجاء لقب أمير العفو بعد أن أصدر الشيخ نواف الأحمد "الذي أعلن عن وفاته اليوم"، جملة من مراسيم العفو التي طالت العشرات من المعارضين والنشطاء في سبيل تحقيق مصالحة وطنية شاملة في البلاد تضمنت عودة العديد من المعارضين الذين كانوا قد غادروا البلاد قبل سنوات وموجهة إليهم تهم قضائية.

جاء تولي الأمير الراحل في ظرف شديد التعقيد إذ عانت البلاد وقتها من حالة احتقان سياسي في أعقاب صدور أحكام قضائية بحق نشطاء ممن شاركوا في الأحداث التي أعقبت حراك 2011 والتي اضطرت الكثيرين منهم للهجرة لسنوات خارج البلاد.

الحوار الوطني كان أهم منجزات الشيخ نواف خلال فترة حكمه (الجزيرة)

صفحة جديدة

مع بدء مهام عمله أكد الأمير الراحل، على أهمية فتح صفحة جديدة عنوانها تكاتف جميع أبناء الشعب و التوافق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وهي التوجيهات التي ترجمت بعقد مؤتمر وطني وإنشاء لجنة للعفو ضمت رؤساء السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية بهدف وضع ضوابط العفو عن المدانين في قضايا سياسية.

وتنص المادة 75 من دستور الكويت على أن: "للأمير أن يعفو بمرسوم عن العقوبة أو أن يخفضها، أما العفو الشامل فلا يكون إلا بقانون وذلك عن الجرائم المقترفة قبل اقتراح العفو" .

وفي 8 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2021 أصدر الأمير الراحل مرسومي العفو 202 و203 اللذين نصا على العفو عن بعض المدانين في قضايا سياسية أبرزها قضية اقتحام مجلس الأمة وكذلك عن المدانين بالتستر على أعضاء خلية العبدلي الشهيرة والتي تعود وقائعها للعام 2015 وأدين أعضاؤها بالتخابر لصالح دول أجنبية.

عودة المهجرين

ومع منتصف الشهر ذاته بدأ عدد من السياسيين ممن مكثوا في المهجر لعدة سنوات في العودة إلى البلاد وكان أول العائدين وقتها النواب السابقون جمعان الحربش ومبارك الوعلان وسالم النملان تلى ذلك بأيام عودة مجموعة أخرى منهم النائبان السابقان مسلم البراك وخالد الطاحوس وغيرهما من السياسيين.

ووصف السياسي الكويتي وأحد أبرز النواب السابقين عن الحركة الدستورية الإسلامية "حدس" الدكتور جمعان الحربش حالة الحزن على الأمير الراحل بقوله: "إن الكويت كلها دار عزاء اليوم، حزنا على فراق أميرها الذي يعتبره الكويتيون والدا لهم جميعا".

وأضاف الحربش وهو أحد من شملتهم قرارات العفو للجزيرة نت أن الأمير الراحل ملأ سنوات حكمه بالقرارات والمراسيم التي أدخلت الفرحة إلى كل بيوت الكويت وطوت حقبة طويلة من الملاحقات السياسية.

وأوضح أن قرارات سموه جمعت شمل أبنائه السياسيين بأسرهم ممن عفا عنهم، مشيرا إلى أن عدد السياسيين والنشطاء الذين استفادوا من تلك المراسيم يتجاوز 100 شخصية وأن الأحكام بحق بعض شباب الحراك كانت قد تجاوزت جملتها 80 عاما.

وبحسب الحربش كان آخر مرسوم يصدره الأمير الراحل قبل دخوله العناية الفائقة، وتوفي على إثره، هو مرسوم العفو الأخير.

وكان مجلس الوزراء الكويتي برئاسة الشيخ أحمد النواف قد وافق في اجتماعه الاثنين 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي على مشروع مرسوم بالعفو عن مواطنين كويتيين صدرت بحقهم أحكام وفي مساء اليوم التالي أعلنت الحكومة صدور مرسوم عفو من أمير البلاد الراحل الشيخ نواف الأحمد  بالعفو عن العقوبة المقيدة للحرية المحكوم بها على بعض الأشخاص.

مواجهة الفساد

وعلى مستوى الشأن الكويتي الداخلي، عرفت الكويت خلال فترة تولي الأمير الراحل حالة من الحزم في مواجهة قضايا الفساد وهو ما يظهره صدور عدد من الأحكام النهائية في عدد من القضايا وأبرزها القضية المعروفة بـ"صندوق الجيش".

سنوات الحكم الثلاث شهدت كذلك حالة من التوافق بين السلطتين التنفيذية والتشريع وصفها مراقبون بأنها غير مسبوقة وهو ما ترجم في وضع قائمة طويلة من التشريعات التي صدر بعضها بالفعل وشملت قوانين تتعلق بتحسين مستوى المعيشة إضافة إلى قوانين مفوضية الانتخابات وتعديل قانون المحكمة الدستورية وغيرها.

وخارجيا، ومنذ اندلاع حرب غزة حرصت الحكومة الكويتية على تأكيد خطها المعروف تاريخيا بمساندة القضية الفلسطينية وإدانة العدوان الإسرائيلي على غزة.

المصدر : الجزيرة