من "ولّعت" إلى "أبو عبيدة".. ما أثر مقاطع المقاومة على نفوس الغزيين؟

غزة– للشهر الثالث على التوالي يستخدم جيش الاحتلال الإسرائيلي النيران بكثافة عالية، تركت أثرها بالدم والدمار على امتداد المساحة الجغرافية الصغيرة لقطاع غزة، لكنها لم تنجح في إحداث الشرخ الذي تريده إسرائيل بين المقاومة الفلسطينية وحاضنتها الشعبية.

ورغم آلام الفقد ومعاناة التشرد والنزوح، يبدي غزيون ثقتهم بالمقاومة، ويتابعون بفخر أداءها في الميدان، عبر مقاطع مصورة قصيرة، تظهر بسالة مقاومي كتائب عز الدين القسام الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وسرايا القدس الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي، في التصدي لجيش مدجج بأسلحة متقدمة، في محاور توغله برا في مدن ومخيمات القطاع.

وتعزّز هذه المقاطع، وكذلك الظهور النادر للناطق باسم كتائب القسام "أبو عبيدة"، من صمود الغزيين الذين لا يكاد بيت من بيوتهم يخلو من شهيد أو أكثر، فيما مئات آلاف المنازل تحولت إلى مقابر لأصحابها، جراء غارات جوية إسرائيلية حولتها إلى أكوام من الركام.

شكرا للمقاومة

رغم حداثة عمره ومعاناته وأسرته بعدما اضطروا إلى النزوح من منزلهم في مدينة خان يونس إلى مدينة رفح المجاورة، أقصى جنوب القطاع على الحدود مع مصر، يبدي الطفل عنان الأسطل، وعيا كبيرا بدور المقاومة في حفظ كرامة الشعب الفلسطيني، والدفاع عن حقوقه ومقدساته.

يقيم عنان وأسرته حاليا عند أقارب لهم في مدينة رفح، التي تشير التقديرات إلى أنها تستقبل ما يقارب 700 ألف نازح، يقيم غالبيتهم في مراكز الإيواء في المدارس، وفي خيام نصبوها غربي المدينة.

ولا يختلف موقف عنان من المقاومة عن موقف ناهد العطار، رغم فارق العمر بينهما، فلم تسعفها الكلمات للتعبير عن احترامها الكبير للمقاومين، وهي تبدي تعاليا على معاناتها وأسرتها بالنزوح عن منزلهم في شمال القطاع، إلى مدينة رفح، وتدعو للمقاومة بالتوفيق والسداد.

ولا تعلم العطار، التي تقيم مع أسرتها في خيمة متواضعة غربي مدينة رفح، شيئا عن مصير منزلها في بلدة بيت لاهيا بشمال القطاع، التي يتوغل بها جيش الاحتلال برا بدباباته وآلياته، ونالها قسط وافر من التدمير بفعل الغارات الجوية والقصف المدفعي.

أما المواطن نظام أبو لولي، فيعبر عن شعوره "بالعزة والفخر" من أداء المقاومين بالميدان، وبشجاعتهم في مواجهة دبابات وآليات الاحتلال، "دفاعا عن الشعب الفلسطيني والمسجد الأقصى والأسرى في سجون الاحتلال".

ولم تنَل الجروح التي أصيب بها أبو لولي جراء غارة جوية استهدفت منزلا مجاورا لمنزله في مدينة خان يونس، من عزيمته وإيمانه بالمقاومة، رغم اضطراره للنزوح، حيث يقيم حاليا في مستشفى الشهيد محمد يوسف النجار في مدينة رفح.

"ولّعت"

باتت كلمة "ولّعت"، التي ترددت على لسان مقاوم فلسطيني ظهر في مقطع مصوّر وهو يقفز فرحا وقد نجح بتدمير آلية إسرائيلية، تلازم الغزيين بالتعبير عن فرحتهم بالمشاهد التي تبثها المقاومة لعمليات تصدي ومواجهة لجيش الاحتلال في محاور توغله البرية في جنوب القطاع وشماله.

وفي الشوارع والمنازل ومراكز الإيواء، تتعالى صيحات الغزيين بهذه الكلمة مع التكبير والتهليل، وهم يشاهدون رشقات صواريخ المقاومة تنطلق من القطاع نحو بلدات إسرائيلية، أو كلما وردت أنباء عن نجاح المقاومة بنصب الكمائن لجيش الاحتلال في محاور التوغل.

وتحفّظ كثيرون عن الظهور أمام الكاميرا للتعبير عن مواقفهم المساندة للمقاومة، تحسبا من تعرضهم للاستهداف من قبل جيش الاحتلال الذي "يشنّ حربا لا محرمات فيها، ويدمر المنازل السكنية فوق رؤوس ساكنيها" حسب وصفهم، لكنهم يؤكدون أن الاحتلال لن ينجح في مساعيه لزرع الفتنة بين الشعب ومقاومته.

المصدر : الجزيرة