الفلسطينيون في مصر.. بين إغلاق المعابر وقطع الاتصالات مع ذويهم

أبراج اتصالات في مدينة رام الله بالضفة الغربية (تصوير: عوض الرجوب-الجزيرة نت)
انقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت تزيد قلق الفلسطينيين المقيمين بمصر على ذويهم (الجزيرة)

شمال سيناء- مع دخول الأسبوع الخامس من القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، لا تزال المعابر مغلقة أمام الفلسطينيين الذين يرغبون في الهروب من جحيم الحرب، بينما يشعر ذووهم الذين يعيشون خارج قطاع غزة بالعجز، خاصة مع انقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت عن القطاع.

ترتبط العائلات في محافظة شمال سيناء -أقصى الشمال الشرقي لمصر- بعلاقة قرابة ومصاهرة مع أقرانهم بالجانب الفلسطيني، وتقيم مئات العائلات الفلسطينية منذ زمن في مدينة العريش المصرية.

انقطاع تام للاتصالات

تعيش سمر فريد بشغف وصبر شديدين، على أمل أن تتلقى اتصالا هاتفيا يخبرها أن عائلتها بخير، ولم تصب بأذى جراء القصف الإسرائيلي المتواصل على منازل المدنيين بقطاع غزة.

وتقيم سمر، وهي فلسطينية الجنسية، مع زوجها وأبنائها في مدينة العريش المصرية منذ 2009 فيما كانت تزور ذويها في قطاع غزة على فترات متفاوتة قبل الحرب، وباتت الاتصالات هي همزة الوصل بينها وبينهم عقب إعلان الحرب على غزة.

وفي اتصال هاتفي مع الجزيرة نت، تقول سمر إنها تطمئن على أهلها بقطاع غزة عبر الإنترنت أو الاتصالات الخلوية، إلا أن القصف المستمر دمر البنية التحتية في غزة ما حال دون اطمئنانها عليهم. وتطالب سمر السلطات المصرية بتوصيل شبكات اتصال نقالة بجوار الحدود.

وليست سمر الوحيدة في هذه المعاناة حيث انقطعت الاتصالات تماما بين المئات من المواطنين الفلسطينيين المقيمين بمصر وذويهم الذين يعانون تحت القصف الإسرائيلي على قطاع غزة.

وبينما يعاني الفلسطينيون في غزة من تبعات الحرب، ينتظر عز الدين أيمن، وهو مواطن فلسطيني يقيم بمحافظة شمال سيناء الحدودية، أي خبر يبرد قيظ قلبه المشتعل قلقًا وانشغالاً على أسرته وأقربائه في غزة.

يقول أيمن للجزيرة نت "نحن في حالة قلق شديدة بشأن ما يحدث في غزة. عقولنا وأرواحنا هناك. عندما تحين الساعة السابعة صباحا، نشعر بالقلق لأننا ننتظر اتصالا من العائلة، فالأمر في غاية الصعوبة".

ويشير المتحدث ذاته إلى أن معظم أفراد عائلته وأسرته يعيشون في غزة، وكان يزورهم باستمرار، ويزورونه، لكن وبعد إعلان الحرب على قطاع غزة، كان يطمئن عليهم عبر الهواتف، وبسبب شدة القصف تضررت شبكات الاتصالات والإنترنت، وإن عادت بعد انقطاع تكون رديئة الجودة.

من جهته، يضيف عايش أبو يوسف، فلسطيني يعيش في مدينة العريش المصرية، أن أسرته وأقرباءه كانوا يعيشون في حي الرمال وسط مدينة غزة، ولكنهم تأثروا بشدة من الغارات الإسرائيلية.

ويتابع في السياق نفسه أن عمته قتلت في حي الرمال بعد فشل 3 محاولات لإجلائها، بسبب شدة الغارات، واضطرت إلى العودة للمنزل، الذي قصف بعد ذلك لتلقى حتفها تحت أنقاضه، الأمر الذي يخشاه على بقية العائلة.

ويواصل أيمن زهرة، فلسطيني يقيم بالجانب المصري، أن الناس يتنقلون من مكان إلى آخر على أمل أن يجدوا شعورًا بالأمان، ويرجح أن أقرباءه انتقلوا إلى جنوب قطاع غزة، لكن التواصل معهم صعب، بسبب التلف الذي تعرضت له شبكة الاتصالات.

وأكمل المتحدث نفسه "شقيقتي تمتلك عدة شرائح اتصال، وتحاول الاتصال بي، وأنا أتصل بها في أوقات مختلفة، في بداية الحرب كانت هناك اتصالات معها، ولكن توقفت الاتصالات إلى حد ما ولكن علينا أن نستمر في المحاولة".

ويتابع أيمن، بنبرة يعتصرها الحزن والألم، "لن تعود الحياة في غزة وخارجها كما كانت. نأمل فقط أن تنشر مصر شبكات اتصالات لتقوية التغطية وبث الأمل فينا مرة أخرى لنستطيع الاطمئنان على أهلنا".

تساهم البلدان النامية برصيد كبير من إشارات الهواتف الخلوية المتسربة من الأرض (غيتي)
الفلسطينيون المقيمون بمصر يطالبون بتوفير شبكات اتصال قوية لتعزيز التغطية الاتصالية بين غزة ومصر (غيتي)

بين قلق وترقب

سبع ساعات عجاف امتصت ما تبقى من قلق وترقب، إلا أن اتصالا جاءنا بجودة رديئة جدا يخبرنا أنهم بخير، وأن من تبقى من العائلة قد نزح من مخيم الشاطئ شمالا إلى الجنوب حيث رفح الفلسطينية، هذا ما قاله سائد أبو كريم في لقائه مع الجزيرة نت.

ويضيف سائد، نطالب مصر بأن توفر شبكات اتصال بجانب الحدود مع غزة ولو مؤقتًا، لأن الإنترنت والاتصال يتمرد على قلوبنا التي تأبى أن تطمئن من اتصال أو اتصالين، وجلاد القلق لا يرحم، ولا يرأف لحال أحد.

ووصفت ابتهال البراهمة -فلسطينية تقيم بمصر- انقطاع خدمة الإنترنت والاتصالات بأنه خطر يوازي القصف الإسرائيلي المستمر لقطاع غزة.

وتقول ابتهال إنها تشعر بعدم الارتياح في ظل الانعزال الذي يشكله انقطاع الإنترنت والتيار الكهربائي عن القطاع، وانقطاع تواصلها بأمها المريضة وإخوانها الذين نزحوا من خان يونس باتجاه جنوب غزة مؤخرا.

وبصوت يائس ومتقطع، تضيف ابتهال "هم في عزلة دون كهرباء، ولا اتصالات أو إنترنت، وهذا يزيد الرعب الذي يعانونه، ونعانيه، وهو شيء لم أتخيله في أسوأ كوابيسي".

وتشير ابتهال أن أسرتها تمكنت من شراء شرائح مصرية التي سرعان ما نفدت من السوق المحلية بقطاع غزة، لكن ضعف الشبكات المصرية يعزلهم قسرا عن التواصل، وإن حدث، وتواصلوا تكون جودة الاتصال رديئة جدا لضعف الشبكات، حسب قولها.

كان وزير الاتصالات الفلسطيني إسحاق سدر، قد قال في بيان نشر على فيسبوك، إنه طلب في اتصاله بوزير الاتصالات المصري، عمرو طلعت، تقوية بث الشبكات المصرية على الحدود مع غزة، وفتح خدمة التجوال "الرومينغ" ليتسنى للمواطنين بغزة استخدام الشبكات المصرية في التواصل.

ومع غرق قطاع غزة في عزلة تامة تحت القصف الإسرائيلي منذ بداية عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وبعد انقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت، باتت الطريقة الوحيدة في التواصل بين عدد محدود جدا من المواطنين هي التقاط الإشارة من الشبكات الإسرائيلية، الأمر الذي لا يجدي نفعًا في أغلب الأوقات.

المصدر : الجزيرة