صدمة في تونس بعد فرار متشددين من "أعتى" السجون

فرار المتهمين في قضيتي شكري بالعيد و البراهمي من سجن المرناقية
صدمة من هروب 5 متشددين من أكثر السجون التونسية تأهيلاً لاحتواء العناصر الخطيرة (مواقع التواصل)

تونس- أثار فرار 5 من أخطر العناصر المتشددة المتهمة بالتورط في اغتيالات واعتداءات "إرهابية" في تونس أمس الثلاثاء -من سجن "المرناقية" وهو أعتى السجون وأشدها حراسة- مخاوف وشكوكاً كثيرة لدى التونسيين تجاه أجهزة الدولة، وبات التساؤل الأكثر إلحاحا على منصات التواصل عن احتمالية أن تكون عملية التهريب مرتبة.

ويُتهم المتشددون الخمسة الفارون من سجن المرناقية بعمليات إرهابية خطيرة، منها جريمتا اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد في 6 فبراير/شباط 2013، والقيادي اليساري محمد البراهمي في 25 يوليو/تموز 2013.

ردود أفعال صادمة

شبه رواد شبكات التواصل عملية فرار المساجين -التي أذهلت التونسيين- بالمسلسل الأميركي "الهروب من السجن" (Prison Break) الذي يروي قصة رجل بريء يحكم عليه بالإعدام ويزج به في السجن، ويبقى أمله الوحيد في أخيه الأصغر الذي يفتعل جريمة لكي يرسل نفسه للسجن ويضع خطة من أجل هروبهما معا.

ولكن عكس المسلسل الذي استعملت فيه خرائط السجن وأنفاقه، أظهرت صور من داخل سجن المرناقية أن الفارين استعملوا طرقاً تقليدية لقطع قضبان حديدية لشباك صغير بزنزانة تطل على ساحة داخل السجن، وحبلاً استخدموه للنزول من برج للمراقبة فوق السور الخارجي، بمنطقة المرناقية المعزولة قليلا عن العاصمة.

وتقاسم رواد شبكات التواصل صورا ملتقطة من أعوان حراسة داخل سجن المرناقية بعد حادثة هروب المساجين الخمسة، وتساءل البعض مستهزئاً: كيف يمكن لأحد السجناء من ذوي البنية الجسمية الضخمة أن يهرب من فتحة نافذة صغيرة لزنزانة؟ وكيف يمكن لهم اختراق جميع الجدران المسيجة داخل السجن المحروس كغوانتنامو؟

ومع تواتر الإقالات التي أطاحت أمس بكل من مدير سجن المرناقية ومدير المصالح المختصة ومدير الاستعلامات بالداخلية، ووسط استمرار غياب معلومة رسمية حول حقيقة ما جرى، ظلت الأسئلة المحيرة عالقة بأذهان التونسيين حول ما إذا كانت أطراف داخل المنظومة السجنية والأمنية متورطة في العملية.

فضيحة كبرى

يقول القيادي بحزب التيار الديمقراطي المعارض هشام العجبوني إن فرار أخطر الإرهابيين -المتورطين في اغتيال القياديين السياسيين اليساريين (بلعيد والبراهمي) والمتورطين في اعتداءات إرهابية خطيرة أخرى بتلك الطريقة- يمثل فضيحة دولة كبرى بكل المقاييس، أفقدت ثقة التونسيين في أجهزة الدولة الرسمية.

ويضيف العجبوني مستغرباً "سجن المرناقية من أعتى السجون التونسية وأكثرها حراسة مشددة، وكل واحد من الإرهابيين الخمسة كان موضوعاً في زنزانة فردية، لذلك لا يمكنهم التنسيق مع بعضهم للهرب من السجن الممتلئ بأعوان السجون والإصلاح وكاميرات وأبراج المراقبة، والمحصن بأسوار عالية".

ولا يستبعد المتحدث ذاته فرضية وجود اختراق للمنظومة السجنية والأمنية، مكّن من تهريب العناصر المشددة الخمسة. وسارعت الداخلية في نشر صورهم وأسمائهم على مواقع التواصل طالبة يد العون من التونسيين بهدف مساعدة وحداتها الأمنية على العثور عليهم بسبب ما يشكلوه من خطر أمني.

ويقول العجبوني إنه كان من المفروض عدم الاكتفاء بإقالة مدير سجن المرناقية، الذي عينته قبل نحو شهرين وزيرة العدل ليلى جفال، وإنه كان على الرئيس أن يشملها بالإقالة لأنها تشرف مباشرة على السجون، مرجحاً أن تكون عملية تهريب المساجين المحكوم على بعضهم بالمؤبد أو الإعدام تمت بتواطؤ من داخل السجن وخارجها لزعزعة الأمن.

محاسبة المتواطئين

يقول القيادي بحزب التيار الشعبي محسن النابتي إن ما حدث "هو جريمة في حق الشهداء الذين اغتالتهم يد الغدر، وفي حق الشعب التونسي بأكمله" معرباً عن صدمته وذهوله من هروب أخطر 5 إرهابيين موجودين في أعتى السجون، وأكثرها تأهيلاً لاحتواء العناصر المتشددة والخطيرة.

ويستبعد النابتي الروايات المروّجة على منصات التواصل بخصوص فرار هؤلاء المساجين، لكنه يؤكد أن فرارهم رسالة بأن رعاة الإرهاب في الداخل والخارج ما تزال لديهم أذرع طويلة في تونس، وأنهم ما يزالون أقوياء وقادرين على ارتكاب أبشجع الاغتيالات والجرائم الإرهابية في البلاد، حسب تعبيره.

ويقول أيضا "اليوم الدولة التونسية مطالبة برد قوي وسريع، ومحاسبة كل من ارتكب تقصيراً أو إخفاقاً أو فشلاً أو تواطؤاً، وأن تشكل لجنة لتقصي الحقيقة حول هذه الفضيحة" معتبراً أن إقالات بعض المسؤولين "أضعف الإيمان" وأنها لا تكفي لوحدها لمحو هذه "الفضيحة" التي زعزعت الأمن العام بالبلاد.

المصدر : الجزيرة