دعمهم شيوخ الدروز.. لماذا رفض ضباط متقاعدون التحقيقات في فرع فلسطين؟

الضباط المطلوبون يجتمعون بالشيخ الحناوي في مضافته يوم الجمعة الماضي 6_10
الضباط الخمسة طلبوا مشورة الشيخ حكمت الهجري (وسط) الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز (الجزيرة)

السويداء – يصر ضباط دروز متقاعدون ومستقيلون على مواصلة حضورهم إلى ساحة الكرامة وسط محافظة السويداء، للمشاركة بالحراك السلمي المناهض للنظام السوري، الذي بدأ في 20 أغسطس/آب الماضي، بالرغم من تلقيهم مذكرات استدعاء شفهية، تُفيد بضرورة مراجعة فرع فلسطين بالعاصمة السورية دمشق بهدف التحقيق معهم، وهو ما أبلغهم به أحد ضباط فرع المخابرات العسكرية بالسويداء.

وحسب أحد الضباط الدروز المشاركين بحراك السويداء، من الذين أُبلغوا بضرورة مراجعة ذاك الفرع، فإن النظام اختار فرع فلسطين فقط للتحقيق معهم، ليجبرهم على الوصول إلى دمشق، كون الفرع المذكور، وخلافا لباقي الأجهزة الأمنية والمخابراتية، لا يمتلك فروعا في باقي المحافظات السورية.

ويثير فرع فلسطين، أو الفرع 235 الرعب والهلع لدى السوريين لمجرد ذكر اسمه، نظرا للسمعة السيئة التي لازمته منذ أن تأسس في 1969، واتسعت مهامه تدريجيا من مراقبة الفلسطينيين المقيمين في سوريا وعلاقتهم بالتنظيمات الفلسطينية، إلى التحقيق مع السوريين المعارضين للنظام، في ظروف احتجاز تصفها منظمات حقوقية بأنها غير إنسانية.

5 ضباط معارضون

وكان 5 ضباط دروز من المتقاعدين والمستقيلين ومن رتب واختصاصات عسكرية مختلفة، قد تم استدعاؤهم مؤخرا لمراجعة فرع فلسطين في العاصمة دمشق، على خلفية مشاركتهم بالاحتجاجات المستمرة ضد النظام السوري.

وقال المقدم المستقيل من جيش النظام السوري طارق الشوفي، إنهم يمثّلون مجموعة من الضباط المتقاعدين والمستقيلين، الذين وقفوا إلى جانب أهلهم منذ بدء الانتفاضة السلمية في الجنوب السوري، وعلى حد وصفه، فقد كانوا جزءا من الحراك المطالب بالحقوق العامة من الحرية والكرامة وبناء الدولة الديموقراطية، وتنفيذ القرار الأممي 2254، وعدم التفرد بالسلطة من النظام الحاكم.

وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف الشوفي -وهو أحد الضباط الخمسة المطلوبين لفرع فلسطين-، "لكن أجهزة النظام الأمنية أخذت تضيّق علينا الخناق، ثم تم استدعاؤنا مؤخرا لمراجعة فرع فلسطين في العاصمة دمشق، من أجل إجراء تحقيق معنا".

مشاركة الضباط المطلوبين للتحقيق في حراك السويداء. (المصدر : العميد زياد العبد الله)
الضباط الخمسة المطلوبون للتحقيق خلال مشاركتهم في حراك السويداء (الجزيرة)

رابطة لا تمثّلهم

ويعدّ العميد المتقاعد زياد العبد الله، وهو ضابط مطلوب لفرع فلسطين، أن مذكرة الاستدعاء الموجّهة إليهم تمنعهم من مغادرة السويداء، ومن ثم مغادرة البلاد، كما تحول دون إكمال أي معاملات قانونية تستلزم مراجعة الدوائر الرسمية في الدولة.

وفي حديثه للجزيرة نت، نفى زياد أن يكون أي من الضباط المطلوبين قد راجع الفرع المذكور، وأنهم قرروا الامتناع عن تلك المراجعة، بصرف النظر عن النتائج المتأتية من وراء ذلك.

في سياق متصل، يُجمع الضباط الخمسة المطلوبون للتحقيق في فرع فلسطين أن "رابطة المحاربين القدماء"، هي وعاء تنظيمي ينتسبون إليه فقط، لكنه لا يمثلهم ولا يدافع عنهم، ورأوه أحد أذرع السلطة الأمنية داخل المجتمع، أسوة باتحاد العمال والفلاحين، وباقي المنظمات المهنية والنقابية في سوريا.

وكانت "رابطة المحاربين القدماء" قد تأسست في فبراير/شباط  1955 ثم صار لها فروع في معظم المحافظات السورية، وانتقلت الوصاية عليها في أكتوبر/تشرين الأول 2000 من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، إلى وزارة الدفاع.

توصيةبعدم المراجعة

وفي إطار البحث عن حل لأزمتهم، قصد الضباط الخمسة -الجمعة الماضية- مَضَافة الشيخ حكمت الهجري، الرئيس الروحي لطائفة الموحدين "الدروز" وطلبوا مشورته، التي جاءت واضحة بعدم مراجعتهم لفرع فلسطين، كما أوصاهم بإصدار بيان يوضح حقيقة ما حدث معهم.

هذا ما دعاهم إليه -أيضا- الشيخ حمود الحناوي، شيخ عقل الموحدين الدروز، حيث قال للضباط، إن النظام لم يتعلّم من أخطائه ليس خلال حكمه للبلاد منذ ما يقارب نصف قرن فقط، وإنما منذ بداية أزمة حكمه الأخيرة قبل 12 سنة، مؤكدا أن "المسؤولين السوريين هم المعنيون بالتعلّم من أخطائهم في إدارة الشأن العام قبل غيرهم، لأجل منع تكرارها".

وأضاف الحناوي لزوّاره، "نحن الدروز لم نكن سببا في الأزمة التي تعيشها البلاد، ولا نرضى أن يظل هذا المنطق الأعوج في إدارة الشأن الأمني كما هو، دون أي مراجعة أو تغيير، إذ من غير المعقول أن تبقى الجهات الأمنية تطلب من كل من يفتح فمه بالانتقاد أو الاحتجاج أن يراجعها، والناس حينما ثارت مؤخرا إنما فعلت ذلك نتيجة لبقاء تلك الممارسات الأمنية المتشددة ضدها، وليس كل الاحتجاج من أجل تلبية المطالب المعيشية"

ولا تزال محافظة السويداء جنوب سوريا، في حالة حراك سياسي متواصل للأسبوع الثامن على التوالي، في أوسع احتجاجات شعبية تعيشها المدينة وريفها الواسع، للمرة الأولى ضد نظام بشار الأسد.

المصدر : الجزيرة