زلماي خليل زاد: خيارات بوتين الثلاثة باهظة الثمن في أوكرانيا

Rocket strike aftermath in Kramatorsk
خليل زاد: بوتين فشل في خطته الأولية لغزو أوكرانيا (رويترز)

اعتبر الدبلوماسي الأفغاني الأميركي وخبير السياسة الخارجية زلماي خليل زاد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فشل في خطته الأولية لـ"غزو" أوكرانيا، وقرر الآن الاكتفاء بنصف ما كان يتطلع إليه، مضيفا أنه إذا استمرت الاتجاهات الحالية، فمن المرجح أن يواجه بوتين قريبا 3 خيارات قاسية.

وقال خليل زاد في مقال له بموقع "ناشونال إنترست" (The national Interest) الأميركي إن فشل بوتين يتجلى في ساحة المعركة بشرقي أوكرانيا، كما أن المقاومة الأوكرانية الشرسة المستمرة في ماريوبول أصبحت مصدر إحراج لروسيا، ولا تزال روحها المعنوية وتصميمها عاليين، وثبت خطأ الافتراض الروسي بأن الجيش الأوكراني سيصبح منهكا قريبا، وبالمثل كان خاطئا افتراض روسيا أن الغرب سيبقى خارج الصراع.

حسابات بوتين خاطئة

وأضاف أن بوتين اعتقد أنه قد حدد توقيت غزوه لأوكرانيا بعناية، وحكم بشكل خاطئ على أن رئاسة الولايات المتحدة كانت ضعيفة، وأن الجمهور الأميركي مرهق من الحرب لدرجة أنه لا يمكنه التدخل في أوكرانيا، وكان يعتقد أن حلف شمال الأطلسي "ناتو" (NATO) ممزق ولا يمكنه حشد رد موحد، لكن كل افتراضاته هذه كانت خاطئة.

يبدو الآن، وفقا للكاتب، أن الأمور ستزداد سوءا بالنسبة لروسيا، ومن المرجح أن يواجه بوتين قريبا 3 خيارات قاسية:

الخيار الأول: الالتزام بأسلوبه الحالي في المستقبل المنظور على أمل تآكل الروح المعنوية الأوكرانية والقضاء عليها بمرور الوقت، وأن يتعب الغرب من دعم أوكرانيا.

نهج قائم على الأمل

وعلق خليل زاد على ذلك بأنه من غير المرجح أن يؤدي مثل هذا النهج "القائم على الأمل" إلى تحويل مسار الحرب إلى نصر روسي، بل من المرجح أن يجعل روسيا عالقة في مستنقع أوكراني على غرار ما حدث للاتحاد السوفياتي السابق في أفغانستان، وسيزداد الاستياء من الحرب مع زيادة الخسائر وزيادة العبء على الاقتصاد الروسي، باختصار إنه خيار غير واعد لبوتين.

الخيار الثاني: أن يقرر بوتين التصعيد، ويضم دونباس على غرار شبه جزيرة القرم، ويعلن الحرب دفاعا عن الأراضي الروسية، ويأمر بتعبئة عامة، أو تنفيذ ضربة تقليدية ضد دولة مجاورة تابعة لحلف شمال الأطلسي بهدف تثبيط تقديم المزيد من الدعم المادي لأوكرانيا، وسيكون أخطر شكل من أشكال التصعيد هو توجيه ضربة نووية محدودة تستهدف أوكرانيا أو دولة من دول الناتو أو الولايات المتحدة.

نووي محدود

وأشار الكاتب إلى أن هناك مؤيدين داخل دائرة مستشاري بوتين لمثل هذا الإجراء. وتساءل: لكن هل ذلك ممكن؟ يبدو أنه من المتصور أن الروس قد يفكرون في استخدام سلاح نووي ضد هدف عسكري أوكراني معزول. وسيكون الهدف من مثل هذه الضربة الإستراتيجية هو إرهاب أوكرانيا، والأهم من ذلك تخويف الأوروبيين بأن الحرب أصبحت خطيرة للغاية، وجعل جميع الأطراف على استعداد للسعي إلى إنهاء الحرب بشروط مقبولة لروسيا.

وعلق خليل زاد على هذا الخيار بأنه الأخطر بالنسبة لبوتين ولن يتناسب مع نمط السلوك العسكري الروسي، ورغم أن الاستخبارات الأميركية لا ترى أي استعدادات روسية لمثل هذا الهجوم، فإن بوتين قد هدد به ولا يمكن استبعاده بالكامل.

الخيار الثالث: هو قبول بوتين بتسوية سياسية، ومع ذلك يقول الكاتب إن أميركا لا تعرف ما إذا كان الرئيس الروسي يدرك حجم حساباته الخاطئة، أو ما إذا كان يدرك بوضوح فشله العسكري.

ما يجب أن تفعله أميركا

يقول خليل زاد إنه يجب على أميركا وحلفائها السعي لردع التصعيد الروسي، وإذا فشل الردع يجب منعه من النجاح، وهذا يعني الاستمرار في الوقوف إلى جانب أوكرانيا ودعمها وزيادته، وإعلان رفض أي ضم.

وفيما يتعلق بردع استخدام الأسلحة النووية ضد أوكرانيا، يجب على واشنطن أن تشير إلى أن هذه الخطوة ستؤدي إلى انتقام مثل محو تشكيل عسكري روسي في البحر الأسود أو استهداف تشكيل بري روسي كبير في أوكرانيا. وهذه الردود بحاجة إلى إعادة النظر والاستعدادات. كما يجب على الولايات المتحدة أيضا أن توضح أن الضربة النووية ستؤدي إلى عزلة دولية كاملة لروسيا، بما في ذلك من قبل الصين والهند ودول أخرى ظلت حتى الآن مترددة في حرب بوتين.

وعلى الجبهة العسكرية، يجب أن يؤدي أي استخدام للأسلحة النووية إلى تزويد أوكرانيا بالأسلحة التي تم تعليقها حتى هذه اللحظة، لتشمل الطائرات المقاتلة، إلى جانب إعادة النظر في إنشاء منطقة حظر طيران فوق المناطق الخاضعة للرقابة.

وعلى الصعيد الاقتصادي، يجب أن يؤدي استخدام الأسلحة النووية إلى عزل الأجزاء المتبقية من البنك المركزي الروسي عن نظام "سويفت" (SWIFT)، وفرض حظر كامل على استيراد السلع والخدمات الروسية بما في ذلك النفط والغاز.

الخيار الأقل خطورة

وأعرب الكاتب عن رفضه دعم استمرار الحرب بهدف إنهاء حكم بوتين، قائلا إن السعي وراء هذه النتيجة سيطيل أمد الحرب ويقسم التحالف، ويقوّض الدعم الدولي، ويصعّد من الصراع.

وقال إن الخيار الأقل خطورة لإنهاء الحرب هو مساعدة بوتين على التكيف مع هزيمته العسكرية. يجب أن يفهم هو وفريقه أنه بينما يصعب قبول فشل هذه المغامرة العسكرية، فإن الأمور ستزداد سوءا إذا استمرت وستكون مدمرة إذا تصاعدت؛ الرسالة هي أن الوقت قد حان لتقليص خسائره. يجب أن يدرك أنه في حالة التصعيد، قد يكون تغيير النظام مطروحا على الطاولة.

المصدر : ناشونال إنترست