بعد انتهاء انتخابات المجالس التشريعية.. الصومال في انتظار السباق على كرسي الرئاسة

بعد المخاض العسير التي شهدته العملية الانتخابية الصومالية جراء التجاذبات والصراعات السياسية ببلد لا يزال في طور التعافي من حرب أهلية دامت قرابة 3 عقود، وإعادة بناء الدولة؛ ينتظر الشعب عملية التصويت لانتخاب رئيس لبلدهم لتكون ختاما للعرس الانتخابي الطويل.

5،6- قاسم سهل/ نواب من مجلس الشعب يستعدون للتصويت في انتخاب رئاسة المجلس،مقديشو إبريل 2022.
نواب من مجلس الشعب يستعدون للتصويت في انتخاب رئاسة مجلس الشعب (الجزيرة)

مقديشو – أسدل الستار على العملية الانتخابية للمجالس التشريعية الصومالية أمس الخميس بعد انتهاء عملية التصويت لانتخاب رئاسة مجلس الشعب الصومالي الغرفة الأولى للبرلمان الصومالي.

وفاز الشيخ آدم محمد نور "مدوبي" بأغلبية كبيرة رئيسا للمجلس، وهو سياسي ينتمي لولاية جنوب غرب الصومال، وسبق أن ترأس مجلس الشعب في الفترة ما بين 2007 و2010، إضافة إلى شغله مناصب وزارية في حكومات سابقة.

كما فازت المرشحة سعدية ياسين بمنصب النائب الأول لمجلس الشعب، وهو سابقة لم يحدث في الصومال، ويراها المناصرون لحقوق المرأة نصرا كبيرا ومستحقا، يعزز نضال المرأة للوصول إلى مراكز صنع القرار، واختتم التصويت بانتخاب "عبد الله أبشرو" نائبا ثانيا لمجلس الشعب الصومالي.

وفي تصويت جرى في 26 أبريل/نيسان الجاري أعيد انتخاب عبدي حاشي رئيسا لمجلس الشيوخ الغرفة الثانية للبرلمان الصومالي إضافة إلى انتخاب نائبين له.

وبهذا بات المسار الانتخابي الصومالي أقرب من أي وقت مضى من نهايته، رغم ما مر به من عراقيل وتعثرات وتأجيلات نتيجة خلافات حادة بين الأطراف السياسية الصومالية والمسؤولين في أعلى هرم السلطة.

8- قاسم سهل/ رئيس مجلس الشعب الصومالي الشيخ أدم محمد نور "مدوبي" بعد فوزه في التصويت (الوسط ،صاحب القبعة) ،مقديشو 28 إبريل 2022.
الشيخ آدم محمد نور "مدوبي" (وسط) بعد فوزه برئاسة مجلس الشعب الصومالي (الجزيرة)

إنجاز كبير

بقيت الآن عملية التصويت لانتخاب رئيس للبلاد، والتي سينطلق تحضيرها وترتيبها بأقصى سرعة ممكنة من قبل البرلمان الصومالي بغرفتيه.

وفي رأي الكاتب الصحفي أويس حسين عدو فإن "الانتهاء من انتخابات مجلسي الشعب والشيوخ يعد بحد ذاته إنجازا كبيرا أنقذ البلاد من حالة عدم اليقين، وأخرجها من مأزق سياسي علقت فيه منذ أواخر عام 2020".

ويقول عدو للجزيرة نت إن "الخلافات والتجاذبات التي عطلت العملية السياسية، وخلقت حالة احتقان وتوتر وتحولت إلى مواجهات مسلحة في العام الماضي، كادت أن تعصف بالعملية السياسية برمتها، وتعيد البلاد إلى المربع الأول من الفوضى، لكن اكتمال أركان المؤسسة البرلمانية بدد هذه المخاوف لدى الشعب".

ويعتقد أن "ضغط المجتمع الدولي الذي هدد بوقف مساعداته ما لم تنجز العملية الانتخابية قبل العاشر من مايو/أيار (المقبل) كان له دور كبير في تسريع عملية التصويت لانتخاب رئاسة البرلمان".

ويضيف أن استلام المؤسسة البرلمانية كامل الصلاحيات كفيل بتجاوز العقبات وإخراج البلاد من الفراغ الدستوري، وهو ما يبعث على الأمل ويساهم في إنجاز ما يتبقى من انتخاب رئيس البلاد وتشكيل حكومة تقود البلاد في السنوات القادمة.

7- قاسم سهل/ نواب يؤدون القسم الدستوري في مقديشو 14 إبريل 2022.
نواب يؤدون القسم الدستوري في مقديشو في 14 أبريل/نيسان 2022 (الجزيرة)

الحظوظ في السباق الرئاسي

ووفق نائب رئيس مركز الأجندة العامة للدراسات السياسية فرحان إسحاق يوسف فإن الخلافات المستمرة منذ أكثر من سنة "ناجمة عن سعي كل طرف من المعارضة ومعسكر الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو للتأثير على الانتخابات، وكسب أكبر عدد ممكن من أعضاء مجلس الشيوخ، وكسب رئاستهم وتوظيفها لصالحه تمهيدا للظفر بكرسي الرئاسة".

ويعتقد يوسف في حديثه للجزيرة نت أن "المعركة والمنافسة المحمومة كانت بادية بوضوح حتى قبل الساعات القليلة التي سبقت عملية التصويت لانتخاب رئاسة مجلس الشعب، حيث كادت مضايقات -تعرض لها أعضاء المجلس ومنعتهم من الوصول إلى موقع التصويت (المطار العسكري بمقديشو) من قبل أجهزة الأمن بمباركة من معسكر الرئيس الصومالي فرماجو- أن تؤجل عملية التصويت".

وقد احتج فريق الرئيس على مشاركة 16 عضوا من مجلس الشعب منتخبين في محافظة جيدو في عملية التصويت باعتبار أن عضويتهم مختلفة فيها، إلا أن هذه الأمور وجدت طريقها إلى الحل بفعل وساطات قام بها بعض السياسيين. ولهذا يقول يوسف "أما إذا عدنا إلى نتيجة التصويت لانتخاب رئاسة البرلمان الصومالي بمجلسيه فإنها تعكس حظوظ الطرفين في السباق الرئاسي".

ويعتقد يوسف أن "نتائج انتخابات رئاسة البرلمان ترجح كفة مرشحي الرئاسة المعارضين، وباتوا قريبين من كسب المعركة الرئاسية، وبالمقابل فإن فرص الرئيس الصومالي فرماجو للاحتفاظ بكرسي الرئاسية محدودة ما لم تحدث مفاجآت غير متوقعة".

ومن الناحية الأخرى فإنه "قياسا على ما جرت عليه العادة في السباقات الرئاسية السابقة فإنه لم يفلح أي رئيس في إعادة انتخابه في دورة ثانية، وما يقرأ من وقائع عمليات التصويت التي شاهدناها في هذه الأيام وإشارات نتائجها فإن الأمور تتجه إلى ذلك المنحى" وفق يوسف.

2،3- قاسم سهل/ نواب يدلون بأصواتهم لانتخاب رئاسة مجلس الشعب الصومالي ،مقديشو 28 إبريل 2022.
نواب يدلون بأصواتهم لانتخاب رئيس مجلس الشعب الصومالي (الجزيرة)

عرس انتخابي طويل

وكان من المقرر تنظيم انتخابات عبر تصويت شعبي مباشر في الصومال عام 2020 إلا أن ذلك تعذر، وكخطو بديلة اتفق المجلس الاستشاري الوطني الذي يضم الحكومة الفدرالية والولايات في 17 سبتمبر/أيلول بنفس العام على انطلاق عملية انتخابية غير مباشرة مبنية على المحاصصة القبلية في البلاد أواخر عام 2020 بمواعيد وجداول محددة..

غير أن خلافات متكررة بين أعضاء المجلس الاستشاري وأخرى بين المسؤولين في أعلى قمة السلطة وقرارات أحادية الجانب تطورت إلى مواجهات مسلحة وضعت البلاد على حافة الانهيار كانت سببا في تأجيل الانتخابات، لكن المجلس الاستشاري أخيرا اتفق أعضاؤه في 27 مايو/أيار 2021 على مواعيد وجداول محددة لإجراء الانتخابات بالبلاد.

وانطلقت عملية انتخاب مجلس الشيوخ في الصومال المكون من 54 مقعدا في أغسطس/آب 2021 واستمرت نحو 3 شهور، فيما انطلقت عملية انتخاب مجلس الشعب المكون من 275 مقعدا في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2021، واستمرت حتى منتصف أبريل/نيسان من العام الجاري، وتوجت هذه العملية الانتخابية للمجالس التشريعية بانتخاب رئاسة مجلس الشيوخ ومجلس الشعب في 26 و28 أبريل/نيسان الجاري على الترتيب.

وبعد المخاض العسير التي شهدته العملية الانتخابية الصومالية جراء التجاذبات والصراعات السياسية في بلد لا يزال في طور التعافي من حرب أهلية دامت قرابة 3 عقود، وإعادة بناء الدولة؛ ينتظر الشعب عملية التصويت لانتخاب رئيس لبلدهم لتكون ختاما للعرس الانتخابي الطويل.

المصدر : الجزيرة