زمن الحرب وبلغة الأرقام.. هكذا ينظر الأوكرانيون إلى علاقاتهم مع الروس بين الأمس واليوم

بحسب مركز "رازومكوف" للدراسات، فإن 90% من الأوكرانيين يؤيدون حرمان أحزاب ونواب المعارضة الموالية لروسيا من مقاعدهم البرلمانية، و86% يؤيدون فرض حظر شامل على أنشطة هذه القوى في أوكرانيا.

Ukrainian Women And Children Arrive In Budapest Fleeing Russian Invasion
أوكرانيون يصلون إلى بودابست فرارا من الحرب الروسية على بلادهم (غيتي)

أوكرانيا- بعيدا عن السياسة وحساباتها، فرضت الحرب الروسية على أوكرانيا واقعا جديدا غير جذريا نظرة الأوكرانيين إلى روسيا وعلاقاتهم مع الروس، بما يشمل الكثير من النواحي الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها.

واستطلاعات الرأي التي تقوم بها مراكز البحوث الأوكرانية، خاصة تلك التي تقارن بين أرقام اليوم والأمس، تعكس حجم الشرخ وتباعد المسافات في شتى المجالات.

لسنا إخوة ولا أشقاء

فبحسب استطلاع للرأي أجرته مجموعة "ريتينغ" الأوكرانية للدراسات (التصنيف) ترى نسبة 91% من الأوكرانيين اليوم أنهم لا يشتركون مع الروس بعلاقات أخوة، كما كان يتحدث المسؤولون في كلا البلدين قبل عام 2014، في حين أن 56% منهم في يوليو/تموز 2021 كانوا يرون أن الروس والأوكرانيين "شعب واحد".

وتعتقد نسبة من الأوكرانيين قدرها 64% أنه "من المستحيل استعادة العلاقات الودية مع الروس" في حين أنه، قبل شهر، رأت نسبة 42% أن هذا ممكن، ولكن بعد 20-30 سنة فقط.

وحتى فيما يتعلق بالحديث باللغة الروسية في الشارع الأوكراني التي كانت محل انقسام بين مؤيد ومعارض، ترى نسبة 84% من الأوكرانيين اليوم أن الأوكرانية هي لغة البلاد الوحيدة، ويجب أن تبقى كذلك في جميع مجالات الاستخدام الرسمية والشعبية.

People flock to Lviv Train Station
أوكرانيون يهرعون إلى المحطة الرئيسية للقطارات في كييف هربا من القصف الروسي  (الأناضول)

نحو قطيعة أكبر

وبحسب مركز "رازومكوف" للدراسات، فإن 90% من الأوكرانيين يؤيدون حرمان أحزاب ونواب المعارضة الموالية لروسيا من مقاعدهم البرلمانية، و86% يؤيدون فرض حظر شامل على أنشطة هذه القوى في البلاد.

وبحسب مركز "صوفيا" للدراسات الاقتصادية، يرى 81% من الأوكرانيين أن على حكومة بلادهم فرض مزيد من الضرائب على الشركات الأوكرانية التي تواصل العمل في روسيا، ويدعمون فكرة مصادرة وتأميم ممتلكات الأخيرة في البلاد، الأمر الذي لمح إليه رئيس الوزراء، دينيس شميهال.

هذا وترى نسبة 74%، بحسب مجموعة "ريتينغ"، أن على الكنيسة الأرثوذكسية في أوكرانيا قطع علاقاتها تماما مع بطريركية موسكو، والتحول إلى "الكنيسة الأوكرانية المستقلة" التي أعلن عنها نهاية 2018.

فخر أكبر بالانتماء

ويبين استطلاع المجموعة أن 80% من الأوكرانيين فخورون اليوم بانتمائهم إلى دولتهم وجنسيتهم، في حين أن نسبة الفخر لم تتجاوز 34% وفق نتيجة استطلاع حول هذا الشأن في أغسطس/آب 2021.

وفي ذات السياق، يعبر الأوكرانيون عن هويتهم بأنهم "أوكرانيون" بنسبة تصل إلى 98%، وكانت 75% في أغسطس/آب، بينما يصنف آخرون أنفسهم كـ "أوروبيين" بنسبة 57%، بعد أن كان 27% يرون أنفسهم من هذا المنظور.

أما الولاء والفخر بالماضي السوفياتي المشترك مع روسيا، فتراجع خلال أقل مع عام من 21 إلى 7%.

وبحسب إحصائية مركز "رازومكوف" للدراسات، فإن 80% من المواطنين الباقين في أوكرانيا يشاركون -بشكل أو بآخر- بالدفاع عن بلادهم، سواء بالقتال أو التبرع أو العمل التطوعي أو غير ذلك، وذات النسبة "راضية" عن عمل الحكومة والسلطات المحلية وأجهزة الأمن.

السياسة والأطماع والصمت

وتعليقا على هذه الأرقام، يرى خبراء أن "السياسة والأطماع" سببان رئيسيان للقطيعة التي وصلت إليها العلاقات بين شعبي البلدين، لكن الشعوبية ليست معفاة من ذنبها أيضا.

خبير علوم الاجتماع في مركز "رازومكوف"، ميخايلو ميشينكو، قال للجزيرة نت "نعلم أنها حرب وأطماع بوتين في بلادنا، لكن صمت الروس، وتأييدهم الأعمى لرئيس بلادهم، ذنب لا يغتفر اليوم بالنسبة لأوكرانيا".

وقال ميشينكو "أوكرانيا بعد 2014 ابتعدت عن فلك الاتحاد الروسي أكثر من أي وقت مضى، وعام 2022 أكد أنها لن تعود إليه أبدا، لا طوعا ولا كرها".
وأضاف موضحا "الحرب شكلت نقطة في نهاية سطر علاقات أوكرانيا مع روسيا، ما دام بوتين وحاشيته في سدة الحكم".

المصدر : الجزيرة