صرح سابقا بأن الدستور لا يتيح له ذلك.. لماذا قرر الرئيس التونسي حل البرلمان؟

Tunisia's National Security Meeting
الرئيس التونسي خلال حضوره اجتماعا لمجلس الأمن قبل يومين (الأناضول)

تونس- لم ينتظر الرئيس التونسي قيس سعيّد طويلا بعد تصويت البرلمان المجمدة أعماله على إلغاء القرارات والمراسيم التي اتخذها منذ 25 يوليو/تموز الماضي، ليعكس هجومه ويعلن حل البرلمان وتتبع نوابه قضائيا، وسط تصاعد التكهنات بشأن خطواته القادمة واحترامها لمقتضيات الدستور.

وأعلن الرئيس -خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن القومي- مساء أمس الأربعاء عن حل البرلمان، وتتبع نوابه قضائيا بتهمة "محاولة الانقلاب والتآمر على أمن الدولة" الداخلي والخارجي، مبررا قراره بالحفاظ على الدولة وعلى مؤسساتها وشعبها.

وشدد سعيّد على أن تونس "تعيش محاولة انقلابية فاشلة، والواجب الوطني يقتضي اليوم حماية الشعب والوطن بناء على أحكام الدستور وطبقا لمقتضيات فصله 72".

وينص هذا الفصل على أن رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدتها والضامن لاستقلالها واستمراريتها والساهر على احترام دستورها.

قرار مفاجئ

ووصفت أوساط سياسية قرار الرئيس بالذهاب نحو حل البرلمان بالمفاجئ، خاصة وأنه منذ اتخاذه يوم 25 يوليو/تموز الماضي القرار بتجميد اختصاصات البرلمان، لم يلجأ لحله رغم دعوات متصاعدة حتى من نواب المعارضة.

ومنذ يومين، جدد الرئيس التونسي تأكيده على احترام الدستور، لافتا إلى أنه لم يلجأ لحل البرلمان لأن الدستور لا يتيح له ذلك، وأنه اتخذ خطوة التجميد لحين إجراء انتخابات يسبقها استفتاء شعبي على النظام السياسي والانتخابي.

 

 

وفي حديثه للجزيرة نت، اعتبر الباحث في القانون الدستوري رابح الخرايفي أن اجتماع نواب البرلمان المجمدة أعماله وتصويتهم على إلغاء الإجراءات والمراسيم الرئاسية عجّل باتخاذه قرار الحل.

ولفت إلى أن الرئيس لم يخالف الدستور حين استند على فصله 72 لحلّ البرلمان باعتبار ما يمثله من "خطر داهم"، مضيفا أن هذه الخطورة تأكدت حينما شرع البرلمان في المس من وحدة الدولة واستمرارها بعقد جلسة عامة افتراضية.

 

 

وشدد على أن الرئيس اتخذ  قرار حل البرلمان لحماية الدولة والشعب من معركة الشرعيات، وتحسبا لإمكانية تمادي البرلمان في سحب الثقة من حكومة نجلاء بودن وتشكيل أخرى، مما يزيد في إغراق البلاد في التجاذبات، حسب قوله.

وحول الخطوة القادمة التي سيتخذها قيس سعيد، شدد الخرايفي على أن الرئيس مطالب بتعديل رزنامة خارطة طريقه السياسية، التي أعلنها سابقا  والتقيد بمقتضيات الفصلين 99 و89 من الدستور بإجراء انتخابات تشريعية مبكرة في أجل لا يقل عن 45 يوما ولا يتعدى 90 يوما من تاريخ حل البرلمان.

وسبق أن أطل الرئيس التونسي في ذكرى الثورة ليعلن مواصلة تجميد أعمال المجلس النيابي إلى حين إجراء انتحابات تشريعية يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 2022، كما دعا لتنظيم استشارة شبابية إلكترونية، وعرض جميع الإصلاحات الدستورية على الاستفتاء الشعبي يوم 25 يوليو/تموز القادم.

فخ التناقض

ويرى أستاذ القانون الدستوري خالد الدبابي أن الرئيس وقع مجددا في فخ التناقض والتعامل الانتقائي مع الدستور، باعتبار أن كل المراسيم والأوامر الذي اتخذها منذ تاريخ 25 يوليو/تموز الماضي ارتكز فيها على منطوق الفصل 80، ليختار اليوم تفعيل الفصل 72 لتبرير حل البرلمان.

وشدد الدبابي على أن المرسوم عدد 117 الذي أصدره الرئيس يوم 22 سبتمبر/أيلول 2021 علق عمل الدستور، وأبقى فقط على الباب الأول والثاني والتوطئة، ليتخذ الرئيس قراره بحل البرلمان مرتكزا على فصل دستوري معلق أصلا منذ ذلك التاريخ.

وبخصوص الخطوة القادمة للرئيس بعد حل البرلمان، توقع الدبابي أن لا يستند الرئيس على دستور 2014 لإجراء انتخابات تشريعية سابقة لأوانها، وأن يمضي في خارطة الطريق لمشروعه السياسي التي تتضمن استفتاء شعبيا على حزمة إصلاحات سياسية وقانونية، تليها انتخابات تشريعية في ديسمبر/كانون الأول 2022.

 

 

يشار إلى أن قرار الرئيس حل البرلمان فتح نقاشا حادا بين نواب وقيادات سياسية ونشطاء حول دستورية ما قام به، ومخاوف من تنازع الشرعيات، والانزلاق نحو مربع الاستبداد والتفرد بالسلطة.

المصدر : الجزيرة