مرشح توافقي أم حل للبرلمان؟.. إليك أبرز سيناريوهات جلسة انتخاب الرئيس العراقي الأربعاء

تأمين أغلبية ثلثي الأصوات في البرلمان لانتخاب رئيس الجمهورية أمر صعب بانتظار إما من الإطار التنسيقي الشيعي أو تحالف "إنقاذ وطن" الذي يضم الصدر والبارزاني والتحالف السنّي.

Iraqi lawmakers attend a session of the Iraqi parliament, in Baghdad
النصاب القانوني لانتخاب رئيس الجمهورية لم يتحقق في جلسة البرلمان السبت الماضي (رويترز)

بغداد- يحاول مجلس النواب العراقي تصحيح مسار ما حدث في جلسة السبت الماضي حين كسر أعضاء بعض الكتل النصاب ومنعوا تمرير رئيس الجمهورية الجديد، وقد أدى ذلك إلى استمرار الانسداد السياسي الذي حال دون تشكيل الحكومة رغم مرور 5 أشهر على الانتخابات المبكرة.

فوفقًا للمعطيات الحالية يؤكد الإطار التنسيقي الشيعي (تحالف يضم كل الكتل الشيعية باستثناء التيار الصدري) أن حالة الانسداد السياسي ما زالت قائمة بينه وبين تحالف "إنقاذ الوطن" الثلاثي الذي يجمع الكتلة الصدرية بزعامة مقتدى الصدر والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني وتحالف السيادة السنّي الذي يضم كتلتي "تقدم" بزعامة محمد الحلبوسي و"عزم" بزعامة خميس الخنجر، كما يقول عضو الإطار التنسيقي عائد الهلالي في حديثه للجزيرة نت.

ويستبعد الهلالي إمكانية عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية يوم الأربعاء، وهو أمر قد يقود إلى سيناريوهات عدة أبرزها تدخل أطراف دولية لرأب صدع الخلاف بين الكتل البرلمانية.

عدد مقاعد التحالفات والأحزاب في البرلمان العراقي (الجزيرة)

سيناريوهات ما بعد الفشل

الصدر حذر من خطوة حلّ البرلمان أو إعلان حالة الطوارئ في حال فشل جلسة الأربعاء، إلا أن الخبير القانوني حيدر الصوفي استبعد في حديثه للجزيرة نت إمكانية الاحتكام إلى أحد هذين الخيارين، ويقول إنه لا يمكن حل البرلمان إلا بأغلبية الثلثين وفقًا للمادة 64 من الدستور العراقي، أما إعلان حالة الطوارئ فيتطلب تقديم طلب من رئيس الوزراء إلى مجلس النواب الذي سيكون مجبرًا على التصويت بأغلبيته المطلقة (أي نصف إجمالي نواب البرلمان البالغ 329 +1) ويكون إعلانها لمدة شهر فقط قابلة للتجديد.

رأي الصوفي يتفق إلى حد كبير مع عضو في التيار الصدري طلب عدم ذكر اسمه، وقال في حديث للجزيرة نت إن سيناريوهات فشل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية ستضع البرلمان أمام أحد الخيارات المتضمنة، إما تأجيل الانتخاب حتى السادس من أبريل/نيسان القادم، وهو الموعد الذي حددته المحكمة الاتحادية عندما وافقت على فتح باب الترشح لمنصب الرئيس مرة ثانية أو حلّ مجلس النواب بطلب ثلث أعضائه والذهاب باتجاه انتخابات مبكرة، أما السيناريو الثالث فيتعلق بأن تأخذ الكتلة الأكثر عددًا على عاتقها مسؤولية اختيار رئيسي الجمهورية والوزراء بالتوافق مع الأطراف المعترضة وأن يذهب الطرف الأخير إلى المعارضة من دون كسر نصاب الجلسة.

الشمري: فشل القوى السياسية العراقية بتمرير رئيس الجمهورية سيدخل البلاد في فراغ دستوري (الجزيرة)

ما فرضه عضو التيار الصدري يتفق إلى حد كبير مع رأي رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري الذي أوضح للجزيرة نت أن فشل القوى السياسية العراقية بتمرير رئيس الجمهورية سيدخل البلاد في فراغ دستوري، ومن ثمّ ستجد الأطراف نفسها مجبرة على طلب رئيس المحكمة الاتحادية لبيان رأيه بشأن إمكانية إعادة الانتخابات أو الإقرار بفشل البرلمان في انتخاب الرئيس إذ إن إعلان حالة الطوارئ أمر مستبعد، وهو جزء من عملية الضغط الذي تمارسه القوى السياسية على المقاطعين لجلسات البرلمان.

نيسان الصالحي – نائبة عن حركة امتداد
الصالحي: حضور نواب "امتداد" جلسة الأربعاء مقترن بموافقة التحالف الثلاثي على مطالب قدمتها الحركة (مواقع التواصل)

معركة المستقلين

واشترطت المحكمة الاتحادية العراقية تصويت أغلبية ثلثي نواب البرلمان (أي 220 نائبًا من مجموع 329) لتمرير انتخاب رئيس الجمهورية، وهذا الرقم قد يبدو صعبًا كون الإطار التنسيقي في جعبته نحو 134 نائبًا في حين التحالف الثلاثي أكثر من 175، ولذا فإن الطرفين يريدان استمالة المستقلين ليصل أحدهم إلى عتبة 220 نائبًا.

وفي هذا السياق تقول النائبة عن حركة امتداد، نيسان الصالحي، في حديثها للجزيرة نت، إن موقف "امتداد" واضح ومعلن وهو حضور الجلسة وعدم كسر النصاب على اعتبار أن ذلك اقترن بموافقة التحالف الثلاثي على قائمة مطالب قدمتها الحركة ستكون بمنزلة تفاهمات تتعلق بمساحات العمل المشتركة.

وتشير الصالحي في حديثها إلى أن الجو العام ضاغط على جميع النواب وخاصة المستقلين، لأن كل الأطراف من دون استثناء تضغط على النواب بمن فيهم الجمهور، ويتمثل ذلك إما بالترغيب أو الترهيب و"لا أظن أن هناك نائبا مستقلا أو غير مستقل خارج دائرة الضغط"، حسب قولها.

واستبعدت الصالحي تقديم الكتل الكبيرة رؤية بديلة إذا فشلت جلسة يوم الأربعاء كون الإطار التنسيقي يسعى لإجبار التحالف الثلاثي على العودة إلى طاولة المفاوضات معه، أما التحالف الثلاثي فيسعى للمضي في مشروعه من دون الإطار التنسيقي، لكن كلاهما لم يطرح خطة بديلة إذا نجح الآخر في مسعاه.

من يتحمل المسؤولية؟

وترجّح القوى السياسية العراقية إمكانية تأجيل جلسة مجلس النواب مرة أخرى كونها ستوفر مساحة للتوافق بين الأطراف المعترضة على المرشحين لرئاسة الجمهورية، باعتبار أن الجميع غير مستعد لتحمل مسؤولية الفوضى التي قد تعصف بالبلاد قريبًا، كما يقول عضو الإطار التنسيقي الشيعي عائد الهلالي.

ويشير الهلالي إلى أنه عند إصرار كل طرف على رأيه ومرشحه، فمن الممكن أن تتسلّم المحكمة الاتحادية إدارة البلاد مدة سنة كاملة بعدها تتم التهيئة لانتخابات مبكرة جديدة.

من جهته، يرى الكاتب والصحفي عامر إبراهيم في حديثه للجزيرة نت أن العائق التشريعي في تحقيق نصاب الجلسة هو شرط المحكمة الاتحادية القاضي بتحقيق الثلثين (220 نائباً) شرطا لانتخاب رئيس الجمهورية، لذلك ستبقى المشكلة قائمة، وتوقع حصول توافق بين القوى الشيعية بمنح مناصب تنفيذية أو تشريعية رغم صعوبته هذه المرة بسبب غلبة العامل الشخصي في العلاقة بين زعماء الإطار التنسيقي والتحالف الثلاثي. ويرى إبراهيم أن خيار اللجوء إلى انتخابات مبكرة قد يكون أمرًا غير واقعي في المرحلة الحالية.

المصدر : الجزيرة