انخفاض قيمة الجنيه يربك موسم العمرة بمصر

أول صلاة جمعة بالحرم المكي بعد الإلغاء التدريجي للإجراءات الاحترازية لمواجهة جائحة كورونا (مواقع التواصل)

القاهرة- صدمة غير متوقعة أصابت المواطن المصري عبد الغني بعد أن علم بارتفاع تكلفة أداء مناسك العمرة خلال العام الجاري، حيث كان يأمل في تحقيق حلمه هذا العام، لكن الأسعار المعلنة جعلته يتراجع عن القرار.

يقول عبد الغني إن الأسعار الحالية تتسم بالارتفاع غير المبرر، حيث تقدم شركات السياحة عروضا متفاوتة في الأسعار، تبدأ من 35 ألف جنيه بالنسبة للعمرة الاقتصادية، وتصل إلى نحو 75 ألف جنيه للفئة المميزة (الدولار= 18.56 جنيها).

وفي حديثه للجزيرة نت، يقارن بين أسعار العمرة في مصر وفي دول أخرى، قائلا إنها تقدر في تركيا بما يعادل 17 ألف جنيه مصري، وفي تونس بما يعادل 21 ألف جنيه، بالنسبة للفئة الاقتصادية.

وانطلق موسم العمرة في مصر منذ فبراير/شباط الماضي، حيث أعلنت وقتها غرفة شركات ووكالات السفر والسياحة، أن عدد الشركات المرخص لها بتوثيق عقود العمرة يبلغ نحو 1381 شركة، لتنفيذ رحلات العمرة في أشهر رجب وشعبان ورمضان من العام الهجري الجاري.

وشددت وزارة السياحة على الشركات السياحية المصرّح لها بتنفيذ برامج العمرة، التأكد من تلقي المعتمر جرعات اللقاح المعتمدة، بما فيها الجرعة التعزيزية لمن مرَّ على تلقيه الجرعة الأخيرة من اللقاح 6 أشهر.

كورونا وسعر الصرف

وتعود قصة زيادة أسعار العمرة في مصر إلى فترة تفشي وباء فيروس كورونا منذ مارس/آذار 2020، حيث منع السفر واتخاذ الإجراءات الاحترازية، وهو ما دفع المملكة العربية السعودية إلى منع أداء مناسك العمرة قبل أن تعلن على مراحل حصرها في المقيمين بالمملكة، ثم سمحت لأعداد محدودة من الخارج.

وكانت السعودية تعتمد آلية إجراءات حجر صحي على المعتمرين مع بداية السماح بأداء مناسك العمرة، وهو ما اعتبرته شركات السياحة من أهم أسباب ارتفاع أسعار العمرة، فضلا عن مبررات أخرى متصلة بارتفاع أسعار الخدمات والطيران، بحسب غرفة الشركات السياحية وقتذاك، مما أثار حالة من الجدل في الشارع المصري.

غير أنه ومع إعلان السعودية عن إلغاء الحجر الصحي للمعتمرين في السعودية ضمن إجراءات إزالة قيود كورونا في 5 مارس/آذار الجاري، أكدت غرفة السياحة أن القرار سيساهم في تخفيض أسعار العمرة لتصل قيمة التخفيضات إلى ما بين 3 و5 آلاف جنيه، بحسب لجنة السياحة الدينية، لتصل أسعار العمرة وقتها بحسب المعلن إلى نحو 28-30 ألف جنيه للعمرة الاقتصادية.

القصة لم تتوقف هنا، ففي يوم الاثنين الماضي 21 مارس/آذار، فقد الجنيه المصري 14% من قيمته أمام الدولار، بعدما قرر البنك المركزي زيادة سعر الفائدة، مبررا ذلك بمواجهة آثار التضخم العالمي والتداعيات الاقتصادية السلبية لجائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، وهو ما أدى تلقائيا إلى زيادة أسعار العمرة.

واتجهت بنوك مصرية إلى الإعلان عن الاتجاه لتوفير قروض مالية للراغبين في أداء مناسك العمرة، تتراوح قيمتها ما بين 50 و100 ألف جنيه.

توقعات

"ارتفاع الأسعار للعمرة لن يقل عن 20% هذا العام"، هذا ما يتوقعه الخبير السياحي باسم السيد عضو اتحاد غرف السياحة، موضحا أن السبب يرجع إلى ارتفاع سعر الريال السعودي أمام الجنيه الذي فقد نحو ربع قيمته.

وفي حديثه للجزيرة نت، يقول السيد إن سعر الريال كان يعادل نحو 4.18 جنيهات، ثم قفز إلى 4.93 جنيهات، فضلا عن ارتفاع أسعار الخدمات والطيران، مما يفرض ارتفاع أسعار العمرة.

وأشار الخبير السياحي إلى أن مشكلة ارتفاع الأسعار مرتبطة بالأحداث العالمية، ولا علاقة لها بوزارة السياحة أو شركات السياحة التي كانت قد بدأت بالفعل البحث في إمكانية تقليل أسعار تكاليف العمرة، بتقليل عدد أيامها خلال شهر رمضان، بحيث تكون نحو 10 أيام في برامج كان من المقرر طرحها قريبا، بعد توصيات من لجنة السياحة في البرلمان بضرورة اتخاذ ما يلزم لتخفيض الأسعار.

ارتباك شركات السياحة

بدوره، يقول أحمد عبد الصبور مسؤول السياحة الدينية في إحدى الشركات السياحية، إن ارتفاع الأسعار جعلها تصل إلى ضعفي ما كانت عليه قبل فيروس كورونا، حيث كانت الأسعار بالنسبة للعمرة الاقتصادية في برنامج العمرة من فئة 3 نجوم 13-14 ألف جنيه، وفئة 4 نجوم 16-17 ألف جنيه، بينما كانت العمرة من فئة 5 نجوم 20-23 ألف جنيه.

وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف عبد الصبور أن الأسعار بعد إلغاء الحجر الصحي في السعودية تراوحت بين 30 و32 ألف جنيه لبرنامج فئة 3 نجوم، وبين 34 و36 ألف جنيه لفئة 4 نجوم، وبين 39 و44 ألف جنيه لفئة 5 نجوم، وهذه الأسعار قبل أن ينخفض قيمة الجنيه مقابل الدولار وبالتالي الريال السعودي.

وأشار إلى ارتفاع أسعار الطيران لرحلات العمرة في رمضان، حيث أعلنت الخطوط الجوية الرسمية "مصر للطيران" عن طرحها أسعارا من 6 آلاف وحتى 15 ألف جنيه بالنسبة لتذكرة الذهاب العودة نهاية شهر رمضان، بالإضافة إلى ارتفاع باقي الخدمات الأخرى المتمثلة في الاستضافة وأسعار الفنادق بالسعودية التي تختلف عن الأسعار القديمة، مؤكدا أن نقص عدد المعتمرين خلال العام الحالي يساهم كذلك في زيادة الأسعار.

بدوره، يقول عضو الاتحاد المصري للغرف السياحية أحمد البكري -وهو صاحب شركة سياحة تعمل في العمرة- إن موقف العمرة أصبح صعبا نتيجة الزيادة التي طرأت على البرامج بسبب فارق العملات، متسائلا "من يتحمل فارق السعر.. المعتمر أم الشركة؟"، بحسب تصريحات صحفية.

كما أكد باسل السيسي نائب رئيس غرفة شركات السياحة السابق وصاحب شركة سياحة تعمل في العمرة، أن الشركات أصيبت بحالة من الارتباك عقب تغير سعر العملة، وتنتظر حاليا الإعلان من جانب شركات الطيران عن الأسعار الجديدة، مشيرا في تصريحات صحفية إلى أن شركات العمرة أعلنت بالفعل عن برامجها في شهر رمضان، وتلقت مقدمات حجز من بعض العملاء، ولكن الرؤية ليست واضحة حول تكلفة هذه البرامج وكيفية إقناع العملاء بها، ويرجع ذلك لعدم استقرار أسعار الصرف.

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي