نيويورك تايمز: قطارات أوروبا تنقل المقاتلين إلى أوكرانيا وتعود محملة باللاجئين

Hungary Opens Its Borders To Refugees Fleeing Ukraine Invasion
الأمم المتحدة قدرت عدد من غادروا أوكرانيا منذ بدء الحرب بأكثر من 2.5 مليون لاجئ (غيتي)

قالت صحيفة نيويورك تايمز (The New York Times) إن شبكة السكك الحديدية الأوروبية -التي بنيت طوال أكثر من 150 عاما من صراعات حددت معالم أوروبا الحديثة- تلعب دورا محوريا في تكامل بلدان القارة في زمن السلم، وعادت الآن لتؤدي دورها في زمن الحرب.

ونقلت الصحيفة في تقرير لمديرة مكتبها في بروكسل مارتينا ستيفيس غريدنيف -التي قامت برحلة على متن القطار الرابط بين العاصمة التشيكية براغ وبلدة برزيميسل على الحدود البولندية الأوكرانية- كيف تحول هذا الخط وغيره من خطوط السكك الحديدية الأوروبية إلى وسيلة لنقل المساعدات الإنسانية والمقاتلين المتطوعين إلى الحدود الأوكرانية ذهابا، واللاجئين الهاربين من الحرب الباحثين عن الأمن إيابا.

وأشارت إلى أن شبكة السكك الحديدية في أوروبا ازدهرت في زمن الحروب الماضية، فمنذ النصف الثاني من القرن الـ19 فصاعدا حملت الجنود من وإلى الخطوط الأمامية، وأوصلت الإمدادات للجيوش في جبهات القتال، ونمت لتلبية احتياجات الصراعات الفاصلة في القارة.

وفي التسعينيات والعقد الأول من القرن الـ21 عندما بدأ الاتحاد الأوروبي في التوسع شرقا وتوطد السلام أصبحت بدلا من ذلك وسيلة رئيسية للتكامل الأوروبي، وأضحى التنقل عبرها أحد طقوس العبور للشباب الأوروبيين الذين استمتعوا برحلات رخيصة عابرة لحدود كانت ذات يوم تعج بالخنادق، كما استقلها العمال المهاجرون من الدول الأفقر في الاتحاد الأوروبي شرقا بحثا عن وظائف في غرب القارة الذي فتح أمامهم سوق العمل على مصراعيه.

والآن -تضيف الصحيفة- حولت العملية العسكرية الروسية على أوكرانيا قطارات أوروبا ومحطاتها المزخرفة التي تعود للعصر الإمبراطوري إلى شبكة "أزمة لاجئين جديدة" على وقع الحرب، إذ فتحت لهم ما لا يقل عن 12 شركة مشغلة للقطارات مملوكة للدولة والقطاع الخاص خدماتها مجانا، كما خصصت قطارات الشحن الخاصة بها لإيصال المساعدات الإنسانية للأوكرانيين.

وتقدم شركة "دويتشه باهن" (Deutsche Bahn) الألمانية بالتعاون مع خطوط السكك الحديدية الأوروبية الرئيسية الأخرى مثل "آي سي إي" (ICE) و"تي جي في" (TGV) و"طاليس" (Thalys) رحلات مجانية عابرة للقارة للأشخاص الفارين من الحرب إلى كل من ألمانيا والدانمارك وبلجيكا وفرنسا وبولندا وجمهورية التشيك والنمسا ولوكسمبورغ وهولندا وسويسرا وإيطاليا، كما تحمّل الشركة الألمانية أيضا الطعام والماء والأدوات الصحية في قطارات الشحن التابعة لها وترسلها إلى أوكرانيا.

وتنقل الصحيفة شهادات وقصص بعض ممن اختاروا ركوب القطار من العاصمة التشيكية براغ للالتحاق بصفوف المقاتلين الأوكرانيين عبر محطة برزيميسل البولندية (المحطة الأخيرة قبل لفيف بغربي البلاد).

ومن هؤلاء فيتالي سلوبوديانيوك (47 عاما) الجندي السابق في الجيش الأوكراني الذي قدم من براغ متوجها إلى بلدته الأصلية فينيتسا (وسط أوكرانيا) حيث تعيش زوجته وابنتاه التوأم وحفيده البالغ من العمر 3 سنوات.

ويقول سلوبوديانيوك إن آخر مرة حمل فيها سلاحا كانت في عام 2016 في ماريوبول (جنوبي أوكرانيا)، والتي استهدفها الانفصاليون المدعومون من روسيا، مؤكدا أنه على استعداد لحمل السلاح مجددا.

"المجد لأوكرانيا"

ويضيف وهو يشبك أصابه يديه المشدودتين بسبب سنوات القتال والعمل اليدوي "أنا خائف، الجميع خائفون، الخوف في كل مكان حولنا، نأمل أن ينتهي هذا قريبا".

أما رفيقه في السفر فولودومير كوتسويبا (35 عاما) فترك زوجته وابنتيه في العاصمة التشيكية متوجها إلى مدينة سلافوتا (غربي أوكرانيا) حيث لا تزال تقطن والدته وجدته.

ويقول "زوجتي قالت لا أريد أن أراك تغادر، خلال وجودها في العمل اصطحبت الأطفال في نزهة على الأقدام طوال اليوم وقمنا بإعداد البيتزا، ثم اتصلت بها وأخبرتها أنني على متن القطار".

وأكد الرجلان للصحيفة أنهما وجدا صعوبات في التركيز على أي شيء آخر منذ بدء الحرب، وقال كوتسويبا "لمدة 12 يوما من الحرب الآن كان من المستحيل العمل لأنك ترى الأخبار، أنت دائما تفكر في الحرب".

وأضاف -كما لو كان لا يزال يحاول إقناع نفسه بأنه قام بالخطوة الصحيحة- "إنه خياري، ليس خيار والدي ولا أمي ولا زوجتي، المجد لأوكرانيا".

المصدر : نيويورك تايمز