هل تُعلق منظمة التحرير الفلسطينية اعترافها بإسرائيل؟

عقد المجلس المركزي في ظل مقاطعة شخصيات وطنية وسياسية فلسطينية (الأناضول)

يرى خبراء أن القيادة الفلسطينية غير قادرة على تنفيذ قرارات المجلس المركزي الأخيرة التي صدرت أول أمس الأربعاء، والمتعلقة بإنهاء التزامات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية بكافة الاتفاقيات مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي.

وأرجعوا في حوارات منفصلة مع وكالة الأناضول صعوبة تنفيذ هذه القرارات إلى حالة الضعف التي يعاني منها الفلسطينيون، بالإضافة إلى الضغوط الإقليمية والدولية عليهم.

وفي ختام اجتماعات بدأت يوم الأحد الماضي بمدينة رام الله قرر المجلس المركزي الفلسطيني الأربعاء إنهاء التزامات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية بكافة الاتفاقيات مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي وتعليق الاعتراف بدولة إسرائيل إلى حين اعترافها بدولة فلسطينية على حدود 4 يونيو/حزيران 67 وعاصمتها القدس الشرقية ووقف الاستيطان.

وقرر المجلس المركزي أيضا وقف التنسيق الأمني (مع إسرائيل) بأشكاله المختلفة، وكلف اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بالعمل على وضع الآليات المناسبة لتنفيذ قراراته وفق ما تقتضيه المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني.

وهذه القرارات سبق أن اتخذها المجلس المركزي خلال اجتماعاته عامي 2018، وقبل ذلك عام 2015 ولم تنفذ.

والمجلس المركزي هيئة دائمة منبثقة عن المجلس الوطني الفلسطيني (أعلى هيئة تشريعية) التابع لمنظمة التحرير، ومخول ببعض صلاحياته.

وأدت هيمنة قوى اليمين في إسرائيل -والتي ترفض حل الدولتين- على البرلمان منذ نحو عقدين إلى توقف عملية التسوية وانسداد الأفق السياسي.

ضغوط كبيرة محتملة

من جهته، يرجح أحمد رفيق عوض مدير مركز القدس للدراسات التابع لجامعة القدس أن تتعرض القيادة الفلسطينية لضغوط كبيرة لدفعها إلى عدم تنفيذ هذه القرارات، في وقت تعاني فيه من ضعف شديد.

ويضيف عوض -في حوار لوكالة الأناضول- أتوقع ضغوطا حقيقية كبيرة، عربيا وإسرائيليا وأميركيا، وهناك أيضا ضعف وتشققات في الحركة الوطنية الفلسطينية.

وقال إن القيادة الفلسطينية تعاني من حالة ضعف، وتعاني أيضا من ضغوط، وسيكون عليها أن تفكر ألف مرة قبل أن تدخل هذه القرارات موضع التنفيذ.

ويرى المحلل السياسي أن قرارات المجلس المركزي هي قراءة حقيقية لحركة التحرير الوطني (فتح) والمجلس المركزي على مستوى الوعي التنظيمي والفهم للواقع.

لكنه يضيف أن تطبيقها مرتبط بالواقع وبالضغوط وبالإغراءات، وأيضا الضعف العام الذي تعاني منه الحركة الوطنية وكذلك المجتمع الفلسطيني.

وعن انعكاسات عدم تطبيق قرارات المجلس المركزي كما حصل في قرارات سابقة، يقول مدير مركز القدس إن ذلك يُفقد المنظمة مصداقيتها أمام الجماهير.

وأشار إلى أن هذا يؤدي إلى زيادة حركات التململ والتذمر حتى داخل الحركات الوطنية التي أخذت القرارات، في وقت يجد فيه الخصوم السياسيون فرصة ليطرحوا آراءهم ومقولاتهم واقتراحاتهم للحالة السياسية.

ورقة لتحقيق مكتسبات غير سياسية

بدوره، يقول الصحفي والمحلل السياسي عمر نزال إنه استنادا إلى تجربة 2015 وما بعدها فإن هذا النوع من القرارات لن ينفذ.

وقرر المجلس المركزي عام 2015 تحميل سلطة الاحتلال (إسرائيل) مسؤولياتها كافة تجاه الشعب الفلسطيني في دولة فلسطين المحتلة وفقا للقانون الدولي، ووقف التنسيق الأمني بأشكاله كافة مع سلطة الاحتلال الإسرائيلي في ضوء عدم التزامها بالاتفاقيات الموقعة بين الجانبين.

وأضاف نزال أن المعطيات -اليوم- لا تختلف، بل على العكس هي أقرب لتجاهل مثل هذه القرارات، خاصة في ظل وجود إدارة أميركية جديدة وسلسلة لقاءات فلسطينية إسرائيلية جديدة.

وقال إن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ستتجاهل هذه القرارات كما كل القرارات السابقة من 2015 وحتى اجتماع المجلسين الوطني والمركزي عام 2018.

ويوضح الصحفي الفلسطيني أن المزاج الجماهيري الفلسطيني العام يدفع باتجاه اتخاذ مثل هذه القرارات، لأنه وصل إلى هذه القناعة، مضيفا أن هذه محاولة من المجلس المركزي لامتصاص حالة الغضب ونقمة الناس وحالة الجدل التي سادت قبل الاجتماع.

من جهة أخرى -يضيف نزال- تبقى القرارات ورقة ضغط وسيفا في جيوب المستوى الرسمي الفلسطيني يلوّح بها ويستخدمها، ولسان حاله يقول للمجتمع الدولي: أعطوني شيئا مقابل عدم تنفيذ هذه القرارات.

القوة القانونية للقرارات

وقبل الخوض في فرص تنفيذ قرارات المجلس المركزي، يوضح القاضي السابق المحامي أحمد الأشقر أن المجلس الوطني الفلسطيني فوض صلاحياته للمجلس المركزي، ومن هنا فإن قرارات هذا المجلس يجب أن تكون لها قوة تنفيذية، وأن يصار إلى تطبيقها من قبل كل مؤسسات المنظمة والسلطة الفلسطينية.

لكنه يضيف أن هذا الالتزام الواجب إعماله من قبل مؤسسات السلطة بقي موقوفا على ما تراه اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.

ويصف الأشقر النص الوارد في البيان الختامي للمجلس المركزي (تكليف اللجنة التنفيذية بالعمل على وضع الآليات المناسبة لتنفيذ القرارات) بأنه مصطلح فضفاض يجعل قرارات المجلس المركزي التي يجب أن تكون إلزامية قرارات قابلة لعدم التطبيق.

ويوضح القانوني الفلسطيني أن النظام الأساسي لمنظمة التحرير ينص على وجوب أن تكون قرارات المجلسين الوطني والمركزي ملزمة، ويترتب على مخالفتها مساءلة كل مسؤول يخالفها.

ويشير الأشقر إلى أن اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل (1993) ينص على التزامات متبادلة بين الجانبين.

ويضيف أنه في الوقت الذي التزمت فيه السلطة الفلسطينية بكل ما تمليه أحكام الاتفاقية -وهي مرحلية- فإن الاحتلال لم يلتزم بالأحكام الواردة فيها، وهو بذلك يكون قد خالف اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، والتي تتيح لدولة فلسطين ممثلة بمنظمة التحرير الانسحاب من اتفاقية أوسلو المنتهية أصلا لأن مدتها 5 سنوات فقط.

ويقول إن المطلوب سحب الاعتراف بإسرائيل وليس تعليقه، لأن دولة الاحتلال لم تعترف بالدولة الفلسطينية.

ويتابع أنه في حال طبقت اللجنة التنفيذية فعلا قرارات المجلس المركزي فإنه يترتب على ذلك أن تتولى الدولة القائمة بالاحتلال المسؤولية الكاملة عن حقوق الشعب الفلسطيني باعتبارها دولة محتلة.

ويوضح أن سحب الاعتراف بدولة الاحتلال لا يؤثر على الاعتراف بدولة فلسطين من قبل أي دولة، ولا على مكانتها الدولية وعضويتها كدولة مراقبة في الأمم المتحدة.

المصدر : وكالة الأناضول