هل ترى خارطة الطريق النور في ليبيا بعد اختيار فتحي باشاغا رئيسا للحكومة الجديدة؟

من اليمين إلى اليسار بهذا الترتيب Aguila Saleh Issa عقيلة صالح -  فتحي باشاغا Fathi Bashagha - خالد المشري Khaled al-Mishri المصدر: جميع الصور من رويترز
رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح (يمين) ورئيس الحكومة الجديد فتحي باشاغا (وسط) ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري (رويترز)

طرابلس- تمر ليبيا بمرحلة جديدة بعد التوافق بين لجنتي مجلسي النواب والدولة على خارطة طريق تؤدي إلى تغيير الحكومة والاتفاق على المسار الدستوري، بتشكيل لجنة دستورية للنظر في مشروع الدستور وتقديمه للاستفتاء.

وبناء على هذا التوافق، صوت مجلس النواب بالإجماع -اليوم الخميس- على اختيار فتحي باشاغا رئيسا للحكومة الجديدة بدلا من حكومة عبد الحميد الدبيبة بعد جلسات ماراثونية، في حين أرسل مجلس الدولة توقيعات 52 عضوا يزكون باشاغا ليكون خلفا للدبيبة وإبقاء المجلس الرئاسي المكون من 3 أعضاء هم محمد المنفي وموسى الكوني وعبد الله اللافي في السلطة التنفيذية.

وقد أعلن مجلس النواب في جلسته -اليوم الخميس- إصدار التعديل الدستوري الـ12 لتعديل الفقرة 12 في المادة 30 من الإعلان الدستوري، وتشكيل لجنة من 24 عضوا من الخبراء والمختصين بالتساوي بين الأقاليم الثلاثة يتم اختيارهم بين مجلسي النواب والدولة مناصفة مع وجوب مراعاة التنوع الثقافي.

من جهة أخرى، أعلن أحمد المسماري -الناطق باسم قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر- تأييده لاختيار مجلس النواب فتحي باشاغا رئيسا للحكومة الجديدة التي تتولى قيادة البلاد.

في وقت يرفض فيه رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة تسليم السلطة، متهما -في آخر تصريحاته- "الإخوان والعسكر" بالتآمر على حكومته لإخراجه من المشهد السياسي بعد تعثر إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وفي تطور سابق، أكدت مصادر للجزيرة في العاصمة الليبية طرابلس تعرض رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة لإطلاق نار فجر اليوم الخميس -خلال عودته إلى منزله بأحد أحياء العاصمة- من دون وقوع أضرار بشرية.

ويعارض عدد من أعضاء مجلسي النواب والدولة تغيير حكومة الدبيبة، مطالبين بالذهاب إلى انتخابات على أساس دستوري خلافا لخارطة الطريق المعتمدة من البرلمان، متخوفين من تأثير التغيير السياسي على المشهد الليبي.

حكومة وانتخابات

ووفقا لعضو مجلس النواب محمد العباني، فهذه هي الحكومة الثانية التي يعينها مجلس النواب منذ عام 2014، ليسدل بذلك الستار على الانتخابات على أساس خارطة الطريق المنبثقة عن تفاهمات تونس وجنيف وبقاء المجلس الرئاسي.

وأضاف العباني -للجزيرة نت- أن مجلس النواب سعى إلى الإتيان بحكومة جديدة والإبقاء على المجلس الرئاسي وجعله كيانا ماديا شريكا في اختيار الحكومة، متنازلا بذلك عن كونه السلطة العليا في البلاد، وفقا لأحكام الإعلان الدستوري الصادر عام 2011.

وأفاد العباني بأن التقارب في وجهات النظر بين مجلس النواب والكيانات الأخرى يعمل على خلق بيئة مواتية تمكن المفوضية الوطنية العليا للانتخابات من إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في جو يسوده الهدوء والتوافق.

ويرى العباني أن خطوة مجلس النواب في إقرار خارطة الطريق هو أقرب إلى التهاون بالتفريط في سلطته لإرضاء التيار الإسلامي، مشددا على أن هذه الخطوة تعني إبعاد موعد الانتخابات والدخول في مرحلة انتقالية جديدة.

واعتبر العباني أن خلق التوتر ووضع العراقيل ينعكس سلبا على فرصة إجراء الانتخابات، وقد يجعل من إجرائها أمرا غير ممكن.

توافقات مهمة

من جانبه، قال عضو مجلس الدولة أحمد لنقي إن لجنتي مجلسي النواب والدولة توصلتا إلى توافقات مهمة حول الصيغة النهائية لتعديل الإعلان الدستوري.

وأضاف لنقي -للجزيرة نت- أن المجلس الأعلى للدولة سيعقد جلسة السبت المقبل للتصويت على خارطة الطريق بعد إحالة الصيغة النهائية المتفق عليها بين مجلسي النواب والدولة.

ورحب لنقي بالاتفاق بين المجلسين لإنهاء الانسداد في المسار السياسي والاتفاق حول خارطة طريق واضحة في المدد المحددة في التعديلات للإعلان الدستوري لإجراء الانتخابات في زمن أقصاه العام المقبل.

وتابع لنقي أن المرشح لرئاسة الحكومة الجديدة فتحي باشاغا حصل على تزكيات من أعضاء المجلسين لتشكيل حكومة جديدة في غضون الأسبوع القادم، وهذا هو التوافق الحقيقي بين المجلسين، لافتا إلى أن رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة يواجه ضغوطا دولية وإقليمية للانسحاب من السلطة.

اتفاق تاريخي

بدوره، وصف المحلل السياسي السنوسي إسماعيل اتفاق مجلسي النواب والدولة بالتاريخي الذي يمكن البناء عليه في استقرار ليبيا سياسيا، بعد التقارب الإقليمي بين الدول المتحالفة مع الأطراف الليبية.

وأردف قائلا "ما يميز هذا الاتفاق بين المجلسين هو أنه توافق بأياد ليبية وبدون تدخل خارجي، وهو ما كانت الأطراف الليبية تسعى إليه منذ فترة طويلة، من أجل أن يكون القرار ليبيا بامتياز".

وأفاد إسماعيل -في تصريحه للجزيرة نت- بأن جميع الأطراف بما فيها المعارضة لخارطة الطريق يجب أن تنخرط في دعم حكومة باشاغا، من أجل استقرار الوضع السياسي والأمني، والاستفادة من تقارب القوى الفاعلة على الأرض عسكريا في ليبيا.

وأشار إسماعيل إلى أن الحكومة الجديدة يمكن أن تلعب دورا مهما في المصالحة عبر تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة وتنظيم مؤتمرات ولقاءات للمصالحة الوطنية.

المصدر : الجزيرة