بعد تكليف السوداني.. هل بات الطريق ممهدا لتشكيل حكومة عراقية جديدة؟

الرئيس الجديد عبد اللطيف رشيد (يمين) لحظة تسليمه محمد شياع السوداني تكليفا بتشكيل حكومة جديدة (رويترز)

بغداد– بعد أن كلف الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، عقب انتخابه رسميا رئيسا للبلاد، مرشح تحالف الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني بتشكيل الحكومة، بخطاب رسمي تم تسليمه في مبنى البرلمان بحضور قادة الكتل السياسية المختلفة، وفقا للمادة 76 من الدستور العراقي النافذ بالبلاد، يطرح فريق سياسي استفهامات عديدة تتعلق بالتزام الكتلة التي رشحت السوداني بتنفيذ ورقة المطالب التفاوضية التي قدمتها كتلتا السيادة (السنية) والحزب الديمقراطي الكردستاني.

وأكد القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني بنكين ريكاني للجزيرة نت، أن الورقة التفاوضية تم توقيعها منذ مدة وتحولت إلى اتفاق، وأن بنودها ستدرج في منهاج حكومة محمد شياع السوداني، حيث تم تحديد سقوف زمنية لإنجاز المدرج في تلك الورقة.

بنود تفاوضية

في 26 من سبتمبر/أيلول الماضي جرى الإعلان رسمياً عن تشكيل ائتلاف إدارة الدولة الذي أخذ على عاتقه دعم رئيس الوزراء المكلف محمد شياع السوداني، لكن تشكيل هذا الائتلاف كان مشروطا بعدد من البنود التي كشف عنها النائب في البرلمان العراقي ماجد شنكالي في حديثه للجزيرة نت، قائلا إنه بعد انتخاب رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد اتفقت الأطراف السياسية على تقديم ورقة تتضمن مطالب جميع القوى المشاركة في الحكومة.

ويوضح شنكالي أن القوى الكردية طالبت بتفعيل المادة 140 الدستورية (مادة في الدستور العراقي تتعلق بالأراضي المتنازع عليها بين بغداد وأربيل)، فضلا عن تشريع قانوني النفط والغاز والمحكمة الاتحادية.

وأشار شنكالي إلى أن القوى الكردية طالبت بضرورة تطبيق اتفاقية سنجار المبرمة في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول 2020، والتي نصت على إعادة المهجرين الإيزيديين إلى مناطقهم المحررة من سيطرة تنظيم الدولة، وإخراج التشكيلات المسلحة كافة وتشكيل إدارة مشتركة بين بغداد وأربيل لإدارة قضاء سنجار.

أما مطالب القوى السُنية فتكمن في إعادة النازحين إلى مناطق سكناهم وإخراج الفصائل المسلحة من المدن المحررة من سيطرة تنظيم الدولة، بالإضافة إلى تحقيق التوازن في مؤسسات الدولة.

وتتضح مخاوف الأكراد من تجارب سابقة، كان آخرها في عهد رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي الذي لم تنفذ حكومته بنود الاتفاق مع الحزب الديمقراطي الكردستاني ضمن الشروط التي كان الحزب قد وضعها لتمرير حكومة عبد المهدي.

منشورة على موقع الجزيرة- السياسي العراقي المعارض - أحمد الأبيض
الأبيض أشار إلى أن الإطار التنسيقي يتكون من العديد من الكتل السياسية المتنافسة (الجزيرة نت)

فقدان الثقة

ورغم تشكيل 6 حكومات سبقت التشكيلة الوزارية للسوداني، فإن هاجس عدم الثقة بين الأطراف السياسية يبقى قائما، خوفا من تنصل الجهات الداعمة لرئيس الوزراء المكلف من البنود المقدمة في الورقة التفاوضية، وهذا ما أكده بنكين ريكاني وماجد شنكالي أن القوى السياسية على مر السنوات لم تلتزم بالاتفاقات السابقة.

ومن جهة أخرى، فإن الحزب الديمقراطي الكردستاني ينتظر من الإطار التنسيقي أن يكون ملتزما، إذ يعتقد ريكاني أن قوى الإطار مدركة أن الوقت ليس مفتوحا أمام القوى السياسية لإظهار الجدية بالتغيير أمام الشعب العراقي.

من جانبه، يرى الباحث السياسي وعضو التحالف العراقي للمعارضة العراقية في الخارج أحمد الأبيض أن هناك العديد من التحديات التي ستواجه السوادني، وأن هذه المشكلات لا تقتصر على الكتل السياسية فيما بينها، بل تتعدى ذلك إلى الخلافات الداخلية بين كتل الإطار التنسيقي والخلافات بين الأكراد.

وأوضح الأبيض -في حديث صحفي- أن الإطار التنسيقي يتكون من العديد من الكتل السياسية وبدرجات متفاوتة من القوة، وبالتالي منذ أن تسلم السوداني كتاب تكليفه ظهرت الخلافات داخل الإطار لتقاسم المناصب، وفق تعبيره.

فرص النجاح

ائتلاف إدارة الدولة الذي قدم طلبا إلى مجلس النواب العراقي لعقد جلسة التصويت على حكومة محمد السوداني يرى أن القاعدة البرلمانية التي يمتلكها رئيس الوزراء المكلف ستعطي الأريحية لتمرير الفريق الوزاري داخل البرلمان (تحتاج حكومة شياع السوداني إلى 165+1 صوتا لضمان نيل ثقة مجلس النواب)، ويقول عضو ائتلاف إدارة الدولة حامد الموسوي للجزيرة نت إن السوداني أدار وزارات عديدة طيلة مسيرته السياسية، وهذا ما يجعل خبرته في الإدارة عالية للتعامل مع شروط الورقة التفاوضية المقدمة من القوى السياسية.

حديث الموسوي يتعارض مع تفسير المحلل السياسي باسل حسين الذي يرى في حديثه للجزيرة نت أن السوداني سيصطدم بمطالب القوى السياسية المختلفة ومحاولتها المستمرة لفرض أسماء بعينها على حكومته، وهذا أمر ليس بجديد لكنه معهود وسياق متداول في الحكومات السابقة.

وأشار حسين إلى أن التدخل السياسي في حكومة السوداني سيكون اختبارا قاسيا له في مدى الموائمة بين إرادته لتشكيل الحكومة وبين إجراءات القوى السياسية الداعمة له.

ويبدو أن هذا الرأي بات شائعا حتى داخل الإطار التنسيقي، إذ كشف القيادي في الإطار محمود الحياني في حديثه لوكالة محلية أمس عن وجود أطراف سياسية تمارس ضغوطات على رئيس الوزراء المكلف، من أجل فرض بعض الأسماء عليه لتكون مرشحة لتولي بعض الحقائب الوزارية.

وهو ما قد يتفق مع ما كشفه القيادي في الإطار التنسيقي عقيل الرديني قبل يوم، حول وجود خلافات بين قيادات الإطار تتعلق بحقيبة الداخلية في الحكومة المقبلة، مبينا -لوكالة محلية- أن الخلاف حول وجهات النظر قد يؤجل حسم وزارتين في حكومة السوداني.

باسل حسين الجزيرة نت
حسين يرى أن انسحاب التيار الصدري من العملية السياسية أصبح تحديا قد يعيق السوداني (الجزيرة نت)

معارضة الصدر

ورغم انسحاب التيار الصدري من العملية السياسية، فإن باسل حسين يفسر ذلك بالتحدي الآخر الذي سيعيق السوداني وسيبين مدى قدرته على التكيف مع مطالب الصدر، لا سيما في مسألة الانتخابات المبكرة، لأن تجاهل هذه المطالب ربما سيدفع الصدريين إلى عرقلة جلسة التصويت على البرنامج الحكومي والتصويت على الوزراء من خلال المظاهرات والاحتجاجات.

ويعارض الباحث في الشأن السياسي وائل الحازم تفسير حسين قائلا للجزيرة نت إن زعيم التيار مقتدى الصدر يبحث عن الاستقرار السياسي في العراق، وقد يتخلى عن معارضته للسوداني إذا نجحت حكومة الأخير في توفير الخدمات ومعالجة الأخطاء السياسية.

وعما إذا كان السوداني سيمضي في تشكيل حكومته ضمن المدة المقررة قانونا في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني القادم، أوضح أحمد الأبيض أن عدم قدرة السوداني على تشكيل الحكومة وارد جدا، لا سيما أن هناك العديد من الأحداث المشابهة.

وأوضح الأبيض أنه بعد استقالة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، رشحت الكتل السياسية محمد توفيق علاوي -كان مدعوما من التيار الصدري- إلا أن اعتراض كتلة الفتح عليه حال دون تكليفه، وهو ما ينطبق على المرشح اللاحق عدنان الزرفي الذي لم ينل الثقة للسبب ذاته.

ويستخلص الأبيض أن لا ثابت في العملية السياسية في العراق، وأن المفاجآت قد تأتي دون سابق إنذار، وهو ما قد يعيد الوضع السياسي في البلاد إلى ما قبل تكليف السوداني في 13 أكتوبر/ تشرين الأول، وفق قوله.

المصدر : الجزيرة