العراق.. مخاوف من سقوط الآلاف من خريجي التخصصات الصحية في فخ البطالة

عضو في تنسيقية المهن الصحية لفت إلى أن أعداد خريجي التخصصات الطبية والتمريضية تفوق الحاجة بالقياس لعدد السكان، وذلك لكثرة الكليات الأهلية وعدد المقبولين بقانون التدرج الطبي.

احتجاج قبل 3 أشهر لخريجي كليات الطب والصيدلة والتخصصات الصحية في بغداد لعدم توفير فرص عمل (الجزيرة نت)

يضطر العشرات من خريجي التخصصات الطبية في العراق للانتظار سنوات عديدة قبل حصولهم على وظيفة في المؤسسات الصحية الحكومية، رغم الوعود المتكررة بضمان التعيين المركزي لهذه التخصصات.

وتزايدت المخاوف مؤخرا من وقوع الآلاف من خريجي كليات الطب والصيدلة والتخصصات الصحية الأخرى في فخ البطالة خلال السنوات القادمة، لينضموا إلى ملايين العاطلين من التخصصات الأخرى في البلاد.

الخزعلي متخوف من أن خريجي كليات طب الأسنان والصيدلة مقبلون على البطالة بالقطاعين الخاص والعام (الجزيرة نت)

تعيينات جديدة

ويقول عضو تنسيقية المهن الطبية والصحية حسين سامي الخزعلي إن قانون التدرج الطبي رقم 6 لسنة 2000 وتعديلاته أقرت نسبة توظيف 25% من المهن الساندة، لكنه غير مطبق بسبب ضعف الجهات الحكومية.

وفي حديثه للجزيرة نت، يعزو الخزعلي سبب هذه الأزمة إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عندما فتحت عشرات الجامعات الأهلية من دون استشارة وزارة التخطيط، مما دفع مجلس الوزراء إلى طلب تعديل قانون التدرج الطبي ليصبح التعيين وفق عدد السكان وعدد الأسرة.

ووافقت الحكومة العراقية على تعيين أعداد كبيرة من خريجي الاختصاصات الصحية بعد احتجاجات نظّمها ممثلو تنسيقيات خريجي المهن الطبية والصحية في يونيو/حزيران الماضي أمام بوابة المنطقة الخضراء المحصّنة في بغداد، احتشدوا فيها من جميع محافظات العراق للمطالبة بشمولهم بالتعيين المركزي.

وكشف مجلس الخدمة الاتحادي، في تصريح لوكالة الأنباء العراقية يوم 24 أغسطس/آب الماضي، أن مجموع المعينين على وزارة الصحة لعام 2021 بلغ 7038 فردا: في بغداد 1821، الأنبار 367، المثنى 192، بابل 505، البصرة 550، ديالى 382، كربلاء 299، كركوك 321، ميسان 216، النجف 350، نينوى 701، الديوانية 287، صلاح الدين 354، ذي قار 409، واسط 284.

*** للاستخدام الداخلي فقط *** بالأرقام.. مستقبل المهن الطبية والصحية في العراق أو الآلاف من خريجي المهن الطبية والصحية في العراق مهددون بمواجهة البطالة

إحباط الطلاب

ويشير عضو تنسيقية المهن الصحية إلى أن أعداد خريجي التخصصات الطبية والتمريضية تفوق الحاجة بالقياس لعدد السكان، وذلك لكثرة الكليات الأهلية وعدد المقبولين بقانون التدرج الطبي، حيث بلغ عدد كليات طب الأسنان 60 كلية، علاوة على الدارسين في الخارج، مما رفع أعداد الخريجين بشكل كبير.

ويعتقد الخزعلي أن خريجي كليات طب الأسنان والصيدلة مقبلون على البطالة في القطاعين الخاص والعام، إذ إن عدد الخريجين في السنوات القادمة سيفوق ما تخرّج خلال أكثر من 10 سنوات.

ويؤكد أن هذه المعطيات وغيرها أدت إلى إحباط طلاب الجامعات وتضاؤل أملهم في المستقبل، لعدم تطبيق قانون التدرج الطبي بشكل مثالي، وتجاهل الحكومة لهذه الشريحة المهمة من المقبولين ضمن هذا القانون.

الهيتي كشف عن وجود نحو 16 ألف صيدلاني الآن تهددهم بالبطالة (نقابة الصيادلة)

مخاوف البطالة

من جانبه حذر نقيب الصيادلة الدكتور مصطفى الهيتي من أنه إذا لم يتم تطبيق القوانين والأنظمة وفق التشريعات والإجراءات الخاصة بالتعليم الحكومي والأهلي، فستكون هنالك بطالة وتدنٍ في المستوى العلمي.

وأصدرت نقابتا الصيادلة وأطباء الأسنان يوم 19 سبتمبر/أيلول الماضي حزمة قرارات لمواجهة تزايد خريجي المهن الطبية وانخفاض مستواهم العلمي، في ظل تأخر السلطات المعنية في تنفيذ توصيات لجنة القرار 92 لسنة 2020 الخاصة بالقبول في كليات المجموعة الطبية والصحية.

ونص القرار على عدم قبول انتماء خريجي الأقسام الطبية من الكليات الأهلية غير المرتبطة بجامعة والكليات الطبية المرتبطة بجامعة والتي هيكلتها الإدارية لا تطابق هيكلة مثيلتها من الكلية الحكومية.

وحول أسباب ذلك القرار، يقول الهيتي للجزيرة نت إن بعض الكليات الأهلية تخرّج أعدادا لا يحتاجها العراق مع عدم تطبيق شروط الاعتمادية الواجبة التطبيق للنهوض بالمستوى العلمي، إذ إن الخريجين يتعاملون مع الحياة الإنسانية مباشرة.

وحذّر من أن إغراق السوق بأعداد هائلة من الخريجين بمستوى علمي أو مهني أقل من القياسات العالمية قد يؤثر على أعضاء النقابات الممارسين الحالين للمهنة، وهذا يخالف أهداف النقابة الرئيسية في رفع المستوى العلمي والاقتصادي والاجتماعي للأعضاء.

وكشف نقيب الصيادلة عن وجود نحو 16 ألف صيدلاني الآن، وفي عام 2027 يتوقع أن يرتفع العدد إلى 62 ألف صيدلاني، وفي عام 2030 سيبلغ العدد 92 ألف صيدلاني مهددون معظمهم بالبطالة، معتبرا أن في ذلك خسارة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي للدولة والأفراد إذا استمرت الحالة بهذه الطريقة.

وشدد الهيتي على ضرورة قيام نقابة الصيادلة باختبار الخريجين وفق أحكام قانون مزاولة مهنة الصيدلة رقم 40 لسنة 1970 المعدل وقانون نقابة الصيادلة رقم 112 لسنة 1967، وعلى كافة الكليات تعديل وضعها وتطبيق شروط الاعتمادية وفق تعليمات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وأن تزود النقابات بالهيكلية العلمية والتقارير التي قامت بها الوزارة بهذا الشأن لترصين المستوى العلمي.

وأعرب عن اعتقاده أنه إذا عجزت الحكومة عن تعيين الأعداد الكبيرة من الاختصاصات الطبية خلال السنوات القادمة، فإن أوضاع الخريجين من المهن الطبية والصحية سيكون مثل الآلاف من خريجي الكليات الأخرى، مع تدني المستوى العلمي وخسارة كبيرة للاقتصاد الوطني.

الحكومة وافقت على تعيين الآلاف في المهن الصحية والطبية بعد احتجاجات واسعة نظمها الخريجون (الجزيرة نت)

مستشفيات جديدة

بدوره يقول أستاذ الطب في الجامعة العراقية الدكتور عبد الله الطيف الدليمي إن الأزمة سببها الكم الهائل من الكليات الأهلية التي فتحت لأغراض تجارية، مع تراجع كبير في بناء المستشفيات.

وفي حديثه للجزيرة نت، شدد الدليمي على ضرورة الاهتمام بالكليات الحكومية، واستحداث مستشفيات وآلاف المراكز الصحية الجديدة لاستيعاب الخريجين وسد نقص الخدمات الصحية في البلاد.

ويشير إلى أن الكثير من المستشفيات القديمة تحتاج إلى توسعة، وتشغيل الكثير من ذوي التخصصات لتقديم الخدمات الصحية الكاملة، وضرورة تنسيق مخرجات التعليم مع احتياجات المؤسسات الصحية وفق تخطيط مدروس.

البدر أكد أن وزارة الصحة بحاجة لكل المهن الصحية وتقديم احتياجاتها لمجلس الخدمة الاتحادي (الجزيرة نت)

مسؤولية مشتركة

وأكد المتحدث الرسمي باسم مجلس الخدمة العامة الاتحادي وسام اللهيبي، في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أن تحديد الأقسام والتخصصات بحسب الدرجات الوظيفة المطلوبة من الفئات المنصوص عليها في قانون رقم 6 لسنة 2000 المعدل ليس من اختصاص المجلس، وإنما ذلك من اختصاص وزارة الصحة بوصفها الجهة المستفيدة من هذه التعيينات، والجديرة بتحديد حاجتها الفعلية.

لكن المتحدث باسم وزارة الصحة العراقية سيف البدر أوضح -في تصريح خاص للجزيرة نت- أن مجلس الخدمة الاتحادي هو المسؤول عن تحديد أعداد المقبولين بالتعيين الحكومي سواء كان في القطاع الصحي أو غيره.

وأضاف البدر أن وزارة الصحة بحاجة لكل المهن من الأطباء والتخصصات الصحية الأخرى، وتقوم بتقديم احتياجاتها بشكل رسمي إلى مجلس الخدمة الاتحادي.

وأشار إلى أن بعض الدول لديها وزارة الصحة والتعليم الطبي وبذلك تكون الوزارة هي المسؤولة عن أعداد الخريجين، ولكن في العراق الأمر مختلف حيث إن وزارة التعليم العالي هي المسؤولة عن أعداد طلاب التخصصات الطبية وليس وزارة الصحة.

المصدر : الجزيرة