تغريدة للصدر عززت موقفها.. لهذا تشكك الفصائل الشيعية بانسحاب القوات القتالية الأميركية من العراق

كتلة الخزعلي ترى أن عدد القوات الأميركية في العراق غير معلوم، وما يشاع بشأن وجود 2500 عسكري فقط غير صحيح.

U.S. Army AH-64 Apache helicopters from 1st Battalion, 227th Aviation Regiment, 34th Combat Aviation Brigade, launch flares as they conduct overflights of the U.S. Embassy in Baghdad, Iraq December 31, 2019.  U.S. Army/Spc. Khalil Jenkins/CJTF-OIR Public Affairs/Handout via REUTERS.  THIS IMAGE HAS BEEN SUPPLIED BY A THIRD PARTY.
السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء ببغداد تتعرض لهجمات من حين لآخر (رويترز)

بغداد- لم يمرّ سوى 6 أيام على العام الجديد، حتى جددت الفصائل الشيعية المسلحة في العراق هجماتها على المصالح الأميركية بواسطة صواريخ وطائرات مسيرة وحتى عبوات ناسفة، في خطوة تصعيدية جديدة ضد الوجود الأجنبي في البلاد.

وتعرض التحالف الدولي في عموم العراق إلى 7 هجمات خلال 72 ساعة فقط، وقع آخرها فجر اليوم عندما أسقطت الدفاعات الجوية التابعة لقاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار غرب البلاد، طائرة مسيرة حاولت الاقتراب منها، بحسب بيان رسمي لخلية الإعلام الأمني العراقي، فضلا عن تعرض رتل لوجستي للتحالف لهجومين بعبوتين ناسفتين.

واعتبر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي -أمس الأربعاء- أن استهداف معسكرات عراقية بعدد من الصواريخ، "تصرفات عبثية" تستهدف تعكير الأمن والاستقرار في البلاد.

محمود الربيعي الجزيرة
الربيعي: هناك معلومات مؤكدة تفيد بعدم انسحاب القوات الأميركية من الأراضي العراقية حتى الآن (الجزيرة)

وقت المواجهة

ويقول محمود الربيعي المتحدث باسم كتلة "صادقون" التابعة لحركة عصائب أهل الحق التي يتزعمها قيس الخزعلي، إن "هناك معلومات مؤكدة خاصة بما سماها فصائل المقاومة، تفيد بعدم انسحاب القوات الأميركية من الأراضي العراقية لغاية الآن".

وفي حديث للجزيرة نت، يشير الربيعي إلى أن "القوات الأميركية إلى غاية الآن تشغل بعض القواعد العسكرية العراقية، وما أعلن من قبل الحكومة بشأن انسحابها النهائي العام الماضي عار عن الصحة". ويضيف أن "عدد القوات الأميركية في العراق غير معلوم، وما يشاع بشأن تواجد 2500 غير صحيح".

ويكمل الربيعي حديثه بالقول إن "الأجواء العراقية تحت سيطرة سلاح الجو الأميركي، والحكومة العراقية غير قادرة على التحكم فيها"، وإن "فصائل المقاومة استنفدت جميع الطرق الدبلوماسية بشأن التواجد الأجنبي في البلاد، مما يجبرهم الآن على التوجه نحو السلاح ومواجهة القوات الأميركية".

وبحسب التصريحات الحكومية العراقية، فإن نحو 2500 جندي أميركي يوجدون الآن في العراق بصفة استشارية، بهدف تدريب قوات الأمن العراقية.

Military vehicles of U.S. soldiers are seen at Ain al-Asad air base in Anbar province
قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار التي يوجد فيها عسكريون أميركيون (رويترز)

فصائل مسلحة جديدة

وتحدث الربيعي عن هوية الفصائل التي تواصل استهداف القواعد الأميركية، قائلا إن "السنوات السابقة شهدت تواجد فصائل مسلحة معروفة لدى جميع الدول، وهي دائما ما تتبنى العمليات التي تنفذها بشكل علني، أما الآن وبعد مقتل أبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي وقائد فيلق القدس قاسم سليماني، تشكلت العديد من الفصائل غير المعروفة، وهي التي تواصل استهداف القوات الأميركية حتى إن كانت هناك هدنة معها".

ويرى أن "الهجمات الأخيرة التي نفذتها الفصائل المسلحة هي الخطوة الأولى للمواجهة الحقيقية مع القوات الأجنبية في العراق".

Members of the Hashed al-Shaabi paramilitary force chant anti-US slogans during a protest over the killings of Iranian commander Qassem Soleimani and Iraqi paramilitary commander Abu Mahdi Al-Muhandis, on January 6, 2020 in Karrada in central Baghdad. (Photo by AHMAD AL-RUBAYE / AFP)
الربيعي: فصائل غير معروفة تشكلت بعد اغتيال سليماني والمهندس هي التي تواصل استهداف القوات الأميركية (الفرنسية)

وبشأن ما تسرب إلى وسائل الإعلام العراقية، حول إمكانية فرض هدنة لمدة 6 أشهر، استبعد الربيعي إبرام هدنة جديدة مع القوات الأميركية أو قوات التحالف الدولي في العراق.

ومنذ اغتيال سليماني والمهندس، تعرّضت المصالح الأميركية إلى استهدافات مستمرة بواسطة صواريخ وطائرات مسيرة، بينها محيط السفارة الأميركية في بغداد، وقاعدة فكتوريا قرب مطار بغداد، وقواعد عسكرية أخرى تضمّ قوات أميركية مثل عين الأسد (في محافظة الأنبار غرب العراق)، وحرير (في محافظة أربيل بكردستان العراق) وغيرها.

دريد الناصر الجزيرة
الناصر أرجع سبب تصاعد الهجمات إلى فشل الأحزاب الممثلة للفصائل الشيعية في الانتخابات البرلمانية (الجزيرة)

ذريعة الفصائل

في المقابل، يقول الباحث في الشأن السياسي أيوب الخزرجي -خلال حديثه للجزيرة نت- إن "السياقات المعمول بها والاتفاقيات بين واشنطن وبغداد، تؤكد انسحاب القوات الأميركية القتالية من العراق".

ويوضح الخزرجي أن "الاتفاقيات تضمنت بقاء بعض القوات من أجل التدريب والاستشارة، وهذا ما اتخذته الفصائل المسلحة ذريعة لها لمعاودة ضرب الأهداف الأميركية في العراق".

ويرى الباحث العراقي أن تغريدة زعيم الكتلة الصدرية مقتدى الصدر قبل أيام التي طالب فيها بخروج المستشارين الأميركيين عززت موقف الفصائل، فضلا عن سعي الإطار التنسيقي الشيعي -الذي يضم ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، وتحالف الفتح بزعامة هادي العامري، وكتلة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، وكتائب حزب الله العراقي، وحركة عطاء وحزب الفضيلة- لاستخدام ورقة الهجمات على القوات الأجنبية واستغلال الملف سياسيا".

وتوقع الخزرجي أن "تنفذ واشنطن ضربات مؤلمة وقاتلة لبعض الفصائل، خصوصا مع ازدياد الهجمات خلال الفترة الأخيرة".

من جهته، يؤكد الخبير السياسي دريد الناصر -للجزيرة نت- أن "جميع المعطيات تدل على وجود انسحاب حقيقي للقوات الأميركية من العراق، والشرق الأوسط عموما، لكن بشكل تدريجي وبطيء".

ويشير الناصر إلى أن "البطء في الانسحاب جاء نتيجة الردود السلبية الكبيرة التي تعرضت لها واشنطن من الشعب الأميركي، خصوصا بعد انسحابها من أفغانستان والتسبب بأزمة كبرى للبلاد".

واعتبر أن "سبب عودة الهجمات ضد التواجد الأميركي في العراق، يعود لفشل الأحزاب الممثلة للفصائل الشيعية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، ومحاولة خلق أزمة جديدة للتأثير على سير العملية السياسية".

ويختتم الناصر حديثه بالقول إن "الفصائل ستواصل عملياتها ضد القواعد الأميركية في العراق للضغط أكثر، وواشنطن ستقابل ذلك بصد تلك الهجمات، ومن الممكن أن يصدر رد فعل قاس عنها في وقت لاحق".

U.S.-led troops withdraw from Iraq's Taji base
قوات أميركية أثناء انسحابها في وقت سابق من قاعدة عسكرية شمال بغداد (رويترز)

اتفاقية الانسحاب

واتفق العراق والولايات المتحدة في 27 يوليو/تموز 2021 على انسحاب جميع القوات الأميركية المقاتلة من العراق بحلول نهاية عام 2021، بحسب البيان الختامي الصادر عن حكومتي البلدين عقب جولة الحوار الإستراتيجي الرابعة والأخيرة بينهما.

وتقول مصادر في قيادة العمليات المشتركة العراقية إن "القوات الأميركية انسحبت بشكل جزئي خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إلى الكويت، ضمن خطة إعادة الانتشار السنوي".

وتضيف المصادر -في حديثها الخاص للجزيرة نت- أن "القوات الأميركية تتواجد الآن بقاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار (غرب العراق)، وقاعدة حرير في محافظة أربيل (بكردستان العراق)، فضلا عن التواجد في مبنى السفارة الاميركية وسط العاصمة بغداد".

وأبرمت بغداد وواشنطن عام 2008 اتفاقية الإطار الإستراتيجي التي مهدت لخروج القوات الأميركية في عام 2011، بعد 8 سنوات من غزو البلاد.

وعادت القوات الأميركية بطلب من العراق لمساعدتها في هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية عام 2014، عقب سقوط عدة محافظات شمال البلاد وشمال غربها في يد التنظيم، وقادت الولايات المتحدة تحالفا مكونا من نحو 60 دولة لمحاربة التنظيم، وقدمت دعما كاملا على جميع الصعد للقوات العراقية لإلحاق الهزيمة بالتنظيم.

وفي 5 يناير/كانون الثاني 2020، صوّت البرلمان العراقي على قرار يطالب بإخراج القوات الأجنبية، بما فيها الأميركية، وذلك بعد يومين من غارة أميركية أسفرت عن مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي.

المصدر : الجزيرة