اعتبره البعض ضربة للمعارضة السودانية.. ما الذي يعنيه خروج تجمع القوى المدنية من ائتلاف الحرية والتغيير؟

People march to the presidential palace, protesting against military rule following last month's coup in Khartoum, Sudan December 19, 2021. REUTERS/Mohamed Nureldin Abdallah 2021-12-19T194656Z_1918237798_RC2FHR9P6ZPR_RTRMADP_3_SUDAN-POLITICS
لم تتوقف المظاهرات الرافضة لسيطرة قادة الجيش على السلطة في السودان (رويترز)

الخرطوم- في خطوة مفاجئة، أعلن تجمع القوى المدنية في السودان انسلاخه من ائتلاف الحرية والتغيير (الائتلاف الحاكم سابقا)، مع الاستمرار في التنسيق مع لجان المقاومة والقوى المهنية والسياسية، من أجل الإطاحة بقادة الجيش الذين استولوا على السلطة.

وكان التجمع من أبرز القوى التي تحفظت على الاتفاق السياسي بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير في يوليو/ تموز 2019، مبررا موقفه بما قال إنه "نواقص وثغرات ينبغي استكمالها لحماية الثورة".

ودعم التجمع في مايو/أيار 2021، استقالة مرشحته بمجلس السيادة الانتقالي عائشة موسى السعيد، احتجاجا على تجاهل أصوات المدنيين في كل مستويات الحكم.

وبمجرّد صدور بيان التجمع، برزت عدة تساؤلات بشأن دواعي خروجه من ائتلاف الحرية والتغيير، وتأثيرات الخطوة على المشهد السياسي، خاصةً بعدما كشف قادة الائتلاف عن مساعٍ جارية لتشكيل مركز موحد للقوى المعارضة.

وظهر التجمع قبل سقوط نظام الرئيس المعزول عمر البشير بفترة طويلة، وساهم في صياغة إعلان الحرية والتغيير، وكان من أوائل الموقعين على إعلانه المطالب بـ"رحيل نظام 30 يونيو/حزيران 1989، وصولا لحكومة وهياكل انتقالية مدنية، تحقق السلام العادل والتحول الديمقراطي والتنمية وكرامة العيش".

والتجمع بحسب ميثاق تأسيسه: "منصة لتنظيمات المجتمع المدني الفئوية والنسوية والشبابية والمناطقية والمطلبية والشخصيات العامة"، وينشط حاليا ضمن 15 ولاية سودانية.

ويعدّ تجمع القوى المدنية أحد 5 كيانات رئيسة، ساهمت في تأسيس ائتلاف الحرية والتغيير، وهي: "تحالف نداء السودان، وقوى الإجماع الوطني، وتجمع المهنيين السودانيين، والتجمع الاتحادي، وتجمع القوى المدنية".

وتأسس تحالف الحرية والتغيير الذي قاد الحراك الاحتجاجي ضد الرئيس المعزول عمر البشير، على ميثاق إعلان الحرية والتغيير الموقع في يناير/كانون الثاني 2019، للإطاحة بالنظام القائم وقتذاك، ومن ثم بات التحالف ائتلافا حاكما للفترة الانتقالية حتى صبيحة 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021.

أسباب الانفصال

وعزا التجمع -في بيان- خروجه من كافة هياكل ائتلاف الحرية والتغيير (المجلس المركزي)، لما أسماه إتاحة الفرصة لتشكل ثوري جديد على أسس راسخة.

ولم يخف بيان التجمع اعتراضه على ضعف أداء حكومة الانتقال، ولا سيما في مجالات إعادة بناء وهيكلة الدولة السودانية وملفات السلام والاقتصاد وعدم شمول تفكيك النظام السابق في الأجهزة العسكرية والقضائية والمناهج التعليمية.

وزعم التجمع في بيانه حدوث تجاوزات في العمل المشترك وبروز تكتلات داخلية داخل ائتلاف الحرية والتغيير، مما أدى إلى إضعاف مشاركة القوى الأخرى.

وأبدى المحلل السياسي منزول عسل استغرابه من توقيت إعلان تجمع القوى المدنية انفصاله عن الحرية والتغيير.

ورأى عسل -في حديثه مع الجزيرة نت- أن دواعي الانسلاخ التي ساقها التجمع كانت قائمة من فترة طويلة، وكانت لتكون مقبولة لو تمت إبان استقالة عائشة موسى.

وقال إن موقف التجمع الحالي يصعب من جهود توحيد القوى المعارضة، ويزيد من تعقيد وإرباك المشهد السياسي القائم حالياً.

خطوة للأمام

من جانبها، كشفت عضوة سكرتارية تجمع القوى المدنية ميرفت حمد النيل أن التجمع ظل في حالة نقاش مستمر لأكثر من عام، بشأن بقائهم داخل قوى الحرية والتغيير من عدمه.

ونبهت -في حديثها مع الجزيرة نت- إلى أنهم ارتضوا تأجيل البت في الأمر، تغليباً للمصلحة الوطنية ومراعاة للوضع الدستوري القائم آنذاك.

ومضت قائلة "في رأينا، إن الشرط الدستوري الحائل دون هذه الخطوة، قد انزاح حالياً".

وعن الاتهامات المصوبة إليهم بقطع الطريق أمام جهود وحدة القوى المعارضة، ردت حمد النيل بتوصيف قرارات الخروج من الحرية والتغيير، بأنها "خطوة للأمام" من أجل الدعم والتنسيق بين القوى الثورية المختلفة من موقعٍ مستقل، لتحقيق تطلعات السودانيين في إزاحة العسكر من السلطة، واستعادة المسار المدني الديمقراطي.

المتضرر الأكبر

في المقابل، يذهب الخبير الأمني والعسكري اللواء محمد عجيب إلى أن قوى الحرية والتغيير هي المتضرر الأكبر من إقدام تجمع القوى المدنية على الانسلاخ من التحالف.

وتوقع عجيب -في حديثه مع الجزيرة نت- استمرار عمليات التشظي داخل الائتلاف، احتجاجا على التهميش والإقصاء الذي تمارسه مجموعة الأربعة، في إشارة إلى أحزاب: الأمة القومي والمؤتمر السوداني والبعث العربي الاشتراكي والتجمع الاتحادي، ضد بقية مكونات التحالف.

وحث عجب المجموعات المعترضة على إدارة التحالف، على التوافق حول رؤية بعيدة عن التمترس، قائمة على تعزيز خطوات المكون العسكري لأجل تنظيم انتخابات عامة نهاية الفترة الانتقالية.

من جانبه، تأسف عمار حمودة -وهو أحد المتحدثين باسم ائتلاف الحرية والتغيير- على خروج التجمع من التحالف المعارض، لكنه شدد على عدم تضررهم من الخطوة.

وقال للجزيرة نت "قد نختلف حالياً مع تجمع القوى المدنية في الوسائل والآليات، ولكن هذا لا يعني أننا لا نعمل جميعا على إنهاء سيطرة العسكر على مقاليد السلطة، وهذا هو المهم حاليا".

ويشهد السودان منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، احتجاجات رافضة لإجراءات استثنائية اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، أبرزها فرض حالة الطوارئ وحلّ مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، وهو ما تعتبره قوى سياسية "انقلابا عسكريا".

وفي أكثر من مناسبة، نفى البرهان قيام الجيش بانقلاب عسكري، وقال إن هذه الإجراءات تستهدف "تصحيح مسار المرحلة الانتقالية"، وتعهد بتسليم السلطة لحكومة انتقالية.

المصدر : الجزيرة