لماذا فشل إغلاق معتقل غوانتانامو حتى الآن؟

حسب مراقبين، ربما يمنح مرور كل تلك السنوات منذ 2001، دون وقوع "عمليات إرهابية كبرى ضد الولايات المتحدة"، فرصة للرئيس الأميركي جو بايدن لتنفيذ وعده الانتخابي الأكثر صعوبة.

Activists demand Guantanamo Bay's closure near White House
ناشطون أميركيون يطالبون بإغلاق معتقل غوانتانامو في مظاهرة أمام البيت الأبيض (الأناضول)

واشنطن- رغم توالي الدعوات الأممية والحقوقية، من مختلف أنحاء العالم، للإدارة الأميركية، لإغلاق معتقل غوانتانامو الذي افتتحته واشنطن قبل 20 عاما، في إطار ما سمتها "الحرب على الإرهاب" عقب أحداث 11 سبتمبر/أيلول عام 2001، فإن الإدارات الأميركية المتعاقبة لم تلبّ نداءات إغلاقه، وفشل الرئيس السابق باراك أوباما في ذلك رغم تعهده به في مناسبات عدة.

وبعد مرور 20 سنة على دخول أوائل المعتقلين إلى غوانتانامو في العاشر من يناير/كانون الثاني 2002، وبعد استكمال انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان في أغسطس/آب الماضي، دعا خبراء مستقلون منتدبون من الأمم المتحدة، الاثنين، إلى إغلاق معتقل غوانتانامو مؤكدين أنه يشهد "انتهاكات متواصلة لحقوق الإنسان".

ويقول الإعلام الأميركي إن الرئيس جو بايدن بدأ بهدوء جهودا لغلق معتقل غوانتانامو في كوبا، وتعمل إدارته على تجنب أخطاء وقعت فيها إدارة الرئيس السابق أوباما وحالت دون غلقه، رغم رغبة بايدن القوية في طي هذه الصفحة التي شوّهت صورة أميركا في أنحاء العالم، طبقا لكثير من التقارير والاستطلاعات.

وتعمل إدارة بايدن بهدوء للتوصل إلى إستراتيجية عملية تأخذ في حسبانها المعارضة القوية المتوقعة من أعضاء الكونغرس، بمن فيهم أعضاء من حزب الرئيس الديمقراطي.

أوباما لم يف بوعده

وكان الرئيس أوباما قد جعل من غلق معتقل غوانتانامو قضية أساسية خلال حملته الانتخابية الرئاسية وفترتي حكمه، وتصور أن ضغط الرأي العام كفيل بثني الكونغرس عن معارضته القوية لغلق المعتقل.

وفي اليوم الأول من حكمه بتاريخ 21 يناير/كانون الثاني 2009، أصدر أوباما أمرا تنفيذيا لوكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه" (CIA) بالتوقف عن استخدام التعذيب في التحقيقات، وإغلاق المعتقل في غضون عام واحد.

ومع خسارة حزب أوباما انتخابات التجديد النصفي للكونغرس عام 2010، وسيطرة الجمهوريين على أغلبية مجلس الشيوخ والنواب تبخّرت إمكانية غلق المعتقل في عهده.

ووضع الكونغرس عراقيل أمام أي إغلاق مستقبلي للمعتقل عندما أقرّ عام 2011 قانون "إجازة الدفاع الوطني"؛ ويتضمن قيودا صارمة على استخدام الأموال العامة لنقل السجناء إلى بلدانهم أو إلى الولايات المتحدة للمحاكمة.

وتعهّد الرئيس السابق دونالد ترامب أثناء حملته الرئاسية عام 2016 بإبقاء المعتقل مفتوحا في زمن السلم وزيادة المعتقلين وقت الحرب، وطوال سنوات حكمه لم يُفرَج عن أيٍّ من سجناء غوانتانامو.

ويخشى بعض مساعدي بايدن أن تعرقل معارضة الكونغرس لخطط غلق المعتقل بقية أجندة بايدن التي يعتمد فيها على الديمقراطيين بمجلس الشيوخ والنواب، خاصة مع تمتعهم بأغلبية ضئيلة في المجلسين.

من هنا تنوي إدارته العمل بهدوء وخلف الكواليس، والتواصل مع أعضاء الكونغرس من أجل آلية الغلق، وتجنب الإثارة الإعلامية المتعلقة بالقضية الأكثر إثارة في التاريخ الأميركي.

وفي وقت لا تزال هناك معارضة في الكونغرس لإغلاق غوانتانامو، دعا بعض المشرعين إدارة بايدن إلى بذل مزيد من الجهد لإغلاقه.

blogs غوانتنامو
20 عاما على فتح معتقل غوانتانامو ولا يزال يضم 39 معتقلا عقب أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 (رويترز)

خطوات مهمة تمهد طريق الغلق

تأمل إدارة بايدن نقل عدد من معتقلي غوانتانامو إلى دول أجنبية، ومن ثم إقناع الكونغرس بالسماح بنقل البقية -بمن فيهم المشتبه بتخطيطهم لهجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001- إلى مراكز اعتقال داخل الأراضي الأميركية.

ويضم سجن غوانتانامو حاليا 39 معتقلا، منهم 27 مؤهلون لتسليمهم لدول أخرى، وهي طريقة اتبعتها الإدارات السابقة مع مئات المعتقلين السابقين، وأخضعت حالات المعتقلين لمراجعة دقيقة من وزارة الدفاع ومحاكم عسكرية، للتثبت من أن المفرج عنهم لا يمثلون تهديدا للولايات المتحدة.

ويشرف فريق عمل يمثل وزارات الخارجية والدفاع والعدل، وكذلك مجلس الأمن القومي، على خطط غلق المعتقل.

وطبقا لتقرير نشرته شبكة "إيه بي سي" (ABC)، فمن المرجح أن تحاول إدارة بايدن إبرام صفقات إقرار بالذنب مع المعتقلين الباقين، بموجبها سيستمر احتجازهم مدى الحياة، وتجنبهم عقوبة الإعدام.

ويتجه بايدن لتسمية مبعوث من الخارجية للإشراف على الغلق، والعمل مع الكونغرس لرفع الحظر المفروض على نقل السجناء المتبقين إلى السجون أو القواعد العسكرية داخل الأراضي الأميركية، ويتطلب ذلك أمرا تنفيذيا جديدا يصدره الرئيس ويقضي بإغلاق المعتقل.

Tulsa Commemorates 100th Anniversary Of Tulsa Race Massacre
حملة بايدن الانتخابية أيدت إغلاق معتقل غوانتانامو لكنه يواجه رفضا داخل الكونغرس حيال إغلاقه (الفرنسية)

تعهد بايدن

قبل فوزه بانتخابات الرئاسة، وُجّه إلى بايدن سؤال خلال الحملة الانتخابية، بشأن إغلاق غوانتانامو، فردّت حملته ببيان جاء فيه أن بايدن "لا يزال يؤيد إغلاق مركز الاعتقال"، مشيرا إلى أنه "يقوّض الأمن القومي الأميركي كونه يعزز تجنيد الإرهابيين، كما يتعارض مع قيم دولتنا".

وحسب مراقبين، ربما يمنح مرور كل تلك السنوات منذ 2001، دون وقوع عمليات إرهابية كبرى، فرصة للرئيس الأميركي لتنفيذ وعده الانتخابي الأكثر صعوبة.

وقبل 20 عاما عمدت إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش الابن إلى استخدام معتقل غوانتانامو الواقع جنوب شرقي كوبا، بصورة مؤقتة، كمركز اعتقال للمتهمين بارتكاب أعمال إرهابية ضد الولايات المتحدة عقب بدء الحرب في أفغانستان، التي شنّتها واشنطن بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001.

وحتى اليوم لا يزال المعتقل موجودا، ويقبع فيه عدد من المتهمين بالإرهاب، على رأسهم خالد شيخ محمد المتهم بأنه العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر/أيلول.

المصدر : الجزيرة