بعد الأسرى الستة وعمليات التحريض الإسرائيلية.. هل من معركة مقبلة في جنين؟

مسلحون من سرايا القدس في بيان صحفي من جنين بشأن الأسرى الستة (الأناضول)

بيت لحم – حملة تحريض واسعة أطلقتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال الفترة الأخيرة ضد منطقة جنين (شمالي الضفة الغربية المحتلة) مسقط رأس الأسرى الستة الذين انتزعوا حريتهم من سجن جلبوع قبل أسبوعين، وأعاد الاحتلال اعتقالهم جميعا.

ولكن ما مدى صدق هذه الحملة الإسرائيلية؟ وهل المقاومة الفلسطينية قادرة بالفعل على صد أي هجوم إسرائيلي في المستقبل؟ وهل يستطيع الاحتلال الاستفراد بجنين مع إعلان مسلحين فلسطينيين فيها استعدادهم لمجابهة الاحتلال عسكريا؟

هيبة مفقودة

توجهنا بهذه الأسئلة إلى اللواء الركن المتقاعد والخبير الإستراتيجي واصف عريقات، الذي قال للجزيرة نت إن إسرائيل راغبة في التصعيد ضد الفلسطينيين؛ لأنها فقدت هيبتها -خاصة الأمنية- ولكن قدرتها على التصعيد محدودة جدا؛ لأنها تعرف أن نتائج ذلك ستكون سلبية، ولن تستطيع تحمل خسائر أكثر، بعد الحرب الأخيرة على غزة، والتصعيد في الضفة والقدس والأرض المحتلة عام 48.

ويعتبر الشعب الفلسطيني كله موحدا اليوم خلف قضية الأسرى -وفق عريقات- وشبابه على استعداد تام للتضحية في سبيل قضاياهم الوطنية، وإسرائيل تدرك ذلك جيدا، وأي تصعيد إسرائيلي ستكون له أثمان غالية لا تستطيع تحملها.

كما لا يمكن لإسرائيل الاستفراد بجنين لوحدها دون المناطق الفلسطينية الأخرى التي أصبحت موحدة للدفاع عن القدس -بعد أحداث مايو/أيار الماضي- ضد الاحتلال في كل أماكن وجوده من البحر إلى النهر؛ فكيف إذا كانت المعركة تتعلق بالأسرى الذين هم من كل أطياف الشعب الفلسطيني؟ يتساءل عريقات.

إرادة قوية

ويرى عريقات -في حديثه للجزيرة نت- أن إسرائيل تحرض على العمل الفلسطيني المقاوم وتضخمه في رسالة منها لجبهتها الداخلية ليس أكثر، حتى لا تتعرض للانتقاد من المعارضة التي يترأسها نتنياهو الذي يريد لهذه الحكومة أن تسقط.

ويرى عريقات أنه -في النهاية- مهما بلغ حجم القوة العسكرية الفلسطينية ومهما تم تضخيمها، فإنها تبقى متواضعة أمام القوة العسكرية الإسرائيلية، ولكن الإرادة الفلسطينية أقوى بكثير اليوم في التضحية والنضال مقارنة بالإرادة الإسرائيلية، وهذا يعادل القدرات الإسرائيلية مجتمعة.

جنين كأنها جنوب لبنان

وحول عمليات الاحتلال الإسرائيلي الأخيرة على الأرض في جنين، توجهنا إلى الصحفي علي سمودي، المتابع اليومي لعمليات التمشيط والمداهمة التي تمت خلال فترة البحث عن الأسرى الستة.

يقول سمودي -للجزيرة نت- إن جيش الاحتلال، مع انتهاء معركة سيف القدس في مايو/أيار الماضي، لم يقتحم مخيم جنين سوى مرتين، رغم وجود ما يسميهم بـ"المطلوبين لدى الاحتلال" من الشبان الفلسطينيين داخل المخيم، ولقد جوبِه في هاتين المرتين بمقاومة شرسة إحداها خلفت 4 شهداء، والأخرى كانت فقط من وحدات خاصة اقتحمت أطراف المخيم، ولم تستطع -بفعل المقاومة الشديدة- إكمال الاقتحام وانسحبت، ووصف الإعلام العبري وقتها هذا الاقتحام كأنه في جنوب لبنان وليس في مخيم جنين.

ويرى سمودي أن حفر نفق جلبوع -وانتزاع الأسرى الستة لحريتهم- أعاد مرة أخرى تنظيم الخلايا والأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية، التي بدأت بالجهاد الإسلامي وحركة فتح، وانضم إليهم لاحقا مقاومون من حماس، وشكلوا غرفة عمليات مشتركة لحماية المخيم ومناطق أخرى من جنين، وسط حالة من المزاج الشعبي الداعم لهم، بفعل التضامن الذي اكتسبه الأسرى الستة، الذين كان من المتوقع أن يحتموا بالمخيم.

ورصد سمودي -خلال الفترة الماضية أيضا- عمليات إطلاق نار كانت تصل إلى 3 مرات يوميا تجاه جنود الاحتلال، الذين كانوا يجرون عمليات تمشيط واسعة في كل مناطق جنين بحثا عن الأسرى الستة.

محاصرة جنود إسرائيليين

ويعتقد سمودي أنه رغم حالات المداهمة التي تمت للمنازل والتحقيقات الميدانية، فإن أي عملية عسكرية إسرائيلية كبيرة ضد جنين قد تواجه بقوة من الفلسطينيين، لأن هناك نوعا من التحدي على الأرض، وهناك نوعا ما من المقاومة المنظمة والموحدة التي ستكون في صد هذه العملية.

وينقل سمودي، من خلال متابعته أيضا، أن قائد العمليات الإسرائيلي في جنين اعترف للإعلام العبري بأن جنوده -في إحدى اقتحامات جنين مؤخرا- قد حوصروا لنحو ساعة و20 دقيقة تحت الرصاص الفلسطيني من كل مكان.

واعترف الاحتلال أيضا بأن معركة جنين عام 2002 كبدته 23 قتيلا من جنوده، لذلك هو يعلم تماما أن المساس بجنين قد يكون له ثمن غالٍ، وقد يشعل المناطق الفلسطينية الأخرى وقد يدخله في دوامة لا يستطيع التنبؤ بنهايتها.

المصدر : الجزيرة