التصعيد الإسرائيلي في جنوب لبنان كيف تنظر له إيران؟

يعتبر خبراء إيرانيون أن إسرائيل تسعى إلى تصعيد التوترات مع إيران وحلفائها لإدخالها في حالة من التوتر وضرب مصداقية سياساتها وابتزازها، لزيادة الضغط عليها.

Israeli army continues artillery fire on the Lebanese side
من القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان أمس الجمعة (الأناضول)

طهران – يرى خبراء إيرانيون أن التصعيد الإسرائيلي في جنوب لبنان وحرب الناقلات في الخليج؛ جزء من سلسلة حلقات تهدف من خلالها إسرائيل لتصعيد الضغوط على طهران مع وصول رئيس جديد إلى السلطة في البلاد.

وتتصاعد التوترات بين حزب الله اللبناني وإسرائيل في وقت توقفت فيه محادثات إحياء الاتفاق النووي بين إيران والغرب، وتصاعدت الضغوط على طهران بعد تحميلها المسؤولية عن الهجوم على ناقلة نفط "ميرسر ستريت" (Mercer Street) الإسرائيلية.

ويقوم خبراء إيرانيون بدراسة الصراعات الأخيرة في سياق المواجهة الإيرانية-الإسرائيلية في المنطقة، حيث يعتبرون أنها مواجهة تهدف إلى عرقلة إنجازات إيران على مستوى الدولي.

خلق توتر

ويرى المحلل للشؤون الدولية والسياسة الخارجية الدكتور مصطفى خوش جشم أن إسرائيل تسعى إلى تصعيد التوترات مع إيران وحلفائها لإدخالها إلى حالة من التوتر وضرب مصداقية سياساتها وابتزازها، من أجل زيادة الضغط عليها.

ويلفت إلى أن إسرائيل تبدأ حربها بناء على مزاعم بهجمات تقول إنها تعرضت لها لتبرير حروبها.

وأضاف خوش جشم -في حديثه للجزيرة نت- أن الإسرائيليين يعرفون أن لبنان يعاني من أزمة اقتصادية، وبالتالي يعتقدون أنه من خلال خلق الصراع معه يمكن أن يجعلوا الوضع أسوأ ويؤدي إلى الانهيار وينسبوا كل المشاكل إلى حزب الله.

يعتقد كنعاني مقدم بأن تحاول اسرائيل لترسيخ قضية إيرانوفوبيا وتخويف المنطقة وخاصة الدول المطلة على الخليج. مواقع التواصل
كنعاني: إسرائيل تسعى للضغط على أميركا وحلفائها وخلق توترات بالمنطقة قبل استئناف محادثات فيينا (مواقع التواصل)

جر التوتر إلى الخليج

وبحسب جشم، فإن الإسرائيليين يحاولون منذ فترة مد التوتر إلى مياه الخليج من أجل ممارسة المزيد من الضغط على إيران ومنع أي تقارب بينها وبين جيرانها الخليجيين.

ويخلص خوش جشم إلى أن الإسرائيليين يسعون إلى تأجيج الجو وخلق توترات، لكنهم لا يرغبون في الدخول في حرب كاملة، وكذلك يهدفون لزيادة الضغط على حكومة رئيسي.

إيرانوفوبيا

ويعتقد البعض أنه لطالما سعت تل أبيب إلى تطبيع العلاقات واستبدال قضية الصراع العربي-الإيراني بالصراع العربي-الإسرائيلي، وهذا يجعل دخول الإسرائيليين إلى مياه الخليج يتعارض بشكل أساسي مع الاستقرار والسلام في المنطقة.

ويرى القيادي السابق في الحرس الثوري حسين كنعاني مقدم أن إسرائيل تسعى لممارسة أقصى قدر من الضغط على الولايات المتحدة وحلفائها وخلق توترات في المنطقة في الفترة التي تسبق محادثات فيينا، من خلال ضربات جوية على قوى المقاومة وهجمات على الناقلات في بحر عمان، لترسيخ قضية "إيرانوفوبيا" وتخويف المنطقة -وخاصة الدول الخليجية- من الوجود الإيراني فيها.

وأشار كنعاني مقدم -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن ما يجعل إسرائيل تصعّد بالمنطقة هو أن سياسات رئيسي أشد بكثير من سياسات روحاني في قضايا دعم المقاومة والتي وصفها بأنها جبهة كبيرة من من خليج عدن إلى البحر الأبيض المتوسط ​​وتسعى للانتقام من إسرائيل والولايات المتحدة.

وحسب الخبراء فإن الإسرائيليين وجدوا أن الوضع مختلف من عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، ولذلك يحاولون الانتقال إلى الدبلوماسية النشطة وخلق المزيد من الضغوط، وطلبهم من واشنطن ولندن رفع قضية ناقلة نفط "ميرسر ستريت" إلى مجلس الأمن الدولي يأتي ضمن هذه الجهود؛ لسد الطريق أمام عودة إيران إلى المفاوضات النووية قدر الإمكان.

تهديد المرشد لإسرائيل

ويعتقد الدكتور فؤاد إيزدي -الخبير السياسي والأستاذ بجامعة طهران- أن التهديدات الإسرائيلية لإيران لن تحقق نتيجة، لأن الإسرائيليين يعرفون أنه إذا هاجمت إسرائيل إيران فسوف تسوي الأخيرة تل أبيب وحيفا بالأرض -كما جاء على لسان المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي- وستستخدم إيران قدراتها في جنوب لبنان، وفق قوله.

وأضاف إيزدي -في حديثه للجزيرة نت- أن إيران دعمت حركات المقاومة في لبنان منذ بداية الثورة، وبمساعدة إيران استطاعت طرد إسرائيل من لبنان والدفاع عن حدود لبنان الجنوبية، وسياسة إيران هي الاستمرار في هذه المساعدة.

يعتقد فؤاد ايزدي بأن ستستخدم إيران قدراتها في جنوب لبنان في حال مهاجمة اسرائيل الى إيران. مواقع التواصل
فؤاد إيزدي يعتقد أن إيران ستستخدم قدراتها في جنوب لبنان حال تعرضت لهجوم إسرائيلي (مواقع التواصل)

الحكومات الجديدة

وحسب المحللين فإن التحدي الرئيسي أمام الحكومة الجديدة في إيران هو ألا تبدو ضعيفة في مواجهة عدوها خاصة مع تسلم حكومة جديدة في إسرائيل.

ويعتقد محسن جليلوند -الأستاذ الجامعي والخبير في مجال العلاقات الدولية- أن الأحداث في المنطقة لا يمكن قراءتها بمعزل عن عدد من التطورات ومنها انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان ومساعي لسحب هذه القوات من العراق.

وأضاف جليلوند أن مسألة الانسحاب الأميركي من العراق يمكن أن يكون لها تأثير كبير على أمن إسرائيل. ولذلك، يمكن أن تهدف هذه التطورات والأحداث إلى استمرار التوترات وتكثيفها في المنطقة، وتكون تبريرا جيدا لبقاء أميركا.

ويقول جليلوند "على أية حال، يجب على الجمهورية الإسلامية الإيرانية الرد بشكل مناسب على الضربات الجوية والطائرات بدون طيار وعلى الصواريخ الإسرائيلية، ومواقعها ومواقع حلفائها، وكذلك الرد على التخريب والاغتيالات النووية في إيران وغيرها من الأعمال الإسرائيلية، وإلا سيتغير التوازن الأمني وتوازن الرعب بين الجانبين ولكل منهما عواقبه وآثاره".

المصدر : الجزيرة