في اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال.. أكثر من 6 ملايين طفل سوري بحاجة للمساعدة

الحرب في سوريا غيرت حياة جيل كامل من الأطفال باتت أسرهم تعتمد عليهم في تأمين قوت يومها

حالة الفقر والنزوح دفعت الأطفال السوريين إلى سوق العمل (الجزيرة)

مع ساعات الفجر الأولى ينطلق الطفل السوري أكرم الأكرم من خيمته في إدلب شمال غربي سوريا إلى العمل في جني المحاصيل، مع أقرانه من العمال الذين يتقاضون أجرة يومية مع حلول موسم الحصاد في هذه المنطقة التي مزقتها الحرب.

وأكرم (15 عاما) هو المعيل الوحيد لأسرته المؤلفة من 5 أفراد بعد أن بات والده طريح الفراش جراء إصابته بآلام العمود الفقري المعروفة بالديسك، ليغدو هذا الطفل مسؤولا عن تأمين المصروف اليومي للأسرة النازحة المقيمة في خيمة بالية بريف إدلب.

وبدلا من الذهاب إلى المدرسة يمضي هذا الطفل ساعات طويلة تحت لهيب الشمس الحارقة ووسط الأراضي الزراعية، لينجز عملا شاقا مضنيا في جني الحبوب ونقل المحصول يعجز عن إنجازه الرجال، وينال نهاية اليوم أجرا زهيدا لا يكاد يكفي لشراء الطعام لأسرته.

يواجه الطفل أكرم الظلم ويكابد المعاناة في عمله الشاق (الجزيرة)

ظلم وتعب

ويعامل أكرم معاملة الرجال مع الأطفال القادمين من مخيمات النزوح بحثا عن الرزق، فساعات العمل العشر تتخللها استراحة قصيرة لا تجاوز 15 دقيقة فقط لتناول الطعام، ومن يتجاوز هذه المدة أو يحاول الراحة بضع دقائق يعرض نفسه للزجر والإهانة والتهديد بالطرد من العمل.

ويقول أكرم للجزيرة نت إن المعلم -كما يلقب في مكان الحصاد- نهره أكثر من مرة بعد أن شاهده يجلس للاستراحة وأنّبه بشدة على جلوسه، واصفا ما يحدث له بالظلم الكبير الذي يقع عليه في هذه المهنة المتعبة.

ولا يصل هذا الطفل إلى خيمته إلا بعد أن تكون خارت قواه وأصبح كل ما يحلم به الإخلاد إلى فراشه في أرض الخيمة، قبل أن يتناول بعض الطعام المقدم من منظمات الإغاثة التي تطوف على المخيمات.

وهكذا يمضي أكرم أيامه بين العمل والخيمة منذ قدومه إلى مخيم التح بريف إدلب مع أسرته بعد قصف الطيران الحربي التابع للنظام السوري بلدتهم، ويستذكر الأيام التي قضاها في مدرسته التي غادرها دون رجعة منذ كان في الصف الرابع الابتدائي.

طفولة ضائعة

وفي مخيم التح يتشارك مع أكرم عشرات الأطفال الذين يقارعون الحياة مبكرا، إذ يمثّل هؤلاء المعيل لأسرهم الفقيرة التي فقدت كل ما تملك في الحرب والنزوح.

عبد السلام يوسف مدير المخيم أكد أن أكثر من 50 طفلا يعملون في مهن مختلفة مثل الحصاد وجمع الكرتون وعلب البلاستيك من مقالب القمامة التي تحيط بالمخيمات، ومعظم الأطفال في المخيم لا يحصلون على التعليم.

ويشير اليوسف -في حديث للجزيرة نت- إلى أنه ناشد عشرات المرات منظمات المجتمع المدني لأجل النظر في مصير الأطفال وإعادتهم إلى التعليم والمدارس، ولكن أحدا ما لم ينصت إلى شكواه المتكررة لإنقاذ جيل من الطفولة الضائعة في سوق العمل.

ويجدد اليوسف شكواه ومناشدته للتدخل سريعا لدعم الأسر الفقيرة التي أصبح أطفالها يحملون مسؤولية تأمين الدخل اليومي عبر العمل الشاق.

أكثر من مليوني طفل سوري خارج التعليم والدراسة جراء الحرب (الجزيرة)

خارج التعليم

ويبدو أن أكرم واحد من أكثر من 2.4 مليون طفل سوري غير ملتحقين بالمدرسة، منهم 40% تقريبا من الفتيات، حسب تقارير من منظمة اليونيسيف، ومن المرجح أن يكون العدد قد ارتفع خلال عام 2020 المنصرم، نتيجة تأثير جائحة "كوفيد-19" التي أدت إلى تفاقم تعطّل التعليم في سوريا.

وتقول المنظمة إن 6.1 ملايين طفل سوري بحاجة إلى المساعدة، وهي زيادة بمعدل 20% عن العام الماضي فقط، مضيفة أن تزايد الفقر ونقص الوقود وارتفاع أسعار المواد الغذائية يجبر الأطفال على ترك المدرسة والتوجه إلى العمل.

المصدر : الجزيرة