استحضرت عقود نظام الأبارتايد.. مظاهرات وفعاليات شعبية واسعة بجنوب أفريقيا متضامنة مع فلسطين
مع استمرار التصعيد الإسرائيلي في غزة والأراضي المحتلة، توسعت دائرة نطاق التفاعل في جنوب أفريقيا لتشمل حركات طلابية ونشطاء مجتمع مدني ودبلوماسيين، وقد ظهرت مواقف رسمية منددة بالاعتداءات الوحشية للاحتلال الإسرائيلي حيث دعت الفعاليات المختلفة إلى موقف رسمي أكثر تأثيرا ودعم شعبي وإنساني أوسع للفلسطينيين.
تفاعل رسمي
وفي خطاب جديد له، شدد الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا على ضرورة إيجاد حل سريع لما يحدث في فلسطين، مؤكدا أنه ما لم تتم معالجة الأسباب الجذرية للصراع، والاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي للأرض الفلسطينية وإنكار حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، فلن يكون هناك سلام أبدا.
وأشار رامافوزا إلى أن مشهد الرجال والنساء والأطفال الذين طُردوا من منازلهم التي عاشت فيها عائلاتهم على مدى أجيال، وعمليات الإزالة القسرية وسلب الأراضي، تعيد ذكريات جماعية وشخصية مؤلمة لغالبية سكان جنوب أفريقيا، مضيفا أن هذا كان ألما وإذلالا واجهته عائلته والعديد من العائلات في البلاد.
وفي تصريح لوسائل الإعلام، أوضح الرئيس أن تصرفات إسرائيل تنتهك القانون الدولي وتتجاهل بشكل تام قرارات مجلس الأمن الدولي الداعية إلى إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية. وأعرب عن قلقه من القصف الإسرائيلي لغزة وتدمير مبنى متعدد الطوابق يضم مكاتب عدد من المؤسسات الإعلامية من بينها شبكة الجزيرة، مؤكدا أن هذا يبعث برسالة تقشعر لها الأبدان إلى وسائل الإعلام التي تغطي أعمال العنف، حسب تعبيره.
وفي نفس الوقت الذي هاجمت فيه قوات الاحتلال الإسرائيلية المصلين في المسجد الأقصى، كانت جنوب أفريقيا تستعد لإحياء الذكرى المئوية لمذبحة "بولهوك" التي حدثت في موقع ديني في نتابيلانغا في منطقة الكيب الشرقية، حيث فتحت قوات نظام الفصل العنصري (الأبارتايد) النار بالمدافع الرشاشة والمدفعية النار على المصلين، مما أسفر عن مقتل أكثر من 160 شخصا وإصابة ما يقرب من 130 آخرين.
وكشفت المجزرة عن وحشية ليس فقط قوات الشرطة التابعة لاتحاد جنوب أفريقيا، ولكن أيضًا النظام العنصري الذي تم تكليفه بدعمه.
وكان الرئيس قد ذكر في تصريح له أن الفظائع في هذه المذبحة "لم تكن تتعلق فقط بنزاع محلي، إلا أنها في الأساس بسبب المصادرة القسرية للأرض، والاحتلال الاستعماري، والتمييز العنصري، والقمع العنيف للمعارضة كما يحدث في حي الشيخ جراح الآن".
حضور دبلوماسي
ومع المواقف الرسمية المتضامنة مع الفلسطينيين بالأراضي المحتلة وغزة، استمرت الفعاليات الشعبية في جوهانسبرغ حيث تجمع دبلوماسيون عرب وأجانب وحشد من المواطنين الثلاثاء في مقر السفارة الفلسطينية في بريتوريا للتعبير عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني.
وأشارت السفيرة الفلسطينية حنان جرار إلى أنها تقدر كل الجهود المبذولة من أجل وقف التطهير العرقي الذي يحدث في فلسطين الآن.
وأكدت جرار -في حديثها مع الجزيرة نت- أنه تجب محاسبة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه، وقالت إن الفلسطينيين يطالبون بفرض عقوبات سياسية واقتصادية على إسرائيل في إظهار للتضامن الدولي الحقيقي.
من جهته، أكد السفير اللبناني قبلان فرنجية أن هذه ليست قضية للمسلمين أو المسيحيين، وإنما تتعلق بكونك إنسانا، مضيفا أن لغة الخطاب مع المحتل الإسرائيلي لا يمكن أن توصف بصراع في مساواة غير منصفة بين الفلسطيني والاحتلال الواقع عليه.
وأشار فرنجية -في حديثه مع الجزيرة نت- أن الموقف اللبناني كان ومازال ثابتا في دعم قضية الشعب الفلسطيني، إلا أنه شدد على أن هذا الشعب هو الضاغط الأكبر على المجتمع الدولي والمحتل.
كما دعا كل من السفير العراقي واليمني -في حديث للجزيرة نت- إلى التضامن الدولي ضد الهجوم على غزة، وأكدا أن جنوب أفريقيا وصفت نظام الفصل العنصري الإسرائيلي بأنه أفظع وأشنع من نظام الأبارتايد الذي شهدته البلاد سابقا.
وقد حضر اللقاء عدد من الدبلوماسيين من بينهم سفراء تركيا وفنزويلا والأردن واليمن والعراق وتونس ولبنان وعًمان.
وأكدت السفيرة التركية إليف كوم أوغلو أوغلن أن هناك حاجة لرؤية المزيد من بلدان أفريقيا تدافع عن الفلسطينيين، نظرا إلى الكفاح الطويل ضد القمع والاستعمار في هذه القارة.
وأضافت أوغلن -في حديثها للجزيرة نت- أنه لا صحة لنبأ إرسال بلادها قوات عسكرية لفلسطين، لكن هناك ترقبا واستعدادا عسكريا كاملا في حال تطلب الأمر، وبمشاركه دولية.
فعاليات أفريقية
وأكد تجمع الطلبة في جامعه فيتز، في مظاهرة كبيرة مساء أمس، أن شعب جنوب أفريقيا ينحدر من مختلف الفئات التي واجهت وما تزال أفعالا وانتهاكات عنصرية وهم يتحدون لإدانة الهجمات المروعة على الفلسطينيين والتي أسفرت عن استشهاد وجرح العشرات، منهم أكثر من 50 من الأطفال دون سن 16 عاما.
من جانبها تدخلت مؤسسة "وقف الواقفين" -وهي أكبر مؤسسة إغاثية في القارة ومقرها جنوب أفريقيا- لإنجاز تقييم للأحداث، وعملت على تقديم المستلزمات الطبية لدعم المستشفيات المختلفة في علاج الجرحى، ودفع الإيجارات لإيواء بعض العائلات التي فقدت منازلها في القصف الحالي.
وأكد مدير مكتب الشرق الأوسط الدكتور مالك أبو رجيلة -في حديثه مع الجزيرة نت- أنه ما تقوم به مؤسسته هو مساهمة من جنوب أفريقيا في مواجهة آلة الدمار ضد المدنيين العزل، مؤكدا أن عملهم ليس فقط في قطاع غزة، لكن في كل المناطق المنكوبة والمتضررة من فلسطين المحتلة والعالم.
وكانت المظاهرات والفعاليات المنددة بالعدوان الإسرائيلي قد عمت عدة دول أفريقية، حيث شهدت كل من كينيا وإثيوبيا والنيجر وأوغندا مظاهرات طلابية وشعبية حاشدة تطالب بتفاعل أكبر، وتندد بالصمت العالمي.