موقف رسمي خجول.. مظاهرات بجنوب أفريقيا ضد القصف الإسرائيلي على غزة والقمع في القدس

لدى جنوب أفريقيا تاريخ حافل مع نظام الفصل العنصري، لذلك تشهد اليوم تضامنا شعبيا قويا تجاه فلسطين المحتلة، إلا أن الموقف الرسمي ما زال ضعيفا وغير مؤثر.

وقفة تضامنية مع غزة والقدس بمدينة جوهانسبرغ (الجزيرة)

لليوم الخامس على التوالي، تستمر الاحتجاجات في جنوب أفريقيا ضد الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة والقمع المستمر للمسجد الأقصى بالقدس المحتلة.

وخرج المتظاهرون في عده محافظات ملوحين بالأعلام الفلسطينية واللافتات، في مسيرة توجهت إلى البرلمان وأخرى إلى مقر السفارة الإسرائيلية، وغيرها من المسيرات في مناطق وتجمعات متعددة للتعبير عن استيائهم من جرائم الاحتلال.

وعبر رياض فتار نائب رئيس مجلس القضاء الإسلامي في جنوب أفريقيا، خلال الاحتجاج في مدينة كيب تاون، عن امتعاضه من الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين.

وطالب -في حديثه مع الجزيرة نت- الحكومة والأحزاب السياسية والمواطنين بدعم القضية الفلسطينية لإنهاء عقود من الاحتلال والقهر، مشيرا إلى أن سنوات القهر للفلسطينيين لا يمكن أن تستمر إذا كان هناك دعم دولي.

أحد أشكال التعبير عن التضامن مع غزة والقدس والاستياء من جرائم الاحتلال (الجزيرة)

تضامن شعبي

وكانت الاحتجاجات قد انطلقت منذ بداية أحداث حي الشيخ جراح في القدس، وتصاعدت وتيرتها في مدن جنوب أفريقيا بعد الضربات الجوية الإسرائيلية على قطاع غزة، وتظاهر قرابة ألف شخص وسط كيب تاون وهتفوا "جنوب أفريقيا لن تتحرر حتى تتحرر فلسطين، ارفعوا أيديكم عن القدس".

وتنوعت الفعاليات في الدولة، حيث سارت مواكب سيارات مليئة بالمؤيدين عبر جوهانسبرغ إلى نقطة تجمع مع هتافات "فلسطين حرة حرة" بينما البعض يلوح باللافتات والأعلام الفلسطينية، كما كانت هناك احتجاجات في العاصمة بريتوريا ومدينة بورت إليزابيث الشرقية، وغيرهما.

وشارك في بعض المظاهرات ممثلو الأحزاب السياسية بما في ذلك الحزب الحاكم و"مقاتلو الحرية الاقتصادية" (EFF) ومنظمات من بينها اتحاد العمال و"يهود من أجل تحرير فلسطين".

وقفه تضامنية أمام السفارة الإسرائيلية في جنوب أفريقيا (الجزيرة)

علاقات وروابط متينة

وأصدرت سفارة إسرائيل بيانا قالت فيه إن صواريخ أطلقت على مواطنين إسرائيليين أدت إلى إصابة أكثر من مئتي شخص في 48 ساعة، بحسب زعمهم، داعية المجتمع الدولي للإدانة والاعتراف بحق إسرائيل في "حماية مواطنيها" والعمل مع السلطة الفلسطينية لوقف "التحريض والعنف" على الفور، كما جاء في البيان.

ووفقا لبعثة التجارة الإسرائيلية إلى جنوب أفريقيا، فإن الأخيرة تستورد ما قيمته 3.4 مليارات راند (حوالي 250 مليون دولار) من السلع والخدمات الإسرائيلية كل عام، معظمها عبارة عن برامج حاسوب ومواد كيميائية وكهربائية.

وتربط الدولتان علاقات في مجال الزراعة، حيث شاركت إسرائيل العام الماضي باستضافة جولة ترويجية عرضت من خلالها تقنيات الزراعة الذكية الإسرائيلية.

وكانت حكومة جنوب أفريقيا قد رفضت قطع العلاقات الدبلوماسية مع تل أبيب، كما أنها لم تظهر أي بوادر على استعدادها للموافقة على طلب شبكة ريفيو (مجموعة إعلامية ناشطة ضد نشاطات الاحتلال بفلسطين) رفع حظر التأشيرات على الفلسطينيين، في وقت لا يحتاج فيه الإسرائيليون إلى تأشيرة لزيارة جنوب أفريقيا.

ويتجاهل الحزب الحاكم (المؤتمر الوطني الأفريقي) -الذي حصل على دعم دولي كبير خلال فترة نفيه أيام نظام الفصل العنصري- الضرورة الأخلاقية الملحة للمساهمة في إنهاء الفصل العنصري في إسرائيل، وفق ما قال إقبال جسات مدير شبكة ريفيو.

وأوضح جسات، في حديثه مع الجزيرة نت، أن مشاركة بعض السياسيين في الاحتجاجات لا تعدو عن كونها تهدئة للمشاعر، وكان الأجدر ممارسة ضغط حقيقي على دولة الاحتلال، على حد قوله.

وقال أيضا إنه يجب على جنوب أفريقيا أن تحث الاتحاد الأفريقي على عقد اجتماع فوري لاتخاذ قرارات بالتخلي عن جميع إجراءات "التطبيع" مع إسرائيل في القارة.

ممثلو الأحزاب السياسية في وقفة تضامنية (الجزيرة)

موقف رسمي خجول

يُذكر أن حكومة جنوب أفريقيا أدانت في بيان لها الهجمات الإسرائيلية "البربرية" على الفلسطينيين، وأوضحت أن "تصرفات إسرائيل تشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي، وتجاهلا تاما لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، التي تطالب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي واستيفاء حقوق الشعب الفلسطيني كاملة بما في ذلك تقرير المصير والاستقلال".

وندد البيان -الذي وصل للجزيرة نت نسخه منه- بالاعتداءات على المتظاهرين الفلسطينيين في المسجد الأقصى، والطرد غير القانوني لأهالي حي الشيخ جراح من منازلهم لإفساح المجال أمام المستوطنات، مطالبا بـ "وقف الهجمات البربرية على الفلسطينيين والالتزام بالجهود الدولية الهادفة إلى إحياء العملية السياسية بما يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة".

من جهته، أشار حزب المناضلين من أجل الحرية الاقتصادية "أي إف إف" في بيانه إلى الموقف "الضعيف" للحزب الحاكم تجاه الأحداث الأخيرة في القدس وغزة.

ويسعى الحزب ويطلق عليه اسم "القبعات الحمر" إلى عقد اجتماع مع السفارة الفلسطينية اليوم، بهدف رفع الأمور إلى أعلى المستويات.

بدوره، قال ميتشيل جوفي من مجموعة "يهود من أجل تحرير فلسطين" إنهم يعترفون بأن إسرائيل دولة فصل عنصري، مشيرا في حديث مع الجزيرة نت، إلى أن إسرائيل تأسست على الاستعمار الذي يحافظ على سياسة التطهير العرقي في غزة والقدس وحي الشيخ جراح.

المصدر : الجزيرة