تغول وهندسة لنتائج الانتخابات.. هكذا علقت قوى فلسطينية على قرارات عباس بشأن النقابات

هددت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية التي تضم بعضويتها 150 مؤسسة وجمعية بمقاطعة الانتخابات التشريعية والرئاسية وعدم المشاركة في الرقابة عليها، وقال مدير الشبكة في غزة أمجد الشوا للجزيرة نت "إذا استمر قرار تعديل قانون الجمعيات الأهلية فإنه سيهدد قدرتنا على الرقابة المحلية على الانتخابات".

عباس أصدر قرارا بقانون يقضي بتأجيل انتخابات النقابات والاتحادات والمنظمات الشعبية 6 شهور (رويترز)

قوبلت قرارات بقوانين أصدرها الرئيس الفلسطيني محمود عباس برفض واسع من الفصائل والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني، وتشكيك في أهدافها من حيث تزامنها مع الاستعدادات لإجراء أول انتخابات تشريعية منذ 15 عاماً.

ففي 5 مارس/آذار الجاري، أصدر الرئيس قراراً بقانون يقضي بتأجيل انتخابات النقابات والاتحادات والمنظمات الشعبية 6 شهور، وقراراً آخر حمل تعديلات، على قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية، تلحق خططها بالوزارات ذات الاختصاص.

ورأت فصائل ومؤسسات أهلية في هذه القرارات "تغوّلاً" من السلطة التنفيذية على المجتمع المدني، ومحاولة للتأثير على المسار الديمقراطي ونتائج الانتخابات التشريعية المقررة في 22 مايو/أيار المقبل.

ويواجه عباس اتهامات بالاستغلال السياسي لحالة الطوارئ التي فرضتها جائحة كورونا، وتمديده لها للمرة الثانية عشرة على التوالي، من أجل إصدار مراسيم قوانين لتقوية موقف فريقه الانتخابي وتقييد خصومه السياسيين.

مدير شبكة المنظمات الاهلية في غزة أمجد الشوا يحمل الاحتلال والسلطة والانقسام مسؤولية انعدام الامن الغذائي
الشوا: تعديل قانون الجمعيات الأهلية يهدد قدرتنا على الرقابة المحلية على الانتخابات (الجزيرة)

موجة غضب

ومن بين "سيل" من القرارات بقوانين التي أصدرها الرئيس، أثار قراراه في خصوص تعديل قانون الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية، وتأجيل انتخابات النقابات والاتحادات والمنظمات الشعبية 6 شهور، موجة غضب ورفض شديدة.

وهددت "شبكة المنظمات الأهلية"، وتضم في عضويتها 150 مؤسسة وجمعية، بمقاطعة الانتخابات التشريعية والرئاسية، وعدم المشاركة في الرقابة عليها.

وقال مدير الشبكة في غزة أمجد الشوا للجزيرة نت "إذا استمر قرار تعديل قانون الجمعيات الأهلية فإنه سيهدد قدرتنا على الرقابة المحلية على الانتخابات".

ومن شأن هذا التعديل أن يلحق الجمعيات والهيئات الأهلية بالوزارات المختصة، ومنحها حق إقرار الخطط والموازنات السنوية، والتحكم في أنشطة التبرعات، فضلاً عن تقييده لعملها بتحديد نسبة 25% من الموازنة السنوية للرواتب والمصاريف التشغيلية، وتسهيله حل أي جمعية وتحول أموالها وأصولها لموازنة الدولة.

ويأتي ذلك وفقاً للشوا "في إطار سيل من القرارات بقوانين المستمرة والتي تصاغ بنهج السرية الكاملة وفي الغرف المغلقة بعد صدور المرسوم الرئاسي (منتصف يناير/كانون الثاني الماضي) بالدعوة لإجراء الانتخابات العامة التشريعية والرئاسية".

وقال: إن القرار يتناقض ومخرجات الحوار الوطني الأخير بالقاهرة، والتي دعت لإطلاق الحريات العامة وتهيئة البيئة الداخلية لإنجاح الانتخابات، و"بدلاً عن ذلك جاء القرار ليحد من حق التجمع والتنظيم وحق ممارسة الأنشطة المستقلة عن الوزارات والسلطة التنفيذية".

حسام بدران : لن نسمح للاحتلال أن يخيرنا بين الموت السريع بالقصف والبطئ بالحصار
بدران: القرارات تتناقض مع إعادة الحياة للمؤسسة البرلمانية المخولة بإصدار القوانين وتعديلها (الجزيرة)

تغوّل واستفراد

وفي هذا السياق عبرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وفصائل فلسطينية أخرى عن قلقها من القرارات ورأت فيها "تغوّلاً" على المجتمع المدني، ومحاولة استباقية لنتائج الانتخابات التشريعية.

وقال حسام بدران رئيس دائرة العلاقات الوطنية في حماس عضو مكتبها السياسي إن إصدار هذه القرارات بقوانين، وبغض النظر عن مضمونها وفي هذا التوقيت بالذات، يتناقض مع العمل على إجراء الانتخابات التشريعية، وإعادة الحياة للمؤسسة البرلمانية المخولة بإصدار القوانين وتعديلها.

واتهم بدران رئاسة السلطة بالسعي من خلال هذه القرارات إلى "زيادة سيطرة السلطة التنفيذية على مؤسسات المجتمع المدني" وضرب مسار التغيير في الاتحادات النقابية عبر تأجيل انتخاباتها 6 شهور.

وطالب بترك نقاش مثل هذه القرارات والقوانين إلى المجلس التشريعي المقبل، باعتباره "صاحب القرار في إصدار التعديلات التي يراها مناسبة، بمشاركة جميع القوى السياسية الممثلة".

ورأت ماجدة المصري عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في هذه القرارات "اعتداء سافرا على المجتمع المدني".

وكشفت للجزيرة نت عن توافق فصائلي مع مؤسسات المجتمع المدني على حراك متواصل للضغط على عباس من أجل التراجع عن قراراته، وقالت "هذه قرارات تتعارض والقانون الأساسي ولا يوجد مبرر لصدورها عن الرئيس في هذا التوقيت".

ورأت في هذه القرارات تعارضاً مع مرسوم الحريات الذي أصدره الرئيس بناء على مخرجات الحوار الوطني الأخير في القاهرة، لتهيئة الأجواء أمام الانتخابات.

فلسطين- الضفة الغربية - نابلس- اكتوبر 2017- ماجدة المصري عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين قالت الاعتذار يكون بالاعتراف بالدولة الفلسطينية كاملة السيادة- تصوير عاطف دغلس- الجزيرة نت3
المصري: القرارات تعد اعتداء سافرا على مؤسسات المجتمع المدني (الجزيرة نت)

هندسة الانتخابات

وتنظر المصري إلى هذه القرارات بعين القلق والخطورة على المسار الديمقراطي، خصوصاً مع الاستعداد لجولة جديدة من الحوار الوطني في القاهرة منتصف الشهر الجاري، للبحث في ملف منظمة التحرير والمجلس الوطني.

وتساءلت باستغراب شديد عن دواعي صدور كل هذه المراسيم في هذا الوقت الحساس؟ ويجيب عن هذا التساؤل المحامي صلاح عبد العاطي رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد). ويقول للجزيرة نت إنها "تأتي في سياق هندسة بيئة الانتخابات وجعل نتائجها تصب في صالح طرف ما".

وأضاف "بدلاً من الالتزام بتعديل قانون الانتخابات بما ينسجم مع توافقات القاهرة، يقدم الرئيس على إصدار قرارات إقصائية بمثابة هندسة قانونية للعملية الانتخابية بهدف التحكم في نتائجها مسبقاً".

وحسب عبد العاطي فإن الرئيس توسع في استخدام حالة الطوارئ سياسياً، للانقضاض على خصومه السياسيين "وجر المجتمع الفلسطيني إلى برنامجه السياسي".

وقال أيضا إن عباس ينصّب نفسه "رئيساً لكل شيء، ويؤسس لنظام استبدادي قهري" معتقداً أن قراراته الأخيرة تجعل "مسار الانتخابات في خطر شديد".

وينص القانون الأساسي (الدستور المؤقت) على أن "الأصل أن القوانين تصدر عن المجلس التشريعي، إلا أن للرئيس حق إصدار قرارات لها قوة القانون في حالات الضرورة التي لا تحتمل التأجيل، وفي غير أدوار انعقاد المجلس التشريعي".

ووفقاً لرصد وتوثيق مؤسسات حقوقية فإن عباس أصدر 310 قرارات بقوانين تمس جوانب سياسية واقتصادية واجتماعية وغيرها، وذلك منذ وقوع الانقسام منتصف عام 2007، وإقدام الرئيس على حل المجلس التشريعي وتعطيل الحياة البرلمانية.

المصدر : الجزيرة