هل تنجح الحكومة الكويتية الجديدة في التهدئة؟

الحكومة الجديدة ترغب في إنهاء بعض الملفات العالقة في أسرع وقت ومنها التعديلات المطلوبة على قانون الدين العام أو السماح بتغطية العجوزات المالية عبر الاحتياطي العام أو احتياطي الأجيال القادمة وهي ملفات لا تحظى بإجماع برلماني أو شعبي

سمو أمير البلاد يستقبل سمو رئيس مجلس الوزراء والوزراء لأداء اليمين الدستورية
أمير الكويت خلال استقباله رئيس مجلس الوزراء والوزراء لأداء اليمين الدستورية (الصحافة الكويتية)

بعد مضي 37 يوما على تكليف الشيخ صباح الخالد بتشكيلها، باشرت الحكومة الكويتية الجديدة أعمالها يوم الأربعاء عقب أدائها القسم أمام أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، وسط تساؤلات عن موقف المعارضة.

وضمت حكومة الشيخ صباح الخالد الثالثة والتي صدر مرسوم تشكيلها مساء الثلاثاء، 4 وزراء جدد أبرزهم نائب رئيس الوزراء وزير العدل وزير الدولة لشؤون تعزيز النزاهة عبد الله الرومي، وهو نائب سابق لنحو 35 عاما ومعروف بعلاقاته الطيبة مع مختلف الكتل البرلمانية.

كما ضمت عضو المجلس البلدي والمرشح البرلماني السابق شايع الشايع الذي تولى حقيبتي البلدية والإسكان، كما جرى استحداث حقيبتين جديدتين، إحداهما لتعزيز النزاهة والأخرى للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، مع إلغاء حقيبة وزارة الخدمات.

وفي 18 يناير/كانون الثاني الماضي أصدر أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح مرسوما أميريا بقبول استقالة حكومة الشيخ صباح الأحمد الثانية التي تشكلت يوم 14 ديسمبر/كانون الأول 2020.

جاء ذلك على خلفية تأييد 38 نائبا الاستجواب الذي قدمه النواب ثامر السويط وبدر الداهوم وخالد العتيبي إلى رئيس الحكومة في الخامس من الشهر ذاته.

البرلمان الكويتي
مجلس الأمة الكويتي خلال جلسة سابقة (الجزيرة)

حكومة التهدئة

ووصف مراقبون الحكومة الجديدة بأنها حكومة تهدئة، وذهبت صحيفة الرأي المحلية في عددها الصادر الأربعاء للقول إنها "حكومة الفرصة الأخيرة لتحقيق الإصلاحات المطلوبة ومعالجة الملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية كافة".

وبحسب مراقبين، يحمل التشكيل الجديد رسالة واضحة للمعارضة برغبة الحكومة في الحوار خاصة وقد خلت التشكيلة الجديدة من بعض الوزراء الذين طالبت المعارضة باستبعادهم خلال الفترة الماضية.

ولم يصدر عن المعارضة داخل مجلس الأمة الكويتي أي تعليق بشأن ما سبق أن أعلن عنه كل من النائبين مساعد العارضي وأسامة المناور بشأن عزمهما استجواب رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد فور تشكيل الحكومة.

وجددت مجموعة الـ16، وهي كتلة برلمانية تضم 16 نائبا، في بيان أصدرته الأربعاء تأكيدها أن أولوياتها هي نفسها التي تضمنها بيانها المنشور يوم 12 يناير/كانون الأول الماضي، وهي تعديل النظام الانتخابي والقوانين المرتبطة بالحريات، و"تكويت" الوظائف العامة، والمصالحة الوطنية، ومنع تعارض المصالح، وتعديل اللائحة الداخلية لمجلس الأمة.

وفي الأول من فبراير/شباط الماضي قال وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة مبارك الحريص إن اللقاء الذي تم بين رئيس الوزراء وأعضاء الكتلة انتهى إلى الاتفاق على تشكيل فريق عمل حكومي نيابي لإقرار القوانين التي وردت في بيان الكتلة في أول جلسة يعقدها المجلس عقب تشكيل الحكومة.

رئيس الوزراء الكويتي الشيخ صباح الخالد (الأوروبية)

 

موقف المعارضة

وذكرت الكتلة في بيانها يوم الأربعاء أن موقفها من الحكومة الجديدة رهن موقف الحكومة نفسها من القضايا الوطنية المستحقة والمتفق عليها، وأن تفعيلها للأدوات الدستورية يتوقف على ذلك.

وبحسب النائب والوزير السابق أحمد المليفي تجاوز التشكيل الحكومي بعض الأخطاء في الحكومات السابقة، إذ ضم بعض الوزراء من ذوي الخبرة السياسية ومن تربطهم علاقة طيبة مع المعارضة داخل المجلس، وهؤلاء يمكنهم دعم موقف رئيس الحكومة وتشكيل نقطة وصل بين السلطة التنفيذية والمعارضة داخل مجلس الأمة.

ويضيف المليفي للجزيرة نت "الأمل معقود على قدرة هؤلاء الوزراء بحكم ما يملكونه من خبرة سياسية في إدارة حوار، مما يؤدي إلى تخفيف حدة المواجهة بين المجلس والحكومة".

وبيّن أن المعارضة مطالبة الآن برد التحية الحكومية بأحسن منها خاصة وأن كل القضايا المطروحة يمكن حلّها والوصول إلى نقطة التقاء، شريطة إدارة حوار هادئ بناء لا سيما في ظل ظروف الجائحة وتأثيرها على الكويت والعالم، وكذلك الظروف الأمنية التي تحيط بالمنطقة مع وجود إدارة أميركية جديدة ووجود تطورات ربما تجعل المنطقة على موعد مع أزمات سياسية وأمنية مختلفة.

انتقادات وتشكيك

وفي مقابل النظرة التفاؤلية، يرى الأمين العام السابق للمنبر الديمقراطي على العوضي أن تشكيل الحكومة الجديدة لم يأت بجديد باستثناء تغيير بعض الوجوه مع استمرار النمط السابق في الاختيار القائم على المحاصصة من دون وجود برنامج أو رؤية واضحة المعالم.

ويضيف العوضي للجزيرة نت أن الرغبة في التهدئة لم تترجم بشكل كبير في التشكيل الحكومي، الذي مر بمخاض طويل وشهد عقد رئيس الحكومة العديد من الاجتماعات مع شخصيات ومجموعات وقوى سياسية مختلفة لإحداث حالة التوافق العام.

وأشار إلى أن الحكومة الجديدة ترغب في إنهاء بعض الملفات العالقة في أسرع وقت، ومنها التعديلات المطلوبة على قانون الدين العام أو السماح بتغطية العجوزات المالية عبر الاحتياطي العام أو احتياطي الأجيال القادمة، وهي ملفات لا تحظى بإجماع برلماني أو شعبي وستشكل اختبارا لعلاقتها بالسلطة التشريعية خلال المرحلة القريبة المقبلة.

المصدر : الجزيرة