هكذا يضيق إغلاق الشوارع ونقاط التفتيش الخناق على سكان بغداد

غالبية سائقي سيارات الأجرة تركوا المهنة وتوجهوا إلى مهن أخرى نتيجة ضعف الإيرادات

زحام كبير يشل بغداد يوميا "الجزيرة نت"
زحام كبير يشلّ بغداد يوميا (الجزيرة)

"الزحام قلل رزق عائلتي إلى الربع"، هكذا وصف سائق الأجرة جواد الربيعي الضرر الكبير لزحام السيارات في العاصمة بغداد الذي ازداد بشكل كبير جدا خلال الأشهر الأخيرة، نتيجة إغلاق الحكومة الشوارع الرئيسية وفرض حظر للتجوال وعدم إنشاء طرق جديدة، فضلا عن نصب العديد من نقاط التفتيش منذ الغزو الأميركي للبلاد عام 2003.

وأكد الربيعي للجزيرة نت أن نقل شخص من مكان إلى آخر داخل بغداد أصبح مزعجا جدا، "فما كنا ننقله بنحو 15 دقيقة، يستغرق الآن قرابة الساعة، بسبب نقاط التفتيش الكثيرة وامتلاء الشوارع بالسيارات وتخسف (خراب) غالبية الطرق".

ونبّه إلى أن غالبية سائقي سيارات الأجرة تركوا هذه المهنة، وتوجهوا إلى مهن أخرى نتيجة ضعف الإيراد، مؤكدا أن سائقي الشاحنات أيضا يعانون كثيرا بسبب منع دخولهم إلى بغداد إلا ليلا.

ويسرد عضو لجنة الخدمات النيابية جاسم البخاتي أسباب الزحام في العاصمة، قائلا للجزيرة نت إن طرق بغداد مصممة لاستيعاب 700 ألف سيارة، بينما يتجول فيها الآن ما بين 2.5 و3 ملايين سيارة.

وأضاف البخاتي أنه لم تنشأ طرق جديدة بشكل كبير أيضا منذ عام 2003 وحتى الآن، ولم يتم تحويل التقاطعات إلى جسور وأنفاق، بالإضافة سوء النقل العام، إذ يتنقل العراقيون بسياراتهم الخاصة إلى العمل وبالعكس.

البخاتي: طرق بغداد مصممة على استيعاب 700 الف سيارة "مصدر الصورة: جاسم البخاتي"/ الجزيرة
البخاتي: طرق بغداد مصممة لاستيعاب 700 ألف سيارة (الجزيرة)

كثافة سكانية

وتابع البخاتي -الذي كان يشغل منصب نائب محافظ بغداد- أن الكثافة السكانية في العاصمة العراقية تتركز بنسبة 70% في شرق قناة الجيش من جانب الرصافة، وبالتالي فإن انتشار نقاط التفتيش وعدم وجود مرائب عمودية للسيارات، ودخول عربة "التكتك" وعدم صيانة الشوارع من الخسفات التي فيها، زاد من الزحام المروري.

وتحدث البخاتي عن لجنته التي طرحت عدة حلول لمعالجة الأزمة، منها إنشاء 7 طرق سريعة في بغداد، عبر الاستثمار وصيانة مداخل العاصمة وتفعيل النقل العام عبر قطار بغداد المعلق.

وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء، فإن عدد السيارات المدنية في عموم العراق بلغت 6.7 ملايين سيارة عام 2018، وتشهد البلاد نموا في عدد السيارات يبلغ أكثر من 4% سنويا.

Iraqi security personnel inspect a vehicle using a scanning device at a checkpoint in Baghdad December 13, 2013. More than 20 Iraqi suspects escaped from a Baghdad detention centre after murdering a guard on Friday in the latest of a series of jailbreaks, but some were later recaptured and at least one was killed, officials and police sources said. REUTERS/Ahmed Saad (IRAQ - Tags: CIVIL UNREST MILITARY CONFLICT)
العديد من نقاط التفتيش أقيمت في بغداد بعد 2003 (رويترز)

شوارع ممتلئة

بينما، قال مدير العلاقات والإعلام في مديرية المرور العامة العميد حيدر محمد للجزيرة نت إن شوارع بغداد امتلأت بالسيارات منذ عام 2003 وحتى الآن، إذ يوجد في بغداد ما يقارب 3 ملايين سيارة.

وبيّن أن التخطيط العمراني للشوارع ما زال نفسه، وتحتاج بغداد إلى طرق سريعة جديدة موازية للخطوط السريعة الحالية، وكذلك طرق رئيسية أخرى تكون حول بغداد وتربط مع المحافظات الأخرى من دون المرور داخل مناطق بغداد، مشيرا إلى أن المشكلة وراء عدم إنشاء هذه الطرق يعود إلى الأزمة المالية.

وأكد أن مديرية المرور تعمل مع أمانة بغداد على تحويل التقاطعات المرورية المزدحمة إلى أنفاق وجسور، لحل جزء من أزمة الزحام، موضحا أن هناك خطة لرفع نقاط التفتيش في بغداد.

وأنشأ مجموعة من الشباب صفحة على الفيسبوك تحت اسم "ازدحام بغداد"، من أجل إبلاغ جميع السائقين بالطرق المزدحمة وتجنبها، حتى أن لاعبي نادي الديوانية ذهبوا من الفندق الذي يقيمون به في شارع أبو نواس إلى ملعب الشعب الدولي مشيا على الأقدام يوم الاثنين بسبب الزحام المروري، من أجل خوض المباراة مع نادي الشرطة، فضلا عن صعوبة وصول المرضى إلى المستشفيات.

سوء تخطيط

من جهته، قال الخبير الاقتصادي منار العبيدي -للجزيرة نت- إن العراق يعاني من سوء التخطيط، لذلك لن تحل أزمة الزحام المروري، مشيرا إلى أن الفساد وسوء الإدارة يقفان وراء عدم إنشاء طرق جديدة من قبل أمانة بغداد.

العبيدي: ازمة الزحام المروري لن تحل لعدم القدرة على بناء طرق جديدة
العبيدي: أزمة الزحام المروري لن تحل لعدم قدرة العراق على بناء طرق جديدة (الجزيرة)

وأضاف أن الحلول السريعة الآن تتمثل في إنشاء المدينة الإدارية خارج مركز العاصمة، منبّها إلى أن من الصعب إنشاء طرق جديدة بسبب عدم امتلاك الحكومة أراضي في بغداد.

وتمتلك الحكومة العراقية منذ عام 1982 خططا لإنشاء 4 طرق حلقية حول بغداد، ولكنها لم تفعّل حتى الآن بسبب سوء الإدارة والفساد، بينما تقوم دائرة المرور باستقطاع مبالغ من أصحاب السيارات من أجل إنشاء وأعمار الطرق والجسور.

المصدر : الجزيرة