للخروج من أزماتهم.. مواطنون يمنيون يشقون طريقا جديدا بمحافظة لحج

مشهد يظهر تصميم الاهالي وهمتهم العالية في انجاز الطريق الجديد- الغودرة – المليوي- لحج
مشهد يظهر تصميم الأهالي وهمتهم العالية في إنجاز الطريق الجديد (الجزيرة)

بعيدا عن ميدان السياسة الذي عجز فيه الساسة عن شق طريق يخرج الشعب اليمني من أزمته، تتضافر الجهود المجتمعية لشق طرقات تنموية يأملون منها أن تخفف من معاناتهم وتيسّر لهم الحصول على الخدمات اللازمة للعيش وتعزّز فرص التقارب.

توجه فريق الجزيرة نت إلى محافظة لحج جنوب تعز، وتحديدا إلى طريق الغودرة المليوي في زريقة الشام، أو طريق "المجزاع" كما كان يسمى قديما، وهو أحد الطرق الرئيسية التي تعد شريان حياة ورئة جديدة تتنفس منها تعز ولحج وغيرهما.

زرنا هذا الطريق الذي يبلغ طوله 183 كلم والذي يبدأ من جولة النصر بمدينة تعز ثم جولة الصافية وبني عمر بمديرية الشمايتين، مرورا ببني محمد وزريقة الشام والجمرك والمجزاع بمحافظة لحج، ثم رأس العارة، وصولا إلى مدينة عدن.. فماذا وجدنا؟

مشهد يظهر معدات تعمل لإصلاح طريق الغودرة المليوي
العمل جار لإصلاح طريق الغودرة المليوي (الجزيرة)

نافذة أمل

حدثنا رئيس اللجنة المجتمعية للمدينة نبيل محمود الزريقي عن أن فكرة شق هذا الطريق الجديد أتت من رحم المعاناة التي يعيشها أهل هذه المدن، فكان لا بد من توحيد الجهود وتمشير السواعد بدلا من الانتظار.

وأضاف الزريقي أنهم اليوم ضربوا "أروع الأمثلة بالتكاتف والتآزر الذي سيحقق الهدف الذي خرجنا من أجله ودفعنا ثمنه من قوت أولادنا وأراضينا ومنازلنا، وكله يهون في سبيل ذلك".

وأشار إلى أن كل شبر في هذا الطريق يشهد على وفاة العديد من أبناء المنطقة، أطفالا ونساء ورجالا، ممن أنهكهم المرض واستبد بهم الفقر، وبسبب وعورة الطريق وغياب الخدمات الصحية وصعوبة الوصول إلى مستشفى خليفة العام بالتربة، كان الموت لهم بالمرصاد.

وأكد أن هذا الطريق كان حلما وأصبح حقيقة، وسيقدم خدماته لمحافظة تعز وللمحافظات اليمنية، وسيساهم في فك الحصار عن تعز.

من جهته، قال المواطن علي المصرّين إن كل فرد من أفراد المنطقة دفع 30 ألف ريال لصالح استكمال إنجاز الطريق، الأمر الذي اضطر بعض الأهالي للتضحية بأراضيهم وآخرين بديارهم وأموالهم وبجهودهم وعرقهم.

مشهد من طريق شريان تعز الجديد في زريقة الشام – لحج
طريق شريان تعز الجديد في زريقة الشام بلحج (الجزيرة)

ما أهمية الطريق؟

في هذا الصدد، يقول مهندس مشروع الطريق وائل المعمري للجزيرة نت إن لهذا الطريق أهمية قصوى منتظرة على الصعيد التنموي والإنساني، ويتوقع حال إنجازه بالمواصفات الفنية العالية أن يربط بين 3 محافظات: تعز ولحج وعدن.

وأضاف أن أهميته ستؤهله ليكون الطريق الأول من حيث الخدمات التي سيقدمها في معظم الجوانب الاقتصادية والمعيشية والتنموية "لا سيما في ظل هذه الحرب الطاحنة التي أرهقت تعز تحديدا للعام السادس على التوالي".

أشار المعمري إلى أن الشاحنات والمركبات الكبيرة ذات الحمولات الثقيلة تستطيع أن تمر فيه بكل سهولة على غرار طريق هيجة العبد، الذي صمم بوصفه طريقا ثانويا تكثر فيه الحوادث والانقطاعات.

مشهد يظهر الجانب الجمالي والسياحي لشريان تعز الجديد- زريقة الشام
جانب جمالي وسياحي لشريان تعز الجديد بزريقة الشام (الجزيرة)

إرث تاريخي

يرى المؤرخ وصاحب كتاب "ذاكرة المعافر" عبد الله محمد حزام أن الطرق التي ربطت قديما بين بلاد المعافر في تعز شمالا وبين عدن جنوبا لعبت دورا كبيرا في تسهيل التبادل التجاري والثقافي والتعليمي والاجتماعي  بين أبناء المحافظات اليمنية.

ويشير إلى أن طريق "المجزاع" هو الطريق نفسه الذي يتم شقه حاليا بزريقة الشام ويسلكه أبناء عزل ومناطق كثيرة من محافظة تعز، منها بني عمر والبذيجة والكويرة وراسن وبني شيبه والزعازع والمساحين والمقارمة والزكيرة والعزاعز.

أما المهندس وائل المعمري فيرى أن أصل الطريق قديم وتاريخي ولعب دورا بارزا في حقب التشطير عن طريق نقل المسافرين أو البضائع من وإلى عدن وعبر الدواب.

واعتبر أن فكرة اللجوء لهذا المسار لربط المحافظات ببعضها بعضا لم تأت عبثا ولا ترفا ولا مجازفة، "بل جاءت كضرورة لإعادة إحياء هذا الطريق التاريخي وإعادة الأمل في خدمة الناس والتخفيف من معاناتهم وكسر عزلتهم بمحيطهم القريب والبعيد".

أما عن التخوفات والشكوك التي يثيرها البعض حول توقف إنجاز هذا المشروع، فإن الزريقي طمأن الجميع قائلا إن الهدف من هذا الطريق هدف إنساني سامٍ ولا داعي للتخوف إطلاقا، "سنكمل ما بدأناه ولن نلتفت لمثل هذه الشائعات التي نسمعها هنا أو هناك التي يروج لها البعض".

المصدر : الجزيرة