منظمة العفو قالت إنهم يواجهون خطرا فعليا.. مصر ترحل 25 إريتريا من طالبي اللجوء

Eritrean soldiers celebrate the country's ninth anniversary of independence from Ethiopia 23 May. Eritrea and Ethiopia both reported intense fighting on Wednesday but issued conflicting claims of success in their ferocious border war. FMS
التجنيد الإجباري الطويل المدى دفع إريتريين لمغادرة بلادهم (رويترز)

القاهرة- وسط انتقادات متصاعدة للملف الحقوقي في مصر بعد الحكم على نشطاء مشاهير قبل أيام، لفتت جهات حقوقية إلى انتهاك آخر يتعلق هذه المرة باللاجئين إلى مصر، حيث قامت السلطات بترحيل 25 إريتريا بشكل قسري، بعد أن لجؤوا إلى مصر هربا من التجنيد الإجباري المفتوح المدة في بلادهم.

وقالت منصة اللاجئين في مصر إن السلطات المصرية قامت بترحيلهم مساء يوم 23 ديسمبر/كانون الأول الجاري من مطار القاهرة الدولي إلى مدينة أسمرة عاصمة إريتريا، مشيرة إلى أنهم أصبحوا معرّضين لخطر الإخفاء القسري والسجن والتعذيب وسوء المعاملة الجسيمة التي تؤدي للقتل أحيانا.

وبحسب تعريفها لنفسها، فإن هذه المنصة هي "منصة رقمية مستقلة تهدف لخدمة اللاجئين واللاجئات وطالبي وطالبات اللجوء والمهاجرين والمهاجرات في مصر، من جميع الجنسيات والأجناس والأعراق والأعمار، وجميع المهتمين بقضاياهم من مؤسسات حكومية ومنظمات دولية ومحلية ومبادرات مجتمعية وافراد".

وأوضحت المنصة أن الإريتريين الذين تم ترحيلهم مؤخرا كان قد تم اعتقالهم في مصر في فترات مختلفة من العام الجاري 2021، بسبب الدخول غير النظامي لالتماس اللجوء، وتم احتجازهم منذ وقت اعتقالهم دون محاكمة عادلة أو توجيه اتهامات أو إعطائهم حق الدفاع والتمثيل القانوني، في ظروف غير إنسانية وسيئة للغاية.

 

وأشارت المنصة إلى أن من بين المُرحّلين قسرًا 7 أطفال تحت سن 18 عاما، من بينهم رضيعة عمرها 15 يوما، كما أن من بينهم 3 أطفال يتم ترحيلهم بينما لا تزال والدتهم محتجزة حتى الآن.

وتحتجز الحكومة المصرية في الوقت الحالي أكثر من 200 طالب وملتمس لجوء إريتريين (رجال ونساء وأطفال)، في مقرات احتجاز تابعة لوزارة الداخلية في محافظتي أسوان والبحر الأحمر، وتم نقل بعضهم إلى السفارة الإريترية بالقاهرة، وإجبارهم على التوقيع على أوراق وثائق سفر.

وأشارت منصة اللاجئين في مصر إلى أن مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة أصدر بيانًا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ينتقد فيه عمليات الاحتجاز التعسفي والترحيل القسري التي تقوم بها مصر، حيث رحلّت السلطات 15 طالب لجوء إريتري من بينهم أطفال ومرضى بين شهري أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني، ومن وقت ترحيلهم قسرا لا توجد أي معلومات عنهم حتى الآن.

ويفر حوالي 5 آلاف إريتري من بلادهم كل شهر، هروبا من الخدمة الوطنية الإجبارية التي لا حدود زمنية لها، وذلك وفقا للمنصة التي توضح أن الإعادة القسرية لطالبي اللجوء دون السماح لهم بالتقدم أولًا للحصول على الحماية الدولية ومراجعة قضاياهم بشكل صحيح، هو انتهاك خطير للقانون الدولي، ويقع على عاتق مصر مسؤولية قانونية دولية لضمان عدم إعادة أي شخص قسرا إلى بلد يتعرض فيه لخطر الاضطهاد أو غيره من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بغض النظر عن كيفية وصوله إلى بلد ما وما إذا كانت لديه وثائق هوية أم لا.

واختتمت المنصة تقريرها بأن عمليات الاحتجاز التعسفي والترحيل القسري تتم في نفس الوقت الذي أكد فيه الاتحاد الأوروبي استمرار التعاون والاتفاقيات المشتركة مع مصر في ملف الهجرة دون شروط واضحة تضمن أمان وحماية وحقوق طالبي وطالبات اللجوء، وعلى ما يبدو أن هذا التعاون والدعم المالي فقط من أجل منع اللاجئين واللاجئات من الوصول إلى أوروبا عبر شمال أفريقيا.

 

مطالبات دولية باحترام اتفاقية اللاجئين

وقد نشرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مصر على صفحتها في موقع فيسبوك، تذكيرا بأن "المبدأ الأساسي لاتفاقية اللاجئين لعام 1951 هو عدم الإعادة القسرية، والتي تؤكد أنه لا ينبغي إعادة اللاجئ إلى بلد يواجه فيه تهديدات خطيرة لحياته وحريته".

وأضافت أن من ضمن الحقوق التي يتمتع بها اللاجئون بموجب اتفاقية عام 1951: الحق في حرية التنقل (المادة 26)، والحق في عدم الإعادة القسرية (المادة 33)، والحق في عدم المعاقبة على الدخول غير القانوني إلى أراضي الدول الموقعة (المادة 31)، وتعتبر جميع الدول -بما فيها الدول التي لم توقع على الاتفاقية- ملزمة بالتمسك بمعايير الحماية الأساسية التي تعتبر جزءا من القانون الدولي العام، ويجب على سبيل المثال ألا يعاد اللاجئ إلى أراض تتعرض فيها حياته أو حريته للتهديد.

وبدورها، نشرت منظمة العفو الدولية (أمنستي) على موقعها تقريرا يطالب بتوقف السلطات المصرية عن ترحيل اللاجئين الإريتريين، وقالت في تقريرها إن اللاجئين المرحلين يواجهون خطرًا فعليًا بالتعرض للاضطهاد. ومنذ نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2021، رحلّت السلطات المصرية 15 اريتريًا على الأقل، ويجب على السلطات التوقف عن ترحيل اللاجئين على الفور.

 

وفي وقت سابق، أعرب خبراء حقوق إنسان أمميون -في بيان- عن بالغ القلق إزاء إعادة السلطات المصرية 7 من طالبي اللجوء الإريتريين قسريا إلى بلادهم، من بينهم 5 أطفال، رغم خطر تعرضهم للإخفاء القسري والتعذيب وسوء المعاملة، وفي انتهاك للالتزامات الدولية لحقوق الإنسان.

وقال الخبراء في البيان إن الأفراد الذين فروا من إريتريا ثم أعيدوا إليها بعد ذلك قسرا يعتبرون "خونة"، وغالبا ما يتم احتجازهم عند وصولهم إلى إريتريا، واستجوابهم وتعذيبهم واحتجازهم في ظروف عقابية شديدة، ثم يختفون.

المحامي والمحاضر في شؤون اللاجئين أشرف ميلاد / مصر / الجزيرة
المحامي المحاضر في شؤون اللاجئين أشرف ميلاد (الجزيرة نت)

القانون والمواثيق الدولية

ويقول المحامي المحاضر في شؤون اللاجئين أشرف ميلاد، للجزيرة نت: "للأسف الشديد، بعد إجراء مصر حزمة من الإجراءات لصالح اللاجئين خلال السنوات الماضية، يأتي هذا التصرف لينتقص من رصيدها بشكل مباشر، وقد تكرر هذا التصرف خلال شهري أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني الماضيين. قد يكون سبب الترحيل أمنيا بحتا، ولكن هذا ليس مبررًا لأن الأمم المتحدة نفسها قد انتقدت هذا التصرف في بيان رسمي.

وأضاف ميلاد أن ترحيل لاجئين إريتريين تحديدا شيء لافت للنظر، فإن الترحيل مرتين لطالبي لجوء من نفس الجنسية يؤكد أن الأمر قد يكون سياسيا، وهناك خطر على اللاجئين الذين تم ترحيلهم، فلو لم يكن المرحلون الإريتريون في خطر، فإن مجرد تسليمهم كطالبي لجوء إلى سلطات إريتريا يعرّضهم بالتأكيد للخطر أثناء التحقيق معه.

وعن الحالات التي يحق فيها للسلطات المصرية أن ترحّل لاجئين، أكد ميلاد أنه -وفقا للقانون الدولي (اتفاقية 1951 الخاصة باللاجئين)- فإن المادة 33 تنص على أنه:

(1- لا يجوز لأية دولة متعاقدة أن تطرد لاجئا أو ترده بأية صورة من الصور إلى حدود الأقاليم التي تكون حياته أو حريته مهددتين فيها، بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة، أو بسبب آرائه السياسية.

2- لا يسمح بالاحتجاج بهذا الحق لأي لاجئ تتوفر دواع معقولة لاعتباره خطرا على أمن البلد الذي يوجد فيه، نظرا لسبق صدور حكم نهائي عليه لارتكابه جرما استثنائي الخطورة، خطرا على مجتمع ذلك البلد.)

وذلك يعني أن أي دولة وقعت وصادقت على اتفاقية اللاجئين ملزمة بعدم ترحيل أي طالب لجوء قسرا إلا في حالة كونه يمثل خطرا على الدولة المضيفة، وفي هذه الحال يتم ترحيله إلى أي بلد ثالث آمن لا إلى بلده الأم، كذلك لو لم تكن الدولة المضيفة طرفا في اتفاقية 1951، فإن الدولة -بموجب العرف- ملزمة بعدم التسليم الإجباري.

المصدر : الإعلام المصري + الجزيرة