وسط حالة التشرذم.. تحالف جديد بالسودان ما أهدافه وعلاقته بالمكونات السياسية؟

يلخص تحالف الحراك الوطني أهدافه في السعي لصياغة مشروع للتوافق الوطني يشمل الجميع، مهمته توصيل الفترة الانتقالية إلى مرحلة الانتخابات، ورفض التدخلات الأجنبية في الشأن المحلي.

إعلان تحالف الحراك الوطني الجديد في السودان - تاريخ النشر 2021/12/28 فيسبوك https://www.facebook.com/%D9%82%D9%88%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D9%83-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B7%D9%86%D9%8A-Forces-of-the-National-Movement-101859035711689/photos/pcb.101917669039159/101917462372513
عبد الله مسار أحد قادة التحالف الجديد يتحدث أثناء تدشينه رسميا (مواقع التواصل)

الخرطوم- في الفراغ الفاصل بين المكون العسكري الحاكم وقوى الاحتجاجات بالسودان، نهض تحالف جديد باسم "قوى الحراك الوطني"، يسعى -طبقا لما صدر عن قياداته- إلى "إحداث لُحمة بين المكونات السياسة والشعبية، خشية أن تتسبب الأزمة السياسية في انزلاق الأوضاع إلى سيناريوهات مخيفة، منها قيام حرب أهلية".

وتُنظّم لجان المقاومة السودانية -وهي كيانات برزت إبان الثورة على الرئيس المعزول عمر البشير- حركة احتجاجات واسعة ضد استيلاء العسكر على السلطة في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وضد الاتفاق السياسي بين قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

مكونات التحالف

أُسندت رئاسة التحالف للتجاني سيسي قائد قوى إعلان البرنامج الوطني، والذي سبق أن قاد مبادرة لتجاوز التحديات التي تحيط بالبلاد، قبيل عام تقريبا.

وضمن أبرز القوى المؤسسة للتحالف، يطلّ اسم "قوى الحرية والتغيير" (الميثاق الوطني) المؤيدة لإجراءات البرهان، و"سودان العدالة" برئاسة فرح العقار، وحزب الأمة الوطني بقيادة عبد الله مسار، والاتحاد الديمقراطي الأصل.

وكذلك "مؤتمر البجا"، وهو كيان أهلي برز إبان أزمة إغلاق موانئ شرق السودان مؤخرا، وتنسيقية المفصولين من المؤسسات الحكومية، والجبهة الوطنية للتغيير.

الأهداف والعلاقة بالمكون العسكري

لخص بشارة جمعة أرور رئيس اللجنة الإعلامية لتحالف الحراك الوطني أهداف التحالف في أمرين؛ أولا صياغة مشروع للتوافق الوطني يشمل الجميع، ومهمته توصيل الفترة الانتقالية إلى مرحلة الانتخابات، وثانيهما رفض التدخلات الأجنبية في الشأن المحلي.

ويتهم أرور -في حديثه للجزيرة نت- سفارات وكيانات دولية لم يسمّها، قال إنها تستهدف وحدة البلاد، لخدمة أجندات خاصة.

ورفض أرور الاتهامات للتحالف بالعمل على توفير حاضنة سياسية للمكون العسكري، مشددا على أن السلطة ليست من ضمن أهدافهم التي تتلخص حاليا في إدارة الفترة الانتقالية بتوافق يفضي لانتخابات حرة ونزيهة وشفافة.

واستنكر الرجل أية محاولات لوضعهم في حالة اصطفاف مع المكون العسكري أو عداء مع قادة الاحتجاج في الشارع. وقال إنهم في تواصل مع كافة الأطراف لتقريب وجهات النظر عبر الحوار، والدفع لإزالة الاختناق السياسي، وصولا لانتخابات يوليو/تموز 2023.

FILE PHOTO: People march to the presidential palace, protesting against military rule following last month's coup in Khartoum, Sudan December 19, 2021. REUTERS/Mohamed Nureldin Abdallah/File Photo 2021-12-26T111642Z_1276165111_RC2PHR9W0ZHB_RTRMADP_3_SUDAN-POLITICS
يرى البعض أن بعض القوى تستشعر محاولات إقصائها من الشارع السوداني لذلك تبرز في اصطفافات جديدة (رويترز)

ضرورات

من ناحيته، يرى المحلل السياسي أسامة عبد الماجد أنّ تحالف الحراك الوطني يبرز في وقت تستدعي الحاجة وجود شارع آخر، في مقابل الشارع الذي يقوده الحزب الشيوعي السوداني تحت ستار لجان المقاومة المُسيسة، على حد تعبيره.

وقال عبد الماجد للجزيرة نت إن القوى السياسية التي تمتلك تجربة من خلال مشاركتها لحزب المؤتمر الوطني إبان حقبة الرئيس البشير، تستشعر المخاطر من محاولات إقصائها عن المشهد، ما يستدعي خلق اصطفافات جديدة، لإعادة كفة التوازن إلى نصابها الصحيح.

"صنيعة عسكرية"

وفي علاقة التحالف بكافة المكونات في الساحة، يقول المحلل السياسي طاهر المعتصم إن قوى الحراك الوطني "صنيعة عسكرية بامتياز، لخلق حاضنة بديلة عن قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) التي أطاح بها "الانقلاب" ليلة 25 أكتوبر/تشرين الأول".

وقال المعتصم للجزيرة نت إن التحالف الجديد مكوّن في غالبه "من قوى انتهازية، مؤيدة لإجراءات البرهان، ولا حظوظ لها في الوصول إلى السلطة إلا عبر الاتفاقات السياسية".

وزاد المعتصم على ذلك، تناغم التحالف مع قوى أهلية ذات صلة بالعسكر وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي).

وقال المحلل إن "قادة التحالف الجديد لا يخفون حالة العداء المحكم للثورة السودانية"، مستشهدا بتصريحات عبد الله مسار التي اتهم فيها الشباب الثائر "بنعوت مستهجنة"، وأكد "امتلاكهم لشارع موازٍ للشارع الثوري".

وبرأي المعتصم فإن "قوى الميثاق الوطني ومؤتمر البجا بقيادة الناظر محمد الأمين ترك شاركوا في الاعتصام الذي مهّد الطريق سياسيا "للانقلاب"، بينما شخصيات كالسيسي ومسار كانوا جزءا من الحكومة التي أسقطتها الثورة في أبريل (نيسان) 2019، وبعضهم كان ينادي بتنصيب البشير رئيسا للبلاد مدى الحياة".

 

 

مستقبل التحالف

رغم الانتقادات، يقول بشارة أرور القيادي في التحالف إن ثمراته ستبدأ في الظهور بحلول العام الجديد 2022، من خلال تقليص الفجوة بين القوى السياسية والمبادرات العديدة المعروضة في الساحة لصالح صياغة واقع من التوافق بمقدوره المرور بالفترة الانتقالية إلى مرحلة الانتخابات بأمان.

بدوره يؤكد المحلل عبد الماجد وجود فرصة كبيرة أمام التحالف لإعادة هيكلة الأوضاع من خلال إعمال الأدوات السياسية، بمنأى عن القياسات المستندة على الحشود، باعتبارها آلية غير مجدية، ولم تفلح في تثبيت دعائم حكم البشير رغم حشده قبل أيام فقط من الإطاحة به للملايين بإحدى نواحي العاصمة السودانية.

أما المحلل طاهر المعتصم، فيقول إن الأمر من قبل ومن بعد للشارع السوداني العازم على استعادة المسار الديمقراطي، وإعادة العسكر إلى الثكنات.

المصدر : الجزيرة