5 سنوات على اغتيال الموساد له.. لماذا بقيت قضية الزواري ضد مجهول؟

قال محامي عائلة الزواري إن دولا مثل مصر وبلجيكا والسويد رفضت تنفيذ بطاقات إنابة عدلية بحق المتورطين في الاغتيال، باستثناء تركيا. وعزا ذلك إلى تأثير التطبيع السياسي في مسار القضية، خاصة في ظل التوجه الدولي لتصنيف حركة حماس، التي كان ينتمي لها الشهيد، منظمة "إرهابية".

خفايا استشهاد الزواري على يد الموساد
5 سنوات مرّت على اغتيال المهندس التونسي محمد الزواري على يد الموساد الإسرائيلي من دون اعتقال الجناة (الجزيرة)

تونس- بعد مرور 5 سنوات على اغتيال الموساد الإسرائيلي للشهيد التونسي محمد الزواري، في مسقط رأسه بمحافظة صفاقس جنوبا، لا تزال عائلته تنتظر نتائج التحقيقات، وتسليم المتورطين في الجريمة للعدالة.

وكان الزواري قد قُتل بطلقات نارية أمام منزله في مدينة صفاقس (جنوبي تونس)، بمسدس كاتم للصوت في 15 ديسمبر/كانون الأول 2016.

وعقب اغتياله، نعته حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، مؤكدة انتماءه لـ"كتائب الشهيد عز الدين القسام" (جناحها العسكري ضد الاحتلال الإسرائيلي)، وقالت إنه كان المهندس المشرف على مشروع تطوير صناعة الطائرات من دون طيار والغواصات الذاتية التحكم.

ورغم تمكّن السلطات التونسية من تحديد هوية القتلة، وهما متهمان يحملان الجنسية البوسنية، وإصدار بطاقة جلب بحقهما، فضلا عن تقديم 7 إنابات عدلية (تكليفات بملاحقتهما بالنيابة عن القضاء التونسي)، في دول عدة بينها مصر وتركيا ولبنان والبوسنة وبلجيكا، غير أن القبض عليهما استحال حتى الآن.

وقالت السلطات التونسية إن منفذيْ الاغتيال الرئيسييْن البوسنييْن ألفير ساراك وآلان كانزيتش، ومعهما النمساوي كريستوفر، دخلوا التراب التونسي بحرا عبر ميناء حلق الوادي في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2016.

 

 

علامات استفهام

ولا يخفي رضوان، شقيق الشهيد الزواري، شعوره بالقهر والظلم بسبب ما وصفه بغياب الإرادة السياسية في تونس لمحاسبة الجُناة، فقد ظلت القضية معلّقة أكثر من سنتين من دون تعيين قاض مكلف، بعد دعوة القاضي المتعهد بالقضية إلى مهام أخرى، وهذا يطرح، حسب قوله، أكثر من علامة استفهام.

وقال الزواري للجزيرة نت إن "الصادم في كل ذلك أن كوادر أمنية تونسية متورطة من قريب أو من بعيد، في اغتيال شقيقي، تمت ترقيتها في مناصب دبلوماسية وأمنية بالخارج".

وعبّر الزواري عن خشيته من "السعي لقبر القضية، في ظل عدم وجود رغبة حقيقية لدى الحكومات والرؤساء المتعاقبين في الكشف عن حقيقة الاغتيال، وتحريك القضية، رغم أنها مسألة أمن قومي بامتياز، سالت فيها دماء مواطن تونسي بريء"، وفق تعبيره.

ودعا شقيق الشهيد الرئيس التونسي قيس سعيّد إلى إيلاء القضية العناية اللازمة بإعادة فتح الأبحاث والتحقيقات، مضيفا "كلنا أمل بالرئيس لكشف الخونة والعملاء، خصوصا أنه يحمل مواقف مبدئية من التطبيع وحق الشعب الفلسطيني في نيل حريته".

تواطؤ دولي

وبنبرة يغيب عنها التفاؤل، يستبعد عبد الرؤوف العيادي، محامي الشهيد الزواري، وجود مؤشرات على أخذ العدالة مجراها في قضية الاغتيال، لافتا إلى غياب أي منحى جدّي للسطات التونسية في تتبّع الجناة.

وأقرّ العيادي، في حديث للجزيرة نت، بوجود نوع من التواطؤ والحماية الدولية لمنع تسليم الجناة للقضاء، مؤكدا أن "بعض المتورطين اليهود" في القضية دخلوا تونس بعد جريمة الاغتيال، وتم التعامل معهم بشكل عادي من السلطات التونسية، ولم يؤخذ أي جراء قضائي ضدهم.

واتهم المحامي دولا مثل مصر وبلجيكا والسويد بأنها رفضت تنفيذ بطاقات إنابة عدلية بحق المتورطين في الاغتيال، باستثناء تركيا، لافتا إلى تأثير التطبيع السياسي في مسار القضاء، خاصة في ظل التوجه الدولي لتصنيف حركة حماس، التي كان ينتمي لها الشهيد، منظمة "إرهابية".

طائرة "الزواري" المسيّرة تنفذ طلعات رصد واستطلاع لأهداف ومواقع إسرائيلية وتعود إلى قواعدها بسلام (الجزيرة)

درون القسام

وسطع نجم الشهيد محمد الزواري في العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة (مايو/أيار 2021)، بعد أن كشفت المقاومة الفلسطينية عن الدور الكبير الذي اضطلع به في تطوير المنظومة العسكرية لكتائب القسام جوا وبحرا، من خلال طائرة مسيّرة وغواصة ذاتية التحكم، استخدمتها المقاومة لأول مرة في العدوان، وقلبت المعادلة لمصلحتها.

وأقرّ جيش الاحتلال الإسرائيلي في حربه الأخيرة بالتطور النوعي الذي شهدته المقاومة، بامتلاكها غواصات ذاتية القيادة قادرة على حمل متفجرات بوزن 50 كيلوغراما حاولت استهداف منصة إسرائيلية بحرية للغاز قبالة ميناء أسدود.

وسبق لوثائقي إسرائيلي، بُثّ في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، أن كشف عن الأسباب والدوافع التي أعطت للموساد الضوء الأخضر لاغتيال الزواري، والمتعلقة أساسا بتطويره طائرات مسيّرة ونماذج لغواصات.

وكشف الفيلم أيضا عن دخول عناصر من الموساد سرّا إلى المختبر الذي عمل فيه الشهيد الزواري بمدرسة المهندسين في صفاقس، واشتغل فيه أيضا على تطوير مشاريعه الأكاديمية، لا سيما الغواصة، وهو ما أعطى الإذن باغتياله.

المصدر : الجزيرة