ما المطلوب لتجاوز أزمات إثيوبيا؟.. خبراء وباحثون أفارقة يقدمون مقترحات

المتحدثون في الندوة أرجعوا الأزمة التي تشهدها إثيوبيا إلى فشل النظام الفدرالي الذي بُدئ العمل به منذ سقوط نظام منغستو عام 1991 (الجزيرة)

إسطنبول– أوصى خبراء وباحثون سياسيون أفارقة بإيجاد حلول جذرية للصراع الدائر في إثيوبيا، محذرين من مغبة استمرار القتال هناك وتداعيات ذلك على الوضع الداخلي في البلاد من جهة، وعلى دول الجوار والمحيط الأفريقي والعربي من جهة أخرى.

وأكد المشاركون في ندوة نظمها المركز الأفريقي للأبحاث ودراسة السياسات "أفروبوليسي" بمدينة إسطنبول التركية، اليوم الأربعاء، عمق التأثر المتبادل بين منطقة الجزيرة العربية وإثيوبيا حيث تتقابل شواطئ البلدين على البحر الأحمر.

وأرجع المشاركون في الندوة -التي أدارها الباحث محمد زكريا- الأزمة التي تشهدها البلاد إلى فشل النظام الفدرالي الذي بُدئ العمل به منذ سقوط نظام منغستو عام 1991، ويقوم على منح الأقاليم حرية في الحكم الإثني تحت سلطة النظام المركزي القوي الذي تديره الإثنيات الأربع الرئيسة في إثيوبيا.

بين المركزية والفدرالية

وفي ورقة عمل بعنوان "المركزية والفدرالية.. جدلية الصراعات المتكررة في إثيوبيا"، أكد الباحث في الشأن الأفريقي محمد طاهر أن الفدرالية أخفقت بسبب التناقض في تعريف الدستور للأمة والقومية والشعب غير المتجانس عرقيا أو لغويا أو دينيا، وذلك ما يجعل تجمعه مستحيلا إلا على قاعدة الحقوق والواجبات، وفقا لتعبيره.

وتتكون إثيوبيا من 10 أقاليم ويسكنها خليط من المسيحيين من طوائف عدة فضلا عن المسلمين السنّة، في حين يتوزع سكانها على أكثر من 100 إثنية عرقية ويتكلمون نحو 90 لغة، وقد استولى التيغراي على الحكم فيها بعد سقوط منغستو رغم أن الدستور يحدد الأمهرية لغة للبلاد والمسيحية الأرثوذكسية ديانة لها.

ورأى طاهر، في حديث للجزيرة نت، أن المطلوب لتجاوز أزمات إثيوبيا تحقيق العدالة والمساواة في الحكم عبر دستور يضمن الحريات والحقوق لجميع السكان، واقتناع النخب والقيادات الأمهرية والتجرينية بأن البلاد لم تعد تستوعب استمرار الصراع على الحكم بين الإثنيتين.

كما دعا إلى إنهاء مشكلة الحدود المتنازع عليها بين أقاليم الدولة، التي كانت تستخدم كأوراق لإشعال الصراع بين حين وآخر من قبل الأطراف كافة، وإعادة النظر في توزيع الثروات الطبيعية التي لم يكن التحيز الإثني في توزيعها يقلّ في خطورته عن التحيز في توزيع السلطات السياسية.

أبعاد دولية

من جهته، أوضح مدير المركز الأفريقي للأبحاث ودراسة السياسات محمد صالح أن منطقة القرن الأفريقي تكتسب أهمية خاصة لعدد من العوامل، في مقدمتها العامل الجيوسياسي بفضل تحكم المنطقة بممرات مائية مهمة للسيطرة الأمنية والعسكرية والاقتصادية، ولما تمثله من عمق جغرافي وسياسي وديني لكثير من القوى الدولية، فضلا عن كونها الكتلة السكانية الأكبر التي تتحكم بمنابع نهر النيل.

وفي ورقة بعنوان "الأبعاد الدولية في الصراعات الإثيوبية"، أوضح صالح أن أهم القوى الرئيسة التي تتصارع في إثيوبيا هي أميركا وروسيا والصين وإسرائيل، موضحا أن لكل واحدة من هذه القوى أهدافا إستراتيجية تتعلق بتحقيق مصالحها من جهة، ومن جهة أخرى بحرمان خصومها من الاستفادة من العمق الإثيوبي سياسيا واقتصاديا وأمنيا وعسكريا.

وفي حديث للجزيرة نت، أشار صالح إلى أن صراعات القوى المعاصرة في إثيوبيا تمثل امتدادا لصراع القوى الكبرى للهيمنة على أفريقيا في نهاية القرن الـ19، مؤكدا أن مركز "أفروبوليسي" يسعى إلى رفع درجة الوعي لدى السياسيين والنخب تجاه ظروف أفريقيا والصراعات الدائرة فيها على الموارد والطاقة.

مستقبل إثيوبيا

من جهته، رأى الأكاديمي والمحاضر الجامعي خيري عمر أن هناك جملة تحديات تواجه عودة التيغراي إلى حكم إثيوبيا من أديس أبابا، مؤكدا أن في مقدمة تلك التحديات غياب التوافق بين مكونات المجتمع السياسي على القيادة والمرحلة الانتقالية، وغياب الرؤية تجاه المسألة الإثنية التي استهلكت أفكارها تماما مثل أفكار الفدرالية في العقود الماضية، وفقا لقوله.

وقال في ورقة عمل بعنوان "مستقبل إثيوبيا في ضوء الصراع بين الحكومة الفدرالية وإقليم التيغراي" إن غياب إطار فكري لتوزيع السلطة والثروة يمثل تحدّيا متجددا في المرحلة المقبلة، ويضع المعارضة سواء وصلت عبر المفاوضات أو بالقتال إلى أديس أبابا أمام خيارين لا ثالث لهما هما تطوير صيغة تعايش مشترك أو بدء دورة أخرى من الحرب الأهلية.

المصدر : الجزيرة