فوز لمستقلين ووجوه جديدة بالانتخابات العراقية.. هل ندم المقاطعون؟

ندم المقاطعين برز بعد إعلان النتائج الأولية للانتخابات الأخيرة، حيث فازت قوائم جديدة وتيارات شاركت في الاحتجاجات واستطاعت حجز مقاعد لها بمجلس النواب المقبل.

Ahead of early elections in Iraq
أحد شوارع بغداد وقد زخر في وقت سابق من الشهر الجاري بصور المرشحين للانتخابات التشريعية (الأناضول)

بغداد – لم تكن مقاطعة الانتخابات العراقية التي جرت في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الجاري مقصورة على بعض القوى المنبثقة عن الاحتجاجات الشعبية التي تفجرت في نهاية 2019، بل شملت أحزابا سياسية تقليدية مثل الحزب الشيوعي العراقي.

ومن اللافت هو ندم بعض المقاطعين الشباب الذين طالبوا بإجراء اقتراع مبكر خلال احتجاجاتهم، ثم تراجعوا عن ذلك المطلب لإيمانهم بعدم إمكانية تحقيق تغيير سياسي يلبي تطلعات الاحتجاجات بسبب استمرار سيطرة الأحزاب التقليدية على مفاصل الدولة وانتشار السلاح.

ندم مقاطعي الانتخابات ظهر بعد إعلان النتائج الأولية للانتخابات التشريعية الأخيرة، حيث فازت قوائم جديدة وتيارات شاركت في الاحتجاجات الشعبية واستطاعت حجز مقاعد لها في مجلس النواب العراقي المقبل.

رعد: لو أن أنصار الاحتجاجات شاركوا في الانتخابات الأخيرة لفازوا بعدد كبير من مقاعد البرلمان (الجزيرة نت)

وفي هذا السياق يؤكد الناشط المدني ياسر رعد للجزيرة نت ندمه على عدم المشاركة في الانتخابات والإدلاء بصوته، عازيا سبب ذلك إلى التقسيمات الإدارية المتعلقة بالقانون الانتخابي الجديد.

ويكمل رعد البالغ من العمر 27 عاما حديثه قائلا إن الدوائر الانتخابية المتعددة ألزمت الناخب بالإدلاء بصوته في مسقط رأسه حصرا، لكن بسبب انتقاله للعيش في مدينة أخرى اضطر لمقاطعة الانتخابات لاعتبار انتخاب المرشح في دائرة لا يُعرف مرشحوها سيجعلها بعيدة عن الشفافية والوضوح.

غير أن رعد بعد إعلان النتائج أعرب عن ندمه، قائلا إنه وغيره من أنصار الاحتجاجات من الشباب لو شاركوا لفازت القوائم الجديدة وفاز المرشحون المستقلون بعدد أكبر من مقاعد البرلمان.

غني: إذا سنحت فرصة الانتخابات مرة أخرى فسأشارك بها (الجزيرة نت)

حتى لا يتكرر الندم

ولتجنب تكرار مقاطعة الانتخابات في المرات المقبلة، دعا ناشطون مدنيون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لمعالجة ثغرات القانون الانتخابي الجديد، ومن أبرزها -بحسبهم- تقاطع التصويت في مسقط رأس الناخب وسكنه الجديد بغية الدفع بمشاركة انتخابية أوسع.

وبحسب حسين علي غني -الناشط المدني والمشارك في "مظاهرات تشرين"- فإن سبب مقاطعة الكثيرون للانتخابات الأخيرة، يعود لعدم الإيمان بإمكانية تحقيق تغيير في الخارطة السياسية العراقية، على اعتبار أن معظم نتائج الاقتراع في السنوات السابقة كانت تفرز فوز الأحزاب التقليدية ذاتها دون إفساح مجال للكتل الجديدة.

وأشار غني -في حديثه للجزيرة نت- إلى أنه قرر المقاطعة لأنه لم يتوقع أن يحقق المستقلون والتيارات الجديدة فوزا كبيرا في أول مشاركة لهم بالانتخابات.

وحسب النتائج الأولية المعلنة فقد حققت قوائم "امتداد" و"الجيل الجديد" و"المستقلون" قرابة 40 مقعدا في النتائج الأولية للانتخابات من أصل 329 مقعدا برلمانيا.

ويؤكد غني أن الفرصة لو سنحت مرة أخرى فإنه سيشارك بصوته في الانتخابات، موضحا أن قانون الانتخابات الجديدة يفترض بأنه شُرّع تحت ضغوط الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت بالعراق في أكتوبر/تشرين الأول 2019 واستمرت لشهور.

سباب مقاطعة الانتخابات بالنسبة للمتظاهرين يأتي لفقدانهم الثقة بمنظومة الحكم الحالية
داغر اعتبر أن مقاطعة الانتخابات من قبل المتظاهرين كانت بسبب فقدانهم الثقة بمنظومة الحكم الحالية (الجزيرة نت)

تردد

وكانت الانتخابات المبكرة أحد أبرز شروط المتظاهرين في 2019 إضافة إلى مطالبتهم بسن قانون انتخابي جديد يتيح الفرصة لضخ دماء جديدة في البرلمان العراقي.

وفي حديث للجزيرة نت، بين منقذ داغر -الباحث والمحلل السياسي- أن من أهم أسباب مقاطعة الانتخابات بالنسبة للمتظاهرين يأتي لفقدانهم الثقة بمنظومة الحكم الحالية في العراق، ولأنهم يعتقدون أن قوى الدولة العميقة في العراق سيختطفون الانتخابات وبالتالي فإن مشاركتهم ستمنح الشرعية للمختطفين.

وأكد داغر على أن غالبية نشطاء الاحتجاجات نادمون على قرارهم بمقاطعة الانتخابات، مضيفا أنهم لو شاركوا بكثافة فإنهم على الأغلب كانوا سيحصدون عددا معتبرا من المقاعد وهو ما كان قد سيمكنهم بالتحالف مع المستقلين من تشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر المنوط بها اختيار رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة المقبلة.

محي الانصاري – رئيس حراك البيت العراقي
الأنصاري يرى أنه لا بد من التريث في المشاركة بالانتخابات خصوصا مع استمرار تهديدات السلاح (الجزيرة نت)

ويؤيد رئيس حراك البيت العراقي محي الأنصاري ما ذهب إليه داغر، قائلا إن الحركة الاحتجاجية حصلت على مقاعد برلمانية كثيرة وفق النتائج المعلنة ولو أن الكيانات السياسية التي أفرزتها الاحتجاجات جميعها شاركت، لكانت نتيجة الانتخابات أفضل لصالحهم.

واستدرك -في حديثه للجزيرة نت- أنه لا بد من التريث في المشاركة بالانتخابات خصوصا مع استمرار تهديدات السلاح التي تسيطر عليها بعض القوى السياسية المسيطرة على الحكم في البلاد.

وقال الأنصاري إن حراك "البيت العراقي" لديه الرغبة بالمشاركة السياسية شرط أن تكون محمية من السلاح المنفلت، وهذا سيدفع أعضاءه بالمشاركة بكثافة في الانتخابات في حال تحقق هذا الشرط.

3- منار العبيدي توقع زيادة أسعار النفط ستساهم بسد العجز بنسبة 70٪ "مصدر الصورة: منار العبيدي"
العبيدي يرى أن مقاطعة الانتخابات أثبتت خطأها فأضعفت الأحزاب والتيارات الجديدة (الجزيرة نت)

المقاطعة بعيون الفائزين

وترى حركة "امتداد" (وهي من قوى الاحتجاجات التشرينية) -التي شاركت لأول مرة في الانتخابات البرلمانية وحصلت على 9 مقاعد نيابية- أن المقاطعة أثبتت خطأها في الانتخابات الأخيرة.

وأكد منار العبيدي -المتحدث باسم الحركة- أنه لولا مقاطعة الناخبين لعملية الاقتراع لكان بإمكان "الأحزاب التشرينية" (يقصد بها القوى التي انبثقت عن الاحتجاجات الشعبية) والمستقلين الحصول على مقاعد أكثر.

وفي حديث للجزيرة نت اعتبر العبيدي أنه من الضروري رفع ثقة المواطن بالعملية السياسية، وتثقيفه بأن يكون جزءا أساسيا من منظومة الحكم في العراق، وهذا لن يتحقق -بحسبه- إلا بتثقيف المقاطعين عبر برامج توعوية من شأنها أن تعيد ثقة العراقيين بالانتخابات والتجارب الديمقراطية.

المصدر : الجزيرة